عمان-لانا الظاهر-انتشرت ظاهرة الدروس الخصوصية لتشمل كافة المراحل الدراسية فيما كانت هذه الظاهرة تقتصر على المرحلة الثانوية فقط بسبب رغبة الطلاب واولياء امورهم في الحصول على درجات تؤهلهم للدخول للجامعات.
اما الان فاصبحت ظاهرة الدروس الخصوصية تغزو جميع المراحل التعليمية على حد سواء من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الاعدادية لتشكل عبئا، يضاف الى اعباء العائلة.
فالطالب الذي يكون مستواه الدراسي ضعيف يضطر الى الاستعانة بالدروس الخصوصية من اجل النجاح اما الطالب المتفوق فيستعين بها من اجل الحصول على التميز وهذا حق مشروع لكل منهم، إلا أن المشكلة ان الدروس الخصوصية خلال السنوات الاخيرة دخلت عالم البورصة واصبحت اسعارها خيالية.
ويشكو ابو احسان موظف في القطاع الخاص ولديه 5 ابناء من تفاقم ظاهرة الدروس الخصوصية خاصة مع بدء العام الدراسي بين الطلبة، ويقول «مع كل نهاية شهر ادفع مبلغا كبيرا للدروس الخصوصية لأبنائي الخمسة التي تتراوح صفوفهم من الاول الابتدائي إلى الحادي عشر».
ويتابع مع بداية العام الجديد اقوم بالبحث عن اساتذة متخصصين في الدروس الخصوصية عن طريق الصحف الاعلانية والصحف اليومية لكي يعطوا الدروس لأبنائي.
وترجع ام مخلد (والدة لاربع ابناء) سبب لجوءها لاخضاع ابنها في الصف الثالث الابتدائي للدروس الخصوصية وفي مادة اللغة العربية انه «عندما تذهب إلى المدرسة وتسأل عن مستوى ابنها يكون الجواب لدى المعلمات انه ضعيف وبحاجة إلى التقوية في القراءة والكتابة ويوجد مركز متخصص في اللغة العربية ومن هنا اصبحت ابحث عن مدرسين خصوصين وعندما بدأ ابني بأخذ الدروس الخصوصية تبين ان مستواه جيد وليس بحاجة لدروس التقوية».
وتوضح فرح ابراهيم وابنتها في صف الثاني عشر -»التوجيهي»- انها تحضر الاساتذة ويأخذوا على كل درس 45 دينارا ومدة الحصة ساعتين إضافة إلى انها تقوم بتضييفهم على اكمل وجه لكي يستمروا في اعطاء الدروس لابنتها.
وتقول ان الدروس الخصوصية اصبحت «مهنة»، حيث يقوم المدرس بوضع برنامج خاص له يبدأ منذ الساعة الخامسة صباحا وينتهي في الساعة 12 ليلا مما يؤدي إلى ارهاقه.
كما انه في كثير من الأحيان نلحظ أن بعض الأساتذة يقومون بجمع عدد من الطلبة في بيت واحد وإعطائهم درسا في مساق معين كالرياضيات أو الفيزياء أو المحاسبة وغير ذلك، وبالتالي يكون هذا الاستاذ نقل الصف المدرسي إلى البيت، وربما لا يعطي هذا الدرس صفة الدرس الخصوصي الذي يشدو إليه الآباء والطلبة، لأن اهتمام الاستاذ يتوزع على مجموعة طلبة.
وتوضح «ام محمد ان ابنها في صف التوجيهي طلب احضار مدرس لمادة التربية الاسلامية وهذه المادة ليست بحاجة إلى مدرس خصوصي ولكن زملاء له يحضرون المدرس لكي يقوم بتسميع مادة التربية الاسلامية مما جعلني احضر هذا المدرس لكي يقوم بتسميع المادة لأبني».
وتشير إلى أنه ليس كل اولياء الامور باستطاعتهم توفير الدروس الخصوصية لابنائهم وهذا يعتمد على دخل المواطن.
