ابن العلقمي وجيش الخلافة
المجاهد عاصم عابد القلعاوي
الحمد لله الملك القدوس الذي مزق بجيوش العرب والمسلمين دولة الفرس المجوس والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم طب الارواح وشفاء النفوس وعلى صحبه الاقمار واله الشموس ورضي الله تعالى عن كل من سار على نهجهم وتعلم من سيرتهم اروع العبر والدروس. من المعلوم ان الهدف الرئيس من الاطلاع على تأريخ البشر هو العظة والاعتبار باحوال وعواقب الامم والشعوب افرادا وجماعات والاستفادة من تجاربها في الحياة للاخذ بكل ماهو صالح فيها وتجاوز نقاط الضعف ومواطن الخلل التي ادت الى نكباتها اوزوالها بالكلية ،واذا كان هذا الامر حريا باصحاب المناصب الكبيرة والمواقع المهمة لأهمية مناصبهم في قيادة الامة الاسلامية فهو ليس مقتصرا عليهم بل ان كل فرد يستطيع ان يقرأ التأريخ الانساني ويستفيد منه في حياته العامة والخاصة. ان اخطر واهم خطوة اتخذها ابن العلقمي الفارسي )مؤيد الدين ابو طالب محمد بن محمد وزير المستعصم بالله ابن المستنصر بالله اخر الخلفاء العباسيين( لتحقيق غرضه باسقاط الحضارة الانسانية وذلك باسقاط الخلافة العربية الاسلامية بعد ان اتفق مع السفاح الوثني هولاكو ابن السفاح جنكيز خان على ذلك هو انه سعى جاهدا الى تدمير وتفتيت جيش الخلافة لانه يوقن ان الجيش سور يحمي الوطن فاذا سقط السور تجرأ الاعداء ولو كانوا ضعفاء على مهاجمة الوطن واحتلاله لانه اصبح بلا حماة يدافعون عنه ويشكلون خطرا على كل من يعتدي عليه. وقد قام ابن العلقمي الفارسي المجوسي باقناع الخليفة المستعصم بالله بتقليص عدد جنود جيش الخلافة من مائة الف مقاتل في زمن المستنصر بالله الى عشرين الف مقاتل في زمانه برغم تهديدات هولاكو المستمرة والعلنية لاطراف الدولة الاسلامية بحجة ان هذا العدد من الجند لا حاجة لوجوده لأسباب : اولها: ان مدينة بغداد حصينة الاسوار، عظيمة الخنادق، رصينة الابواب ، كثيرة الطرق، مزارعها شاسعة ،وخيراتها وفيرة ،ومياهها غزيرة ،وهذا وحده كاف لصمودها امام العدوان وردع الاعداء عنها. ثانيها: ان عدد الجنود الكبير يكلف ميزانية الدولة مبالغ كبيرة جدا فهم يحتاجون الى الانفاق على تجهيزهم وتسليحهم فضلا عن دفع مرتباتهم. ثالثها: ان خطر السفاح هولاكو يمكن دفعه عن بغداد بالتودد له والتواصل معه وارسال الهدايا والاموال اليه. واستكمل ابن العلقمي الفارسي المجوسي خطته الخطيرة بعد موافقة الخليفة المستعصم بالله على تقليص عدد جند جيش الخلافة ) الذين انتشروا يتسولون في الطرقات والجوامع( بان اشار عليه بطردهم خارج بغداد لكي لايثيروا غضب عامة الشعب على الدولة بينما كان يهدف من وراء ذلك الى افراغ بغداد من القوة البشرية الموجودة فيها والتي ستدافع عنها حتما عند تعرضها لاي خطر فهذه القوة وان خرجت من الجندية الرسمية، والمصالح المادية فهي لا تزال ضمن دائرة المواطنة ،والعروبة ،والاسلام الذي شرع الجهاد لرد العدوان ،ودحر الغزاة الطامعين فقام ابن العلقمي الفارسي المجوسي باخراج ثمانين الف مقاتل من بغداد فانطلق اغلبهم مبتعدا عنها مهاجرا الى بلاد الشام. بل ان من بقي من جند الخلافة لم ينجُ من كيد ابن العلقمي الفارسي المجوسي الذي كان يدور على جند الخلافة وهم على اعالي الاسوار وينهاهم عن رمي النشاب على جنود المغول ويقول لهم: )سوف يقع الصلح،ان شاء الله تعالى فلا تحاربوا(. لقد ادرك السفاح هولاكو انه عاجز عن احتلال بغداد واسقاط الخلافة العربية الاسلامية لان بغداد كانت مدينة حصينة الاسوار ولها جيش جرار وهي غنية من الناحية الاقتصادية فقرر ان يلجأ الى ضربها من الداخل وكان ابن العلقمي الفارسي المجوسي بالانتظار مع معاونيه نصير الدين الطوسي،ورشيد الدين الهمذاني لينفذوا اقذر وابشع جريمة عرفتها الانسانية بدافع الحقد الفارسي المجوسي على كل ماهو عربي فقد اصاب اهل بغداد وهم كلهم عرب سفكت دماؤهم وانتهكت اعراضهم واستلبت اموالهم وسبيت اطفالهم ونساؤهم واحرقت منازلهم ومزقت كتبهم ومصاحفهم...الخ ولم يكن الرجل يهدف الى اسقاط الدولة العباسية الا بدافع الحقد والكراهية للعرب والاسلام بل كان الرجل يتحرق الى الثأر من العرب كل العرب ذلك القاصي والداني. لقد اثمرت الجهود الاثيمة لابن العلقمي عن سقوط بغداد دار الخلافة الاسلامية فحدث فيها من المجازر والاحداث ما لا يوصف. فهل يعي اولوا الامر من حكام العرب والمسلمين اهمية الدرس اهمية اتخاذ وزراء واعوان وانصار تسري في دمائهم محبة الاسلام والاخلاص ، واهمية اعداد الجيش على اعلى مستوى ممكن من كل النواحي والمتطلبات المادية والروحية والعقائدية ، واهمية تولية القوي الامين لقيادة كل مفصل من مفاصله ولو كان صغيرا فضلا عن القيادة العامة للجيش، واهمية الانفاق على تسليحه وتدريبه وافراده بسخاء كبير ولو على حساب بعض جوانب الدولة الاخرى لان بناء الجيش بصورة صحيحة يحفظ الدين ،والدولة والارض ،والعرض والانسان والمال...الخ ومتى كان الجيش ضعيفا كان كل ذلك معرضا للزوال في لمح البصر. ولاجل ذلك سعت قيادتنا الحكيمة قيادة جيش رجال الطريقة النقشبندية الى دعم الجيش بكل الإمكانات وأعدّته إعدادا لا مثيل له في كل جيوش العالم فضلا عن الفصائل المجاهدة وأحكمت ثغراته فلا سبيل لابن العلقمي ولا لغيره من الحاقدين ، لذلك حين يتكلم جيشنا عن النصر في الساحة فانه يتكلم وهو واثق من كلامه ، وسيقاتل جيشنا بلا هوادة لإخراج الغزاة المحتلين من مدينة السلام وجعلها ترفل بالمجد والعز والامان ولن تعاد الكرة لابن العلقمي باذن الله لان جيشنا مؤمن ولا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين وصلى الله على سيدنا محمد نور الانوار وسر الاسرار وملجأ الخائفين غدا من عذاب النار وسلم تسليما كثيرا.
هذه المقالة منقولة من المجلة النقشبندية العدد38
رد مع اقتباس
المفضلات