كتب – عماد عبد الرحمن - بإنجاز التعديلات الدستورية من قبل اللجنة الملكية لمراجعة نصوص الدستور،وإحالتها إلى مجلس الوزارء لاستكمال الإجراءات الدستورية، تتضح معالم الأجندة السياسية للبلاد خلال الأشهر القليلة المقبلة، التي ستكون حاسمة في هذا الاتجاه،إذ يتوجب على كافة الأطراف المُكلفة إنجاز كافة التشريعات الناظمة للإصلاح السياسي قبل الدخول إلى العام 2012.
السيناريوهات المطروحة على الساحة متعددة بخصوص آلية العمل والجدول الزمني لعمل مجلس الأمة بشقيه (الأعيان والنواب) كونه سيتحمل العبء الأكبر في هذا المجال، السيناريو الأول يتمثل باستمرار عمل الدورة الاستثنائية للمجلس،وقد يكون هناك ملحق لإرادة ملكية لاستمرار عمل الدورة لغايات إقرار التعديلات الدستورية.
أما السيناريو الثاني فيتمثل بفض الدورة الاستثنائية قبل عطلة العيد،على أن تعقد دورة استثنائية ثانية بعد العيد تخصص لإقرار التعديلات الدستورية.،مع ترجيح السيناريو الثاني كون المجلس معني حاليا بإقرار مشروع قانون البلديات المُلح في هذه المرحلة،والذي يمهد لإجراء انتخابات بلدية مع نهاية العام الجاري.
في الدورة العادية المقبلة سَيستكمِل مجلس الأمة بشقيه (النواب والأعيان)،عمله لإنجاز ما هو مطلوب منه خصوصا مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب،إلى حين انتهاء الدورة العادية مع نهاية شهر آذار 2012،ويتوقع حل المجلس في الفترة من 1-6 الى 1- 8، تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة في خريف عام 2012،وكل ذلك سيتم بعد صدور الإرادة الملكية.
لكن ما هو الدور الذي ينبغي على السلطة التنفيذية القيام به في المرحلة المقبلة؟
الحكومة حاليا لديها التعديلات الدستورية وأحالتها في جلسة مجلس الوزراء أمس ،إلى ديوان التشريع والرأي،لغايات صياغة النصوص واستكمال الإجراءات التشريعية،وهي تناقش حاليا من خلال اللجنة السياسية النظام الانتخابي الذي يعتبر أحد أبرز مخرجات لجنة الحوار الوطني التي تمت بالتوافق،ومن المفترض أن ينتهي ديوان التشريع والرأي منها قريبا،علماً أن الحكومة أقرت مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب كما وردا من لجنة الحوار.
النظام الانتخابي الذي سيتم على أساسه تحديد أسس اختيار نواب المجلس السابع عشر،المتوقع ان تجري انتخاباته في خريف العام المقبل، لم يقتصر الجدل حوله على لجنة الحوار التي ضمت قرابة الـ 50 شخصية سياسية وحزبية وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني،لكن هذا الجدل انتقل إلى أروقة الحكومة والنواب والسياسيين والتنفيذيين في الدولة، ولا زالت الى الآن تطرح خيارات وسيناريوهات لشكل وجوهر النظام الانتخابي المراد،فما هي هذه السيناريوهات؟.
السيناريو الأول :العودة الى النظام الانتخابي الذي جرت على أساسه انتخابات عام 1989،والذي اعتمد نظام الكتل الانتخابية،وقد أفرز مجلس نواب قويا ومؤثرا بعد عودة الحياة الديمقراطية الى البلاد في ذلك العام،ومن المستبعد العودة الى هذا الخيار،كما يقول سياسيون.
السيناريو الثاني:اعتماد نظام القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة،ويعرف بـنظام (3+1) بتمكين الناخب من انتخاب قائمة من ثلاث نواب ضمن محافظته إضافة الى انتخاب مرشح واحد على مستوى قائمة الوطن.
أما السيناريو الثالث : فيقترح اعتماد نظام القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة ويُعرف بنظام (2+1)،بتمكين الناخب من اختيار مرشحين اثنين على مستوى المحافظة،إضافة الى مرشح واحد على مستوى الوطن.
في القضايا الجدلية يكون التوافق السلمي والمعقول سيّد الموقف،في حال تَعذُر الإجماع، وليس من الصحيح فرض وجهة نظر طرف على طرف آخر،فيكون التوافق هو خيار الدولة والأكثرية،ولا يعني عدم الأخذ بوجهة النظر الحرْفية لطرف أو جماعة أو حزب،استبعاد أو تحييد هذا الطرف أو ذاك،خصوصا في القضايا الحساسة التي تتعلق بالمفاصل الأساسية في إدارة شؤون الدولة، وفي المقابل لا يعني الأخذ بوجهة نظر معينة كما هي ضعفاً أو إنحيازا لطرف على حساب الآخر.
والواقع ان الانسجام بين اللجنة الملكية لمراجعة الدستور ولجنة الحوار الوطني، بدا واضحا في كافة محطات ومخرجات اللجنتين،فالتعديلات الدستورية أخذت بجميع توصيات لجنة الحوار الوطني وعددها 11 توصية ،وهي نبعت من قناعة حقيقية بضرورة إجرائها في هذه المرحلة، ويمكننا اعتبارها إنجازا نوعيا متقدما أزال مواطن الخلل والشكوى،وفتحت المجال أمام مشاركة أوسع للقواعد الشعبية في تحمل المسؤولية، وبذلك توفرت ركائز وروافع المنظومة التشريعية الخاصة بالإصلاح السياسي في البلاد،بانتظار استكمالها في أطرها التشريعية.
مؤسسة صنع القرار تمتلك رؤية وبرنامجا وطنيا لانطلاقة جديدة وأردن جديد لمرحلة ما بعد التعديلات الدستورية الذاتية ، التي طالت نحو 42 مادة منها 40 مادة تعتبر جوهرية وتعنى بتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات،وتعزيز دور السلطة القضائية ،وحماية حرية التعبير واستعادة استقلالية وهيبة مجلس النواب، وقد كانت هذه التعديلات مطروحة منذ سنوات لولا قوى الشد العكسي في المجتمع التي قاومت ورفضت التغيير بحجج وذرائع مختلفة،لكن المهم الآن أن تنخرط قوى المجتمع كافة في عملية الإصلاح، والكف عن احتراف الشكوى والمعارضة لكل شيء ليس لشيء سوى المعارضة.
www.imadjmi.wordpress.com
رد مع اقتباس
المفضلات