أضحت عزلة القيادة السورية عن القادة العرب مسألة شخصية محضة .. هذا ما كشفت عنه الرسائل الالكترونية بين الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته والتي قيل ان متسللون من الحصول عليها.


ومن بين علاقات دمشق الخارجية كانت الأكثر تدهورا علاقة سوريا بدولة قطر التي كان أميرها من أقرب اصدقاء الأسد واكبر المستثمرين في البلاد ولكنه الآن يقود مساعي الاطاحة به وبالقوة إذا لزم الامر بعد نحو عام من أعمال العنف في البلاد.

وتكشف ثلاث كلمات كتبتها أسماء الأسد على رسالة تلقتها من ابنة أمير قطر الشيخة المياسة آل ثاني واعادت ارسالها لزوجها في 11 من ديسمبر كانون الأول عن المرارة التي يستشعرها الزوجان تجاه قطر. وكتبت اسماء أعلى الرسالة الالكترونية -التي تضمنت تاكيدات عن قوة الصداقة من جانب امير قطر- كلمات "إضحك .. إضحك".

كانت هذه الرسالة واحدة من نحو ثلاثة الاف رسالة بالبريد الالكتروني تبادلها المحيطون بالأسد قالت صحيفة الجارديان البريطانية إنها حصلت عليها وتحققت من صحتها واطلعت عليها رويترز يوم الجمعة.

وعكست الرسالة سخرية صادمة وسط رسائل شخصية بين سيدة سوريا الأولى والشيخة المياسة آل ثاني تبادلتا فيها مشاعر حارة مع السؤال عن الابناء الصغار .. وهي رسائل من المستبعد ان تكون ارسلت من قطر بدون دراية تامة من حكامها بقيمتها كقناة دبلوماسية خلفية.

ومن الموضوعات التي تكررت في رسائل الشيخة المياسة لصديقتها أسماء الأسد حثها على الفرار من سوريا مع زوجها ودعوتها في رسالة في اغسطس اب إلى الخروج مع أبنائها "قبل فوات الاوان". وفي 30 من يناير كانون الثاني اكدت الشيخة إن أسرة الاسد ستكون محل ترحيب في العاصمة القطرية.

وفي رسائل متبادلة بينهما في ديسمبر كانون الأول -وهو نفس الوقت الذي سعت فيه قطر لان تفرض الجامعة العربية عقوبات على سوريا- اشارت اسماء الاسد إلى ان قطر لا تحسن استخدام ما لديها من أوراق ضغط وبعد ساعات ردت ابنة امير قطر على زوجة الاسد قائلة ان ملاحظتها "ظالمة" وان والدها يعتبر بشار صديقا رعم التوترات وانه ينصحه بصدق.

وفي هذه الرسالة دعت الشيخة المياسة آل الاسد للكف عن حالة الانكار واعتذرت عن صراحتها المؤلمة وهي الرسالة التي اعادت اسماء ارسالها لزوجها باعتبارها مسلية.

وبعد ثلاثة ايام ردت اسماء بانها لا تجد مشكلة في الصراحة والامانة ووصفتهما بالاكسجين الذي يبقيها على قيد الحياة.

ويلقي الحديث عن العلاقات الشخصية بظلاله على العلاقات مع تركيا التي قادت في السابق جهود اخراج الاسد من عزلته. وسبق ان دعا رئيس الورزاء رجب طيب اردوغان اسرة الاسد لزيارة منتجع سياحي في تركيا.

وحين سألت الشيخة اسماء عما إذا كان يمكنها ان تعطي عنوان بريدها الالكتروني لزوجة اردوغان ردت اسماء بأن حسابها الشخصي تتواصل من خلاله مع الاسرة والاصدقاء فقط وانه من الصعب ان تضع زوجة اردوغان ضمن القائمة بعد الاهانات التي وجهت للرئيس.

واذا كانت الرسائل تنطوي على قدر من السخرية من الأصدقاء الذين ساءت العلاقات بينهم فإن الحساب الشخصي الذي استخدمه الزوجان لمدة تسعة أشهر وحتى فبراير شباط حين ادركا انه لم يعد آمنا يعكس علاقة دافئة وعاطفية بين الزوجين فضلا عن مجموعة صغيرة من المعاونين.


وفي محاولة للمقارنة بين مشاكل الحكم في سوريا والبيت الابيض ارسل بشار لزوجته رابطا لموضوع عن مشاكل السيدة الاولى الأمريكية مع الاعلام تحت عنوان (ميشيل اوباما لا تستطيع الفوز).

واستخدم مستشارون حسابات البريد الالكتروني لارسال روابط لعدد قليل من الموضوعات الجديدة تتيح فرصة لالتقاط الانفاس من التعليقات السلبية.

وبعث والد اسماء- فواز الاخرس طبيب القلب في لندن- موضوعا للرئيس يشير إلى ان زعيم اليمين المتطرف في فرنسا جان ماري لو بان تحدث مدافعا عنه.

وفي 11 من يناير ارسلت احدى مستشارتين اعلاميتين درستا في الولايات المتحدة هي شهرزاد جعفري رسالة بعنوان "انباء مذهلة" ارفقت بها رابطا لتعليقات الامريكيين وتشكو من تغطية اعلامية امريكية منحازة تتحامل على الاسد بعد مقابلته مع مذيعة شبكة ايه.بي.سي باربرة والترز. وأعاد الرئيس ارسالها لزوجته.

والمستشارة الاخرى هي هديل العلي واستخدمت نفس العبارات الانجليزية التي طالما اثنيا بها على الاسد لامتداح اداء الاسد خلال المقابلة بل واختياره لملابسه. وكتبت هي وصديقتها "نحبه كثيرا. نحن فخورتان بقوته وشخصيته وحكمته."

وبعثت نفس المستشارة للاسد بصور قديمة له وهو شاب غير حليق وكتبت "وسيم جدا.. افتقدك."

وسأل قريب للسيدة الاولى في ديسمبر اذا كان بوسعها مساعدة اسرة طالب معتقل في دمشق كما أعادت هديل ارسال تعليقات "وقحة" بحقه من على صفحة على موقع فيسبوك وقالت ان بعض من كتبوا تعليقات يمكن تعقبهم.

وفي يناير قدم والد اسماء نصائح بشأن التصدي للدعاية السلبية وقدم للاسد طلبا من طبيب امريكي من أصل سوري للمساعدة في توصيل امدادات طبية لحمص التي يحاصرها الجيش بمقاتليها ومدنييها.

وقبل ان تتغير نبرة الرسائل الالكترونية شملت مشاعر فرحة في التعليق على تطورات الوضع في الامم المتحدة حيث ضمنت روسيا والصين ان تبقى قبضة الاسد الحديدية في سوريا امنة في وجه اي تحد خارجي فوري رغم كل التحريض من دول مثل قطر وتركيا وقوى غربية.

وبعد اقل من ساعة من استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) لاحباط قرار مجلس الامن الذي يطالب بتنحي الاسد في الرابع من فبراير شباط بعثت شهرزاد برسالة تهنئة للاسد على استخدام حق النقض للمرة الثانية.







المصدر: الحقيقة الدولية – الرصد الاخباري