من هم أولي الأمر الذين تجب لهم الطاعة في الأردن.. بقلم: الأستاذ الدكتور أنيس خصاونة
من هم أولي الأمر الذين تجب لهم الطاعة في الأردن.. بقلم: الأستاذ الدكتور أنيس خصاونة
بقلم: الأستاذ الدكتور أنيس خصاونة
يتداول بعض الأردنيين في مجالسهم أحاديث تطرح أسئلة مهمة مثل من هم أولي الأمر فينا غير جلالة الملك الذين تجب طاعتهم وتنفيذ أوامرهم والالتزام بقراراتهم وتوجيهاتهم؟.ما هي الخصائص والمتطلبات التي ينبغي أن تتوفر في أولي الأمر الذين تجب لهم طاعة الناس ؟ وهل تجب الطاعة لأهل العقد والحل في وزاراتنا ومؤسساتنا إذا اتضح عدم نزاهة قراراتهم ومقاصدهم؟وماذا لو شعر الناس والموظفين بأن سلوك وتصرفات وقرارات أولي الأمر في مؤسساتهم يشتم من شبهات الفساد والمحسوبية والتحيز وخدمة المصالح الذاتية للمسئولين وذويهم؟ وهل تجب الطاعة لأولي الأمر إذا تبين أنهم يحتسون الخمر ويزنون ويكذبون وينافقون؟
طبعا تتضمن الإجابة على كل هذه الأسئلة وغيرها جانبين أساسيين أولهما شرعي ديني يركز على توفر خصائص شرعية وشخصية في أولي الأمر مثل الالتزام الديني والاستقامة والأمانة والصدق والقدرة على تحمل المسؤولية. وتنطلق العلاقة الشرعية بين الراعي والرعية من أساس مبعثه حرص القيادة على مصالح الرعية وطاعة الناس لأولي الأمر ما دامت أحكام الشرع تطبق ومقاصده تتحقق، كما أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . أما الجانب الثاني فهو إداري وقانوني ويتناول متطلبات مؤسسية وتنظيمية وقانونية تحكمها أنظمة وتعليمات ولوائح تنظم العلاقة بين أولي الأمر أو الرؤساء والموظفين وتتمثل هذه الأنظمة والتعليمات بقوانين العمل والعمال ونظام الخدمة المدنية والتعليمات الصادرة بموجبهما.
وتظهر سلوكيات بعض المسؤولين إن لم يكن كثيرا منهم عدم اتفاق وعدم انسجام لا مع المتطلبات الشرعية ولا المتطلبات التنظيمية والمؤسسية .فهناك كثير من القرارات التي تكون موجهه لتحقيق أهداف لا تخدم المصلحة العامة، فعلى الرغم من استيفاء هذه القرارات لبعض المتطلبات الشكلية والقانونية فإن هذه القرارات عمليا وواقعيا صيغت لتحقيق منافع بعينها لمتخذ القرار أو بعض ذويه أو أصدقائه.من ناحية أخرى فإن تصرفات وسلوكيات بعض المسؤولين وما تتصف به من خداع وخفة ونفاق وممالئة وانتهازية وإقليمية تجعل الموظفين الذين يأتمرون بإمرة هؤلاء المبجلين من المسؤولين يتسآئلون عما إذا كانت تجب الطاعة لأولي الأمر هؤلاء. كما أن الموظفين والمواطنين لا يعرفون إن كان ولي الأمر أمينا على الرعية والمصلحة العامة عندما يكون شاربا للخمر وتاركا للصلاة ومفطرا في رمضان وسجلاته وتاريخه الشخصي حافل بانغماسه بالملذات والموبقات؟ وهل من يفعل كل هذا العصيان يمكن أن يقود مؤسسة ويحرص على مصالح وأرزاق العباد.
لتلافي وصول بعض الأفراد للمواقع الحساسة في بعض الدول كالمواقع القضائية والأمنية والقيادية في الأجهزة الحكومية تقوم جهات معينة بالبحث التفصيلي الدقيق قي سجلات هؤلاء المرشحين لهذه المواقع الحساسة ويشمل هذا البحث الرجوع لقيودهم في المدارس والكليات والجامعات والأجهزة الأمنية والمحاكم وحتى سجلات دوائر السير وغيرها للتيقن من توفر خصائص ومتطلبات شخصية وسلوكية معينة إضافة إلى الكفاءة والجدارة. من جانب آخر فإن أخلاقيات الوظيفة العامة في تلك الدول تعمل على تنمية وتعزيز السلوكيات التي ينبغي على شاغلي الوظائف القيادية الحساسة أن يظهروها ويلتزموا بها أثناء أدائهم لمهام وظائفهم.
الوضع في الأردن ما زال عائما لا بل أحيانا محيرا ومفجعا إذ يلاحظ المرء أحيانا أفراد لا يتوفر فيهم الحد الأدنى من المسؤولية والالتزام ولا الحس الذاتي في احترام حقوق الناس وكرامتهم، لا بل تجد بعضهم ممن يطرد أو يخرج من مؤسسة عامة لمخالفة كبرى أو شبهة ليتم بعد حين تعيينه في وظيفة أعلى رتبة أو منصب قد يتطلب حس عالي في التعامل مع قضايا اجتماعية حساسة تقتضي احترام مشاعر الناس وعوزهم وحاجاتهم، فكيف تجب في هذه الحالة طاعتهم من قبل موظفيهم وتابعيهم؟ كيف يتم ترشيح الحكومة لمسئول معين لوظيفة إقليمية راقية وأداءه في المؤسسة التي يرأسها فقير جدا وملفه محال إلى دائرة مكافحة الفساد وسجله حافل في توظيف أقاربه وابتعاثهم في بعثات لدول أوروبيه؟هل تجب الطاعة لهذا المسئول أو للمسئول الأعلى الذي عينه أو رشحه؟ نعم الأردنيون يتساءلون بحيرة شديدة وعجب أشد وأقسى لماذا تجب طاعة هذا الصنف من الرؤساء والمسئولين الذين لا تتوافر فيهم أدني المتطلبات الشخصية والسلوكية وأحيانا الأخلاقية للوظائف العمومية الحساسة والتي ينبغي أن تتحقق جنبا إلي جنب مع الخصائص الوظيفية والقيادية والفنية، فلا فائدة من قاضي ضليع في القانون إذا لم يكن نزيها ،ولا منفعة ترجى من مدير أو مسئول أو رئيس جامعة إذا كان مرجعا في تخصصه ومهاراته الإدارية والتخصصية ولكنه أناني وإقليمي النظرة وعشائري الهوا والقرار.
رد مع اقتباس
المفضلات