الكرة السعودية بلا شك تعيش في أزمة ، ولا بد من الاعتراف بذلك والتعامل مع هذه الازمة بكل هدوء وموضوعية وعمق في الدراسة والتحليل لا كتشاف مواطن الخلل والتعامل معها !
استقالة الامير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اللجنة الاولمبية من رئاسة اتحاد الكرة ، خطوة حضارية محترمة ، تُحسب له ولأعضاء الاتحاد بعد أن فشلوا في تقديم ما هو أفضل من الاتحاد السابق بعد سقوط المنتخبين الاول والاولمبي في مراحل التصفيات المونديالية والاولمبية، وجاء هذا امتدادا لفشل الاتحاد السابق موندياليا في التأهل لكأس العالم لعام 2010 وقاريا في كأس الامم الآسيوية 2011 بالدوحة .

** ورغم المحاولة والجهد الكبير لاتحاد الأمير نواف في إعادة تنظيم بيت الكرة السعودية والاستعانة بمدير فني إسباني للاتحاد ومدير فني عالمي للمنتخب الاول وهو الهولندي رايكارد ، فإن ذلك لم يثمر شيئاً واتضح ان الامر في حاجة إلى إصلاح أعمق وإلى وقت أطول وإلى تفعيل حقيقي لدور الجمعية العمومية لإتحاد الكرة المكونة من الأندية في محاسبة ومراقبة الاتحاد ، وقد أسعدني أن أشار الامير نواف في استقالته إلى ذلك منوها بأن الانتخابات القادمة بعد ثلاثة أشهر ستشهد تمكين الاتحاد الجديد الذي سيتبوأ مهمة الإنقاذ، وقيام الجمعية العمومية بدورها الطبيعي في انتخاب الاتحاد ومتابعة أعماله والقدرة على تقييمه وإمكانية محاسبته كأعلى سلطة لديها هذه الصلاحيات .

** وإذا كان الامير سلطان بن فهد قد أدخل منهجا جديدا بعد استقالته في يناير الماضي عقب فشل المنتخب السعودي في كأس الامم الآسيوية ، فإن الأمير نواف الذي استقال وقال أنه لن يتقدم للانتخابات الجديدة لرئاسة اتحاد الكرة، في إشارة مؤكدة إلى انفصال منصب الرئيس العام لرعاية الشباب عن رئاسة اتحاد الكرة ، قد إستن سنة جديدة تضاف لما إتخذه الامير سلطان .. وأعتقد ان هذه الخطوة التاريخية ، ستعطي فرصة أكبر للرأي العام والصحافة والاعلام وقبل ذلك الجمعية العمومية لمراقبة وتقييم مجلس إدارة اتحاد الكرة السعودي ومحاسبته اولاً بأول.

** ورغم الخروج المبكر والاستقالة ، فقد أدهشني تصريح محمد المسحل عضو الاتحاد السعودي السابق ورئيس بعثته باستراليا بتأكيده عدم إقالة او استقالة رايكارد وان اللجنة الفنية بالاتحاد ستجلس معه لاستطلاع مرئياته فيما حدث!!
ويبدو ان الامر لم يتم استيعابه بالشكل الكافي لدي رئيس البعثة السعودية ، الذي كان عليه ان يستقيل ويعتذر للجماهير كما فعل أمير الشباب السعودي في خطوة نالت الاحترام والتقدير الاعلامي والجماهيري .

** ولا شك أن الخروج من تصفيات الدور الثالث الآسيوي للتأهيل للمونديال البرازيلي كان يلوح في الأفق منذ المباراة الاولى التي خسرها الاخضر السعودي أمام استراليا على أرضه في الدمام 1/3 بقيادة المدرب العالمي الهولندي رايكارد.. ومن وقتها اتضح أن المدرب الكبير ليس كل شيء، إذا لم يكن قادرا على استيعاب الاجواء التنافسية التي يعيش فيها فريقه وكيفية إستغلال امكانيات لاعبيه والتعامل مع منافسيه خططيا وذهنيا ونفسياً .

** ولم يستطع رايكارد الوصول لهذه المرحلة أبداً ، بدليل أن فريقه لم يستوعب درس الخسارة الاولى ، ولم يستطع أن يحقق في مبارياته الخمس المتبقية سوى فوز هزيل على تايلاند في الرياض، وفشل في استغلال المباراة الحاسمة امام عمان في الرياض ، مما أتاح الفرصة للمنتخب العماني لاستعادة فرصة التأهل ، إلا إذا حقق الاخضر الفوز في ملبورن على استراليا ، وهو فوز كان ممكنا وليس معجزة كروية ، ولكن عندما يكون الاخضر بخير ومدربه قادر على إعداد وقيادة فريقه بالشكل السليم ومستوعباً للكرة الآسيوية والعربية ، ولا يطبق خبراته الاوروبية بشكل أصم على فريق يدربه !

** للأسف فشل رايكارد بشكل ذريع .. وهو يتحمل المسئولية بشكل أساسي .. وإذا كان الهولندي الذي قدمه وكيل أعمال للاتحاد السعودي ، قد شاهد الاتحاد الذي قام بالتعاقد معه وقد تقدم بإستقالته ، فماذا ينتظر حتى يتخذ هذه الخطوة هو الآخر ؟!