احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: أجواء 11 سبتمبر: رؤية أردنية

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Sep 2006
    الدولة
    الاردن
    العمر
    36
    المشاركات
    9,891
    معدل تقييم المستوى
    3506862

    أجواء 11 سبتمبر: رؤية أردنية

    أجواء 11 سبتمبر: رؤية أردنية




    د. محمد تركي بني سلامة* - بعد مرور ما يقارب 7 سنوات على هجمات 11 سبتمبر عام 2001 ما تزال المملكة العربية السعودية تعاني من حملة محمومة على المستوى الفكري والثقافي والسياسي. هذه الحملة المناوئة للسعودية تنطلق من حجج ومزاعم متعددة منها ما يتعلق بالمذهب الوهابي واعتباره مسؤولاً عن العنف والتطرف والكراهية لا بل يقف عائقاً أمام انفتاح وتقدم المجتمع السعودي، وأحياناً مناهج التربية والتعليم في السعودية ولا سيما أنها لا تزال تعتبر الجهاد ركناً أساسياً من أركان الإسلام، وأحياناً عدم تمكين المرأة السعودية وانتقاص حقوقها وصعوبة أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأحياناً يلعب ارتفاع أسعار النفط دوراً في توتر العلاقات السعودية ? الغربية ولا سيما مع الولايات المتحدة الأمريكية.
    لا شك أن أحداث 11 سبتمبر عام 2001 قد شكلت نقطة تحول بارزة في تاريخ العلاقات الأمريكية السعودية نتج عنها توتر في العلاقات بين الدولتين بالرغم من عمق هذه العلاقات التي تعود إلى الثلاثينات من القرن الماضي وكذلك المصالح الإستراتيجية المشتركة ولا سيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التحالف الإستراتيجي بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في زمن الحرب الباردة، حيث كانت الولايات المتحدة الأمركيية ترى أن سياسات الإسلاميين تخدم مصالحها. وفي النزاع الدائر بين الإسلاميين والحركة القومية الشعبية، انحازت الولايات المتحدة إلى الطرف الأول فقد كانت اعتبارات الحرب الباردة والحسابات الاستراتيجية هي المحرك لسياستها الخارجية وليس الاعتبارات التاريخية أو الحضارية أو الخوف من الإسلام ولا سيما أنها رأت في الإسلام حصناً منيعاً أمام تقدم أو تغلغل الفكر الشيوعي باعتبار أن الإسلام يرفض أي فكر أو ايدولوجية تقوم على الإلحاد هذا الترابط والعمق في العلاقات التاريخية والإستراتيجية التي تربط كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية اهتز بشدة، وتعرضت العلاقات لنكسة أو أزمة نتيجة ضغط عدد من المؤسسات التي يديرها عدد من الساسة والإعلاميين والأكاديميين الذين وجدوا في أحداث 11 سبتمبر فرصة مواتية لتأزيم العلاقات السعودية الأمريكية وتحقيق أجندة خفية وأبرز هذه المؤسسات : مؤسسات اليمين الأمريكي.المحافظين الجدد. أصدقاء إسرائيل.ومن أبرز الجهود التي بذلها أعضاء هذه المؤسسات العمل بشكل منظم على دمغ الإسلام كله بالإرهاب وربط السعودية على نحو غير منصف بالكراهية والعنصرية والقمع. وفي هذا السياق فقد شكلت النائبة سوميرك التي تمثل الحزب الجمهوري من ولاية نورث كارولينا ما سمي بتكتل الكونجرس ضد الجهاد والذي وصل عدد أعضائه إلى 120 عضواً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وكانت سوميرك تستهدف من التكتل المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، حيث تبنت مشروعاً يشبه قانون محاسبة السعودية، كان من أبرز ما جاء فيه إلغاء كافة أشكال التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والسعودية وإلغاء تأشيرات الدراسة للطلبة السعوديين ومنعهم من القدوم إلى الولايات المتحدة الأمريكية حتى تقوم السعودية بإصلاح مناهج التعليم وفي إطار الحملة على الإسلام سعى ديفيد هوروتيز مع المفكر الصهيوني المتشدد فرانك جافني إلى إشراك الجامعات والمعاهد الأمريكية في الحرب على الإسلام وذلك بحشد أكثر من 200 جامعة وكلية أمريكية في حملة دعائية تحت عنوان الفاشية الإسلامية حيث تم تخصيص أسبوع في هذه الجامعات والكليات للتوعية بما سمي الفاشية الإسلامية باعتبارها أكبر خطر يواجه الأمريكيين على الإطلاق.
