*** تاريخٌ يكرر نفسه ...... !!! ***


إذا كانت إيران قادرة ومقتدرة فعلاً على إزالة إسرائيل من الوجود وإحراقها ومعها اثنتان وثلاثون قاعدة أميركية فإنه عليها ألاَّ تهدد وتتوعـد وأنه عليها ان تصمت حتى تحين اللحظة المناسبة أمَّا ان تواصل التهديد والوعيد، وعلى الطالع والنازل، فإن هذا سيعطي انطباعاً لـ ''الأعداء'' بأنها مصابة بالرعب وخائفة وأن حالها كحال مسافر الصحراء ليلاً الذي عندما يستبد به الخوف يلجأ الى ''الحداء'' بأعلى صوته هذا مع ان المفترض ان يصمت حتى لا يرشد الى نفسه والى راحلته الضباع واللصوص و''هوام الأرض''.

لم تتوقف التهديدات الإيرانية منذ ان بدأ التصعيد مع إسرائيل والولايات المتحدة يأخذ منحىً جدياً وهذا يجعل حتى الناس البسطاء الذين يتمنون ان تكون إيران تملك فعلاً ما تُهدِّد به يتساءلون عمَّا يحول دون تنفيذ هذه التهديدات وعما يمنع من القيام بضربة استباقية مباغتة لإزالة هذه الدولة، المحتلة والمعتدية والمغتصبة، وإراحة العرب والمسلمين من شرها وإحراق الـ 32 قاعدة أميركية التي في هذه المنطقة والتي خارجها!!.

إن كل متابع لهذه التهديدات التي كلها من الوزن الثقيل يصل الى : إما ان إيران خائفة بالفعل وأنها تلجأ الى هذا التصعيد الكلامي من قبيل طرد الخوف عن نفسها وإيهام الأميركيين والإسرائيليين بأن مصيراً أسود ينتظرهم إن هم اعتدوا عليها وإما أنها تملك أسلحة فتاكة إن هي فعلاً تملكها فإنه عليها ان تصمت حتى تحين اللحظة المناسبة لتضرب ضربتها المدمرة وتزيل إسرائيل من الوجود وتحرق القواعد الأميركية كلها ولا تبقى ولو قاعدة واحدة.

كان على إيران وهي تواصل التصعيد الكلامي وتلجأ الى ''خدعة'' الصواريخ غير المتقنة التي استخدمت فيها ألاعيب الأطفال ''الكومبيوترية'' ان تراجع دروس التاريخ القريب حيث ثبت ان رفْع الأصوات أكثر من اللزوم والتهديد بإلقاء '' دويلة '' الكيان الصهيوني المسخ في البحر ودعوة سمك البحر الأبيض المتوسط الى ''التـَّجوِّعْ'' انتظاراً لوليمة قريبة كانت نتيجته كارثة الكوارث حيث كشفت حرب حزيران ( يونيو ) الأمور على حقائقها وثبت ان الأكثر جعجعة هو الأقل طحناً وأن الذي يكبِّر حجره لا يضرب.

كانت تجــربة ''القاهر'' و''الظافر'' محبطة ومذلة وكانت تجربة صواريخ ''العباس'' و ''الحسين'' أكثر منها إذلالاً وإحباطاً والآن عندما تلجأ إيران، التي تهدد بإفناء إسرائيل وإزالتها من الوجود الى تكرار التجربة ذاتها وبالأسلوب ذاته وبالرداءة نفسها فإن هذا يعني ان هذه المنطقة كلها وليس منطقة الخليج وحدها بانتظار كارثة محققة إذا بقي الإيرانيون يتعاملون مع هذه الأزمة الخطيرة الطاحنة بأسلوب : ''تجوَّع يا سمك'' وسنلقن العدو درساً لن ينساه.

إن مـــن حق إيران ان تدافع عن نفسها وأن تستخدم كل ما لديها من إمكانيات لمواجهة كل ما يهددها سواءً كان إسرائيلياً أم أميركياً والمشكلة هنا هي تطابق الأفعال مع الأقوال وهي ألا تكون صـــواريخ شهاب ''3'' مجـــرد أحفادٍ لصواريخ ''القاهر'' و''الظافر'' و''الحسين'' و''العباس'' فالمنطقة دفعت أثماناً غالية لـ ''الخِـــدعِ'' الصبيانية و ''الهـوْبرات'' الإعلامية وهي بالتأكيد لم تعد قادرة على تحمل ألاعيب و''هوْبرات'' جديدة.

عشية حرب حزيران (يونيو) كانت المعنويات بسبب ''القاهر'' و''الظافر'' وصخب الإذاعات والتهديد والوعيد.. وأيضاً أحمد سعيد تعانق غيوم السماء ولكن وبينما كان العرب ينتظرون قضاء ذلك الصيف على شواطئ نهاريا في فلسطين جاءت لحظة الحقيقة لتهبط بهذه المعنويات الى ما دون الأرض وليمضي هؤلاء العرب البسطاء المساكين صيفاً حزيناً وذليلاً رغم ان الأنظمة التي ألحقت بالأمة العربية تلك الهزيمة النكراء رفعت شعاراً: إن للباطل جولة.. إننا خسرنا معركة ولم نخسر الحرب.. وإن العدو هو الذي انهزم مادام ان الأنظمة الثورية لم تسقط وبقيت صامدة!!.