ويعزو اولياء امور طلاب، خاصة في المرحلة الثانوية اسباب اللجوء إلى «الدروس الخصوصية» للتعويض عن ضعف استيعابهم للمناهج في المدارس إضافة إلى الاكتظاظ الحاصل في قاعة الدرس التي تحوي 40 طالباً، وما تنتجه من فوضى لا يمكن تحديد من يقف وراءها، فضلاً عن عدم اهتمام بعض المعلمين بشرح الدروس بصورة وافية ما يؤثر على قدرة الطلبة على الاستيعاب ويدفعهم الى الاستعانة بمدرسين خصوصيين.
ويقول الطالب ابراهيم عبدالله ان «المعلم الذي درسنا مادة الرياضيات في المدرسة هو ذاته من يشرح لنا الدرس الخصوصي في المركز، لكنني أشعر بالفارق في اهتمامه الحقيقي بتنشيط قدرتنا على الاستيعاب وفهم الدروس، فضلا عن افتقاره للمساواة في التعامل».
ويبرر استاذ في اللغة الانجليزية، فضل عدم ذكر اسمه، لجوءه نحو التدريس الخصوصي بعد الدوام إلى أن «هناك طلبة في الصف الخامس لا يجيدون كتابة سطر واحد بدون أخطاء، وعدا عن ذلك فإن هذا العمل يساعدني في تحسين دخلي الشهري، وبذا فأنا أساعد الطالب من جهة ومن جهة أخرى أحسن دخلي».
احدى المدرسات تعزو السبب في كثرة الدروس الخصوصية الى عدم متابعة الاهل للطالب بسبب انشغالهم بهموم الحياة، وتقول إن المرحلة النهائية- التوجيهي- «تعتبر مصيرية للطالب فتراه يلجأ للدروس الخصوصية لفهم المادة اكثر وللحصول على اعلى الدرجات».
وتبين أن التكنولوجيا الحديثة التي ظهرت هي السبب الاكبر في ازدياد ظاهرة الدروس الخصوصية حيث انشغل الطالب بالموبايل والستلايت والانترنت ونسي واجباته تجاه دراسته ومستقبله فيلجأ الى الدروس الخصوصية كي يعوض ما فاته من فهم المادة.
ويحمل اخصائي علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتور حسين الخزاعي الأهل مسؤولية لجوء أبنائهم إلى الدروس الخصوصية، مبينا أنهم «لا يمنحونهم العناية والمتابعة اللازمة، فيما يدفع الوضع الاقتصادي المدرسين إلى العمل الإضافي للتغلب على تكاليف الحياة، مع سيادة الثقافة الاجتماعية التي تعتبر الوضع المالي هو المحدد للمكانة الاجتماعية».
ويدعو إلى توفير الحد المعقول من العيش الكريم للمعلم فضلا عن إعادة النظر في البنية التحتية الحكومية.
ويبين ان الدروس الخصوصية تعمل على اتكالية الابناء في المستقبل إضافة إلى عدم الفهم والمتابعة وعدم استيعاب المادة بشكل جيد مما يعمل على ازدواجية في فهم المادة ما بين الاستاذ الحقيقي والمدرس الخصوصي لان كل استاذ له طريقة في ايصال المادة في طريقته.
ويشير إلى ان الدروس الخصوصية تعمل على انسحاب لدور الاسرة مما يكون له سلبيات كثيرة.
وينصح الاباء بإشعار الابناء بقدراتهم وعدم الغاء قدرات الابناء وتعليمهم على التجربة والخطأ والاستفادة من تجاربهم والاعتماد على انفسهم مستقبلا إضافة إلى استثمار وقت فراغهم بشكل جيد.
وقال رئيس اللجنة الوطنية لإحياء نقابة المعلمين مصطفى الرواشدة انه يجب اعادة النظر في التشريعات والقوانين التي تضبط العملية التعليمية إضافة إلى تحسين الظروف المعلمين المادية التي غالبا ما تكون هي السبب في قيام المعلم بالدروس الخصوصية.
رد مع اقتباس
المفضلات