    الموقف السعودي بدايةً لا بد من الإشارة إلى أن علاقة الإسلام بالسياسة أو الدين بالدولة ليست ظاهرة جديدة، فضلاً على أنها لا تخص ديناً بعينه .وبالرغم من أن الظاهرة الدينية ظاهرة عالمية، إلا أن التركيز منصب على العالم الإسلامي لأسباب متعددة، ومن هنا فإن الحملة على السعودية هذه الأيام لا تخرج عن هذا الإطار أو عن هذه الرؤية السياسية.
    ولمّا كانت المملكة العربية السعودية قد حباها الله بنعمة النفط فقد حباها أيضاً بقيادة حكيمة لصيانة هذه النعمة قادرة على مواجهة الأزمات والتقلبات والظروف المتغيرة، وهكذا استطاعت القيادة السعودية أن تواجه هذه الحملة الشرسة واحتواء الأزمة دون المساومة على ثوابت الدولة السعودية والتي تأتي على رأسها العقيدة الإسلامية ذلك أن الدين الإسلامي هو الأساس الذي يقوم عليه الفكر الأساسي للدولة السعودية دون تعريض أمن واستقرار ومصالح السعودية لأية أخطار أو مجازفات غير محسوبة.
    فعلى الصعيد الخارجي نجحت الدبلوماسية السعودية في إيصال رسالة واضحة للغرب والولايات المتحدة مفادها أن مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه والقضاء على بؤره ومصادر تمويله لا يكون باستخدام القوة العسكرية وإنما بنشر العدالة والسلام والأمن وإنهاء الاحتلال، وتتويجاً لهذه الحملة أطلق الملك عبد الله بن عبد العزيز المبادرة العربية للسلام عام 2002 والتي تقوم على معادلة الأرض مقابل السلام. وتعزيزاً لهذه الجهود فقد رعى الملك عبد الله بن عبد العزيز حوار الأديان والتقريب بين الفرق والمذاهب ليؤكد أن الإسلام هو دين التسامح والتعايش والتنوع والاختلاف وأن بعض التيارات المتطرفة والتي تحمل راية الإسلام لا تمثل الإسلام فليس كل العرب والمسلمين إرهابيين ومتطرفين يكرهون الغرب، كما أن الغرب ليس كله احتلالاً وعدواناً واستكباراً وأن فيه الكثير من القيم الثقافية والإنسانية وبالتالي فإن الحوار سواء على مستوى النخب الحاكمة أو النخب الفكرية والثقافية هو السبيل الأمثل لتخفيف الصراع والصدام ومن ثم التعايش والتعاون.
    وفي إطار الجهود التي تبذلها السعودية لمكافحة الإرهاب، تأتي المساعدات الخارجية عنواناً بارزاً في العلاقات السعودية الخارجية حيث تقدم السعودية سنوياً مساعدات اقتصادية هائلة للعديد من الدول الفقيرة بهدف تحسين الحياة الإنسانية وتخفيف العبء الاقتصادي عن كاهل الشعوب الفقيرة، فالفقر تربة خصبة للأفكار المتطرفة، وبالتالي يعتبر بيئة مواتية للإرهاب تغذيه وتمده بأسباب البقاء ولا سيما في ظل الاحتلال أو غياب العدالة وانتهاك الحقوق، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وهنا يمكن القول أن المساعدات الخارجية السعودية هي جزء من إعادة توزيع الثروة لغايات سياسية وإنسانية. فعلى سبيل المثال تقدم السعودية مساعدات اقتصادية سنوية للأردن انطلاقاً من إدراك القيادة السعودية لحجم معاناة الأردن الناتجة عن ضعف الإمكانات وشح الموارد، وبالتالي صعوبة الأوضاع المعيشية لمواطنيه خصوصاً بعد ارتفاع أسعار النفط وأيضاً في ظل الأوضاع المتفجرة في المنطقة والتي لها آثار سلبية على الأردن الذي يشترك مع السعودية في الحدود والتحديات والمصير والتطلعات. ومن هنا يصبح أمن الأردن واستقراره، وراحة مواطنيه مصلحة استراتيجية سعودية، فكان لا بد من مد يد العون والمساندة له، وأيضاً انطلاقاً من مبادئ الأخوة الإسلامية وقيم الشهامة والنخوة العربية والحفاظ على مصالح الأمة.
