احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: أحمد التل أبو صعب

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Jun 2011
    المشاركات
    241
    معدل تقييم المستوى
    13

    أحمد التل أبو صعب

    حصرياً




    أحمـد التــل ( أبو صعب )

    القائد الوطني احمد التل (ابو صعب)


    لم تكن تحركات اهل اربد والشمال الأردني ومساهماتهم في العمل الوطني قبل وبعد نشوء الامارة ، وفي تشكيل المقاتلين للدفاع عن الأمة :
    في جنوب لبنان وفي سمخ وطبريا وتل الثعالب، سوى استجابة حية ، كما يفعل الجسم الحي في المحافظة على كيانه ضد الاجسام الغريبة، لدرء ما كان يعتبر خطرا على الأمة متمثلا في مؤامرة سايكس - بيكو ،او وعد بلفور او الاستيطان اليهودي الذي كان يستشري تحت حراب الانجليز في فلسطين ، على ان هذه الاستجابة وبالشكل الذي كانت عليه ، كانت اقصى المستطاع في بيئة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية فريدة تساوى في البذل فيها الشباب القادرون جسديا بمثل الشيوخ الذين لم يكونوا قادرين على ان يفعلوا اي شيء يجاوز النصيحة او المباركة في احسن الاحوال.

    فان مجموعة من الرجال قد تحملوا مسؤولية حالة النهوض الوطني والقومي، واشعروا القوى الاستعمارية الضاغطة برفض سياساتها الاستعمارية . .

    في كل تلك الأحداث والمواقع والمواقف كان القائد الوطني احمد التل هناك، كان الفعل والفاعل والفعال في رسم معالمها، مؤيدا لايجابياتها، ومعارضا لسلبياتها وخطرها

    نشأتـه ودراستـه

    ولد احـمد الـتل في مدينة اربد عام (1896) كانت بداية المعرفة بالقراءة والكتابة والخط في الكتاتيب، وعندما بلغ السابعة من عمره التحق بمدرسة اربد الأولية وكانت الوحيدة في مدينة اربد ومعلمها الاكثر شهرة في اربد هو الاستاذ الشيخ (ابو الضباع) ولم يعرف الا بهذا الاسم ، ومن بعده جاء المعلم اسماعيل افندي الجركس وهو من ابناء جرش حيث ترفعت المدرسة الى (الرشدية) بقرار من مجلس معارف ولاية دمشق . وكانت على الجانب الشرقي من تل اربد . .

    في عام 1907م قام والي دمشق (اسماعيل فاضل باشا) بزيارة لمدينة اربد ، وطلب من القائمقام (سليمان سري) بزيارة المدرسة الرشيدية ، وجرى للوالي حفلة كبيرة حضرها اعيان اربد وقضاء عجلون وقدم التلاميذ الاناشيد امام الوالي والقى التلميذ احمد التل قصيدة مجد فيها السلطان والوالي ، والقى التلميذ محمد صبحي ابو غنيمة كلمة باللغة التركية كتبها له المعلم اسماعيل الجركس.

    وأكمل أحمد التل دراستـه الرشـيديـة والتحق بمكتب عنبر بمدينة دمشق لاستكمال دراسته الاعدادية والثانوية، فوجد في هذه المدرسة (عـنـبر) مجموعة من ابناء الاردن . .
    يعقوب ابراهيم - خلف محمد التل (ابو هاجم) عبد الرحمن الدخيل - زيدان شرايدة - عبد الرحمن الصويتي ابن الشيخ عوض الهامي ، خلف احمد التل (ابو قدري) - زايد السعد البطين (البطاينة) - سرجوس نايفة (دكتور) - احمد التل (ابو صعب) - احمد ابو راس (الروسان) - جلال القطب - محمد صبحي ابو غنيمة (دكتور) - محمود ابو غنيمة. وهناك عشرات الطلاب زاملهم احمد التل، من الاردن ومن البلاد العربية كون مكتب عنبر كان بمثابة جامعة عربية، وهو الاشهر في بلاد الشام على الاطلاق، ومن بين هؤلاء الطلاب محمد المحسين - عبد الرحمن رشيدان - سامح حجازي - سعيد المفتي - توفيق المجالي - سالم ابراهيم - علي الحمود - ابراهيم حسين - علي الحسين ومن الطلبة العرب الذين كان واياهم عام 1912الدكتور صلاح الدين القاسمي - احسان الشريف - عبد الغني القادري - يحيى الشماع - سامي الميداني وغيرهم ..

    أكمل احمد التل دراسته الثانوية في مكتب عنبر ثم انتقل الى الخدمة العكسرية في الجيش العثماني مع بقية الطلبة الذين حصلوا على المكرمة السلطانية. (عنبر) هذه المدرسة الرائدة صاحبة الفضل الاكبر على الرعيل الاول من زعماء أردننا الحبيب ومنهم القائد الوطني احمد التل (ابو صعب) ورفاقه الذين مر ذكرهم .

    شخصيـة احمـد الـتل (ابو صعب) رمز من رموز الحركة الوطنية المعارضة للنفود البريطاني في عهد تأسيس الإمارة . .
    فقد كان مفتاح شخصيته إنسانيته المتميزة ، لذا كان انحيازه للرؤى الشعبية نابع من صدق إحساسه بمعاناة الناس ومعايشته لأحلامهم ، إحساسا منه بظلم الآخر لأمته وعروبته ولغته وتاريخه وحضارته الإنسانية. ومارس العسكرية والجندية في الجيش العثماني إحساسا منه بمسؤولية الرجل المسلم المكلف بالدفاع عن دولة الخلافة والجامعة الإسلامية.
    كان ذو روح انيسة مرحة ونكتة لاذعة ورؤية متميزة للحياة، وهذا لا يعني انه كان سهلا. بل كان صعبا، لذلك لقبوه بـ «ابو صعب» وحرم ابنه الوحيد (زياد) من شرف هذا اللقب ومرافقة اسمه عند الذكر والحديث والكتابة والتعريف بشخصيته ، فعندما يذكر احمد التل بين قوسين يكتب او يلفظ (ابو صعب) لانه كان عصيا على التجيير والاختراق ، والاستقطاب . .
    وعندما شعر بالتأمر على الامة العربية من قبل اطراف الطورانية التركية، والماسونية الخبيثة ، والصهيونية اليهودية ، ازداد وعيه بالانتماء القومي . .مما جعله يسارع بالانضمام احمـد التـل ورفاقـه الى جيش الثورة العربية الكبـرى ، والجيش الشمالـي الفيصلـي .

    وكان رمزا من رموز المقاومة ضد الجيش الفرنسي ، يقول الاستاذ حسين الرواشدة : « وربما تذكر ايضا وايضا الضباط الذين شكلوا بعد معركة ميسلون وانسحاب القوات العربية بقيادة الملك فيصل من سوريا واحتلال الفرنسيين لسورية ودمشق ، المجموعات المسلحة هاجمت المخافر الفرنسية ، وكيف قتلوا في قرى حوران الجنود الفرنسيين . . كان خلف التل وقتئذ مع علي خلقي الشرايري ، واحمد التل ( ابو صعب) ومحمد علي العجلوني ومحمود ابو غنيمة وغيرهم رفاق سلاح يطاردون المستعمر حيث كانوا لا يفرقون بين منتدب على عمان او مستعمر لدمشق وحوران ».

    ثـورة الجـولان (1919م)

    بتاريخ 27 تشرين الأول 1919م ، أبلغ الجنرال كلايتون الأمير زيد بن الحسين، نائب الأمير فيصل، بأن القوات البريطانية ستنسحب من سورية في الشهر التالي ، فأعلم الأمير زيد الأمير فيصل بذلك، وقال: «ان الانسحاب انما هو تطبيق لاتفاقية سايكس بيكو. وان عقول الناس مشوشة والثورة على الأبواب وبخاصة ان حالة الحرب ما زالت قائمة مع تركيا ، وربما تجتاح قوات تركية سورية بقيادة مصطفى كمال». وفي هذه الاثناء وصل نوري السعيد الى دمشق موفدا ، من الأمير فيصل من باريس للمداولة ، ، واجتمع نوري السعيد مع زعماء الأحزاب والجمعيات الوطنية والحكومة وكبار ضباط الجيش، والوقوف على أرائهم ومدى تقبلهم الاتفاق الفرنسي - البريطاني وأبلغهم بكل ما حدث مع الأمير فيصل في أوروبا ، وكان من بين الحاضرين المجاهد أحمد مريود (أحمد مريود يعد من ألمع قياديي حزب الاستقلال الحاكم من أعضاء المؤتمر السوري ) وسألهم ان كانت هناك قدرة لمقاومة الجيوش الفرنسية التي ستحل محل الانكليز. يقول أحمد مريود في مذكراته : «أجمع الحاضرون على المقاومة ،أمام ذلك ، لابد من اعلان الثورة، ضد اطراف المؤامرة، وسأعتمد على الضابط العرب الذين في الأردن بعد احالتهم على التقاعد بقرار من اللنبي الانجليزي ».

    يقول أحمد مريود : «أمام ذلك ، لابد من اعلان الثورة، ضد اطراف المؤامرة، وسأعتمد على الضابط العرب الذين في الأردن بعد احالتهم على التقاعد بقرار من اللنبي الانجليزي».

    ومن بين هؤلاء الضباط : محمد علي العجلوني ، محمود أبو راس (الروسان) ، أحمد التل (ابو صعب) ، طارق الجندي ، أديب وهبه، وصفي ميرزا وغيرهم .

    كان آنذاك القائمقام علي خلقي الشرايري حاكماً عسكرياً على الجولان (القنيطرة) ، ففاتحه أحمد مريود بالثورة ، فوافق واستعد ان يكون قائدها العسكري ، وتم الاتفاق على ان يعقد اجتماعاً سرياً في منزل القائد شكري القوتلي يحضره : الشيخ كامل القصاب ، والأمير محمود الفاعور بالاضافة الى أحمد مريود وعلي خلقي .
    وهنا واستنادا إلى الأستاذ الباحث محمود عبيدات - يقول علي خلقي في مذكراته (مخطوط 36 صفحة مكتوبة بخط يده) ما يلي : « ذهبنا الى منزل شكري القوتلي وتم الاتفاق على الشروع بالعمل فورا دون ابطاء، وأسند الي قيادة الثورة تحت اسم مستعار هو عدنان بك . وفي صباح يوم الخميس من شهر كانون الأول 1919م، غادرت دمشق الى القنيطرة لاعلان الثورة ، وكان يرافقني الضباط : سلمان التميمي، ونصوح منور، وسيف الدين القائد، وتيسير ظبيان، ومحمود ابو غنيمة ومحمد حافظ معاذ».
    ويقول المجاهد احمد الخطيب عن نخوة زعماء وضباط الأردن ما يلي : « وجهت الرسائل الى الزعماء والضباط في الأردن ، تحثهم على المشاركة بالثورة دفاعاً على الوطن المهدد بالاحتلال والاغتصاب، ولم يخب ظن أحمد مريود أبداً، فتوافدت الى القنيطرة المجموعات المتطوعة للقتال من كل المناطق التي تسلمت رسائل قادة الثورة، وأخذت مواقعها القتالية المحددة لها من قبل القائد العسكري للثورة، وكانت هذه المجموعات بقيادة خيرة الضباط الذين لهم تجربة في الحرب».

