هل يستطيع الانسان تغييير طبعه؟}}}
إنّ من وسائل اكتساب المعرفة والعلم ، ما يشاهده المرء ، ويسمعه ويقرأه ، وغالبا ما يكون ذلك سبباً في تكوين قناعات ومعتقدات ، تكون كالمسلّمات لديه ، فلا يرضى لها تبديلا ، ولا يسعى لها تحويلا
فإذا انضمّ إلى ذلك تجارب شخصية ، أو موروثات تربوية أسرية ، كان ذلك سببا في إحاطة نفسه بمحيط من المبادئ والطباع يصعُبُ عليه تغييرها حتى لو كانت عاملَ تحطيمه وتدمير صحته، ولقد، قالوا: إنّ الجديدين إذا استوليا على جديد أسلماه للبِلَى، والجديدان الليل والنهار ، والجديد الإنسان، والبِلّى، الموت والفناء
فلو عُدتَ للماضي القريب، واخْتَرتَ يوماً من الأيام، أو ليلةً من الليالي، وبدأتَ بتصفحه وتفقده، فلابد أنك قد قرأت
صحيفة، أو استمعت لبرنامج إذاعي، أو تابعت في التلفاز خبراً فأصغيت له بسمعك وجوارحك، وخلال هذا التجوال والتفقّد
ألم تخضْ تجربةً ما، مع أحدٍ ما، صديقٍ أو قريب، أو حتى بعيدٍ لا تربطك به علاقة - ولعلك لا تراه بعدها - لكن جمعك به أحدُ الشوارع المكتظَّةِ بروّادها، الذين ضاقت عليهم أنفسهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فمالَ عليك بسيّارته ميلةَ الغافل المنشغل بجوّاله، أو أراد أحدُهم تجربةَ قوةِ صوتِ ((الهِرِن)) بنغمة متّصلة ، أو جرّبَ فيك ((ليت الزٍنُنْ)) رافعاً برفعه ضغطَك، وخافضاً بخفضه قدرةَ تحمّلك، هذا مثال ليوم واحد فكيف بجبال الشهور والسنين وركامها .
أظنكم تشاطروني الرأي ، بأن هذه الأحداث تساهم كثيرا بتشكيل معتقد الإنسان، وبالطبع لا أقصد المعتقد الديني، بل المعتقد السلوكي، الذي يدفعه للقول بأنه ((عصبي)) وهذا ((طبعي))، وإذا اقتنع بأن هذا السلوك السلبي مدمرٌ لصحته وذاته وأسرته، وأنّ عليه أن يبادر لتغييره، ركنَ للمثل الشائع (( بوطبيع ما يْخَلٍّى طبعه))، وكأنه قد غفل عن قوله تعالى :
" إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بـأنفسهم."
فكم في الليل والنهار من أحداث، اعتقد الكثير أنّها أكسبته تجاربَ وخبراتٍ في حياته، ظنّها المنتهى والغاية، وأنه خبير بإدارة المشكلات، كفيل بحل المعضلات، وهو مع ذلك(( لا بالعِير ولا بالنفير ))
ولعله يواجُهُ موقفاً في حياته اليومية يفشل في التعامل معه فشلاً ذريعاً، بل لعله يُتْبِعُه بفشل آخر، هو عدم التعلم منه، والاستفادة من حصوله بعدم الوقوع فيه لو تكرّر معه مستقبلا، ولو سألتَه لم فعلتَ ذلك و لِمَ سلكتَ هذا السلوك المزعج؟
لأعاد لك الجواب السابق وبأسلوب مختلف (( أنا متعوّد على هذا )) ، وكأنه قد غَفَلَ عن قوله تعالى : " ذلك بأنّ الله لم يكُ مغيّرا نعمةً أنعمها على قوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ."
ولقد أنعمَ الله علينا بنعمٍ كثيرة لا نستطيع لها حصرا ولا عدّا ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها.)
ومن جملة هذه النعم نعمة الاختيار ، فالإنسان له أن يختار بين ما يُسعده أو ما يُشقيه ، لكن عليه بعد ذلك أن يتحمّل النتائج (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ))
فمن اختار الكفر فالنتيجة (( إنّا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سُرادقها ))
ومن اختار الإيمان ((إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا )) ،
والحل في تغيير الانفعال من سلبي مؤذى إلى إيجابى مريح ، بيدك ، وتستطيع أن تغيّر طبعَك، إن أردت، وتستطيع التخلص من عاداتك السيئة، إن أردت وتستطيع أن تدرّب نفسك على ما تحافظ به على هدوئك فلا يخرجك أحدٌ ما منه ، إن أردت ، وتستطيع أن تحافظ على درجة ضغطك ، فلا يرفعُه شخصٌ ما، إن أردت
فالمؤثّر الخارجي لا يقدر على فرض شيء عليك، وليس له أن يجبرك على ما لا تريد فعله، ولقد عَنْوَنْتُ المقال ((بالتغيير يبدأ بالنفس )) رغبةً منى ببيان أهمية ذلك، وفى نفس الوقت سهولته و يسره
فمثلما درّبت نفسك طوال السنين على سلوك ما يحطّمك، نفسيا وجسديا، فكذلك تستطيع إعادة تدريبها على ما يسعدك، ويحافظ على صحتك البدنية والنفسية،هكذا بكلّ بساطة، وستجد أنّ ذلك سهل يسير، إن سلكت بعلاجه السبيل الصحيح.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة والقادم أجمل
المفضلات