    أما على الصعيد الداخلي فقد قامت السعودية بإعادة صياغة مناهج التعليم وأكدت في الكتب المدرسية على قيم الإسلام وتعاليمه السمحة التي عمادها المحبة والتسامح والرحمة والحوار والتعاون والتعايش مع الآخر المختلف ونبذ الغلو والعنف والتطرف والتكفير. وكما ذكر سابقاً لما كان الإسلام يشكل المركز وكافة مناهج التعليم السعودية تتكئ على أفكار دينية إسلامية فإن الإصلاحات الجذرية التي تعرضت لها مناهج التعليم لم تخرج عن مبادئ الإسلام إذ أنها وضعت بالأساس وبقيت بعد الإصلاح أو التحديث وفق الكتاب والسنة والعقيدة تؤكد مبادئ الإسلام الحق وعلى رأسها التوحيد واتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والابتعاد عن البدع والشرك والربا والرشوة والنهي عن الظلم والعدوان، واحترام العهود والمواثيق والعقائد الأخرى. ومن هنا فإنه لا يضير السعودية أن مناهجها الدراسية تحرم الربا والزنا والشذوذ الجنسي وتراجع الحياة الروحية لحساب الحياة المادية والإغراق في التركيز على الفرد وحرياته واقتصاد السوق وغيرها من الأفكار الليبرالية الغربية أو الرأسمالية المتوحشة. وباختصار فإن السعودية تحدّث باستمرار مناهجها لتأهيل الشباب السعودي بما يتلاءم وروح العصر ولمواجهة تحديات المستقبل دون المساس بمبادئ العقيدة الإسلامية.
    كما قامت السعودية بخطوات عملية على صعيد الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والانفتاح السياسي حيث شهدت السعودية انتخابات بلدية حرة نزيهة ويسود فيها أجواء حرية الرأي والتعبير والحوار حول هذه المسائل، ومن يتابع وسائل الإعلام السعودية من تلفزيون وإذاعة وصحف ومجلات ومواقع إلكترونية وغيرها يلحظ الكثير من الكتابات والمقالات والحوارات حول الديمقراطية والمشاركة السياسية، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عملية التحول الديمقراطي أو انتقال مجتمع من مرحلة إلى أخرى أو من التقليد والمحافظة إلى الحداثة عملية دقيقة تحتاج إلى حرص ويقظة من أجل الحفاظ على الاستقرار وهي أيضاً عملية بطيئة لا يمكن أن تتم بين عشية وضحاها وبالمجمل نستطيع القول أن الخطوات التي خطتها السعودية في هذا الاتجاه هي خطوات رائدة ومثمرة وقابلة لمزيد من التقدم والتطور في المستقبل المتطور.
    وهنا لا بد من التوقف عند قضية تمكين المرأة السعودية والنهوض بها وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة في المجتمع.فإننا نلمس خصوصية واقع المرأة العربية ولا سيما أن هناك ارتباطا عضويا بين واقع المرأة العربية والواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي العربي، وإن انعكاس هذا الواقع على المرأة أكثر منه على الرجل. وفيما يتعلق بالمرأة السعودية فمن المؤكد أنها حققت وضعاً جيداً في الوقت الحاضر بالمقارنة مع الماضي، ولذ يمكننا القول ببساطة أن قطار التغيير في هذا الإطار قد بدأ يتحرك في السعودية وإن كان أكثر بطئاً في السعودية ودول الخليج من المشرق أو المغرب العربي. وبالمجمل فإن معركة تحرير المرأة في الفكر وفي الواقع العربي بشكل عام ما تزال تستدعي بذل مزيد من الجهد، وكذلك ضرورة الاستفادة من تجارب الشعوب والأمم المتحضرة التي سبقتنا في هذا المضمار، ولا سيما أنه لا يوجد تعارض أو تنافٍ بين مبادئ الشريعة الإسلامية وقيم الحياة الجديدة الناشئة في المجتمعات المعاصرة.