    أما القائمقام علي خلقي فقد ذكر بوضوح اكثر في مذكراته حين قال : « ويقضي الواجب ان أسجل بمداد الفخر والاعتزاز انضمام بعض المواطنين الأعزاء في سنجق عجلون الى هذه الثورة، فقد وصلت قوة الى القنيطرة على رأسها القائدان: محمد علي العجلوني، ومحمود أبو راس (الروسان)، ومن ضباطها: أحمد التل (أبو صعب)، وأحمد ابو راس وعبدالله التل (أبو عز الدين). ، وكان لوصول هذه القوة أثر بليغ في تقوية العزائم ، واثارة الحماس، وهذا هو اللواء الشمالي الأردني ، ولد به العلم والنور والشهادة والثورة والشجاعة، وستلد النساء دوماً أمثال هؤلاء الأبطال ».

    وقد تمت التعبئة وجمع القوات بسرعة فائقة وقبل الوقت المحدد لاعلان الثورة من القنيطرة. فقد قام (أبو صعب) بجمع الفرسان : من بني عبيد والسرو ، والكفارت ، وقام محمد علي العجلوني : بجمع الفرسان من عجلون والوسطية والكورة ، وتجمعت القوات في اربد ، ومنها انطلقت باتجاه نهر اليرموك ، وكان باستقبالها القائد تيسير طبيان عند مشارف بلدة المزيريب ، ومنها توجهت الى القنيطرة ، وكان في استقبالها احمد مريود ، والأمير محمود الناعور ، واحمد الخطيب ، وشوكت العائدي ، ومحمد علي البشير ، وطارق الجندي ، وقد عانق القائمقام علي خلقي الملازم احمد التل (أبو صعب) عناقاً حاراً بحضور المقدم فريد رحمون ، وقد وجه علي خلقي حديثه الى فريد رحمون قائلاً له: « هذا أخي أحمد رفيق العمر، وشريكي في خرزة اربد، وهو من شجرة يصعب على الاعداء قطف ثمارها، لذلك حرصت ان يكون فارساً من قادة هذه الثورة الى جانب اخوته الضباط الذين لم يأخذوا دورهم بسبب استجابة الركابي لأوامر الانكليز».

    وكانت التعبئة العامة قد أعلنت بعد يومين، فنفرت قوات الثورة الأساسية بكامل جاهزيتها القتالية جامعة حشودها العظيمة من مشارف (قطنا) مروراً (بجباتا الخشب) وحتى آخر قرى العرقوب (عمق الجنوب اللبناني)، وبلدان (جبل عامل) الحليف القوي الخير والحافل بالمجاهدين، وهكذا برزت أهمية الثورة الأساسية هذه فانضمت اليها حشود مجاهدي الحولة وعشيرة (الفضل) بقيادة الأمير محمود الفاعور، وعشيرة (النعيم) بقيادة الشيخ عبدالله الطحان، والقوات العربية الأردنية الفلسطينية المشاركة بقيادة البطل محمد علي العجلوني الذي تربطه بآل مريود روابط الخؤولة، وكبار الضباط الأبطال من عائلة التل والروسان والشرايري، وفي مقدمتهم: أحمد التل، وعبدالله التل «أبو عز الدين»، وعلي خلقي الشرايري، القائد العسكري العام للثورة، وكانت المجموعات الأردنية قد أخذت مواقعها في الحيز الجغرافي بين قرى الحدود السورية - اللبنانية - الفلسطينية، الى جانب المجموعات القتالية الآخرى».

    وقد بدأ القائـد أحمـد التـل

    1. حركته بالتحرش بالمستعمرات اليهودية الواقعة على الحدود الفلسطينية، ولا سيما في جهات مدينة (صفد) . .

    2. تحركت المجموعة باتجاه مستعمرة (المطلة). وكانت واقعة تحت النفوذ الفرنسي، وقامت بغارات موفقة، ،حصلت المجموعة على مكاسب وفيرة ، يقول الدكتور حسان أحمد مريود (وزير خارجية سورية من عام (1963 - 1966) نقلاً عن مذكرات وأوراق والده ما يلي : « كانت قيادة الثورة من المجاهدين الأردنيين ، معقودة لأمير اللواء محمد علي العجلوني ، وكان يعتمد كثيراً في الأمور الصعبة على القائد أحمد التل . وقد أغنت الفصائل الأردنية معارك الثورة . . ».

    أما المجاهد أحمد الخطيب ، فقد ثمن عالياً دور الفصائل الأردنية بقوله: «لقد كانت ثورة الجولان ثورة أردنية . . ».

    3 . توحدت المجموعات الاردنية مع مجموعات من (جبل عامل) ، وتوجهت الى الحولة وتمركزت فيها ، وخاضت هذه القوات معارك حية أثبتت قدرتها على مجابهة القوات الفرنسية وإلحاق الآذى والهزيمة بها.

    4 . ودخلت الثورة عام 1920، ففي 4 كانون الثاني 1920م، اجتازت القوات الأردنية الموحدة بقيادة محمد علي العجلوني (نهر الغجر). وركزوا على العدو هجوماً عنيفا بالغ الروعة، واضطروه للفرار، ولاحقهم (أبو صعب) في أرض مكشوفة للطائرات ولم يعر انتباهاً لتحذير محمود الروسان من قصف الطائرات، ولكنه لحق به لمساندته ، يقول الدكتور حسان مريود: «ان عدد الاسرى من الجيش الفرنسي على يد القوات الأردنية بالقرب من نهر الغجر كان (35) أسيراً سلموا لوالدي، الذي قام بدوره بارسالهم الى دمشق».
    5 . في ا لعشر الأول من شهر كانون الثاني 1920، تحركت جميع قوى الثورة، واحتلت(مرجعيون) في غضون بضع ساعات، وتم رفع العلم العربي فوق قلعـة (مرجعيون) دوار الحكومة. ، وقد استقبلت قوات الثورة بالأهازيج والهتافات من قبل أهالي (مرجعيون)، ورحبوا برجال الثورة وذلك لفتكهم بعدد كبير من جنود الحامية الفرنسية والحاقهم بمواقعها الخسائر الفادحة وكان في مقدمتهم الوجيه (مراد غلمية).
    ومن هذه المعارك : ، معركة المطلة، معركة مرجعيون، معركة النبطية، معركة الحولة، معركة (الحمارى)، ومعركة (القلعية) ومعركة (تل النحاس) ومعركة (إبل السقي)، ومعركة (الخصاص) الأولى والثانية. وتميزت معركة (الحمارى) في سهل الحولة بضراوة واستبسال أبطال الأردن في حصر القوات الفرنسية ذات التفوق العددي الملحوظ عدداً وسلاحاً مدرعاً، واكتسبت معارك المطلة والقليعة ومرجعيون والنبطية أهمية سياسية واستراتيجية خاصة . .

    ويقول المجاهد أحمد الخطيب أحد أبطال هذه الثورة : « لقد تحققت أهداف ثورة 1919م برد الغزو الفرنسي لسورية عن طريق بوابة مرجعيون، وتحققت أيضاً بوجود المجاهدين الأردنيين والفلسطينيين واللبنانيين من جبل عامل، وخوضهم معارك هذه الحرب ببسالة واكتسابهم كل الخبرات استعداداً لملاقاة الاستعمار بشقيه الفرنسي والبريطاني في المقبل من التحديات. كما تحققت اهداف الثورة باستمرارية الحماس واللياقة العسكرية والجاهزية القتالية التي أثبتت مصداقيتها النضالية والقتالية عندما انتقلت حشود الثورة مع الزعيم احمد مريود الى الأردن»

    حـكــومـة اربـد :

    أصبح الأردن بموجب التفاهم الفرنسي - البريطاني ضمن المناطق الخاضعة للنفوذ البريطاني، وذلك بمجرد انهيار الحكومـة العربيـة الفيصليـة بدمشق ، وقد شجعت بريطانيا في البداية على قيام حكومات مناطقية تعمل لسد الفراغ السياسي والإداري وكانت هذه الحكومات خاضعة لإشراف مجموعة من الضباط الانكليز انتدبتهم الحكومة البريطانية ريثما تستكمل سيادتها على المناطق المحررة من الحكم العثماني .

    تألفت حكومة اربد برئاسة القائمقام العسكري علي خلقي الشراري بعد عودته من حيفا (انسحب علي خلقي مع الملك فيصل من درعا الى حيفا) خلال شهر آب 1920م وقد تم اجتماع زعماء قضاء عجلون يوم 2 ايلول 1920م مع الميجر (سمرست) نائبا عن المندوب السامي في قرية (ام قيس) للتباحث في علاقة منطقتهم ببريطانيا ولتحديد تلك العلاقة وقد حضر الاجتماع عدد من الزعماء والشيوخ والضباط منهم : علي خلقي ، عبد القادر التل ، عبد الرحمن رشيدات ، تركي كايد عبيدات ، قويدر سليمان عبيدات ، محمد الحمود ، سالم الهنداوي ، ناجي العزام ، محمود فنيش النصيرات ، سعد العلي البطاينة ، محمد السعد ، احمد مريود ، سليمان السودي ، مصطفى حجازي ، خلف محمد التل ، احمد التل (ابو صعب) وغيرهم .

    وكان للضباط ( خلف التل واحمد التل ، ومحمود ابو راس ، ومحمد جلال القطب ) الدور الأساسي في صياغة المطالب ذات الطابع العسكري والأمني، فقد ركز ( ابو صعب ) على ان يكون لهذه الحكومة جيشا وطنيا لأجل حفظ النظام وتقرير الامن فيها .
    اشترط الضباط أن « تقوم بريطانيا بتزويد قوات الجيش والامن بكل ما يلزم من الاسلحة والعتاد والادوات الفنية اللازمة لمصلحة البلاد ، وان الحكومة الوطنية (حكومة اربد) «هي التي لها الحق وحدها بتجريد السلاح او ابقائه بأيدي الأهلين».

