كتبت – سهير بشناق
اثارت الارقام التي اصدرتها دائرة الاحصاءات العامة حول المراة لعام 2010 والمتعلقة في جانب منها بنسب العزباوات تساؤلات عديدة حول الاسباب الحقيقية التي تقف وراء وصول نسبة العزباوات الى 35,1% في حين كانت نسبة الاناث المتزوجات اللاتي اعمارهن 15 سنة فاكثر على مستوى المملكة يصل الى 56,5 %.
ولعل هذه التساؤلات المشروعة عن سبب ارتفاع نسب العازبات لم تحل بينها وبين اعتقاد الكثيرين بان هذا الامر سيقود الى انتشار ظاهرة العنوسة المرتبطة بعوامل عديدة منها زيادة درجة الوعي باهمية تعليم الفتيات المرتبط الى حد كبير بعملهن بعد التخرج والرغبة الذاتية بالانخراط بالحياة العملية وهي جميعها عوامل قد تسهم في تاخير سن الزواج علاوة على الاوضاع الاقتصادية ومتطلبات الزواج التي لا يستطيع الشاب تامينها بشكل مرض للفتاة واسرتها وهي قضية تنعكس على الفتاة والشاب سوية فتاخر سن زواج الفتيات يعني بالمحصلة تاخر سن زواج الشباب.
استاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي له راي مخالف لارقام دائرة الاحصاءات العامة المتعلقة بنسب العازبات اذ يقول ان الارقام تلك تعكس ظاهرة طبيعية في المجتمع الاردني ولا تؤدي الى قلق او خطورة.مفسرا ذلك بقوله: ان هناك عزوبية بين الذكور تعادل نفس النسبة تقريبا وترتبط ارتباطا قويا بعزوبية الاناث حيث ان السبب في كبر نسبة العازبات والتي وصلت الى (35.1%) يعود الى طريقة حساب حجم العزوبية والتي تم حسابها على اساس كافة الاعمار بعد (15) سنة ، وفي المقابل لو قمنا بحساب العزوبية على اساس الفئات العمرية ( الخمسية ) بعد العمر (15 – 19) سنة لوجدنا ان نسبة اللواتي لم يتزوجن ينخفض تدريجيا كلما ارتفعت الفئات العمرية حتى تصل الى ( 5 %) للاناث في العمر (45 – 49 ) وهذا رقم طبيعي في ظل تحول اجتماعي وتنموي يشهده الاردن في مختلف المجالات التنموية.
واضاف: ان حساب العزوبية عند الديموغرافيين هو سن (45) سنة وهو سن العزوبية الدائم لانه بعد هذا العمر يصبح الانجاب متعذرا حتى لو تزوجت المرأة ، ولكن هناك من يميل الى حساب العزوبية وهذا متروك لكل باحث ومختص ولكن شريطة ان لا يقلق المجتمع ويربكه لان قطار الزواج يسير في كافة الفئات العمرية للاناث في الاردن وهناك حالات زواج لفتيات عازبات تجاوزن العمر (60) سنة.
وقال الدكتور الخزاعي ان السبب الرئيس في وجود هذه النسب من العازبات يعود بالدرجة الاولى الى التغير الذي تشهده الاسرة الاردنية وتداخل تاثير العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمجتمع والزواج احد القضايا التي شملتها هذه التغيرات في حركة البناء الاجتماعي ، فلقد تزايدت فرص التعليم الثانوي والجامعي والتعليم العالي امام الاناث في الاردن ، والتغير الذي جرى على اتجاهات الاسرة في المجتمع الاردني والمتمثل في الحرص على تعليم الفتيات مثلهم مثل الشباب وهذا لم يكن موجود قبل عقدين من الزمان حيث كان الحرص على تعليم الذكر فقط.
ويرى بان تعليم الاناث بعد الثانوية العامة يسهم في رفع العمر عند الزواج الاول الى ما بعد انتهاء المرحلة التعليمية ولهذا نجد ان حجم الفتيات اللواتي في سن العزوبية ( 20 – 24 ) يعتبر من اعلى النسب كون الفتيات يكن لا زلن على مقاعد الدراسة او في مرحلة التخرج من الجامعة والانطلاق نحو الدراسات العليا ثم البحث عن العمل.
واشار الخزاعي الى هناك قضية تفوق الاناث في التعليم عن الشباب في كليات المجتمع ومعظم الجامعات تبلغ نسبة الاناث (51%) مقارنة بالذكور (49%) وتصل النسبة بعض الجامعات (60%).مما يعكس رغبة الاناث بالتعليم.
ويرى الدكتور الخزاعي ان هناك تغيرا في اتجاهات الشباب نحو الزواج فالشباب يبحثون عن الفتاة المتعلمة العاملة لكي تكون شريكة في الحياة الاسرية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، لهذا فان الاهل في حال تعليمهم لبناتهم فانهم يفضلون ان يكون الزوج يساوي ابنتهم في تعليمها على الاقل وهذا بحاجة الى وقت وصبر وانتظار في الوقت الذي يفضل هب بعض الاهل عمل بناتهم لعدة سنوات قبل زواجها بهدف مساعدتهم ماديا وتخفيف الاعباء عليهم.
وبين ان هناك ارتفاعا في نسبة معدلات البطالة بين الفتيات وخاصة في الفئات العمرية (15-24) والتي تصل الى (48.8%) وهي تزيد على ضعف المعدل الوطني للبطالة بين الاناث والبالغ (24.1%) ومعظمهن من الأكثر تعليما، وايضا عامل البطالة بين الذكور والذي يبلغ في الفئة العمرية (15-24) ما نسبته (22.7%) في حين يبلغ المعدل الوطني ( 10.1%) ومعظمه من المتعلمين.
ويرى الخزاعي ان ارتفاع تكاليف المعيشة ورغبة الشباب في الانفصال والاستقرار عن الاسر فيكون الملجأ هو راتب الزوجه متسائلا لماذا لا نعترف ونهرب من الواقع اليس من اول القضايا التي يتم بحثها بين الاسر قبل زواج ابنائهم وبناتهم هو مكان اقامة الزوجين بعد الزواج ، وهل عند الزوج شقة لكي يعيشوا لوحدهم « هذا ساهم بنسبة كبيرة في التحضر واتساع المدن حيث اصبحت نسبة الحضر في الاردن (83%).
واضاف: ان معدلات النمو السكاني الكبيرة لعبت دورا هاما في تزايد هذه النسب حيث تبلغ نسبة السكان في الاعمار من هم دون الخامسة عشرة (37.3%) من اجمالي عدد السكان ، ومتوسط حجم الاسرة( 5 ) اطفال ، وتضاعف عدد الاناث في سن الانجاب خلال العشرين سنة الماضية، وتأخر الاردن في تطبيق وتنفيذ برامج تنظيم الاسرة وهي محلله عقلا ودينا وشرعا ، لقد بدأنا في الاردن في نهاية الثمانيات في الحديث عن تنظيم الاسرة وقبل هذا التاريخ لم نكن نجرؤ على الحديث عن تنظيم الاسرة خوفا من العادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية
مشيرا الى ان متوسط حجم الاسرة في السبعينات كان (8) اطفال مما ادى الى زيادة عدد السكان بشكل كبير جدا،لافتا الى ان عدد المواليد السنوي يبلغ (180) الفا.
واكد الدكتور الخزاعي ان هذه النسب يجب ان لا تكون مصدر خوف وقلق في المجتمع وخاصة للفتيات مبينا ان هناك عدد لحالات زواج بين الفتيات في فئات الاعمار الكبيرة (50) سنة فاكثر ، ووجود حالات زواج بين المطلقات والارامل ، وان عدد عقود الزواج لا يقل عن (60) الف عقد سنوي.
فيما اعتبرت اخصائية استشارات اسرية الدكتورة نجوى عارف ان نسب العازبات بالاردن تبعا لدائرة الاحصاءات العامة مرتفعة وتعكس واقعا مجتمعيا يقود الى تاخر الزواج عند الفتيات والشباب في ان واحد.
وترى عارف ان هناك عوامل عديدة تقف وراء تاخر الفتاة بالزواج لكن العامل الاقتصادي ليس هو السبب المباشر بحيث نرى ان هناك عزوف من قبل الشباب والفتيات التي تكون اسرهم ميسورة الحال وهو امر يثير تساؤلات عديدة حول اسباب عزوفهم عن الزواج ما لم يكن العامل الاقتصادي له دور بها.
وبينت ان سبب عزوف الفتيات عن الزواج او تاخر سن زواجهن يرتبط بدرجة كبيرة بمتطلبات الفتاة قبل الزواج فهي تريد زوجا شابا ومتعلما ويستطيع ان يوفر لها جميع مطالبها وهو امر لا يخلو من الصعوبة بالنسبة للشباب.مشيرة الى ان الفتاة تعيش حالة من الصراع الداخلي فهي تريد ان تكون متعلمة وتعمل وتريد ان تكون زوجة وام ولكنها بذات الوقت لا تتنازل عن كثير من الامور التي قد تقف بينا وبين الزواج خاصة اذا ما علمنا بان الزواج بالنسبة للفتاة مرتبط بعمر معين وهو عمر الانجاب في الوقت الذي تغفل فتيات كثر حقيقة ان العمر لا ينتظر احدا بينما التعليم والعمل متاح ولا يرتبط بتحديد سن معين.
وطالبت الفتيات بتحديد اولوياتهن بالحياة وعدم اغفال اهمية الزواج بالنسبة للفتاة الشرقية فعدم زواجها ظاهرة غير صحية وقد تسبب للبعض منهن ضغوطات نفسية في المستقبل.
ولم تغفل الدكتورة نجوى دور الشباب في تاخر سن الزواج بالنسبة لهم معتبرة ان سلبيات عدم زواج الفتاة لا يقل اهمية عند الشباب مشيرة الى ان الشاب يعيش ايضا في صراعات مستمرة حيال قضية الزواج فهو يقيم علاقات عديدة لكن عندما يرتبط الامر بالزواج يريد زوجة تشبه والدته وتبدا متطلباته ومواصفاته لزوجة المستقبل بعيدة عن اي فتاة قد ارتبط معها بعلاقة ؟
وفي الوقت الذي تؤكد به الدكتورة نجوى اهمية الزواج للفتيات وتكوين اسرة والمرور بتجربة الامومة الا انها اعتبرت ان زواج الفتيات الصغيرات بعمر الخامسة عشرة امر غير مقبول لان الفتاة بهذا العمر لا تزال طفلة وبزواجها ندخلها لعالم ليس عالمها خاصة اذا تم تزويجها برجل يفوق عمرها بسنوات لنتساءل بعدها لماذا يحدث الانحراف وتكثر المشاكل الزوجية ؟
رد مع اقتباس
المفضلات