    عودة أجواء 11 سبتمبر.
    بالرغم من السياسة العقلانية الحكيمة التي انتهجتها السعودية أمام الحملة الغربية المعادية والتي كان من المتأمل أن تسهم في طي صفحة أحداث 11 سبتمبر وتجاوز عقدة الإسلاموفوبيا، إلا أن الموقف المناوئ للإسلام والعرب والسعودية قد أدى إلى عودة أجواء 11 سبتمبر من جديد، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الزعماء السياسيين الغربيين بدأ من رئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني وادعاءاته بالتفوق في إطار المفاضلة بين الإسلام والمسيحية وانتهاءً بتصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش وتقسيمه العالم إلى أخيار وأشرار، كل هذه المواقف أسهمت في عودة أجواء 11 سبتمبر وتزايد الكراهية ضد العرب والمسلمين بشكل عام والسعودية بشكل خاص ولا سيما أن الحملة العنصرية ضد السعودية قد وصلت إلى مستويات عالية جداً.
    فعلى سبيل المثال جاءت آخر الانتقادات التي وجهتها الإدارة الأمريكية للسعودية في خطاب الرئيس بوش في الشهر الماضي في المنتدى الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ حيث زعم أن السعودية تنتهك حقوق الإنسان وتضطهد المعارضة السياسية، وكأن ربيع الديمقراطية ونعيم الحرية الذي بشر فيه الرئيس الأمريكي بعد احتلاله للعراق يخوله انتقاد السعودية، وحالة حقوق الإنسان فيها. لقد كان من نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق انتشار الإرهاب والعنف والقتل والتدمير، وبخاصة حوادث التفجير والسيارات المفخخة وقطع الرقاب، واستفحال الفتنة الطائفية والإثنية، والتطهير المذهبي والديني والعرقي، وتدمير البنية التحتية للدولة العراقية وسرقة النفط، ناهيك عن وضع اليد على حضارة وتاريخ العراق وآثاره وكنوزه التي تمت سرقتها أو تدميرها على مرأى ومسمع من العالم كله.
    وقبل أيام قليلة دعت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية وزارة الخارجية الأمريكية إلى إغلاق مدرسة سعودية في ولاية فرجينيا وهي الأكاديمية السياسية السعودية وإلزامها بتغيير مناهجها الدراسية حيث تزعم اللجنة أن المناهج السعودية تروّج التعصب والعنف المبني على الدين، ولما كانت اللجنة مرتبطة باليمين الديني الأمريكي فقد انضم عدد من أعضاء الكونجرس المعروفين بمواقفهم العدائية للعرب والمسلمين إلى اللجنة بانتقاد السعودية ما العمل؟ المطلوب سعودياً وعربياً وإسلامياً!.
    بداية لا بد من أن يطمئن الجميع أن المملكة العربية السعودية تملك الكثير من الأوراق الرابحة التي يمكن استخدمها في سبيل الدفاع عن حقوقها ومصالحها الاستراتيجية، كما أن البدائل أمام الطلبة السعوديين متعددة سواء بالالتحاق بالجامعات العربية المتقدمة في مجال التعليم مثل الأردن ولبنان والمغرب ومصر وغيرها أو جامعات الدول الإسلامية مثل تركيا وماليزيا والباكستان أو حتى الجامعات الأوروبية، إلا أن مسؤولية مواجهة هذه الحملة لا تقع على عاتق السعودية لوحدها، ولما كانت السعودية حاملة لواء الإسلام فإن الدفاع عنها هو دفاع عن مبادئ الإسلام وذلك تجسيداً لمبادئ الأخوة الإسلامية ومنطق التعاضد والتكافل ولا سيما أن المسلمين كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضاً، ولذا فإن الدفاع عن السعودية ومبادئ الإسلام هي واجب ومسؤولية الجميع من رجال دولة وسياسيين ومفكرين ومثقفين وإعلاميين أردنيين وعرب ومسلمين إذ لا بد من مواجهة حملات التضليل والتشويش والكراهية بتبيان الحقائق وكشف المستور، كما يجب أن لا نغفل حقيقة أن ردود الأفعال الأمريكية على أحداث 11 سبتمبر قد أصابت حقوق الإنسان في العالم بشكل عام وفي الوطن العربي بشكل خاص بانتكاسة كبرى، وقد أدت إلى احتلال بلدين مسلمين؛ أفغانستان والعراق، وفي ظل الاحتلال تقع أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان، وقد كشفت الأعوام الماضية جزءاً من ممارسات الاحتلال مثل التعذيب المنهجي في سجن أبو غريب والإبادة الجماعية في الفلوجة والنجف والرمادي وسامراء والموصل والبصرة والديوانية ومدينة الصدر وغيرها؛ دون أن يغيب عن البال معتقل جوانتانامو والسجون السرية الطائرة في أوروبا.
    رسالة عمان نقطة ارتكاز هامة في مواجهة الحملة.
    ترتبط كل من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية بعلاقات أخوية وتاريخية عميقة ولا سيما أن للمملكتين قيادتين حكيمتين، ذلك أن من ينظر في أحوال الأمم والشعوب من بيت حانون إلى بغداد أو كراتشي أو كابول، وما آلت إليه أحوال الناس في ظل الحروب والكوارث والفقر والقمع والفساد والاستبداد وغيرها من الأوضاع المأساوية التي تطغى على حياة الناس، من ينظر بوعي إلى الأوضاع السيئة التي يعيشها الكثير من أبناء هذه الأمة يدرك عظمة الهاشميين وآل سعود في الحفاظ على الأوطان، وإشاعة الأمن والاستقرار والسلام وتحقيق التقدم والرخاء والازدهار، وذلك في وسط بيئة إقليمية مضطربة تعاني باستمرار من عدم الاستقرار والحروب والاحتلال والكوارث والنكبات.
    إن أمن واستقرار الشقيقتين المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية لا يتجزأ، وإن الواقع المتميز الذي تعيشه المملكتان هو بلا شك ثمرة ناتجة عن فلسفة الهاشميين وآل سعود في حكم البلاد وتصريف شؤون العباد، فلسفة عربية اللسان إسلامية الأصل إنسانية الغاية قوامها التسامح والوسطية والاعتدال والحوار وقبول الآخر بعيداً عن العنف والتطرف.
    ومن هنا فقد جاءت رسالة عمان جزءاً من الجهد الأردني في التضامن مع السعودية والدفاع عن الإسلام تلك الرسالة التي انطلقت في رمضان المبارك من الرحاب المباركة في الأردن برعاية مباركة من جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حيث دعا الملك عبد الله الثاني ابن الحسين مجموعة من العلماء المختصين، فقد التقى في عمان أكثر من 177 عالماً من مختلف مذاهب الأمة ومفكريها وأصحاب القرار الشرعي في مؤسسات الفتوى والمجالس والمجامع الفقهية وتوصل المجتمعون إلى رسالة عمان التي نشرت في ليلة القدر من عام 2005( فقد كان جلالته يلحظ في حله وترحاله وزياراته لعواصم شتى دول العالم ولا سيما في القارة الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية الحاجة الملحة لبيان الصورة الحقيقية للإسلام في المجتمع المعاصر في ظل الهجمة الشرسة التي تحاول تشويه هذا الدين، فكان لا بد من التصدي لهذه الحملة الشرسة وإظهار الصورة الحقيقية للدين الإسلامي، دين الوسطية والرحمة والتسامح والاعتدال، والذي يسعى إلى سعادة الإنسان وتحقيق مصالحه في الدنيا والآخرة، وهكذا جاءت رسالة عمان تقدم رؤية شاملة لهذا الدين بكل أبعاده، وتحاول بكل آلية وموضوعية أن تقدم بدليل واضح حقائقه الساطعة ودوره الفاعل المعهود في المجتمع المعاصر، حيث بينت ملامح أساسية وصفات عامة للإسلام في تعامله مع المجتمع الإنساني، ومقاصد الشريعة الإسلامية في المجتمع الإنساني والأهداف التي يسعى الإسلام لتحقيقها للمجتمع الإنساني، وتحقيق خير الإنسان وسعادته ومصالحه في الدنيا والآخرة، وتحقيق التوازن بين المادية والروحية والمثالية والواقعية، وبالتالي بينت وسطية الإسلام وأكدت أنه دينٌ قائم على الاعتدال والتوازن بعيداً عن الغلو والتطرف من ناحية والانحلال والإنفلات من ناحية أخرى.