    وفي يوم 5 أيلول 1920، تشكلت المؤسسات الادارية لهذه الحكومة من كبار كادرها القيادي نذكر الأسماء التالية:

    - محمود ابو راس (الروسان) - قائدا للدرك - مصطفى حجازي - رئيسا للبلدية. - صالح المصطفى التل، وعبد الرحمن رشيدات، ونجيب الحمود - الإدعاء العام - عبد القادر التل - مديرا للمالية - سامح حجازي - مديرا للمخابرات - الشيخ علي حشيشو - المفتي العام - عارف عنبتاوي - رئيسا للمحكمة - محمود الخالد الغرايبة - رئيسا لكتاب المحكمة - عوض الهامي - وكيلا للقاضي الشرعي - نقولا غنما - مستنطقا - خلف محمد التل - المنسق العام - احمد التل - مديرا للمعارف - جميل شاكر - مديرا للمدارس .

    وعن تشكيـل وبرنامجهـا العملـي لحكومـة اربد ، قال علـي خـلقـي في مذكراتـه :

    « ... وعلى هذا الاساس تألفت حكومة اربد برئاستي ... وبدأت الحكومة تشمر عن ذراعها، وتنظم امورها المالية والأمنية والحزبية والثقافية. ونشر العلم على اوسع نطاق وبأسرع وقت ممكن في كل بيت من هذا اللواء.

    وقد اسندت قيادة قوات هذه الحكومة الى المجاهد محمود ابو راس (الروسان) ، وأسندت المالية الى محمد الحمود (الخصاونة) ، واسندت العدلية الى صالح التل ، والتعليم الى الاستاذ حسن ابو غنيمة بعد ان استدعته من اليمن ، والى الملازم تيسير ظبيان ، وهو من خيرة الأحرار العرب ، السوريين ، والى الملازم الثاني احمد التل (ابو صعب) الذي له اليد الطولى في حقل تعليم أبناء هذا اللواء، والى الاستاذ زيدان احمد الشرايري ، والاستاذ محمود ابو غنيمة ، ولطفي عثمان ، وعمر فائق وجميل شاكر، وبكر صدقي المغربي وغيرهم ...».

    ومن الملاحظ ان عائلة التل تحملت الجزء الاكبر من مسؤوليات هذه الحكومة ورفدت اجهزتها المختلفة برجال اكفاء لهم تجاربهم السابقة في العمل الاداري والمؤسساتي من امثال: صالح المصطفى التل، وعبد القادر التل، واحمد التل، وخلف محمد التل، وخلف احمد التل، وعبد الله التل «ابو عز الدين»، وعلي نيازي التل وغيرهم.

    اهتم ابو صعب في المسألة التعليمية ، وحصر جل جهده في بناء المدارس وتشجيع الاهالي على تعليم ابنائهم وبناتهم ايضا ، فوجد في المجاهد الدمشقي جميل شاكر خير سند لهذه المهمة الجليلة وزاد من حماسه للتغلب على هذه المهمة الصعبة انتقال السيد حسن ابو غنيمة من اليمن الى اربد، وهو صاحب خبرة في هذا المجال. وكان فريق العمل التعليمي من اهم كوادر مؤسسات الحكومة المحلية، وتحول ايضا الملازم تيسير ظبيان الذي من العسكرية الى المجال التعليمي ومن ثم الى العمل الصحفي ، والضابط المخضرم محمود ابو غنيمة (ابو زياد) الذي اصبح فيما بعد من اكبر المربين في الأردن ، استقطبت مدارس اربد خيرة المعلمين الذين لجأوا الى الاردن من دمشق، وفي مقدمتهم : عمر فائق الشلبي ، وجميل التوتنجي ، وجميل دياب ، احمد الشرباتي ، خالد الشامي ، وغيرهم ، ويعود الفضل في ذلك الى احمد التل الذي نجح فعلا في مهمته ، لذلك قال فيه علي خلقي : « وقد ضحى من اجل التربية والنضال العسكري ، والذي له اليد الطولى في حقل تعليم ابناء هذا اللواء » .

    الأمـير عـبد الله وتأسيس الأمــارة

    على أثر مقتل علاء الدين الدروبي رئيس وزراء الحكومة السورية المعين من قبل الاحتلال الفرنسي في قرية (غزالة) الحورانية ، وجهت الزعامات الاردنية والسورية برقيا بواسطة التلغراف الى الشريف الحسين بن علي لايفاد احد انجاله كي يتزعم الحركة الوطنية المناوئة للفرنسيين . فاختار الشريف حسين الامير عبد الله ليقوم لهذه المهمة ، وكان احمد التل ، وخلف محمد التل، ومحمود الروسان من الذين كانت لديهم هذه الرغبة ، وهذا التوجه الوطني وذلك بالتنسيق مع المجاهدين احمد مريود ونبيه العظمة ، بعكس توجه علي خلقي الذي كان يرغب باعادة الملك فيصل الى عرشه. يقول احمد مريود في اوراقه : « كانت رغبتنا اعلان الثورة قبل مجيء الامير عبد الله الى معان ، وبعد مقتل علاء الدين الدروبي مباشرة ، الا ان بعض الضباط ومنهم فؤاد سليم ، وسعيد عمون ، وعبد القادر الجندي ، ومحمد علي العجلوني ، وخلف التل، واحمد التل ، كانت رغبتهم ورأيهم انتظار رد المـلك حسـين على برقيات زعماء البلاد، فشرعيـة الثـورة ان يقودها احـد الأمـراء ، وبذلك قد تضمن موافقة الانكليز الذين كانوا يظهرون خلافهم مع فرنسا . . » .

    واخيرا تحرك الامـير عـبد الله من مكة باتجاه معان مارا بالمدينة المنورة، وبشر الشريف علي الحارثي «بأن الامـير عـبد الله سيكون في معان بعد أسبوعين وبرفقته مئات الجنود والمتطوعين من قبيلـة عتيبـة ، وبعض الأشـراف وعلمـاء الدين ..».

    وتوجه احمد مريود الى السلط وبرفقته فؤاد سليم ، وخلف التل ، واحمد التل ، وكانت المحطة الاولى قبل الذهاب الى السلط قرية كفرنجة للتفاهم مع الشيخ راشد الخزاعي الذي ايدهم واستعد لمرافقتهم الى السلط وعمان وهنا اقترح احمد التل ابلاغ علي خلقي بتحركاتهم ، فوافق احمد مريود . .
    ــــ في يوم 28 تشرين الاول كان علي الحارثي في عمان وليس في السلط ، فانتقل مريود ورفاقه من السلط الى عمان ، واجتمعوا بالحارثي في منزل المجاهد سعيد خير وبحضور السيد سعيد المفتي ، ثم انتقلوا الى ديوان الشيخ مثقال الفايز وبحضور الشيخ حديثة الخريشة ، وفي هذا اللقاء اتفقوا على السفر الى معان لاستقبال الامير عبد الله . .

    ــــ وفي اليوم التالي غادروا عمان الى معان كل من : احمد مريود - خلف التل ، واحمد التل ، ومصطفى الخليلي ، نبيه العظمة ، جميل شاكر ، فؤاد سليم ، سعيد عمران ، بالاضافة الى سعيد خير ، وسعيد المفتي من اهالي عمان ، ومثقال الفايز وحديثة الخريشة عن بني صخر ، وكان هؤلاء طليعة الزعامات الاردنية والسورية الذين استقبلوا الامير عبد الله في مدينة معان .

    ــــ وفي الفصل السادس من تأسيس امارة شرقي الاردن ، كتب الأمـير عـبد الله في مذكراتـه : « . . . ثم حدثت حوادث الشام ، وخرقت فرنسا حرمة الحق والعهد بهجومها على سوريا، وبالتسبب بخروج الملك فيصل منها ثم حدث ما حدث للوزراء السوريين الموالين لفرنسا في درعا. وطلب اهل الاخلاص من المشتغلين في القضية العربية ارسال من ينوب عن الملك فيصل من الشخصيات الملكية في البيت الهاشمي، فاستأذنت والدي وطلبت اليه ان يحملني تبعات هذه الحركة شخصيا، فأذن لي وتوجهت من مكة المكرمة الى المدينة المنورة ومنها بالخط الحديدي الحجازي الى معان فوصلناها بعد شهر، وبعد مشقة شديدة بسبب خراب خط السكة ، وكان الوصول في 11 ربيع الأول 1339هـ الموافق 21 تشرين الثاني 1920م ، واستقبلني اهل معان وباديتها بكل محبة وحماسة ووجدت هناك الاميرالاي غالب الشعلان . ووجدت هناك الرئيس عبد القادر الجندي والرئيس محمد علي العجلوني ، وخلف بك التل ، واحمد التل وغيرهم . . » .

    وممن كانوا في رفقة الأمير عبدالله بن الحسين : أوردهم سليمان الموسى في كتابه المشترك مع منيب الماضي ( تاريخ الأردن في القرن العشرين) صفحة (132) وهم :
    الأشراف : شاكر بن زيد ، علي بن الحسين الحارثي وأخوه محسن ، وحسين الشقراني ، جعفر بن فتن ، عقاب بن حمزة ، عبد الرحيم اللهيمق ، ومحمد البديوي ، وخمسة من العبادلة . .
    ومرافقه الخاص : حامد الوادي . .
    وثلاثة ضباط عراقيين : القائمقام داوود المدفعي ، محمود بك الشهواني ، وسعيد الطلال . .
    والعلامة محمد الخضر الشنقيطي والشيخ مرزوق التخيمي على رأس قوة من البدو معظمهم من عشيرة ( عتيبة ) ومعهم عدد من الخيول والجمال . .
    وممن وفد الى معان لاستقبال الأمير : نذكر منهم كما أوردهم سليمان الموسى في كتابه المشترك مع منيب الماضي ( تاريخ الأردن في القرن العشرين) صفحة (133) وهم : حمد بن جازي ، احمد مريود ، مثقال الفايز، مشهور الفايز، حديثة الخريشة ، شيخ العيسي ، حسين الطراونة ، عطوي المجالي، سعيد خير، سعيد المفتي ، الرئيس عبد القادر الجندي ، الرئيس محمد علي العجلوني ، الرئيس خلف التل ، الملازمون : احمد التل ، نبيه العظمة ، كامل البديري ، بهجت طباره ، خليل ظاظا ، نور الدين البرزنجي ، منيب الطرابلسي ، عمر المغربي ، مبروك المغربي ، وأسد الأطرش» وعدد من زعماء القبائل وشيوخ العشائر . .

