الطفيلة - غازي العمريين - فرصة التعيين في الطفيلة ثمينة الى الحد الذي تتجاوز معه فرحتها إطلاق العنان للزواج او التخرج او الحصول على شهادة عليا.
هكذا هي قصة « سوزان « ، التي تعتبرها أمل الحياة، وبعض أشواق المستقبل المليء بالفرح والمتعة والأيام الحالمة، حين تفيض بها الذكريات للحديث عن مستقبل فيه فتاة اقتنصت فرصتها للعمل ، وراحت تغوص في أعماق الحياة.
علمتها الحياة ان تفاوض وتتجاذب أطراف الحديث عن البطالة وأبعادها ، وعن انعكاسات الظاهرة الى الفتاة التي تجتهد وتقدم عصارة الفكر في نيل الشهادة الجامعة ، معتبرة ان جلوسها في المنزل خطيئة ، وايما خطيئة.
قالت سوزان : ان دورها الأول على ديوان الخدمة المدنية في تخصص اللغة العربية، ولها أربعة من بينهم شقيق حصلوا على الشهادات الجامعية وظلوا في المنزل دون بارقة أمل في التعيين.
هي لها قصة من بينهم، فهي الأولى على التعيين ، لكنها تفاجأت قبل اقل من أسبوع أنه أصبح الثاني ، فيما تصر على أولويتها في التعيين لأسباب منطقية، اذ رفعت وزارة التربية كتابا باسمها «على الحالات الإنسانية» لديوان الخدمة للتعيين ومع أنها الأولى لكن شيئا لم يتغير.
قالت ان الديوان لم يتقبل الكتاب او الاعتراف بدورها الحقيقي، وأعادها للترتيب الثاني على الحالات الإنسانية، قالوا لها في الديوان ان خطأ حصل في الترتيب بعد الإعلان عن دورها وترتيبها الأول ووعدوا بالتصويب ووضع اسمها على أولوية التعيينات الجديدة.
ومع أنها حصلت على وعود من التربية بالإنصاف ، ومن الديوان بالاعتراف بحقها، لكنها ظلت في الطفيلة تراوح مكانها، ترقب المشهد الذي تجد فيه تعيين فتيات على الحالات الإنسانية ، وليس في العائلة مثلها من هو عاطل عن العمل .
وتعيش سوزان على راتب والدها يتقاسمه أكثر من عشرة أفراد ، دون وجود دخل آخر ، ودون ان يحس أحد بمعاناة الأسرة التي تراوح بين عمان والطفيلة ، فالراتب لا يكفى لأكثر من ثلاث سفرات في الشهر ، باعتبار الكلفة تزيد على (50) دينارا للمرة الواحدة.
سوزان ، ابنة الطفيلة قصة لصورة ضاقت بها الأيام اذ تضيع الحقوق وتتآكل الفرص التي ينهشها الناس بصور خيالية .
نعم ، تأبى سوزان ان تطالب بغير حقها ، فهي في الأسرة مع الأشقاء والأخوات ، يتنعمون بألم البطالة بعضهم لأكثر من سبع سنوات ، وقد تخرجت قبل أربع سنوات، مدفوعة بوجود دولة المؤسسات القائمة على العدالة والمساواة .
في مكتب «الرأي» في الطفيلة كانت الحوارات تدور مع الفتيات بحضور سوزان حيال فرص العمل الموجودة والضائعة اذ قالت خلود انها لا تعرف السر الكامن وراء هذا التردد الحكومي في تشغيل مواقع لتعيين الشباب في المحافظة، تلك التي فيها نوافذ للعمل تزيد على (200) فرصة يمكن ان تسد حاجة الشباب المتعطش المحروم.
وتشكك في ان يكون ذلك التردد لعدم وجود المخصصات، في إشارة الى ان فرصة العمل الواحدة في الطفيلة تمثل صيدا ثمينا للشاب او الفتاة ، واقتناصها مهمة شاقة، لكن مؤسسات ودوائر تبخل على الطفيلة ولا تنصفها ، مع ان الشواغر فيها باتت معروفة ، والتي عادة ما تأخذ في الاختفاء تدريجيا وسنويا الى ان تتلاشى .
تمثل البطالة في المحافظة وفق أسماء ، قهرا للسكان، وتحديا نفسيا مريرا، حين نجد ان الفتاة التي أنهت الدراسة الجامعية او حصلت على شهادة كلية المجتمع قد اختفت في المنزل منذ عشر سنوات أو أكثر، تعاني الم العزلة والعنوسة وفقدان الاعتدال في النظر الى معايير الحياة، ما يولد خللا في الأسرة وتعبا نفسيا للمئات من الحالمين بفرصة عمل .
وتساءلت إيناس عن سبب إغلاق جامعة الطفيلة أبوابها عن التعيين وقد كانت في الأصل مشروعا تنمويا للمحافظة، مانحا فرص العمل للشباب، الذي لا يجد له مكانا الا على قارعة الطريق ، فيما حيرة تلف قطاع الفتيات اللواتي تاهت بهن سبل الحياة الى مستقبل مجهول.
وقالت الجامعية ربيعة ان لها أسئلة مشروعة منها «لماذا لا تتمدد الجامعة وتتوسع في ألوية بصيرا والحسا وفي مناطق العين البيضاء بدلا من هذه اللملمة في العيص ؟ ولماذا لا تتوزع الدوائر والمؤسسات على طول المحافظة وعرضها ؟ ولماذا تموت الجامعة فقرا وحرمانا جراء انعدام المخصصات، في وقت نجد فيه ان الحل للغضب والتشنج يكمن بعضه في دعم الجامعة ماليا، لإتاحة مجالات التعيين فيها؟
وأشارت لمياء من جامعة اليرموك : هل يعجب الحكومة حال أبناء الطفيلة بعد ان زاد معدل البطالة عن (21.6 %) ، كان بين من تزيد أعمارهم على 15 سنة ( 18.8 %)؛ (12.9 %) للذكور و ( 31.8 %) للإناث، في حين سجل معدل الفقر في المحافظة ما نسبته (19.1 %) وفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة الأخيرة !!!
وقالت انها ترى البطالة والفقر من بين الآفات التي تتصدر أوجاع الناس في المحافظة، بعد الإنفاق على الأبناء في الجامعات، وتساءلت عن سبب التعتيم على التعيين في المركز الإيوائي لذوي الاحتياجات الخاصة في الطفيلة الذي أنجز منذ قرابة ثلاث سنوات ، وقد بلغت كلفة إنشاء المبنى أكثر من ثلاثة ملايين دينار، على ذات الوتيرة التي تساءلت فيها عن إحجام وزارة التخطيط عن دفع مبالغ متفق عليها لبرنامج تشغيل الشباب في الأشغال العامة ، الذي يفتح أكثر من (150) فرصة عمل وفق هذا البرنامج؟ .
ومن وسط المحافظة تساءلت كل من أميمة وعبير وسائدة عن سبب الإحجام عن استحداث لواء لمناطق العين البيضاء التي تفتح الخطوة فيها لعشرات الفرص في أكثر من (20) دائرة ومؤسسة، وعن دور وزارة التخطيط التي تغدق العطايا على الجمعيات التعاونية والخيرية في مناطق من المملكة ، وتصاب بالشح والتقتير في الطفيلة ، إذ تدعو الى شروط تعجيزية فيها، بينما تساعد هذه المؤسسات في إعداد المشروعات وتسهل عليها في مناطق أخرى، رغم ان وجع المملكة معروف انه في الطفيلة، التي همشتها السياسات الحكومية لأكثر من نصف قرن.
واعتبر شباب من المحافظة انه لم يكن كافيا فتح ألف فرصة عمل في القوات المسلحة، التي فتحت اللجنة باب التسجيل فيها لكل الجنوب ، سجل من المحافظة فيها اقل من (200) شاب ، وليس كافيا تشغيل مصنع الألبسة الذي استوعب اقل من (200) فتاة ، مع أنها خطوات قالوا أنها رائعة ، وقالوا «نحن نرقب المشهد المؤلم في المحافظة ، الذي لم يتغير بعد « ونتألم ان عددا من الجامعيين والجامعيات، تدافعوا للتسجيل لأقل من خمس فرص عمل في التربية لتشغيل مستخدمين»اذنة» كانوا من بين (400) متقدم لتلك الشواغر.
ولم تكتف رويده بتلك الأسئلة بل زادت وقالت «أين فرص العمل التي أعلنها رئيس الوزراء عن تشغيل (20) ألفا في مختلف المؤسسات في المملكة؟ وأين دور وزارات الزراعة والأشغال والتنمية الاجتماعية التي ينبغي ان تجيش الفرق لدراسة الفقر والبطالة والإعاقة في المحافظة ؟ ولماذا تصر الحكومة على إضعاف الجمعيات الخيرية والتعاونية، بدلا من تقوية برامجها وخططها لتشغيل الشباب؟
هكذا فتحت سوزان مساحات للحوار والأسئلة التي حملتها «الرأي» فهم بانتظار العشرات من فرص العمل ، وبانتظار إفراج الحكومة «على الأقل» عن حقوق الطفيلة في هذا المجال خدمة لفئات الشباب المتحمس للحياة وللمستقبل.
رد مع اقتباس
المفضلات