    وبالرغم من تبني قمة مكة الإسلامية لرسالة عمان إلا أن نشرها وتسويقها لبيان صورة الإسلام الحقيقية لا زال يتطلب جهوداً كثيفة، ولا سيما بعد أن تم ترجمة الرسالة إلى ثمانِ لغات عالمية، وهذا يتطلب مزيداً من التعاون والتنسيق بين عمان والرياض وغيرهما من البلاد الإسلامية.
    وفي إطار الجهود العربية المبذولة لتحقيق الأمن والسلام والتنمية والاستقرار، ومن ثم زرع الأمل والثقة في النفوس بدلاً من سيادة أجواء الخوف والإحباط ومن ثم التطرف والإرهاب وتأكيداً على مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز جاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام الكونغرس الأمريكي حيث دعا جلالته لسلم عادل دون إرث من الكراهية، مؤكداً أن إنكار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني هو جوهر الصراع في الشرق الأوسط. وعندما تحدث جلالة الملك في ذلك الخطاب التاريخي فقد تحدث باسم كل العرب وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ولا سيما أن جلالته كان قد قام قبل الخطاب بجهد دبلوماسي مكثف تمثل في اللقاءات والاتصالات مع قادة وزعماء الدول العربية وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك والرئيس الفلسطيني محمود عباس وغيرهم، وبالتالي يمكن القول أن الملك عبد الله الثاني ابن الحسين قد حصل على تفويض من الزعماء العرب للحديث باسم كل العرب أمام الكونجرس الأميركي. لقد كان خطاب الملك عبد الله الثاني أمام الكونجرس بمثابة رسالة سلام أردنية المصدر، عربية اللسان، إنسانية الغاية والمضمون، ولا سيما أنها حملت رسالة الشعوب الراغبة في تحقيق العدالة والسلام والحالمة في الحرية والأمان، بعد أن اكتوت لسنوات طوال بنيران الحروب والدمار فعانت ودفعت ثمناً باهظاً للحرب والعنف والكراهية(وتكمن أهمية الخطاب التاريخي للملك عبد الله الثاني بن الحسين أمام الكونجرس الأمريكي من الفهم العريق لدور وقدرة الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها تملك 99% من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط، وكذلك باعتبارها زعيمة العالم الحر، وحامية لما يسمى بالإمبراطورية الديموقراطية العالمية، ومبشرة بقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان وأبرزها حق تقرير المصير، وهذا كله يرتب عليها مسؤوليات أدبية وأخلاقية لتحقيق السلام المنشود. وقد جاء الخطاب في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة الأمريكية من تدنٍ كبير في مصداقيتها وتآكل في شرعيتها كقائد للعالم الحر. وجاء الخطاب ليؤكد أيضاً للولايات المتحدة الأمريكية أن السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط يمر أولاً عبر عمان والقدس والرياض وبيروت وليس عبر بغداد وطهران وكابول وكراتشي، وأن على الولايات المتحدة ممارسة مسؤولياتها الدولية وإن انشغالها بما يسمى بالحرب على الإرهاب يجب أن لا يكون على حساب حل عادل للقضية الفلسطينية، بعد أن وصل مشروع التسوية المعتمد في أوسلو إلى طريق مسدود وهو الأمر الذي يتحمله الجانب الإسرائيلي.