    الجـيش الأردنـي

    بدأ إنشاء الجـيش العربي الأردني في معان أثناء إقامة الأمـير عـبد الله فيها ، فقد جاءت معه كتيبة من الحجاز ولكن أفرادها لم يكونوا على مستوى العسكرية النظامية ولم يستوف معظمهم من التدريب والتنظيم ، وبناءا على اقترح الضباط العرب الذين توافدوا على معان ان يدربوا رجال هذه الكتيبة وينظموها ، ووافق الأمـير عـبد الله على هذا الاقتراح وعهد الى الملازم احمد التل والرئيس عبد القادر الجندي والملازم عمر لطفي والملازم احمد رمزي ، ان يتولوا هذه المهمة، واهتموا في تدريب أولئك الجنود ثم انتقلت هذه الكتيبة من معان الى عمان بعد مجيء الامير اليها ، ولم يكن عدد افرادها يزيد عن (250) جنديا . (تاريخ الأردن في القرن العشرين )

    وفي يوم 11 نيسان 1921 تشكلت اول حكومة مركزية في الأردن برئاسة السيد رشـيد طلـيع : ( تولى مناصب إدارية مهمة ، عهد التراك : نائبا عن حوران في مجلس المبعوثان ومتصرفا للاذقية لاحقاً ، العهد الفيصلي : حاكم عسكري لحماة ثم مديراً للداخلية ثم واليا لحلب. . وكان من اهداف حكومته «الاحتفاظ بقسم من الواردات يرصد لتأليف قوة عسكرية وطنية تقوم في المستقبل مقام القوة التي وعد وزير المستعمرات البريطاني السير تشرشل بالانفاق عليها».

    وفي آواخر شهر نيسان 1921م تشكلت نواة الجيش والأمن من اربع تشكيلات هي :

    * * قوة الدرك الثابت ، بقيادة عارف الحسن ، وقد وزعت هذه القوة على الألوية الأردنية الثلاثة ، وقد عين محمود أبو راس قائدا لمنطقة عجلون ، وخلف محمد التل قائدا لمنطقة الكرك ، والرئيس محمد علي العجلوني قائدا لمنطقة البلقاء .
    ومن ضباطها الأوائل : اديب وهبه ، احمد رمزي ، جلال القطب ، عبد الرحمن الجمل ، عبد الله الريحاني ، ابراهيم حقي ، خليل ظاظا ، فندي اليوسف ، رضا قويطين الحاسي ، صدقي القاسم ، عبد الهادي العرب ، حسيت ذبيان .

    * * كتيبة الدرك الاحتياطي ، بقيادة القائد فؤاد سليم (لبناني الأصل) ، ولكن هذه القوة حلت قبل اتمام التجنيد، وكانت خطة فؤاد سليم ان تكون هذه القوة مؤلفة من (400) فارس ، يقول القائد صبحي العمر في مذكراته صفحة (136) ما يلي : « يعد القائد فؤاد سليم (لبناني الأصل) اول قائد للجيش الاردني وكانت البداية في شهر ايار 1921م عندما تسلم مهام كتيبة الدرك الثانية وتعد هذه الكتيبة من اقوى تشكيلات القوى المسلحة الاردنية من حيث قادتها الضباط فهم أصحاب تجربة عسكرية وقتالية اكتسبوها في الخدمة العسكرية التركية، وبعضهم في خدمة جيش الثورة العربية، وخدمة الجيش العربي السوري (الفيصلي)، بالاضافة الى انهم كانوا في طليعة الضباط العرب الذين استقبلوا الامير عبد الله في معان ودربوا القوات المرافقة له ، وايضا رافقوه من معان الى عمان ، وفي مقدمتهم :
    عمر لطفي ،عبد القادر الجندي ، صبحي العمري ، وسعيد عمون ، ومحمود الهندي ، وعبد الحميد النعيمي ، محمد توفيق النجداوي ، حسين المدفعي ،شكري العموري ، منيب الطرابلسي ، محمد جانبك ، سعيد اسحاقات ، عبد الكريم الخص ، واحمد التل . . ولكن لم يكتب لهذه القوة استكمالها، فتقلص عددها الى (150) جنديا فقط ، وذلك بناء على رغبة الانجليز
    * * الكتيبة النظامية : التي كلف برئاستها القائد احمد الاسطنبولي : عدد رجالها نحو (200 ) من المشاة . .
    * * قوة الهجانة : قائدها نجدي ، يعرف بابن الرميح ورجعه الشريف عقاب بن حمزة . .
    وكانت هذه القوة بمثابة حرس خاص للأمـير عبدالله بن الحسين . .
    أما الاستاذ سليمان الموسى يقول في كتابه (الاردن في القرن العشرين) صفحة (155) عن هذه التشكيلات الاولى في الجيش الاردني « ولما قدم الامير عبد الله وتوحدت اجزاء المنطقة ، جعلت قوى الامن فيها اربعا هي : قوة الدرك الثابت ، وكتيبة الدرك الاحتياطي ، والكتيبة النظامية ، وقوة الهجانة » .
    ولو دققنا في هذه أسماء هؤلاء الرجال لوجدنا أنهم فعلا من خيرة الضباط العرب . .
    ولهم شرف بناء القـوات المسلحـة الأردنيـة حتى الأربعينيات من القرن الماضي ووصل بعضهم الى اعلى الرتب العسكرية وصدق الأمـير عـبد الله عندما قال لهم « اصبروا فالمستـقـبل لكـم ، فكل شـيء لـه نهايـة » .

    احمد التل والقضايا الوطنية:

    موقفه من حوادث الكورة :

    بعد تأسيس الحكومة في نيسان 1921م ، عين السيد امين التميمي متصرفا للواء عجلون، وعلى طريقة واسلوب العهد العثماني في التعامل مع الاهلين قرر جمع الأموال وتحصيل الضرائب، فاختار منطقة الكورة اولا ، وكلف الرئيس الدركي عمر لطفي بمرافقة عناصر الجباية ومعه مفرزة من الدرك تعدادها (40) جنديا، وكان احمد التل برتبة ملازم ومن ضباط كتيبة الدرك (السيارة)، فاعترض على عدد الجنود . . وبقي احمد التل عند موقفه فاعتذر عن المشاركة في هذه الحملة . .
    لقد حدث في الكورة ما توقعه احمد التل ، فأقدم النائب حمادة سليمان على التحرش بواحدة من فتيات الكورة، مما ادي الى قتله من قبل اصحاب النخوة ، وبدلا من حل القضية على الطريقة العشائرية اصر امين التميمي على حلها بالطرق العسكرية. فأمر القائد فؤاد سليم «القبض على المتهمين بقتل النائب حمادة سليمان من عرب الشقيرات ، والقبض على كليب الشريدة وولده عبد الله وابن اخيه رشيد الجروان الشريدة».
    الحملة الظالمة - التي وصفها الامير عبد الله : ( ان حادث الكورة انبعث عن غلطة إدارية لأحد الموظفين ) . .
    ونقتبس من الأستاذ محمود عبيدات قوله في هذه الحادثة : وذكرت بعض المصادر ان مجموع قوة فؤاد سليم (120) فارسا هم كل من تجمعوا من كتيبة الدرك الاحتياطية والسرية السيارة ودرك عجلون ومن ضباط هذه القوة الرئيسان عمر لطفي وخلف التل والملازمون محمد جانبك ومحمد سعيد اسحاقات واحمد التل وعبد الحميد النعيمي.
    وبعد مراجعة ملف احداث الكورة ، من خلال مذكرات فؤاد سليم شخصيا ، وأوراق احمد مريود واوراق خلف التل وغيرها من المراجع تبين ان خلف محمد التل لم يشارك بالحملة الاستفزازية على الكورة حيث كان يستعد للذهاب الى الكرك لاستلام منصبه كقائد لمنطقة الكرك ، اما احمد التل (ابو صعب) فكان يومها برفقة الرئيس محمود الروسان قائد منطقة عجلون ، خلال زيارته الى (عين راحوب) حيث يقيم الامير محمود الفاعور، ويشهد على ذلك المجاهد طالب الشرع الذي قال: « توجهت من بلدة سحم الكفارات يوم 16 آيار 1921، الى عين راحوب لزيارة اميرنا محمود الفاعور، وتعرفت على قائد منطقة عجلون القائد محمود ابو راس ومرافقة الملازم احمد التل وكان بصحبتي قاسم عبد الرحمن الشرع وخليل عبد الوالي ..».

    مهاجمة الجنرال غورو

    قرر حزب الاستقلال الذين توافدوا على الاردن اغتيال الجنرال غورو وذلك خلال زيارته لللأمير محمود الفاعور في القنيطرة ، وجهز مجموعة من المجاهدين لهذه المهمة مؤلفة من: صادق حمزة، وادهم خنجر، وأحمد الخطيب ، محمد الخطيب، وخليل علي مريود ، وشريف شاهين ، وابو ذياب الرازي ، ومحمد الظاهر، ومحمود الحسن ، وانطلقت الى الزوية عن طريق وادي اليرموك الى موقع بين قريتي سعسع الشجرة على طريق القنيطرة.
    وأقاموا في كمين ينتظرون قدوم غورو وكان محمود ابو راس، واحمد التل «ابو صعب» يعرفان تحركات هذه المجموعة وتم تأمين وصولها الى اهدافها برصد ومراقبة منهما، وفي يوم 23 حزيران 1921م جرى الهجوم على موكب غورو، فأصيب بطلق في يده ، واصيب حقي العظم في فخده وشفته وقتل الملازم الفرنسي (برانيه) وعادت المجموعة الى اربد واستقبلها احمد مريود. وقام (بيك) باجراءات عسكرية وكلف الرئيس عمر لطفي والملازم احمد التل بالقاء القبض على احمد مريود والمجموعة الجهادية ، الا ان احمد التل رفض المهمة وقال للرئيس عمر لطفي : انا اتلقى التعليمات من قائد المنطقة محمود الروسان وعليك انت ايضا ان ترفض المهمة لان احمد مريود يتمتع بحماية امير البلاد وهو من اركان حكومته ، ويؤكد القائد رضا قويطين : «ان الجنود رفضوا الاشتباك مع القادمين، فعاد عمر لطفي واخبر بيك بان رجال العصابة كانوا اقوى من مفرزته فلم يرد الدخول معهم في معركة خاسرة ، وقد انضم القائد محمود الروسان والملازم احمد التل الى احمد مريود ، وغادروا اربد الى عمان ، وعند موقع (ياجوز) استقبلهم قائد قوات درك البلقاء ، محمد علي العجلوني ، وذهبوا جميعا الى مقر الامير عبد الله وهم يهزجون ويطلقون الرصاص ابتهاجا، وعندما انبأوا سمو الأمـير عـبد الله بما حدث ، وافق على ما اتخدوه من اجراءات وقال : « احمد مريود وجماعته في حمايتي وحماية البلد ، ولن نسلمهم للفرنسيين مهما كانت النتائج ».

