أكد "التيار السلفي الجهادي" في الأردن، تمسكه بنهج أبو مصعب الزرقاوي، القيادي الراحل في تنظيم القاعدة، مشيراً إلى أن خروج أنصاره إلى الشارع قبل عام، جاء انتهازاً لموسم "الربيع العربي"، رغم ما اعتبره أن الأنظمة التي جاءت بها الثورات العربية، ما تزال أنظمة "مخالفة للشرع."

وشددت قيادات في التيار الجهادي، الذي تتعامل معه السلطات الأردنية على أنه تنظيم "غير مشروع"، على أن نهج التيار لم يتغير، فيما يتعلق بـ"الجهاد في سبيل الله"، بما في ذلك "الأنظمة الجاهلية الحاكمة"، في كل البلدان العربية، بحسب وصفه.

ورغم تأكيد محللين ومقربين من التيار السلفي الجهادي في الأردن، من حدوث انشقاق داخل التيار، حول منهجية عمله، وضرورة تحولها من العمل المسلح إلى السلمي، إلا أن قيادات بارزة في التيار ترفض الإشارة صراحة إلى حدوث أي تحول أو انشقاق بين القواعد والقيادات.

وبين تأكيد ونفي، عبر القيادي في التيار السلفي الجهادي بالأردن، عبد القادر شحادة، الملقب بـ"أبو محمد الطحاوي"، أن خروج التيار السلفي الجهادي إلى الميدان العام الماضي، يعتبر أحد "أشكال الجهاد في سبيل الله"، وتوعد بأن التيار السلفي سيستأنف خروجه للاحتجاج في وقت لاحق، وعندما تتوفر الفرصة لذلك.

وأكد الطحاوي أن دعوته إلى الجهاد في سوريا مؤخراً، تأتي في "سياق الدعوة للنفير العام" لكل المسلمين، لنصرة الشعب السوري، وغيره من الشعوب، قائلاً إن لا علم لديه عن أعداد "المقاتلين" من السلفيين الأردنيين في سوريا.

وبين القيادي السلفي أن 7 من أنصار تنظيمه معتقلون حالياً لدى السلطات الأردنية، بعد محاولة للتسلل إلى الأراضي السورية، بحسب وصف الجهات الرسمية، وعلى حد قول الطحاوي، الذي اعتبر أنها كانت محاولة " لتقديم المساعدة" للشعب السوري.

وقد حاولت cnn بالعربية مراراً الاتصال بالناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، للحصول على تعليق حول التصريحات الواردة على لسان القيادي بالتيار السلفي الجهادي، دون جدوى.

وحول فكرة تطبيق "العمل المسلح" على الأراضي الأردنية، التي رفضتها قيادات في التيار، قال الطحاوي: "لا يوجد شيء اسمه عمل مسلح، هناك جهاد، فإذا توفرت شروط الجهاد، نحن نجاهد في سبيل الله.. ألا وهي شرط القدرة، فنحن في تلك الحال نجاهد.. وإذا لم تتوفر فيكون جهادنا باللسان، لكن عندما يتوفر السنان نستخدم السنان."

وعن إمكانية عودة التيار إلى الميدان الأردني للاحتجاج، قال الطحاوي ، فيما إذا كانت العودة "سلمية"، بالقول: "كلمة سلمية هي واحدة من الوسائل المشروعة."

وأضاف: "نحن لا نؤمن بتقسيمات سايكس بيكو، ولا نخص نظام بعينه.. لكن أي نظام يحكم بغير ما أنزل الله، نخالفه، والله نفى عنهم أصل الإيمان.. اسمنا التيار السلفي الجهادي، مادام هناك مشركون ومخربون لدين الله.. فالله أمرنا بالقتال وفق ضوابط شرعية."

ونفى الطحاوي بالمقابل، اعتبار أن تحولاً فكرياً طرأ على السلفية الجهادية في الأردن، رغم تنفيذ التيار لسبعة اعتصامات، من بينها ما كان ينفذ أمام مواقع حيوية وحساسة، كمقر مجلس الوزراء، ومقر محكمة أمن الدولة.

وقال إن "الخطاب السلفي لم يتغير، إنما هناك تغيير في الوسائل، هي وسائل مشروعة ومباحة في ديننا، وقبل الربيع العربي لم نكن نستخدم هذه الوسائل، وانتهزنا هذه الفرصة وخرجنا إلى الشارع، نتيجة تراجع وطأة القبضة اa271;منية، a271;ن الأنظمة الأمنية كانت تلجأ إلى القمع والاعتقالات، التي كانت تمارسها قبل الربيع العربي."

وفيما وصف القيادي في التيار السلفي الجهادي بالأردن منهج الزرقاوي بـ"المنهج الرباني"، نفى حدوث انشقاق بين القواعد والقيادات في التيار، مؤكداً "توحد التيار" على ثوابته المعروفة.

ويتمسك الطحاوي، الذي اعتقلته السلطات الأردنية مراراً، بأن "الأنظمة الحاكمة في كل البلدان العربية، هي أنظمة جاهلية"، وأن من واجب التيار السلفي إظهار "البغضاء والعداوة" لتلك الأنظمة، على حد قوله.

إلى ذلك، اعتبر الطحاوي، الذي يعتبر من أبرز منظري السلفية الجهادية في البلاد، أن الثورات العربية التي عمت أرجاء الدول العربية، هي "ثورة على الظلم"، إلا أنه وصف الأنظمة التي جاءت بموجب تلك الثورات، بأنها "مخالفة للشرع"، لأنها لا تطبق حكم الله.

وأشار إلى أن التيار السلفي "انتهز" فرصة الربيع العربي بالخروج إلى الشارع، على غرار الحركات الأخرى، إلا أنه رأى خلافاً جوهرياً يقف وراء الغايات بين خروج التيار السلفي، الذي يدعو إلى تطبيق الشريعة، وبين الحركات الأخرى التي تطالب بالإصلاح السياسي.

وأكد الطحاوي تقديم نصحه لمنظر التيار السلفي في أوروبا وشمال أفريقيا، المعروف بأبو قتادة، بعدم العودة إلى الأردن، من خلال اتصال هاتفي مؤخراً، رغم ما اعتبر أن عودته إلى بيته "سالماً غانماً"، من شأنها أن تقوي التيار السلفي في البلاد.

وأعرب القيادي السلفي الجهادي عن خشيته من تعرض أبو قتادة إلى التعذيب، على أيدي السلطات الأردنية، أو محاكمته أمام "محكمة أمن الدولة (الظالمة)"، وقال: "في حال قدوم أبو قتادة، ستكون قدم في البيت وقدم في السجن."

وجدد موقف تياره برفض كل أشكال "الديمقراطية الحديثة"، والأحزاب السياسية، وكذلك أية مشاركة في العملية السياسية، قائلاً: "ما هي إلا كفر بشريعة الله"، رافضاً في الوقت ذاته "تكفير" أفراد جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وذراعها السياسية حزب "جبهة العمل الإسلامي"، إلا من "أتى بناقض من النواقض."

واعتبر الطحاوي أيضاً أن الأجهزة الأمنية في البلاد، ومن وصفهم بالمأجورين من "الإعلاميين"، قد شوهوا التيار السلفي الجهادي أمام الرأي العام الأردني، وقال إن الملاحقات الأمنية ما تزال قائمة.

وبشأن انفتاح بعض التيارات السلفية على العمل السياسي، وإنشاء أحزاب سياسية، كما هو الحال في مصر، فعلق الطحاوي بالقول: "هؤلاء رضوا بتأسيس حزب، ورضوا بالديمقراطية وتداول السلطة.. من الممكن أن يحكم حزب النور اليوم في مصر، وبعدها يأتي الحزب الشيوعي، ولو حصل الحزب على الأغلبية، فهم لن يحكموا بالإسلام، لأنهم أقروا بالعمل بالدساتير وهي بغير الإسلام."

أما عن قدرة التيار السلفي الجهادي في الأردن تأسيس نظام حكم، فاكتفى بالقول: "طبعاً لدينا تصور، وتاريخنا شاهد على خبراتنا في فتح البلدان، ولدينا نموذج."

وبدأت الملاحقات الأمنية لأتباع التيار منذ عام 1990، وشهد جملة من الاعتقالات والمحاكمات أمام محكمة أمن الدولة العسكرية، بتهم تتعلق بالإرهاب، من أبرزها "قضية الإصلاح والتحدي" منتصف عام 1999 التي وجهت فيها السلطات الأردنية اتهامات بـ"التخطيط لأعمال إرهابية"، لعدد من السلفيين، تم الإفراج عنهم لاحقاً، بعفو خاص بعد خمس سنوات من تنفيذ الحكم، وهي القضية التي حوكم فيها أبو قتادة غيابياً.

وظهر التيار السلفي الجهادي في الأردن، للمرة الأولى منذ سنوات في العاصمة عمان، وجاء ظهوره في شهر مارس/ آذار عام 2011، بصورة علنية، في احتجاجات سلمية للمطالبة بـ"تطبيق شرع الله."

وحدثت اشتباكات بين أنصار التيار والسلطات الأمنية، فيما عرف بأحداث مدينة الزرقاء، منتصف أبريل/ نيسان من العام الماضي، اتهم فيها التيار السلطات بتدبير "مؤامرة" لقمعه، و"تلفيق" اتهامات حمل أسلحة، مما أفضى إلى تنفيذ عشرات الاعتقالات بينهم، وتوجيه تهم بالإرهاب.

من جهته، أكد الخبير في شؤون السلفية الجهادية، والعضو السابق فيها، حسن أبو هنية، أن التيار السلفي قد بدأ بتشكيل مجلس شورى جديد داخلي، لتنظيم الأمور الإدارية، بما اعتبره في سياق التوجه نحو العمل السلمي.

وأشار أبو هنية إلى أن قيادات التيار ما تزال متحفظة على إعلان المجلس، الذي يضم مختلف القيادات، لمعارضة بعض القواعد من القطاع الشبابي لذلك، في الوقت الذي أشار فيه الطحاوي إلى ضرورة إنشاء المجلس خلال المقابلة.

ورأى أبو هنية أن التيار السلفي يدفع بمحاولة عدم عودة أبو قتادة إلى البلاد، لما قد يكون لذلك تأثير على توسع الخلاف الداخلي للتيار، باعتبار أن أبو قتادة من شأنه أن يشكل قائداً روحياً جديداً للتيار، بدلاً من رموز التيار الحالية.

ويمثل منظر التيار السلفي الجهادي في البلاد، المعروف بأبو محمد المقدسي (عصام البرقاوي) أمام محكمة أمن الدولة العسكرية، الذي أجرى مراجعة للتيار عقب تفجيرات عمان 2005، في رسالة سميت بـ"رسالة مناصحة"، دعا فيها إلى العمل السلمي، مما اعتبره البعض مخالفة لمنهج الزرقاوي في حينها.

في حين أفرجت السلطات الأردنية عن القيادي محمد الشلبي، المعروف بـ"أبو سياف"، بعفو خاص في أغسطس/ آب 2011، ليعود إلى محل إقامته في محافظة معان الجنوبية، التي تعتبر إحدى معاقل أعضاء التيار.









المصدر: الحقيقة الدولية – cnn