    ولذا يمكننا أن نقول أن الدفاع عن السعودية هو دفاع عن الأردن والأمة، مثلما أن أمن واستقرار الأردن أمن واستقرار للسعودية وأن استعراض مواقف ورؤى وتاريخ العلاقات الأردنية-السعودية يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الهاشميين وآل سعود قد سعوا دوماً من أجل نصرة الإسلام والمسلمين وتوحيد الكلمة وتنسيق الجهد في سبيل الحفاظ على المصالح المشتركة، فنحن أمة واحدة في مشارق الأرض ومغاربها نواجه أخطاراً واحدة لا سبيل إلى ردها إلا بالتضامن الصادق وتقارب الصف وتلاقي الكلمة، فالملك عبد الله بن عبد العزيز قريب من الأردن وقريب من قلوبنا نحن في هذا البلد الصامد المرابط قابضين على جمر المبادئ لا نساوم على الحقوق أو المبادئ، إذ يقف الأردن اليوم على مفترق طرق ويواجه أخطاراً وتحديات خارجية جسيمة، ويعيش في اتون أزمة اقتصادية خانقة، فعلى صعيد الأخطار والتحديات الخارجية فإن الأردن وطن يواجه المؤامرات منذ نشأته، وتعرض باستمرار للتهديد كياناً ونظاماً وشعبا فمن المعلوم أن الاستراتيجية الأمريكية للشرق الأوسط الجديد قد تحطمت سابقاً على صخرة المقاومة العراقية منذ عام 2003 والمقاومة اللبنانية عام 2006 والمقاومة الفلسطينية المستمرة منذ زمن طويل، وهي الآن تحاول مرة أخرى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد عبر البوابة الأردنية حتى لو كان ذلك على حساب الأردن إذ ليس لأمريكا أصدقاء دائمون أو أعداء دائمون وإنما مصالح دائمة.
    أما فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية الخانقة فإن الفقر والبطالة وتردي الخدمات والمديونية الخارجية وتحديات المياه والغذاء والطاقة هي أبرز عناوين هذه الأزمة والتي لا يمكن للدولة الأردنية بمفردها إيجاد حلول جذرية لها بالرغم من تضحية الحكومات الأردنية المتعاقبة بعدد من المؤسسات الوطنية التي بنيت بدماء وعرق الأردنيين حيث تم بيعها للمستثمر الأجنبي تحت شعار الخصخصة في محاولة لمواجهة الأزمة الاقتصادية ولكن دون جدوى.
    وفي المجمل يمكن القول أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها الأردن هي تحد للأردن وجيرانه وأشقائه، والأردن اليوم بحاجة إلى السعودية وبقية الأشقاء أكثر من أي وقت مضى الأمر الذي يستلزم تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة له ذلك أن الأردن وجد ليبقى وهو كالسد الذي إذا ما انهار لا قدر الله فإنه سوف يجرف معه الكثير.
    وفي إطار سعي الأردن لبلورة موقف عربي مساند له لا يبخل عليه بالدعم والمساندة ويتبنى التمسك بالحقوق العربية الثابتة ويرفض تصفية القضية الفلسطينية فإن يد الأردن ممدودة للجميع وفي مقدمتهم السعودية، وذلك قبل فوات الأوان، ولنا عبرة في قول الشاعر العربي الكبير: أضاعوني وأي فتىً أضاعوا. ليوم كريهة أو لسداد ثغر.
    * جامعة اليرموك - قسم العلوم السياسية

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973
    اشكرك أخى الغالى

    لك كل الاحترام

    ودى

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed May 2008
    المشاركات
    608
    معدل تقييم المستوى
    16
    مشكووور اخوي

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Sep 2006
    الدولة
    الاردن
    العمر
    36
    المشاركات
    9,891
    معدل تقييم المستوى
    3506862
    هلا فيكو

  5. #5
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Feb 2008
    الدولة
    الأردن - عمـــــان
    المشاركات
    7,471
    معدل تقييم المستوى
    24

المواضيع المتشابهه

  1. بحث عن رؤية وطن , موضوع عن رؤية وطن , مقدمة وخاتمة عن رؤية وطن
    بواسطة A D M I N في المنتدى ابحاث مواضيع تعبير
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-10-2016, 09:27 PM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-10-2016, 11:02 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-10-2016, 07:36 PM
  4. في رؤية أحوال تكون من الإنسان في يقظته
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى تفسير الاحلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 29-03-2013, 04:06 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك