رغم الانعكاس الإيجابي لقرار الحكومة بتخفيض سعر مادة المازوت والترحيب الذي لاقاه القرار، إلا أن المرور بجوار إحدى محطات المحروقات يترجم تحول القرار إلى أزمة "اختلقها المواطنون وسائقو السرافيس" على حد تعبير مديرية التموين في ريف دمشق، و"احتكار أصحاب محطات المحروقات والتهريب" حسب رأي السائقين على خطوط النقل وشركات النقل بين المحافظات...
وكانت الحكومة السورية أصدرت قراراً بتخفيض سعر ليتر المازوت مقدار 5 ليرات سورية، وحددت الكميات المسموح بها للآليات عند تعبئة مادة المازوت، للسيارات التي تخرج من القطر فبعد، أن كانت سابقا 600 ليتر للشاحنة المبردة، تم زيادة الكمية إلى 750 ليتر، والسيارة الشاحنة كانت الكمية المسموح بها 400 ليتر أصبحت اليوم 550 ليتراً، وبالنسبة للباصات كانت 200 ليتر أصبحت 400 ليتر، والميكروباص 200 ليتر بدلاً من 100 ليتر.
سيريانيوز توجهت إلى عدد من سائقي السرافيس في كراج السيدة زينب لاستقصاء الوضع..
خسائر يومية
"بعد انخفاض سعر المازوت أصبح الحصول عليه أمراً عسيراً ويكبدنا الخسائر اليومية"، بهذه العبارة وصف أبو أيمن سائق سرفيس على خط الغزلانية الوضع الحالي، وقال إنه "نضطر يومياً للتزود بالمازوت الأخضر لعدم توفر المازوت الأحمر في محطة المحروقات في الغزلانية، فمخصصات المحطة تنفذ سريعاً، وفي حال حالفنا الحظ بوجود المازوت الأحمر سيكون علينا الانتظار لخمس أو ست ساعات لنحصل عليه، وهذا يعطل عملنا".
وأضاف أبو أيمن إن "لنتفادى الانتظار الطويل لجأنا للمازوت الأخضر الغالي الثمن، رغم أننا نتقاضى الأجرة من الركاب بناء على التعرفة الجديدة المخفضة والمحسوبة على أساس استعمال المازوت الأحمر (فقد انخفضت تعرفة الركوب من 17 ليرة إلى 16 ليرة) والراكب يدفع 15 ليرة سورية فقط ولا نستطيع مطالبته بالليرة المتبقية وهذا يسبب لنا الخسائر اليومية".
وبدوره قال أبو محمد سائق آخر على نفس الخط إن "اخبرنا مشرف الخط بمشكلتنا مع نقص المازوت، فأجاب بأن مدير الناحية غير مهتم بوضعنا، ونحن نعاني من احتكار أصحاب المحطات للمازوت لبيعه بسعر أعلى ولتهريبه من قبل البعض، كما أن الناس الذين يأتون ليحصلوا على المازوت بـ(البدونات) والعبوات البلاستيكية ليخزنوا لفصل الشتاء، يسرعون من نفاذ مخصصات المحطة اليومية، وعندما نقصد محطة محروقات في منطقة أخرى يرفضون تزويدنا لأنه علينا أن نحصل على المازوت من محطة المنطقة التي نعمل فيها، وبالتالي لا نجد أمامنا إلا المازوت الأخضر الأغلى".
وانضم إليه سائق آخر ليشير إلى أنه "لم استطع تعبئة المازوت الأخضر منذ قليل عند مروري بالمحطة لنفاذه أيضاً وقد طلب مني العودة لاحقاً ".
في رحلات الجنوب
ومن جانبه قال موظف في شركة (ش) للنقل إلى المحافظات الجنوبية في كراج السومرية لسيريانيوز إن "عمل الشركة تأثر كثيرا بأزمة نقص المازوت وليس بانخفاض سعره حيث ظهرت الأزمة بعد تخفيض السعر بأسبوع تقريباً".
وأضاف إن "وفق برنامج رحلات الشركة المعتاد هناك رحلات كل نصف ساعة يومياً من الساعة الثامنة وحتى الساعة العاشرة ليلاً تقريباً لكن بسبب نقص المازوت أصبحت الرحلات كل ساعة، ومنذ يومين لم نتمكن من إقامة رحلات بعد الساعة 12 ظهراً لعدم القدرة على التزود بالمازوت".
وبدوره قال موظف في شركة (د ت) في كراج السومرية لسيريانيوز إن " ألغينا يوم الثلاثاء الماضي الرحلات بالكامل، حيث لم نتمكن من الحصول على المازوت اللازم للبولمانات، وفي أيام أخرى يتقلص عدد الرحلات كثيراً وتبقى رحلة أو رحلتين فقط في اليوم الواحد"، مشيراً إلى أن "الحديث يكثر عن محطات تزود بالمازوت لكن بسعر أعلى عن السعر المحدد من الدولة" بحيث تبيع الليتر الواحد بـ25 ليرة سورية عوضاً عن 15 ليرة سورية".
وفي رحلات الشمال
مدير مكتب إحدى شركات النقل للمحافظات الشمالية في مركز انطلاق البولمان قال لسيريانيوز "نواجه صعوبة بالغة في الحصول على المازوت اللازم لرحلاتنا، وعند الذهاب لمحطات الوقود نجد الناس تتزود بكميات فائضة من المازوت عبر عبوات و(بدونات) بعد أن يملؤوا خزانات سياراتهم"، موضحاً إن "عدم توفر المازوت أدى لإلغاء عدد من الرحلات أو تأخيرها عن موعدها".
من جانبه موظف في ذات الشركة قال "نضطر لشراء صهريج وإحضاره للكراج لتعبئة البولمانات لتسيير أمورنا لكن هذا يشكل عبئ كبير من حيث تأخر الرحلات، فنحن نسير يومياً 64 رحلة لمختلف المناطق الشمالية، وقبل تخفيض سعر المازوت لم يكن هناك مشكلة في الحصول عليه أما الآن فالوضع سيء".
فيما قال رئيس قسم القابون في شركة (ق) لؤي محمد لسيريانيوز إنه " تتأخر الرحلات عن مواعيدها يومياً بسبب الوقت الطويل الذي تقضيه البولمانات وهي بانتظار الدور في محطات الوقود، ما يضطرنا لإلغاء الرحلة أو استبدال البولمان ".
وتابع محمد إنه "حاولنا التعاقد مع محطات محروقات أخرى لتزويدنا بالمازوت، لكن للأسف الأزمة في كل مكان بعد أن كانت المحطات تتنافس للتعاقد معنا الوضع الآن بالعكس تماماً"، لافتاً إلى أن "أكثر الخطوط تأثرا هو خط الرحلات المتجهة شرقاً حيث نضطر إلى إلغاء نصف الرحلات وبعد أن كنا نسير 10 رحلات أصبحت 5 يومية، بينما خط الرحلات المتجهة شمالا اقل تأثراً لأن الشركة تملك محطة محروقات في القدموس وقادرة على تزويد البولمانات بحاجتها دون أن تحتكر المادة كما تفعل محطات أخرى، حيث إن احتكار المادة بهدف تهريبها هو المسبب لهذه الأزمة وخاصة أن سادكوب اتبعت توزيع مخصصات مساوية لما استهلك الشهر المماثل من العام الماضي وزادت الكميات الموزعة لحل الأزمة ومع ذلك لم يتحسن الوضع".
لا قانون يحدد الكمية المباعة للشخص الواحد
وتشهد محطات المحروقات إقبالاً شديداً على مادة المازوت منذ انخفاض سعره، حيث قامت سادكوب بزيادة مخصصات المحطات لتلبية الطلب المرتفع على المادة إلا أن النقص مازال موجوداً وفقاً للعاملين في مجال النقل.
وكانت سادكوب اعتمدت معايير جديدة لتوزيع المازوت على محطات المحروقات بناء على الحاجة التموينية لكل محطة وبما يحقق العدل بين محطات المحافظة الواحدة.
وحول الوضع في محطات المحروقات، قال ياسر يعمل في محطة محروقات خاصة على طريق حرستا لسيريانيوز إنه "زاد طلب الناس على مادة المازوت بعد انخفاض سعره بشكل غريب، حيث ينفذ المازوت من المحطة بعد وصول الطلب بحوالي ساعتين".
وأضاف ياسر إنه "يوم أمس تم تزويدنا بمازوت أخضر بعد نفاذ الأحمر من المحطة والمضطر اشترى ودفع الفرق بين السعرين".
ولفت ياسر إلى أنه "في هذا الشهر تم تخصيص المحطة بـ34 طلب تم زيادتها في الأيام الأخيرة طلبين في اليوم الواحد"، مؤكداً إنه "لا يوجد قانون يقول لعامل المحطة أن لا تبيع أكثر من كمية محددة للمواطن، وبالمقابل عندما نشعر أن هناك محاولة للحصول على كميات كبيرة جدا لغرض ما، كأن يأتينا شخص ويريد تعبئة 7 (بدونات) بسعة 50 ليتر للواحد، نرفض تعبئتها جميعاً لان ذلك فيه ضرر للمحطة بنفاذ الكميات باكراً وضرر للناس".
وبدوره قال أحد العاملين في محطة محروقات في داريا لسيريانيوز إن "هناك طلب متزايد على المازوت من الناس، وأصبح الطلب عليه لا يقتصر على أصحاب المركبات العاملة على المازوت بل من الناس العاديين أيضاً، حيث يأتون للحصول على المازوت بواسطة العبوات البلاستيكية و(البدونات)".
وأضاف إن "المخصصات تنفذ سريعاً من المحطة، وكل يوم تصطف السيارات والشاحنات بانتظار دورها للحصول على المازوت، وغالباً ما تنفذ المادة قبل تلبية طلبات الجميع".
أصحاب السرافيس اختلقوا الأزمة
وللوقوف على دور الحكومة في هذا الموضوع، قال مدير التجارة والاقتصاد في ريف دمشق يوسف سرور لسيريانيوز "مادة المازوت متوفرة بشكل كافي لكن المواطنين وخاصة أصحاب السرافيس هم من يخلق الأزمة بتعبئة كميات فائضة عن حاجتهم، حيث يرسل المواطن أو صاحب السرفيس ابنه وأخيه وأقربائه لتعبئة المادة بعبوات بلاستيكية و(بدونات) بعد أن يكون حصل على حاجته اللازمة لعمل مركبته، ما يضر بالآخرين ويقلل من حصتهم في الحصول على المازوت".
وأشار سرور إلى أنه "لا يوجد احتكار للمازوت، حيث نراقب صهاريج المازوت منذ خروجها من خزانات عدرا حتى وصولها للمحطات، ونراقب عمل المحطات من حيث الكميات التي تستلمها المحطة والكميات المباعة للمواطنين وللموزعين الذين يلتزمون بسجلات توضح المستلم وعنوانه والكمية التي حصل عليها".
وبخصوص تهريب المادة، قال سرور إن "مراقبة التهريب ليس من اختصاصنا طالما أن السيارة ما زالت ضمن حدود المنطقة، لكن عند ضبط أي صهريج غير وجهته من محطة إلى أخرى نصادر الكميات التي بحوزته ونحجز على الصهريج مع تحويل الشخص للقضاء ونطلب من سادكوب التوقف عن تزويده بالمازوت".
وأكد مدير تموين ريف دمشق إن "سادكوب زودت 63 محطة محروقات في الريف بالمازوت الأخضر لتخفيف الضغط عن المازوت الأحمر، والكثير من الناس يفضلون الأخضر لجودته وتأثيره الايجابي على عمل المركبة".
قرار قريب يمنع بيع المازوت في عبوات من المحطات على الأوتوسترادات
ومن جهته قال مدير فرع محروقات في ريف دمشق منصور طه لسيريانيوز إن "وضع مادة المازوت بدأ يتحسن مقارنة بالأسابيع الماضية، حيث تنتشر عادة تخزين المواد بين المواطنين عند الشعور بأزمة صغيرة، وهو ما سبب الضغط على محطات المحروقات، فالمخصصات تكفي لولا ما يحدث من حالات تعبئة كميات إضافية فائضة عن الحاجة".
وتابع طه إنه " وزعنا على كافة المحطات كميات من مازوت الديزل الأخضر ليتمكن سائقي السرافيس من التزود به في حال نفاذ المازوت الأحمر".
ونوه طه إلى أن "الناس بدأت بالتخزين لفصل الشتاء مع أن المادة متوفرة ومخصصات الشتاء تختلف عن مخصصات الصيف، ويجب أن يعي الناس أن الاندفاع للتزود بالمازوت يسبب أزمة على مختلف الصعد"، مؤكداً إن " حالات التهريب تزيد الضغط والأزمة، فضلاً عن أن الفترة الحالية هي موسم سقاية المزروعات مع زيادة للنشاط الزراعي بسبب انخفاض سعر المادة".
وحول استخدام العبوات البلاستيكية و(البدونات) من قبل البعض، قال طه انه " وجهنا محافظ ريف دمشق لاستصدار قرار يمنع المحطات الموجودة على الأتوسترادات من تعبئة العبوات البلاستيكية و(البدونات)، وهذا القرار لا يمكن تطبيقه في المحطات الموجودة داخل المدن والريف لأن الفلاحين يستخدمون هذه العبوات للحصول على المازوت اللازم لعملهم".
أروى المصفي –سيريانيوز
رد مع اقتباس
المفضلات