    مؤتمر بلودان

    دعت لجنة الدفاع عن فلسطين في دمشق الى عقد مؤتمر شعبي في بلودان (غرب مدينة دمشق 45كم) في اعقاب صدور توصيات لجنة (بيل) بتقسيم فلسطين ، حضر المؤتمر (411) مندوبا، منهم 39 مندوبا من الاردن.
    « مثل لواء عجلون في مؤتمر بلودان : سليمان السودي - سالم الهنداوي - قاسم الهنداوي - محمد حجازي -الدكتور صبحي ابو غنيمة - خلف التل - شحادة التل - احمد التل (ابو صعب) - راشد الخزاعي - خالد حجازي - علي الهنداوي » وقد اطلق على المؤتمر اسم «المؤتمر القومي العربي» ، وقد ترأس جلساته دولة السيد ناجي السويدي احد رؤساء الوزراء العراقيين.

    افتتح المؤتمر يوم 8 أيلول 1937م، وفي 10 أيلول اصدر بيانا أكد فيه على :

    - فلسطين جزء من الوطن العربي والدولة اليهودية مصدر تهديد له.
    - رفض التقسيم لان فلسطين عربية.
    - إلغاء وعد بلفور.
    - وقف الهجرة اليهودية.

    وأقسم ( المؤتمرون امام الله والتاريخ والأمة العربية ، والشعوب الإسلامية ان يستمروا بالنضال بالطرق المشروعة حتى يتم انقاذ فلسطين وتحقيق السيادة عليها ). وفي تعليق للقنصل البريطاني في بغداد السيد (سكوت) قال فيه : « ان الموتمر لم يكن معاديا لبريطانيا ، ولكن الموقف تجاه الصهيونية كان عنيفا » . وقد اشترك احمد التل ، ومحمد صبحي ابو غنيمة ، ومصطفى المحيسن عن الجانب الأردني في صياغة البيان الأخير للمؤتمر.
    يقول السيد برهان الدجاني : ( كانت وجهات النظر متطابقة بين الوفد الأردني والوفد الفلسطيني واختلفنا مع السويدي رئيس المؤتمر حول اتهام الانجليز في مؤامرة التقسيم ، فكان رآيه تخفيف لهجة الاتهام والتركيز على الحركة الصهيونية ، الا ان شباب الاردن اقترحوا ضرب المصالح البريطانية في فلسطين والاردن والعراق ) . وعاد الوفد الاردني الى بلاده باستثناء الشيخ سليمان السودي، وصبحي ابو غنيمة، وبقيا في دمشق كلاجئين سياسيين.

    دعم الثورة الفلسطينية

    تنفيذا لتوصيات المؤتمر العربي الإسلامي الذي عقد في القدس في شهر كانون الاول 1931، شكلت لجان فرعية في مختلف انحاء الأردن ، ففي اربد عقد اجتماع كبير في منزل الشيخ مفلح السعد البطاينة يوم 13/7/1932، تشكلت على اثره لجنة مؤلفة من (11) عضوا، عين السيد احمد التل أمين سرها ، وكانت بقيادة الشيخ سليمان السودي ، وكان من أهم أهدافها :
    توحيد البلاد الإسلامية ،
    وتأسيس مصرف عربي في القدس ،
    ومنع بيع الأراضي لليهـود ،
    وتأسيس جامعة عربية في القدس ،
    وبعد إعلان الثورة الفلسطينية عام 1936، تشكلت اللجنة الوطنية العليا لدعم الثورة الفلسطينيةبرئاسة دولة الأستاذ سليمان النابلسي ، وقد أشارت مذكرة القنصلية البريطانية في دمشق بتاريخ 22/12/1937م ، الى الأعمال الجهادية التي قدمتها لجنة اربد الفرعية لدعم الثورة الفلسطينية وجاء في المذكرة : « أن معظم السوريين الذين دخلوا فلسطين عام 1936م ، للمشاركة في الثورة عبروا البلاد من اربد . فقد أصبحت مدينة اربد نقطة لقاء يتم فيها جمع المال والسلاح.
    ومن الشخصيات التي تمارس هذا العمل : الحاج قاسم الأمعري، والحاج سعيد بيبرس، وثلاثة من عشيرة التلول ، والشيخ سليمان السودي وان متصرف اربد وقائد شرطتها يتعاونان معهم » .

    وفي 28 تشرين الأول 1937م ، ورد ذكر المواطنين سليمان السودي واحمد التل ، أثناء التحقيق مع بعض الأشخاص من مهربي السلاح الذين اعتقلهم الفرنسيون. « فوفقا لإفادات هؤلاء المهربين فإن للمذكورين نشاطا كبيرا في تهريب السلاح من شرقي الأردن الى فلسطين، ويتعاون معهم بضع ضباط الشرطة الأردنيين كصدقي القاسم وشكري العموري » .

    ولاحقا لمذكرة القنصل البريطاني الأولى ، بعث بمذكرة ثانية الى المعتمد البريطاني في القدس وعمان ، خلصت المذكرة الى القول بأن الأشخاص الآتية أسماؤهم هم اردنيون متورطون في تهريب الاسلحة والذخيرة وهم : أحمد التل ، كامل حماده ، أحمد النجداوي ، سليمان السودي، سعدي بيبرس - حسان الشوربجي - - شكري العامودي - قاسم الأمعري - محمود الخالد الغرايبة - مثقال الفايز - راضي عناب - احمد صدقي الجندي - عبد الرحمن علاوي - علي فخري الشركسي ».

    وكان معظم هؤلاء يشكلون المعارضة الأردنية للانتدابات البريطانية ، لذلك بدأت الضغوط تمارس عليهم ، وشددت عليهم المراقبة الامنية ، فهاجر بعضهم الى دمشق ويقول المرحوم علي محمد الهنداوي (1911 - 1991م) في جريد الرأي الاردنية في العدد الصادر يوم 13/6/1994م مايلي:
    كان الدكتور صبحي ابو غنيمة محور المعارضة الأردنية التي نشأت في شرقي الاردن نتيجة اجتهادات سياسية . . 1934 – 1939 و 1946 – 1948 . وما بينها كانت الحرب العالمية الثانية . .

    الشارع الاردني كان يتأثر بالاحداث في فلسطين وقد اتجه نشاط المعارضة لدعم الثورة الفلسطينية ، . . وبلغت الحكومة معلومات ان هناك اتصالات وعلاقة بين المعارضين والثورة في فلسطين ، فأعتقل قاسم الهنداوي ونفي الى غور المزرعة ، واعتقل راشد الخزاعي وسالم الهنداوي واحمد السودي الروسان وتم نفيهم الى العقبة ، وفي الوقت نفسه غادر خفية الى دمشق كل من : سليمان السودي ، ومحمد علي العجلوني ، ومحمد حجازي واحمد التل (ابو صعب) ومحمود الخالد الغرايبة وآخرين». وقد اقامت الحكومة دعوى قضائية على المتهمين بنشر الثورة في شرقي الاردن . .
    وبعد صدور حكم البراءة عاد احمد التـل (ابو صعب) الى اربد ، ليتابع مسيرته النضالية ضد الوجود البريطاني في فلسطين والأردن .

    المعارضـة

    في عام 1936م ، انطلقت الثورة الفلسطينية الكبرى وكان الجيش الأردني يقدم التسهيلات اللازمة لدخول الأسلحة والمسلحين الى فلسطين عبر الأراضي الأردنية وكان قائد منطقة اربد (صدقي قاسم) يعمل على مساعدة الثوار بصورة فعالة، وذكر القاسم « ان الامير عبد الله كان يعلم بمساعدات رجال الجيش للثورة الفلسطينية ويشجعهم عليها. وأكد اللواء صالح الشرع في كتابه (مذكرات جندي) : « ان رجال الجيش الأردني كانوا يعملون في اثناء الثورة الفلسطينية على تسهيل دخول الأسلحة الى فلسطين عبر الأراضي الأردنية» وفي عام 1935م قررت قيادة الثورة الفلسطينية في دمشق بالتعاون والتنسيق مع الحركة الوطنية الأردنية توسيع نطاق الثورة ضد الانجليز بإيقادها في الساحة الأردنية. ومن هنا بدأ الخلاف الفعلي بين الحكومة الأردنية والمعارضة الأردنية وكانت المعارضة ترى ضرورة توسيع نطاق العمل ضد الانجليز اينما كانوا، بينما الحكومة ترى ان توسيع عمليات الثورة كي تشمل الأردن ينطوي على الحاق الضرر بالأردن ، ويزعزع استقراره الداخلي ولا ينطوي على اية فائدة لفلسطين ولكن رجال الثورة والمعارضة مضوا في تنفيذ مخططهم على الساحة الأردنية.

    وقد رصدت الأجهزة الأمنية تحركات الشخصيات الأردنية المعنية بالمعارضة التي سبقت الحرب العالمية الثانية وخلصت الى مراقبة الشخصيات التالية : وهي التي ذكرها سليمان الموسى في معظم كتبه ، وذكرها ايضا الدكتور على المحافظة في كتابه عن تاريخ الامارة وذكرها الدكتور ممدوح الروسان ، وذكرها ايضا الأستاذ فوزي الخطبا في كتابه عن سيرة المجاهد محمد المحيسن. كما ذكرها المجاهد الدكتور محمد صبحي ابو غنيمة في اوراقه ومثله ايضا ذكرها علي خلقي الشرايري وعن هؤلاء اذكر الاسماء التالية :

    حسين الطراونة - الدكتور صبحي ابو غنيمة - طاهر الجقة - عادل العظمة - نجيب ابو الشعر - سليمان السودي - راشد الخزاعي - سالم الهنداوي، تركي الكايد عبيدات، مثقال الفايز - بخيت الابراهيم - سعيد الصليبي - حامد الشرايرة - شمس الدين سامي - سليم البخيت - علي خلقي الشرايري - محمد علي العجلوني - هاشم خير».

    ويقول الاستاذ سليمان الموسى في كتابه المشترك مع المرحوم منيب الماضي ، الاردن في التاريخ صفحة (428) ان عشرات الموظفين والمثقفين كانوا يناصرون الدكتور صبحي ابو غنيمة ويتعاونون معه، وهم الرموز الحقيقية للمعارضة والحركة الوطنية المناوئة للاستعمار البريطاني وسياسته المهيمنة على قرار السلطة الحكومية والجيش والأجهزة الامنية، «ونخص بالذكر منهم : سعيد المفتي - بهجت التلهوني - سليمان النابلسي - فرحان شبيلات - علي مسمار - بشارة غصيب - محمود الخالد الغرايبة - احمد التل (أبو صعب) - عبد القادر التل - مصطفى وهبي التل (عرار) - عبد الكريم الخص - حسني فريز - الدكتور محمد حجازي - محمد عودة القرعان - صبحي زيد الكيلاني - بشير خير - سعد جمعة - منيب الماضي - مدحت جمعة - صلاح طوقان - الدكتور مصطفى خليفة - سعيد الناصر - عبد الرحيم الواكد - محمد أخو رشيدة - صالح النجداوي - على الهنداوي - أمين محمد الخصاونة».
    وكان للمعارضة هيئة سرية من كبار موظفي ، ومن أشهر أعضاء الهيئة السرية «محمد المحيسن - عبد الرحيم الخطيب - عبد الستار السندروسي - عبدالله نمر الحمود - توفيق سنو - محمد الشريقي - عارف عنبتاوي - أحمد التل (أبو صعب) - علي الهنداوي - صالح النجداوي - سليمان النابلسي).
    حاول ابو صعب ومعه نخبة من أعضاء الحركة الوطنية ، في مقدمتهم : شفيق رشيدات، وسليمان النابلسي، ومحمد القرعان، وأمين خصاونة ، تأطير حركتهم في حزب سياسي ، ولكن مجلس الوزراء قرر عدم الموافقة على اجابة طلبهم . وقد ذكر السيد أمين الخصاونة ان لجنة من اربد ضمت : شفيق رشيدات وعلي الهنداوي ، وأحمد التل (أبو صعب) وأحمد الروسان ، وأمين الخصاونة ، اجتمعوا في مضافة آل التل ، وتداولوا في أوضاع البلاد الهامة . .
    واقترح السيد شفيق رشيدات وضع مشروع ميثاق وطني تلتزم به المعارضة الأردنية وكلف رشيدات وأحمد التل ، بوضع مسودة لهذا المشروع ، وقد تضمن مشروع الميثاق ستة بنود ، نذكر منها ثلاثة ، ذكرها ضيف الله الحمود في مقالة كتبها في جريدته الصحفي في ايلول 1974م، وهي :
    1- اجراء انتخابات حرة لمجلس نيابي حر.
    2- اطلاق الحريات وحمايتها وشجب جميع القوانين الاستثنائية.
    3- السعي حالاً لتعديل المعاهدة البريطانية الاردنية والغاء الاحتلال.
    وقد امتدح الأمير عبدالله المعارضة الوطنية ، لأنها « كانت تقوم على أسس وطنية عامة تتعلق في صميمها بمصلحة البلاد وبما يؤدي الى خيرها ورقيها وتحررها ».

    ضرب المصالح البريطانية في الأردن

    كانت العلاقة بين الحركة الوطنية الأردنية المعارضة للانتداب البريطاني ، والحركة الوطنية السورية المعارضة للانتداب الفرنسي قوية جداً، وتعززت هذه العلاقة بعد الحرب العالمية الثانية، وقد انسجم موقف علي خلقي الشرايري الذي تزعم الحركة الوطنية في الشمال الأردني مع موقف المناضل السوري شكيب ارسلان، في تأييد المانيا الهتلرية على الاستعمارين البريطاني والفرنسي . .
    وعندما تمكنت ألمانيا من احتلال فرنسا واستسلام حكومتها وتشكيل حكومة عميلة لهتلر في منطقة (فيشى) الفرنسية في أواخر عام 1940، واعلان قيادة الجيش الفرنسي في سورية ولبنان الولاء لحكومة فيشى ، ازداد الحماس عند القوى السياسية الأردنية في الشمال الأردني ، وأخذت تخطط لضرب المصالح البريطانية في الأردن ، لزيادة ضعف بريطانيا وتحطيم أجنحتها في الشرق العربي . .
    وكانت الضربة الموجعة : حرق أنابيب البترول المارة من الأردن الى فلسطين . .
    وقطع أسلاك الهاتف في مناطق اربد وعجلون وجرش .

    وفي كتاب (إمارة شرقي الأردن) كتب المؤرخ سليمان الموسى ما يلي : « وعند قيام حركة رشيد عالي الكيلاني في العراق ، اتجهت قلوب كثيرين لتأييدها من منطق السخط على سياسة بريطانيا وبلغ من حماسة علي خلقي الشرايري أنه عقد اجتماعا في مدينة اربد ودعا بعض المتعاطفين مع الفكرة الى القيام باعمال عنف، تشعر الانكليز بمدى السخط على سياستهم. وبعد أيام عمد الشيخ ابراهيم عبدالله المفلح عبيدات (من كفرسوم) الى احداث ثقوب في انبوب النفط الممتد من العراق الى حيفا ، ثم أشعل النار في النفط المتدفق بالقرب من قرية (مخربا). وبادرت أجهزة الأمن للعمل ، وتم إلقاء القبض على الشيخ ابراهيم ، وأعتقل علي خلقي ، ومحمود ابو غنيمة، وأمين خصاونة ، ثم شملت الاعتقالات كلا من: محمد السعد البطاينة ، وعلي الملكاوي ، ومحمد السمرين خريس ، وأحمد الخطيب، وأحمد التل (أبو صعب) ، وأسعـد شـرار .
    ونتيجة للمحاكمة القضائية ألقى ابراهيم العبيدات مسؤولية حرق الأنابيب على نفسه فحكمت عليه المحكمة بالسجن المؤبد. وبرأت ساحة المتهمين باستثناء علي خلقي، ومحمود أبو غنيمة، وأحمد التل (أبو صعب)، وأمين الخصاونة وظلوا رهن التحقيق والاعتقال حتى ايلول 1942. أما ابراهيم عبيدات فقد قضى في السجن بضع سنوات الى انتهاء الحرب العالمية، فصدر العفو عنه عام 1948».

    وكتب علي خلقي في مذكراته (مخطوط) عن اجتماع اربد وقرار ضرب انابيب البترول ما يلي : « وعلى ضوء أحداث الحرب العالمية سنة 1941م، وردتني اشارة من رشيد عالي الكيلاني في العراق لتنفيذ ما اتفقنا عليه خلال الاعوام الماضية، فأرسلت وراء الوطني أمين الخصاونة، ومحمود الفنيش، وسلميان السودي، وأحمد التل (أبو صعب)، والامام الشيخ يوسف البرقاوي امام مسجد اربد - الحي الغربي، والشيخ ابراهيم عبيدات من قرية كفرسوم ، ومحمود ابو غنيمة. واجتمعنا في منزلي باربد ، واتخذنا قرار ضرب أنابيب البترول الموجودة باللواء الشمالي ، وقطع اسلاك الهاتف والاستماع الى اخبار الالمان ، وفعلا نفذت جميع ما تقدم ».

    وفي هذا المساق يقول الأستاذ محمود عبيدات : وفي مقابلة مع الشيخ ابراهيم عبيدات الذي قام بتفجير أنابيب البترول حدثني بذاكرة قوية ، على الرغم من تجاوزه المائة عام ، وذلك يوم 8 شباط 1993، (الدور الأردني في النضال العربي السوري) للكاتب محمود عبيدات صفحة /531، 532/ قال : « لم أكن لا أنا ولا أحمد التل (أبو صعب) ولا الشيخ البرقاوي من دعاة النازية، ولم اكن غير ما خلقني الله عربياً مسلماً أعتز بعروبتي وهويتي الإسلامية ، ويصعب على من مثلي رجل دين ودعوة أن يكون غير ذلك ولكن كرها بالذين تغطرسوا على أمتنا العربية، وتجاهلوا العرب بتعهداتهم لهم في الحرب الأولى، رضيت على نفسي ان اكون ضدهم في الحرب الثانية، وعبرت عن كرهي لهم بضرب مصالحهم في المنطقة وقمت في نيسان 1941، بحرق أنابيب البترول المارة من قرية (جحفية)، ثم قطعت أسلاك الهاتف.. وبعد تفجير الأنابيب وقطع أسلاك الهاتف ذهبت الى عند صديق لي يسكن في اربد، اسمه (شاشان او شيشان) ، واثناء وجودي عنده ذهب في الحال وأخبر الشرطة واعتقلت ونقلت الى سجن المحطة في عمان ».

    وفي حديث مطول للسيد أمين الخصاونة مع الاستاذ سليمان الموسى ، أورده في كتابه (أوراق من دفتر الأيام)، صفحة /107/ قال فيه : « في آواخر ذلك العام (1940)، جاءني رسول يطلب أن أزور علي خلقي باشا. ذهبت فوجدت عنده سليمان السوري الروسان وراشد الخزاعي ومحمود الفنيش، وأحمد التل (أبو صعب)، وابراهيم عبدالله عبيدات وآخرين. قال علي خلقي: نريد أن نعمل حركة ضدالانكليز. وافق الجميع على الفكرة. ذهب الشيخ ابراهيم الى جنوب بلدة أيدون وقام بخرق انبوب النفط بواسطة منشار، وكان معه جندي يتعاون معنا ، أشعل النار وارتفع اللهب والدخان لم يمض وقت طويل حتى ألقي القبض علينا، وكان محمود أبو غنيمة من بين المعتقلين ، ثم جيء بنا الى سجن المحطة بعمان، كان هناك قاسم ملحس وعبد الرحيم جرادنة، وحمدي الصفدي ومحمود القنواتي (مدير مدرسة في عمان) ، زارنا الأمير طلال وأعرب عن استيائه لوجدونا في السجن. وجاء توفيق ابو الهدى يزورنا ولكن علي خلقي، نهره ولم يسلم عليه. بعد اسبوع وصل معتقلون آخرون من منطقة الشمال : محمد السعد البطاينة وعلي الملكاوي، ومحمد السمرين خريس، وأحمد الخطيب، وأحمد التل (أبو صعب) واسعـد شـرار الشيخ إبراهيم وضع في زنزانة منفردة » .

    يقول علي خلقي : « . . . . وكان الأمير عبدالله قد عرض على أحمد التل ان يختار منصبا اداريا في وزارة الداخلية الا انه اعتذر».
    شكلت محكمة نظامية للمتهمين برئاسة السيد القاضي رياض المفلح ، ووجهت اليهم التهم التالية :

    1- حرق أنابيب البترول وقطع أسلاك الهاتف.

    2- الحاق الاضرار بأموال الدولة والمصالح الخاصة بدولة الانتداب.

    3- الحاق الضرر بالأراضي العائدة لأهل الحصن وقرية جحفية نتيجة اضرام النار بالأنابيب المارة من أراضيهم.

    4- التأمر على سلامة أمن البلاد وقلب نظام الحكم، بالتأمر مع حركة رشيد الكيلاني في العراق.

    حول مجريات المحكمة قال السيد أمين خصاونة: « في المحكمة القى الشيخ عبيدات باللوم كله على نفسه ، وأنكر أنه يعرفنا. بالنتيجة حكمت عليه المحكمة بالسجن المؤبد ، وحكمت ببراءة الآخرين . عمدت الحكومة الى اطلاق سراح معظم المعتقلين باستثناء علي خلقي ، وأحمد الـتل (أبو صعب) ومحمود ابو غنيمة، وأمين الخصاونة». ولكن لماذا استثناء هولاء من الافراد واستمرارية التحفظ عليهم؟!

    ذكرنا ان الشيخ ابراهيم عبيدات تحمل مسؤولية خرق واحراق أنابيب البترول لوحده ، وأنكر معرفته بالمتهمين ، وحكمت عليه المحكمة برئاسة القاضي رياض الملفح بالمؤبد ، وقررت الافراج عن بقية المتهمين باستثناء علي خلقي وأحمد التل وأمين الخصاونة ومحمود أبو غنيمة، وشمل الافراج كل من: وأسعـد شـرار، محمد سعد البطاينة، وعلى الملكاوي،ومحمد السمرين خريس، وأحمد الخطيب ، والشيخ يوسف البرقاوي والدكتور قاسم ملحس وعبد الرحيم جردانة، وحمدي الصفدي، ومحمود القنواتي، وتيسير ظبيان. لكن المندوب السامي البريطاني في فلسطين، والمعتمد البريطاني في عمان، ورئيس الوزراء توفيق أبو الهدى، لم يقتنعوا ببراءة علي خلقي وأحمد التل والخصاونة والاستاذ محمود ابو غنيمة ، ولم يثقوا بادعاء الشيخ ابراهيم بأنه خطط ونفذ العملية لوحده وبدون معرفة الآخرين والا لماذا لم يستنكروا «عملية التخريب» ولم «يعتذروا عن اهانة رئيس الوزراء عندما زارهم في السجن».

    الأمير طلال ولي العهد زارهم في السجن ولاحظوا منه التأييد لضرب المصالح البريطانية أينما كانت ويؤكد على ذلك المعتقل امين الخصاونة بقوله: «زارنا الأمير طلال وأعرب عن استيائه لوجودنا في السجن». وذكر الأمير طلال والده الأمير عبدالله «بأن هؤلاء الذين يقبعون في سجن المحطة ظلما هم من كانوا في طليعة الذين استقبلوا سموكم في معان».

    وللمرة الثانية يرسل الأمير عبدالله توفيق آبو الهدى الى السجن ويطلب من علي خلقي واحمد التل الاعتذار، وكان قائد الجيش (كلوب باشا) برفقة رئيس الوزراء وذلك من أجل طلب الاسترحام خطياً، والاعتذار الى الأمير والانكليز معا. يقول علي خلقي في مذكراته: « واثناء وجودنا في السجن حضر رئيس الحكومة توفيق ابوالهدى ، وكلوب الانكليزي قائد الجيش الى السجن لتقديم الاعتذار للانكليز والأمير عبدالله ، ورفضنا الاعتذار للانكليز ولا مشكلة مع الأمير عبدالله». وبعد فترة قصيرة تدخل معالي السيد عبدالله كليب الشريدة وزير التجارة والزراعة مع الأمير عبدالله ورجاه بالافراج عن بقية المعتقلين وحدثه عن أحمد التل مطولا، كونه رفيق سلاح وقتال، كانا معا في معارك الحولة، وغباغب، والخيارة والمسمية، وتسيل والشجرة، وقال له: «يا سيدي أنت تعرف علي باشا اكثر مني، أما احمد التل، فأنت الذي أطلقت عليه لقب (ابو صعب) انه والله من خيرة وجهاء جبل عجلون ، واكثرهم صعوبة في التنازل عن حقوق هذا الوطن وانت سيده وأميره، ولا يجوز ان يظلم في عهدك ، وأنت خير من يرد الجميل بأجمل منه، كان داعية لكم ومرحباً بمقدمكم ، وجندياً في معيتكم ، وله الفضل علينا نحن في الكورة يوم ظلمنا من أمين التميمي ، فعارض الحرب علينا ، فوافقته رأيه يوم قلت : ان حوادث الكورة غلطة موظف - أما خالنا الشيخ ابراهيم عبيدات ، فهو من (اخوة موزة) وموزة هي جدتي وله حق الخؤلة علي، والأمر بين يديك يا سيدي » . وكان برفقة معالي الشيخ عبدالله كل من : الشيخ تركي كايد عبيدات، والشيخ قويدر سلميان عبيدات ، وذلك من اجل تخفيف الحكم عن الشيخ ابراهيم ، طالما تحمل مسؤولية العملية لوحده. حول هذه الزيارة يقول الشيخ تركي في اوراقه: «لقد استجاب الامير لرجائنا ، فهو لا يرغب في تفشيل الشيخ عبدالله ، ووعدنا بتخفيف الحكم عن الشيخ ابراهيم . .
    لكن علي خلقي يؤكد في مذكراته ان الإفراج لم يشمله ولم يشمل (أبو صعب) وأمين الخصاونة، ومحمود ابو غنيمة ووضع في السجن 20 شهرا بعد قرار براءة المحكمة.

    ويأتي الفرج من العراق

    تعد أعوام 1941 و1942 و1943، أعوام السجون لأبناء عشيرة آل الـتل وأصبح سجن المحطة في عمان ملتقى لهم ، وشعرت العائلة بانها مستهدفة من قبل الحكومة ورئيسها ومن قبله المعتمد البريطاني وأجهزته الأمنية والمخابراتية، حتى قائد الجيش لم يخف حقده عليهم ففي الوقت الذي فيه يعتقل ويسجن أحمد التل ، ومصطفى وهبي التل (عرار) ويوسف التل ، ووصفي مصطفى التل ، ومن قبلهم خلف محمد التل ، كان الجنرال (كلوب) يراقب القائد عبدالله الـتل ويشي به ، كل ذلك بدون رغبة من الأمير عبدالله ، والدليل على ذلك رسالته الى خلف محمد التل القنصل الأردني في بغداد ، والمؤرخه في الأول من ذي القعدة سنة 1361 هجري/ 25 تشرين الثاني 1942م، يقول الأمير عبدالله في رسالته الى خلف التل : « . . . . وأخيرا حملت الحكومة على أن توافق على اخراجه بطلب منه للرئاسة، فكتب استدعاء فحواه انه اذا رضيت الحكومة باخلاء سبيله تعلن عن نفسها بتلك الموافقة انها كانت خاطئة وظالمة، فوضع حجر عثرة في سبيل انقاذه، وهو من عرفتم ».

    فإذا كان أحمد التل (أبو صعب) قد رفض التوقيع على كتاب (الاسترحام) ، ورفض أيضا الاعتذار للإنكليز، فإن مصطُفى وهبي التل طالب الحكومة بالاعتذار اليه، ورفض الخروج من السجن الا بعد ان تعتذر الحكومة له عن اعتقاله واعتقال ابنه وصفي واخيه يوسف . .

    أما المفاجأة غير المتوقعة ، فقد جاءت من السيد (نوري السعيد) رئيس وزراء العراق انذاك ، فلم يهن عليه اعتقال وسجن رفقاء السلاح على خلقي واحمد التل ، فقد قاتل الثلاثة معا في القوقاز خلال خدمتهم في الجيش العثماني ، فجاء من بغداد ليتوسط لهم لاخراجهم من السجن، إلا ان المندوب السامي البريطاني في القدس اصر على استمرار اعتقالهم حتى نهاية الحرب « وفي اليوم التالي من قدومه الى عمان غادر نوري السعيد الى القدس على متن طائرة بريطانية خاصة وأقنع المندوب السامي بالتنازل عن طلبه، والإفراج عن المعتقلين الأربعة ، نظراً للظروف التي تعيشها المنطقة جراء الحرب الدائرة بين دول الحلفاء ودول المحور».
    يقول علي خلقي في مذكراته : « وهنا أشكر أهالي اللواء الشمالي صغيراً وكبيراً، شيباً وشباباً ، ذكراً وأنثى للاستقبال الحافل الذي أعدوه لنا على مشارف الحصن من الجهة الجنوبية محاذي أنابيب البترول وكأنهم يذكروننا بعملية احراق أنابيب البترول » .

    وقال الاستاذ محمود ابو غنيمة : « كان الأمير عبد الله باستطاعته الإفراج عنها دون ان نوقع على كتاب الاعتذار. ولكنه لم يرغب بإثارة مشكلة مع سلطة الانتداب التي أصرت على ذلك من منطلق ان بريطانيا هي التي تضررت من إحراق الأنابيب ».

    نزوح أهل فلسطين إلى اربد (1948م)

    وبدأت الحرب العربية الإسرائيلية الأولى سنة 1948م ، وتوج الجيش العربي الأردني انتصارات عظيمة وبخاصة في مدينة القدس ، وكان بطلها عبدالله التل ومحمود الموسى عبيدات
    لم تنفع البطولات الفردية . . فسجل التاريخ أول هزيمة للعرب على يد الصهاينة ، ونزح معظم أفراد الشعب الفلسطيني الى دول الجوار، وكانت مدينة اربد من أهم وأكبر محطات الاستقطاب والضيافة، وأصبحت مضافة آل التل مركزاً ومقراً لزعماء الشمال والوسط الفلسطيني ، ثم تحولت ساحتها الى مخيم للعائلات الفلسطينية النازحة وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد ، فصور الأجداد ما زالت في الذاكرة ، وسيف المجاهد ظاهر العمر يذكر الأهل والاحفاد بالأخوة والنخوة العربية . .
    فكان أبو صعب هناك عند مستوى الوصية ، يقول السيد علي ابراهيم التل : « استنفرت العائلة تماماً بشيوخها وشبابها ونسائها لتقديم كل وسائل الراحة الممكنة للأهل ، وأشرف العم أحمد التل (ابو صعب) على تنظيم وتوزيع العائلات ، وتم تأمين المنامة المريحة للجميع ، . . . . ومكاناً للقاءات والاجتماعات وللتداول في الشؤون الجديدة للاجئين. ولا يزال كبار السن في مخيم اربد يذكرون هذا الواجب الوطني الذي قامت به عائلة التل ، ويذكرون آحمد التل ، وخلف التل ، ونعيم التل، وابراهيم التل ، وعبدالله التل (أبو عز الدين) وغيرهم وظل ابو صعب على اتصال مع وجهاء الأخوة من شعبنا الفلسطيني . .
    وعندما توفي رحمه الله كانت جنازته مهيبة ، شارك بها كل الرموز المعروفة في المخيمات الفلسطينية ، فجاءوا من (قرية سوف والحصن والأغوار ) ، والجميع يترحمون عليه ويذكرون محاسنه ووقفاته مع اللاجئين يوم نزحوا الى اربد » . وقال الضابط المتقاعد سليمان الأحمد الذي قاتل بأمرة القائد عبدالله التل : « كان عبدالله التل يزود وجهاء وزعماء فلسطين بكتب الى اقاربه باربد ويدعوهم الى نصرتهم وتأمين المستلزمات الضرورية لهم ولعائلاتهم ، وأذكر ان احمد التل تنازل عن أرضه ليكون تجمعا للعائلات الفلسطينية، وأسس صندوقا لدعم احتياجات اللاجئين، وتحملت عائلة التل دعم هذا الصندوق منذ بدايته ».

    مواقف قومية :

    يقول السيد علي التل : « بدأت حياته السياسية مع مجموعة من الشخصيات الوطنية وفي مقدمتهم : محمود المطلق ، وأحمد الخطيب ، والشيخ يوسف البرقاوي ، والمحامي شفيق رشيدات وكانوا يجتمعون في منزل ابراهيم التل ، وكان جل همهم محاربة القوى الاستعمارية والدعوة الى الوحدة الوطنية ، والتضامن العربي ، أما ندواتهم السياسية فكانوا يقيمونها في سينما الزهراء ( شارع وصفي التل حاليا )، وبأفكارهم القومية تمكنوا من استقطاب الشارع السياسي والثقافي في اربد وجوارها»
    ويقول نجله الوحيد المهندس زياد : كان والدي يعيش الهم القومي بكل أبعاده ، لم يكن حزبيا ، ولكنه كان مع المواقف الوطنية والقومية ، ويؤيد كل من يرفع شعار الوحدة العربية ، والتصدي لكل من يحاول التشكيك بقرارات الأمة العربية ، وكان ينسجم سياسيا وفكريا مع المناضل شفيق رشيدات ، ليس لأنه خاله بل لمواقفه السياسية وفكره العربي القومي ، وكان والدي يعتز بثوابته الوطنية والقومية ، وكانت قضية فلسطين في أولويات عمله الوطني لذلك شارك في جميع المؤتمرات الوطنية والعربية التي دعت لدعم القضية المركزية ونصرة الشعب الفلسطيني ، وقدم الكثير ماديا ومعنويا للمقاومة الفلسطينية .

    لقد تجلى موقف أحمد التل (ابو صعب) القومي من جميع القضايا العربية :

    فقد أيد وبارك نتائج مؤتمري نابلس وأريحا حيث من نتائجها كانت الوحدة بين الضفتين عام 1950م ووقع على برقية تهنئة أرسلت الى الملك عبدالله من قبل زعماء ووجهاء لواء عجلون.

    ــ وتجلى الموقف الوطني الشجاع عندما أقدمت الحكومة على اعتقال وجهاء عائلة التل بعد نزوح القائد المجاهد عبدالله التل الى مصر فخاطب المتصرف الجديد السيد نعيم عبد الهادي وقال له : « بلغ وزير الداخلية سعيد المفتي : ان الاجراءات التعسفية بحق عائلة التل لن تغير شيئا من اعتزاز هذه العائلة بالانتماء الى هذا الوطن ، الذي بنيناه بسواعدنا ودافعنا عنه بأرواحنا ، ونؤكد لكم ان عبدالله التل لم يكن متأمراً ولن يكون ، ولكنه اكتشف مؤامرة كلوب واعوانه الضباط الانكليز على حياته ومستقبله كقائد عسكري ولأنه دافع عن القدس ، وحماها من الاحتلال ولأنه اسر من اليهود اكثر من ألف أسير، وكل الاتهامات بحقه باطلة ».
    ونشير هنا الى ان زعماء ووجهاء الشمال الأردني قابلوا الملك عبدالله واحتجوا على تصرفات الحاكم الإداري في اربد بحق وجهاء عائلة التل ، وقال لهم الملك عبدالله : « ها قد عينت نعيم عبد الهادي متصرفاً لكم، وأنا أفوضه ان يعمل هناك ما يراه مناسبا ».
    يقول نعيم عبد الهادي في أوراقه : « ومضيت الى اربد واستدعيت السيد أحمد التل واستمعت اليه مطولا وكان صادقاً في كلامه ، وقمت بالإفراج عن جميع المعتقلين من عائلة التل . . . . . » .

    ــ كان معاضدا للحركات الوطنية العربية في كفاحها ونضالها وتحررها من كل قيد واستعباد ومعاضد للحركة الوطنية السورية : شاركها بالقتال ضد الغزاة وتشهد له ساحات دير العجم، والمزيريب، ودرعا، وغباغب، والمسمية، وتسيل، والسجدة، أنه كان فارسا مقداما دافع عن اراضيها وناسها ، وقاتل من اجل صد الغزاة عنها. .

    ــ وكان مع قريبه خلف محمد التل من اهم عناوين النصر والانتصار للثورة الحورانية .
    ــ وكان معاضدا للحركة الوطنية الفلسطينية معنويا وماديا وشارك في المؤتمرات الوطنية والعربية المؤيدة للنضال الفلسطيني في صراعه ضد الانتداب البريطاني والأطماع الصهيونية مجسدا أفكاره ومبادئه وخبراته وقناعاته الوطنية والقومية التي آمن بها . .

    ــ وتجلى موقف أبو صعب القومي بنصرة الشعب العربي الجزائري ، حيث كانت حرب الجزائر ضد المحتل الفرنسي تشغل بال الشعب الاردني وقواه الوطنية ، وظهر هذا الشعور على المستويين الشعبي والرسمي ، فقد كان ابو صعب في مقدمة الذين وقفوا مع الجزائر عن طريق تأسيس اللجان الشعبية . .
    ففي شهر اب 1955م ، تشكلت لجنة شعبية لنصرة الجزائر برئاسة السيد عمر مطر ، وكان شفيق رشيدات احد اعضائها مع عدد كبير من الشخصيات الوطنية ، وكان ابو صعب رئيسا للجنة الفرعية في اربد وأصدرت هذه اللجنة عدة بيانات تحث المواطنين على جمع التبرعات. .

    وعلى الرغم من أحمـد التــل ( أبو صعب ) كان مدرسا للرياضيات في ثانوية اربد ومن بعدها في مدرسة العروبة الثانوية (1962 - 1966) . . الا انه كان داعية للوعي الوطني والقومي . . ويدفع الشباب الى حالة النهوض الفكري والثقافي . . وظل عصيا وصعبا الى آخر يوم في حياته.



    حصرياً

  2. #2
    الاداره
    تاريخ التسجيل
    Tue May 2009
    الدولة
    الرايه الهاشميه حفظها الله
    المشاركات
    212,599
    معدل تقييم المستوى
    21475063
    الف شكر علىالمعلومات القيمه
    تحيتي واحترأأأأأأأأأأمي
    ليس من الصعب ان تصنع الف صديق فى سنة
    لكن من الصعب ان تصنع صديقا لألف سنة
    يكفيني فخرا انني ابن الرايه الهاشميه

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669




    شكرا لما قدم
    كل الحب والتقدير


    اختكم بالله


  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Jun 2011
    المشاركات
    241
    معدل تقييم المستوى
    13
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه مشاهدة المشاركة
    الف شكر علىالمعلومات القيمه
    تحيتي واحترأأأأأأأأأأمي
    ¯`'•.¸(¯`'•.¸, _________________ , .•'´¯) .•'´¯)
    (¯`'•.¸(¯`'•.¸««««««««««««»» »»»»»»»»»¸.•'´¯).•'´¯)
    --==>>>---> يسلمووووووووو منور <---<<<==--
    (_¸.•'´(_¸.•'´««««««««««««»» »»»»»»»»»`'•¸_)'•.¸_)
    (_¸.•'´(_¸.•'´¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯ ¯¯¯¯¯¯ `'•.¸_)`'•.¸_)

  5. #5
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Jun 2011
    المشاركات
    241
    معدل تقييم المستوى
    13

    Wink

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه مشاهدة المشاركة
    الف شكر علىالمعلومات القيمه
    تحيتي واحترأأأأأأأأأأمي
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة مشاهدة المشاركة




    شكرا لما قدم
    كل الحب والتقدير


    اختكم بالله

    ¯`'•.¸(¯`'•.¸, _________________ , .•'´¯) .•'´¯)
    (¯`'•.¸(¯`'•.¸««««««««««««»» »»»»»»»»»¸.•'´¯).•'´¯)
    --==>>>---> يسلمووووووووو منورة <---<<<==--
    (_¸.•'´(_¸.•'´««««««««««««»» »»»»»»»»»`'•¸_)'•.¸_)
    (_¸.•'´(_¸.•'´¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯¯ ¯¯¯¯¯¯ `'•.¸_)`'•.¸_)

  6. #6
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat Oct 2011
    الدولة
    jordan
    العمر
    27
    المشاركات
    197
    معدل تقييم المستوى
    13
    ثانكس على المعلومات ....

  7. #7
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973
    اشكرك على طرح المعلومات
    كل الامانى الطيبه
    ودى


    [IMG]http://dc03.***********/i/01751/u674s73prh3c.gif[/IMG]

  8. #8
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Apr 2014
    المشاركات
    31
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: أحمد التل أبو صعب

    مشكور

المواضيع المتشابهه

  1. يجب ان تسامح..لا تكن قاسيا
    بواسطة راحل_أنا في المنتدى خواطر واحاسيس منقوله
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-05-2012, 05:36 PM
  2. خارطة طريق جزائرية لـ 12 ملف استثمار فرنسي
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى اخبار الجزائر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 22-05-2011, 01:48 PM
  3. الإلحاد
    بواسطة أبو جود في المنتدى المنتدى الاسلامي العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 31-03-2011, 08:46 AM
  4. الخطة الإرشادية لعام 2015/2016, خطط ارشاد , المرشد التربوي خطط
    بواسطة أمجد الراعي في المنتدى المطويات - ابحاث - الاذاعة المدرسية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-11-2009, 06:45 AM
  5. صورة استغرقت 500 ساعة لتلوينها لجعلها كالحقيقة .!!!
    بواسطة بريق الأمل في المنتدى منتدى , صور , فوتغرافيات
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 22-12-2007, 07:23 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك