احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: «عكاظ» تغوص في أعماق ملف تجارة العبيد قبل 150 عاماً

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669

    «عكاظ» تغوص في أعماق ملف تجارة العبيد قبل 150 عاماً

    «عكاظ» تغوص في أعماق ملف تجارة العبيد قبل 150 عاماً
    مـن يـشتري عبـداً وجـارية
    إعداد فالح الذبياني


    قلنا في الحلقة الأولى إن تجارة الرقيق أو ما يعرف محليا «العبيد»، نشأت منذ فترة طويلة وقد تصدت لها المملكة بحزم وقوة حتى تم القضاء عليها قبل نحو 50 عاما، وسنت من أجل محاربتها قوانين صارمة، وشكلت لجانا لمتابعتها حتى تم القضاء عليها تماما.
    في هذه الحلقة المثيرة نستعرض نماذج من تجارة العبيد في اليمن والمملكة وبيروت وحتى في أمريكا وأوروبا، هدفنا الرئيس تسليط الضوء على صفحة سوداء مورست في حق الإنسانية، فيما لا تزال دول حتى الآن تمارس مثل هذا الانتهاك لحقوق البشر رغم الصرخات المتواصلة التي تطلقها منظمات حقوقية ودولية لوأد تجارة البشر والتصدي لها.

    تجارة العبيد محلياً
    يروي كبار السن ممن تجاوزت أعمارهم 80 عاما، صورا وقصصا عن العبودية وحالاتها في مجتمع ما قبل توحيد الجزيرة العربية، يقول جابر الحربي المقيم في مكة المكرمة نقلا عن جده، إن تجارة العبيد كانت مزدهرة وإن تجارا من أفريقيا والهند يحضرون معهم عبيدا ويستغلون موسم الحج لبيعهم بأثمان متفاوتة، ويضيف «يعمل هؤلاء في السقيا وجلب الماء، وخدمة الوجهاء ورجال الأعمال، البعض منهم يعمل في المزارع والحراسة، والبناء».
    في كتابه ملوك العرب، يروي لنا الباحث أمين الريحاني في واقع تجارة العبيد قبل نحو 100 عام في الجزيرة العربية، حيث يؤكد أن رجال المال والأعمال الأفارقة يحضرون العبيد على ظهر بواخر ثم يعمدون إلى بيعهم في الأسواق اليمنية وفي جازان والدرب، حيث يقطع العبيد وتجارهم مئات بل آلاف الكيلو مترات حتى يصلوا إلى نقاط البيع، وبعد بيعهم يدخل العبد مرة أخرى في رحلة معاناة لا تنتهي.
    في القرى وبعيدا عن صخب المدن انتشرت أيضا تجارة العبيد، حيث يحرص المزارعون وملاك المواشي على شراء العبيد، وتشير روايات عدة أن العبيد المستأجرين يعملون في رعي الغنم والزراعة والاحتطاب وتأمين المياه للشرب من الآبار، وبحسب ما رواه لنا سالم المقعدي فإن القرى القريبة من جازان وتحديدا قرى الساحل الغربي كان قبل نحو 150 عاما تعج بالعبيد حيث يشترى الشخص خادما.
    ويضيف المقعدي «كانت ظاهرة شراء العبيد واحدة من صور الوجاهة وتحديدا لدى شيوخ القبائل الذين يتباهون بالعبيد ويفخرون بهم ويحضرونهم إلى جوارهم في الأفراح وعند قرع طبول الحرب أيضا». ويضيف «كان شيوخ القبائل يثقون في العبيد الذين يعملون معهم بشكل دائم ويحرسونهم ويقفون إلى جوارهم ويحمونهم أيضا، وفي المقابل كانوا يحسنون لهم ويقدمون لهم ما يحتاجون من المال والكساء والغذاء حتى إنهم يزوجونهم بجوار ويدعون لهم حرية التكاثر والتناسل».
    ويزيد «عندما وحد الملك عبدالعزيز الجزيرة العربية كان من صلب أولوياته تحرير العبيد، ولهذا فقد أصدر الأمير فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، عندما كان رئيسا لمجلس الوزراء قرارا تاريخيا بتحريم وتجريم تجارة العبيد، حيث احتفل العبيد والجواري بإعتاقهم، كما بادر أبناء المجتمع بالامتثال لقرار الدولة وتم تحرير العبيد بل ومنحهم مبالغ مالية تعينهم على العيش وتهيئ لهم فرص العمل والحياة».
    بيع الأطفال للعواقر من النساء
    بيع العبيد من الفتيان كبار السن ليس هو الصورة الوحيدة لتجارة البشر، بل كان هناك أشخاص يجلبون معهم أطفالا لبيعهم على النساء العواقر في المجتمع، وتشير بعض الروايات أن النساء المحرومات من الإنجاب يشترين أطفالا ويتبنينهم من أجل خدمتهن عندما يبلغن من الكبر عتيا.
    تتحدث وثائق قديمة جدا أن ظاهرة تجارة العبيد في جزيرة العرب كانت متفشية إلى قبل توحيد الجزيرة العربية على يد الملك عبدالعزيز يرحمه الله، وتشير الوثائق أن الحجاز وهو الجزء الغربي من المملكة كان أكثر المناطق احتضانا لتجارة العبيد، ويرجع باحثون أسباب ذلك إلى تعدد الثقافات وقدوم قوافل الحجاج من الدول المصدرة للعبيد والرقيق، كانت أعمال البيع تتم بعقود وتبين وثائق أن قيمة الجارية تبلغ 4000 ريال، كان ذلك قبل نحو 120 عاما بشرط أن تكون الجارية التي تم شراؤها سليمة القوى العقلية وسالمة من العيوب الشرعية، وأن تقبل العمل جارية مطيعة لسيدتها دون تذمر.
    وإلى جانب تجارة العبيد كان هناك مظاهر إعتاق لهم وتحديدا للجواري وتشير وثائق قديمة أنه كان من الواضح أن السيدات اللاتي لهن جوار يكتبن وثيقة تنص على إعتاق الجارية ومنحها الحرية عند وفاة سيدتها، وهو ما تم بحسب الروايات لجوار عدة أصبحن أحرارا وأسسن بيوتا وحققن نجاحات في حياتهن الأسرية والعملية. وتشير مصادر تاريخية إلى أن المتاجرين في العبيد كانوا يجلبونهم من مناطق في أفريقيا، بما فيها الحبشة وزنجبار في تلك الحقبة التاريخية.
    عبيد بيروت
    يقول الدكتور حسان حلاق في موسوعة العائلات البيروتية، وبما أن بيروت والمناطق اللبنانية كسائر الولايات العربية، فقد شهدت تجارة الرقيق لا سيما الرقيق الأسود في أسواقها، وهذا لا يعني أن كل من كان لونه أسود و(تبيرت) أو (تلبنن) أو تعرب عبر التاريخ أنه كان من ضمن الرقيق، لأن بيروت شهدت هجرات وموجات خارجية حمل بعض أفرادها اللون الأسود، منهم على سبيل المثال: الجنود السنغال في الجيش الفرنسي، والجنود المسلمون الهنود في الجيش البريطاني، ومن اليمن والسودان ومناطق عربية أخرى بين أعوام (1918 ــ 1946م).
    ويضيف بما أن الرقيق يمثل دورا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في بيروت، فقد وجد في المدينة سماسرة لبيع وشراء العبيد والزنوج، لاستخدامهم عند العائلات البيروتية في الدور والقصور والسرايات وعند الولاة والأمراء والأغاوات والباشوات والبكاوات، والأثرياء وكبار التجار والوجهاء البيارتة.
    وزاد، للتأكيد على وجود عناصر الرقيق ــ ولا أقول طبقة الرقيق ــ لأنهم لم يمثلوا يوما طبقة اجتماعية بحد ذاتها، نظرا لقلتهم، فإننا نورد نماذج من القضايا المتعلقة بهم وبتحريرهم ودعاواهم والدعاوى المرفوعة على السماسرة وما شابه ذلك، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: ادعى عثمان آغا الإسلامبولي على سمسار العبيد الزنوج يوسف الخوري فرح لكونه باع عبدا زنجيا بثمن 22 ليرة فرنسية، ثم تبين أن في العبد عيبا وهو مرض صدري لازمه منذ القدم، وقد صدر الحكم الشرعي بفسخ الشراء وإرجاع العبد إلى صاحبه وإعادة ثمنه في 19رجب 1283هـ. وتضمنت الدراسة التي قدمها حلاق جانبا من صور التداول للفصل في قضايا العبيد ومنها، إنه في مجلس الشرع الشريف في مدينة بيروت المحروسة لدى هذا الداعي حضر عثمان آغا قول آغاسي بن محمد الإسلامبولي وادعى على الحاضر معه في المجلس المزبور يوسف بن أسبر الخوري فرح من أهالي وادي شحرور قائلا بدعواه عليه إنه من نحو 15 يوما اشترى المدعي منه هذا العبد الزنجي الحاضر في المجلس الذي سنه نحو سبع سنوات بـ 22 ليرة فرنساوية مقبوضة ليده تماما ثم الآن وجد فيه عيبا هو مرض الصدر، فيريد رده بهذا العيب واسترجاع الثمن المرقوم.

  2. #2
    الاداره
    تاريخ التسجيل
    Tue May 2009
    الدولة
    الرايه الهاشميه حفظها الله
    المشاركات
    212,599
    معدل تقييم المستوى
    21475063
    الف شكر على نقل الخبر
    تحيتي واحترأأأأأأأأمي
    ليس من الصعب ان تصنع الف صديق فى سنة
    لكن من الصعب ان تصنع صديقا لألف سنة
    يكفيني فخرا انني ابن الرايه الهاشميه

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669
    [align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://patricia.mobile9.com/download/media/41/greenrose_ay19sozi.gif');"][cell="filter:;"][align=center][align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://www.wallpapersweb.com/images/3/4666.jpg');"][cell="filter:;"][align=center]
    اسعدني مرورك الوردي
    لاحرمنا تواجدك المشرف يا طيب

    [/align]
    [/cell][/tabletext][/align][/align]
    [/cell][/tabletext][/align]

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sun Jul 2011
    المشاركات
    1
    معدل تقييم المستوى
    0
    وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه.. ما هكذا تكون العبودية يا ابن الجارية..

    شدني كثيراً هذا المقال على هذا الموضوع ،وفيه إيضاح لهذا الموضوع وخصوصاً من الجانب الشرعي والاجتماعي ، ولذلك أحببت أن أنقله لكم :

    كثرت في السنوات الأخيرة الوسائل الإعلامية من قنوات فضائية ومواقع إخبارية ومنتديات انترنت وصحف ورسائل هاتفية ومحطات إذاعية وكثير من الوسائل الأخرى . والإعلام الصحفي المقروء ، وخصوصاً إعلام عكاظ الصحفي من أعظم وأكثر وسائل الإعلام انتشاراً وجذباً للقراء ، وذلك بفضل ما يتمتع به من مصداقية لدى شريحة كبيرة من المثقفين و القراء ومحبي جريدة عكاظ ، وأنا واحداً منهم ، ولذلك كان لزاماً علينا أن نحافظ على هذا الصرح الإعلامي الشامخ ، وأن نبدي ملاحظاتنا إن لزم الأمر .

    أوجه هذه الملاحظة إلى الأخ والأستاذ / فالح الذبياني ، حول الموضوع الذي نشره في الجريدة في العدد 16353 بتاريخ 3 رجب 1432هـ ، تحت عنوان "من يشتري عبداً وجارية " فقد جمع لنا الأستاذ الذبياني الكثير من المعلومات والأخبار حول هذه الظاهرة ، منها ما هو مفيد و كثيراً ما هو عكس ذلك ، ما يجعل من الصعب على القارئ البسيط أن يميز الغث من السمين ، ولكن الباحث المتخصص والمثقف الجاد أو الكاتب المطلع المحايد والمنصف سرعان ما يكتشف ذلك و بسهولة ، فضلاً عن اكتشافه تركيز الأخ الذبياني في إلصاق العبودية بذوي البشرة السوداء والسمراء ، ناعتاً لهم بالعبيد ، وهذا ما يشتم رائحته من الموضوع ، ويبدوا واضحاً من خلال المقالات و الفصول القصيرة الموجزة التي ذكرها واستشهد بها و الصورة المرفقة ، مما قد يؤثر في النهاية على القارئ الذي ليس على دراية كافية وإلمام تام بجميع جوانب الموضوع ( فقهية – اجتماعية – تاريخية ) ، وأن يضلله تبعاً في تلك الكتابات ، ليربط العبودية في أذهان الناس بذوي البشرة السمراء أو السوداء وهذا هو الخطأ ، وخصوصاً المتواجدين في العالم العربي عامتاً وفي جزيرة العرب خصوصاً ، وقد يكون الأمر بسيط أن يقتصر الموضوع على بعض الأمور لكن عندما يطال الموضوع ظاهرة اجتماعية لها بعدها الشرعي والاجتماعي والتاريخي ويئول فيها الكاتب ما يشاء ، و يلوي في ذلك أعناق الحقائق ، لينشأ أو يرسخ أو يكرس في أذهاننا مفهوماً خاطئاً وثقافة منافية لمبادئ وصحة الشرع الإسلامي ، واصماً في تلك الكتابات فئة من الناس بالعبودية من دون توفر أي دليل شرعي ، فلن يكون الأمر بسيط وهنا لي وقفه ..

    عزيزي الذبياني يؤسفني أن أقول لك هذه الحقيقة الشرعية التي قد تكون مرة عليك وهي أنه لا توجد إطلاقاً أي صحة شرعية تثبت أن من تم استغلالهم تحت مسمى العبودية من القرن الأفريقي الذين ذكرت خلال المدة التي حددتها أي قبل ( 150 ) عام. وهم يدخلون في جملة الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاري رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حُرَّاً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره"(1) . وكَوْن من يفعل ذلك خصماً لله يعني الخسران المبين.

    كما تجدر الإشارة إلى إن أغلب أولائك الضحايا من أفريقيا و آسيا هم من المسلمين الفقراء . الذين غدر بهم بحجة إيجاد حياة كريمة لهم ، تنقذهم من شبح الفقر، أو ممن تم خطفهم أنظر نص شرح الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حول أولائك في كتـاب العتـق ونصه التالي :

    " في القرن الماضي، في أول القرن الرابع عشر وفي آخر القرن الثالث عشر كان هناك أناس يسرقون بعض الأطفال، ويبيعونهم على أنهم مماليك، يأتون إلى بعض البلاد التي فيها شيء من الجوع ونحوه، كالسودان أو الحبشة، وتلك البلاد، ثم يستدعون بعض الأولاد الذي في سن العاشرة والحادية عشر، ويختطفونه يطعمونه ويكسونه، ويقولون: اذهب معنا ونحن نطعمك ونعطيك ونحو ذلك، يذهب معهم ويعتقد أنهم سوف يحسنون إليه، فيأتون إلى هذه البلاد ويبيعونه على أنه مملوك ".

    يتبع نص الشيخ :
    " وكثر بيع هؤلاء الذين ليسوا مماليك؛ وإنما هم أحرار، فلما كثر بيعهم وقَلَّ أو انقطع الجهاد من عشرات السنين رأت الحكومة في هذه البلاد أن أكثر هؤلاء المماليك ملكيتهم ليست صحيحة، وأنهم مظلومون، وأنهم قد بِيعُوا وهم أحرار، فرأتْ الحكومة تحريرهم في سنة ست وثمانين، وصدر الأمر بتحرير كل الرقاب الموجودين في المملكة، وتعويض أهاليهم عنهم، ولو كان عند أحدهم عشرة أو عشرون إذ دفعت الحكومة قيمهم وتحرروا، ولم يبقَ في هذه البلاد أرقاء، ولكن إذا حصل قتال مع الكفار، ثم حصل الاستيلاء على سبيهم فإن الرق يعود، وهذا هو الأصل؛ لأن أصله الاستيلاء على سبي المشركين؛ أطفالهم ونسائهم ونحو ذلك" .

    حيث أن من المعلوم وبحسب الشريعة الإسلامية أنه لا يوجد مصدر للرق والاستعباد إلا من خلال حرب مشروعة ضد الكفار ، هذا هو المصدر الشرعي الوحيد والأصل الشرعي الذي تنطلق منه هذه الظاهرة ، حيث أن من يتم أسرهم من الكفار يؤل حالهم إلى أربع حالات ، وهي إما إلى المن أو الفداء أو القتل أو الاسترقاق ، وهذه الحالات لا تكون اجتهادية و سبهلالا ، وإنما تكون من خلال الحاكم الشرعي المؤهل شرعاً وفقهاً للخوض في هذه المسائل الفقهية المتعلقة بهذه الأمور .

    ولو نظرنا لتعريف الرق والعبودية شرعاً وما هي الحكمة منها ، لوجدنا أن الأصل في ذلك أن الرق يجوز لأجل الكفر، يقولون في تعريف

    الرقيق :
    الرق: هو عجز حُكْمي يقوم بالإنسان سببه الكفر. هكذا عرفوه، هو عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر؛ وذلك لأن الكفار تعبدوا لغير الله، وعبدوا غيره، وصاروا عبيدا للشيطان.

    ومن عبد غير الله فإنما يعبد الشيطان، فيصيرون عبيدا للشيطان، وإذا كان كذلك فإن الله أباح استرقاقهم إذا استولى عليهم المسلمون، فإنه يجوز استرقاقهم واستعبادهم ويكونون ملكا لمن استولى عليهم؛ وذلك لأنهم لما خرجوا عن عبودية الله، وبُلُوا برق النفس والشيطان كان من أثر ذلك أن أباح الله استرقاقهم، وأنهم يكونون من ملك اليمين، نساؤهم يملكهن من استولى عليهن، ورجالهم كذلك. وبذلك نزع الله حريتهم بحكمة اللاهية بالأسر بسبب حرب مشروعية ، لأنهم لم يسخروا حريتهم فيما يرضي الله ،ولذلك فقد نزعها وجعلها بيد المسلمين ، ولم يتوقف الأمر عند هذا ، بل أن الله سبحانه عندما يعلم صلاح تلك النفس من الداخل ، فإنه يعيد لتلك النفس حريتها بحكمه اللاهية سبحانه أو يبقيها منزوعة لحكمه لا يعلمها إلا الله سبحانه ، فإذا قضت المشيئة اللاهية بالعتق فإن الله سبحانه يحدث أمراً بأن يرتكب سيد ذلك العبد أو المملوك ذنباً يوجب العتق ، وهناك حالات كثيرة للعتق الوجوبي منها على سبيل المثال * كفّارة القتل الخطأ : قال تعالى : "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطئا ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدّقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلّمة الى أهله وتحرير رقبة مؤمنة.." (النساء : 92) .

    * كفّارة القتل العمد
    "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً" (النساء : 93)

    * كفّارة الظِهَار
    إذا قال الرجل لزوجته : أنت عليَّ كظهر أمي فإنه يأثم بذلك ويجب عليه تحرير رقبة قبل أن يعاود مجامعتها . قال تعالى : "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا" (المجادلة : 3)

    * الجماع في نهار رمضان
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هلكت يا رسول الله، قال "وما أهلكك ؟" قال : وقعت على امرأتي في رمضان – نهار رمضان - قال : "هل تجد ما تعتق رقبة" ؟ قال : لا قال : "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟" قال : لا، قال "فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً" قال : لا ، ثم جلس . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر فقال: "تصدق بهذا" فقال الرجل : أعلى أفقر منَّا ؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال : "اذهب فأطعمه أهلك" رواه السبعة أصحاب السنن والصحيحين واللفظ لمسلم . (انظر البخاري 4/163 – مسلم في الصيام حديث رقم 1111) .

    هذا وهناك الكثير من الحالات التي توجب العتق حسب الشريعة الإسلامية.

    أخي الذبياني هذه الحقيقة لا تعني أن جميع ذوي البشرة السمراء أو السوداء المنتشرين في العالم العربي وخصوصاً جزيرة العرب، كانوا من الذين استغلوا تحت مسمى العبودية ، فمنهم أبناء لقبائل عربية ، استمدوا لون هذه البشرة من أحدى الجدات أو الأمهات بسبب زيجة قديمة أو حديثة ، ومنهم من تداخل مع هذه القبائل كحليف أو جار أو لاجئ أو صاحب مهنة أو طالباً للرزق والمعيشة أو غيرها من العلاقات القبيلة ، التي لا علاقة لها بالرق والاستعباد إطلاقاً ، كذلك أن البعض منهم قدم للجزيرة العربية منذ مئات السنين بهدف الحج والعمرة وخصوصاً أن الإسلام قد انتشر في القرن الإفريقي منذ بداياته ، فبعد قدومهم بقوا في الحجاز وهم كثر وقد انتشروا في المدينة المنورة ومكة المكرمة ، و من المعروف أنه في عام 145هـ /762م حصل ما يعرف بثورة السودان في المدينة المنورة ، وهناك بحث علمي قدم من قبل مختصين ، ناقش هذه الظاهرة ، وهو موجود في رسالة علمية منشورة في جامعة الملك سعود ، للدكتورة ابتسام السويلم ، تحت عنوان " ثورة السودان في المدينة المنورة " ، وقد أوضحت في مقدمة ذلك البحث العلمي ، وبنوع من التفصيل الدقيق والتعريف حيث ذكرت في تفاصيل ثورة السودان ونوهت على ضرورة التعرف على ما ذكرته المصادر حول السودان والعبيد ، وذكرت بأن يبدو مما ذكرته هذه المصادر أن هناك فرقاً بين هاتين التسميتين ، تعود إلى طبيعة الاختلاف بينهما . فالعبيد هم ما كانوا تحت العبودية لأسيادهم ، بشرط صحة الأصل الشرعي مع توفر الشروط الشرعية اللازمة التي توجب ذلك ، وقد يكون منهم الأسود والأبيض ، فهناك العبيد البربر ، و الصقالبة ، والأتراك والفرس .
    ونوهت أيضاً بقولها أما السودان فلعل تسميتهم تعود إلى لونهم الأسود وهم على ثلاثة أصناف ، فهناك الحبش والنوبة والزنج .أما وضعهم الاجتماعي ، فهم من الأحرار ، وقد ذكرت أيضاً في البحث ذاته ، أنه يغلب على من قاموا بالثورة التي سميت باسمهم في المدينة المنورة من السودان الأحرار ، ذلك لأنهم كانوا يشكلون جماعة لها رؤساؤها وتنظيمها ، ولهم طريقتهم الخاصة في التجمع ، تعارفوا عليها ولو كانوا تحت الرق لما استطاعوا أن ينضووا تحت تنظيم معين ، وأن يكون لهم رؤساء ـ ويستدعون من قبل رؤسائهم حين الحاجة ، فيأتمرون بأمرهم ، ويقدمون إليهم بالسرعة اللازمة . هذا ما نصه ذلك البحث العلمي ص49 . ليس هذا فحسب بل أنه ذكر أن تلك الثورة " ثورة السودان في المدينة المنورة " هي إحدى الثورات الاجتماعية التي نشبت في العالم الإسلامي و هي من أوائل هذه الثورات ، كما أنهم بقوا بعد تلك الثورة في المدينة ومكة وفي المناطق المحيطة بها ، ومما لا شك فيه أنهم قد تكاثروا وأزداد عدد نسلهم بحكم قدم الفترة الزمنية والتي تعود إلى ما قبل 145هـ ، أنظر إلى نفس البحث صفحة 50 . وهذا هو مبدأ البحث العلمي ، إذ من الواجب والأصل على كل كاتب وباحث ومفكر ، إن يأخذ به وبمبادئه العلمية المبنية على أسس ومصادر علمية صحيحة ، فضلاً عن الأخذ بمبادئ الشرع الإسلامي الصحيح ، وخصوصاً عندما تكون المادة المثارة لها أبعاداً عدة ( شرعية – اجتماعية – حقائق تاريخية ) ، لا أن يأخذها جزافاً و سبهلالا ، ليؤثر سلباًً على عقول وثقافة شريحة كبيرة من القراء ، فأي جهلٍ أنت فيه يا سعادة الكاتب و المثقف فالح الذبياني وأي ثقافةٍ ضحلة تحملها بربطك كلمة عبد وجارية بذوي البشرة السمراء أو السوداء ، و أي قلة أدراك ومعرفة بخطورة ما تكتب عنه ، لتستدل بكلمة عبد وجارية كلما وجدتها في مقاله أو فصول قصيرة أو بعض المجلات أو الروايات التي لا تكفي لإيضاح كل الحقائق.

    متى نسبة العبودية إلى البشر يا سعادة الكاتب ، وكما أسلفت فهي تنزع بحكمة اللاهية ، ومن خلال حرب مشروعه ضد الكفار ، يعني أسير حرب ، هذه هو المصدر الشرعي الوحيد فقط والأصل الشرعي في العبودية والاسترقاق ، ولعلك تنظر للتاريخ ولو نظره سريعة ، أنظر إلى المعارك الإسلامية ضد من كانت في زمن الرسول وزمن الخلفاء ، كان معظمها ضد الروم والفرس والمجوس في بلاد ما وراء النهر ( خرسان – بيسابور – سيجستان ... ) ، يعني أن أكثر من استعبدوا واتخذهم المسلمون كعبيد وجواري ، هم من ذوي البشرة البيضاء والأصل الشرعي صحيح ، مع توفر الشروط التي توجب الرق والاستعباد . ولعلك تلمس هذا في تعدد أصناف وأشكال البشرة المنتشرين الآن في المدينة المنورة ، وخصوصاً من ذوي البشرة البيضاء .

    قد استشهدت في موضوعك بعدة روايات لأشخاص عاصروا تلك الحقبة الزمنية وعاشوا بعض أحداث تلك الظاهرة ، أو نقلوا رواياتهم عن آبائهم ، منهم من هم في المدينة المنورة ومنهم من هو في جازان ، ولعلي هنا أتطرق لروايات الأخ من المدينة المنورة و أذكرك بما كان يقوم به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في المدينة المنورة ، عندما كان يرسل الفاتحين إلى بلاد الروم والفرس وغيرها ، كان رضي الله عنه يوصيهم بأنه في حال الظفر بأسرى حرب أو غنيمة ، أن لا يتم تقسيمها في تلك البلاد خوفاً من وقوع الفتنة بين المسلمين ، وأن تساق تلك الغنائم بما فيهم الأسرى إلى المدينة ، حيث يتم تقسيمها هناك بين المسلمين الذين شاركوا في تلك المعركة ، حتى أن أحد المشاركين في أحدى المعارك ضد الروم يقول عجلوا بتوزيع الغنائم ، يقصد الأسرى ، فإننا لا نصبر على بنات بني الأحمر ، فإذا رأى الحاكم الشرعي أن من المصلحة استرقاق الأسرى فإنه يتم ذلك حيث يتم توزيعهم على من شارك في المعركة كلاً حسب جهده ، يعني الفارس يأخذ نصيب أكثر من المترجل وصاحب السيف والدرع يأخذ أكثر وهكذا ، وهذه سنة الله في خلقه . أنظر أيضاً إلى تاريخ الدولة الأموية والعباسية وأنظر إلى كثر اتخاذ بني أمية وبني العباس والمقربين منهم من الجواري البيض الحسناوات ، حتى أنه يذكر أن التفكك الأسري كثر في عهدهم لكثر اتخاذ الجواري من الروميات والفارسيات وغيرهن . ولك أن تعيد قراءة التاريخ جيداً وبتأمل، وأن تمعن النظر في أحوال العبيد و الجواري ، لعلك تجد أنه في العصر الأموي تحولت حياة العرب إلى طور جديد ، وأخذوا ينعمون برخاء كان ممتنعاً عليهم في عهد الخلفاء الراشدين . والعرب بطبعهم يصبون إلى الغناء وقد جاءهم الرقيق بضروب منه وفنون . وفي مكة والمدينة ظهرت أول طبقة من المغنين ، فألفوا من ألحان الفرس والروم ألحاناً جديدة . وكان في طليعتهم مخارق وعلوية وابن سريج وابن مسجح ومعبد والفريض وطويس ، وقد أخذ هؤلاء في تعليم الجواري الغناء والضرب على الأوتار . وكانوا يصنعون لهن الألحان من هذا الشعر العذب الذي كان يتغنى به شعراء الغزل في معشوقاتهم . وفي مكة والمدينة نشأت أول مدرسة لتعليم الجواري وتقيينهن .وانتشرت كذلك دور التقيين في العصر العباسي وتولى كبار النخاسين تقيين الجواري ومن أشهرهم يزيد حوراء في المدينة المنورة وابن شماس في مكة وابن رمانة وغيرهم . وفي دور التقيين كانوا يعلمون الجواري القراءة والكتابة والأدب والشعر ، والملاحظ أن معظم هؤلاء الجواري في ذلك الزمن هن من بنيات بني الأحمر والأصفر من الروميات والفارسيات والتركيات وغيرهن اللائي جمعن الحسن والظرف والدلال .واليك طرفاً من أخبارهن ، فهذه دنانير تخرجت في المدينة ثم حملت إلى بغداد وأخذت عن ابن جامع واشتراها يحيى بن خالد البرمكي ، واسمع الرشيد غناها ، فاشتد إعجابه بها ووهبها عقداً قيمته ثلاثون ألف دينار ، وبعد قتل الرشيد البرامكة دعاها إليه وأمرها أن تغني ، فقالت له يا أمير المؤمنين ، أني آليت أن لا أغني بعد سيدي أبدا ، فغضب وأمر بصفعها فصفعت ، وأعطيت العود فأخذته وهي تبكي أحر بكاء ، واندفعت تغني :
    يا دار سلمى بسارح السند .. بين الثنايا ومسقط اللبد .. لم رأيت الديار قد درست .. أيقنت أن النعيم لم يعد ..
    فرق لها الرشيد وأمر بإطلاقها .
    وهذه عنان الجارية الحسناء للناطفي ينشدها شاعر فيقول :
    وما زال يشكو الحب حتى رأيته .. تنفس في أحشائه وتكلما
    ويطلب إليها الشاعر أن تجيزه ، فأجازته قائله :
    ويبكي فأبكي رحمة لبكائه ..
    إذا ما بكى دمعا بكيت له دما

    وهنا أيضاً يصف أحد الشعراء جارية جميلة فيقول : وصيفة كالغلام تصلح للأمرين.. كالغصن في تثنيها.. أكملها الله ثم قال لها.. لما استتمت حسنها: إيها . وهاتان جاريتان من مولدات اليمامة من البيض الحسناوات يعرضان على المتوكل بحضوره وزيره الفتح بن خاقان ، فنظر إليهما وقال إلى أجملهما : ما أسمك ؟ قالت : سهاد ، فقال لها : أنت شاعرة ؟ قالت : هكذا يزعم مالكي ، قال : فقولي في مجلسنا هذا شعراً ترتجلينه وتذكرينني فيه وتذكرين الفتح بن خاقان ، فتوقفت هنية ثم أنشدت :
    أقول وقد أبصرت صورة جعفر .. امام الهدى والفتح ذي العز والفخر.. أشمس الضحى أم شبهها وجه جعفر.. وبدر السماء الفتح أم شبه البدر
    فقال للأخر أنشدي ، فقالت :
    أقول وقد أبصرت صورة جعفر.. تعالى الذي أعلاك يا سيد البشر..
    وأكمل نعماه بفتح ونصحه ..
    فأنت لنا شمس وفتح لنا قمر
    فأمر بشراء الأولى ورد الأخرى ، فقالت له لم رددتني؟ قال : لأن في وجهك نمشا ، فقالت :
    لم يسلم الظبي على حسنه .. يوما ولا البدر الذي يوصف.. الظبي فيه خنس بين .. والبدر فيه كلف يعرف .
    فأمر بشراء الثانية
    وأمثال هؤلاء الجواري كثر ، ومنهن عريب جارية عبد الله المراكبي ، صاحب مراكب الرشيد ، وكانت نهاية في الحسن والجمال والظرف وحسن الصورة وجودة الضرب وإتقان الصنعة والمعرفة بالأنغام والرواية للشعر والأدب ، ومتيم جاريت علي بن هشام ، وقد طلبها المأمون منه فاعتذر له ـ ويقال إن ذلك سبباً لغضب المأمون عليه حتى قتله ، ومنهن بذل التي يقال أنها كانت تغني ثلاثين ألف صوت ، وكانت جارية لجعفر بن موسى الهادي ، ومنهن فضل وعلم ، وقد نشأت في المدينة وتعلمتا فيها الغناء وحملتا إلى الأندلس ، فاشتراهما عبد الرحمن الداخل الأموي ، وجاريته قلم الرومية ، وقد أرسلت صبية إلى المشرق ، وتعلمت في المدينة الغناء وحذقته ، ومنهن العبادية جارية المعتمد بن عباد وكانت أديبة ظريفة شاعرة ، وقمر جارية إبراهيم بن حجاج اللخمي صاحب إشبيلية ، وكانت من أهل الفصاحة والبيان والمعرفة بصوغ الألحان ، وقد جلبت من بغداد وجمعت أدباً وظرفاً ورواية وحفظا ، مع فهم بارع وجمال رائع .

    ومن الجواري الحسناوات من كانت تستعمل حيلة لوصال سيدها ، تدل على فطنة وذكاء ، من ذلك أن الملك عبد العزيز بن السلطان صلاح الدين الأيوبي ، كان أحب في أيام أبيه قينة حسناء وشغف بها ، فبلغ ذلك صلاح الدين الأيوبي فمنعه من صحبتها ، فحزن ولم يمكنه أن يجتمع بها ، ومضى على ذلك عدة أيام فسيرت إليه مع خادم كرة من العنبر ، فكسرها فوجد فيها زرا من الذهب ، فلم يفهم مرادها ، فجاء القاضي الفاضل فدفع إليه الكرة وسأله أن يعرفه ماذا تعني ، فقال القاضي في الحال :
    أهدت إليك العنبر في وسطه .. زر من التبر رقيق اللحام .. فالزر من العنبر تفسيره .. زر هكذا مستترا في الظلام.

    هذا نزراً يسيراً من الأمثلة للجواري الحسناوات من بنات ذوي الأحمر والأصفر وعلى ما كان عليه الجواري من الحسن والجمال و الثقافة في الأدب والشعر والغناء ، وما كن عليه من فطنه وذكاء ، ومن يطلب المزيد منها يجدها في كثير من كتب الأدب .

    وكانت أثمان هؤلاء الجواري والقيان وأمثالهن عالية تبلغ الآلاف ، من ذلك أن المهدي اشترى جارية من مولدات المدينة تدعى بصبص بسبعة عشر ألف دينار ، وتسرى بها فولدت له علية بنت المهدي ، واشترى جعفر بن سليمان سلامة الزرقاء من صاحبها ابن رمين بثمانين ألف درهم واشترى الواثق جارية تدعى الصارحية من كاتبه صالح بن رشيد بعشرة آلاف دينار . واشترى المأمون عريب المغنية بخمسة آلاف دينار وطلب المعتصم من محمود الوراق ، أحد كبار النخاسين ، أن يبيعه جارية بسبعة آلاف دينار فامتنع ، واشترى الوزير ابن رائق جارية مغنية بثلاثة عشر ألف دينار ، ودفع اسحق بن أيوب في جارية تدعى بدعة مائة ألف دينار فأبت مولاتها أن تبيعها ، وكان لأبي بكر الخوارزمي جارية فطلبت منه بعشرة آلاف درهم فلم يجد بها .

    كذلك هو الحال في جازان وتحديداً قرى الساحل الغربي ، فقد نقلت لنا رواية أحد أبناء تلك المنطقة ، الذي تحدث لك عن طقوس تلك الظاهرة ، وهو لا يعلم أن العبودية الشرعية الصحيحة ضاربتاً أطنابها منذ زمن ( مخلاف عثر ) ، على البعض من ذوي البشرة البيضاء المتواجدين في تلك المنطقة والتي تمتد جنوباً من منطقة الموسم الواقعة تقريباً على الحدود الحالية بين المملكة واليمن وشمالاً إلى جنوب إمارة حلي أي إلى الحدود الجنوبية لمركز البرك الذي كان يتبع إمارة مكة المكرمة إلى أن انضم لمنطقة عسير ومن الغرب إلى الأطراف الجبلية لإمارة منطقة عسير وخصوصاً من الجنوب الغربي وهذا ما ينطبق تقريباً على الامتداد نفسه الذي تشغله منطقة جازان اليوم ، ويعود ذلك الزمن حين وهنت العصبية العربية في العصر العباسي ، عندما أخذ الموالي من الأعاجم والعتقاء يزيحون العنصر العربي ، يؤازرهم في ذلك حظايا الخلفاء من الجواري ، ففي زمن الخليفة المعتز بالله العباسي ( ت 255هـ ) ، وقد ولى بعض بني مخزوم ولاية مكة المكرمة ، حيث أن أول من وليها منهم في منتصف القرن الثالث الهجري هو عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الله بن عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي ، الذي وليها للخليفة المعتز بالله العباسي التوفي سنة 255هـ ، وقد ذكرت كثير من المصادر "أن بنو طرف الذين ولوا بعض جهات اليمن هم موالي عيسى بن محمد والد أبي المغيرة . وذكرت المصادر ذاتها أنه هوية هؤلاء الموالي وهم " بنو طرف " الذين كانوا ذوي قرابة قريبة من جهة الأمهات لبني مخزوم ، ولاة مكة المشار إليهم آنفاً ، لكون طرف ، جد بني طرف المذكورين ليس مولى لعيسى المخزومي والي مكة في عهد المعتز وحسب وإنما هو صهره أي أخو زوجته وأم ولده ، أبي المغيرة محمد بن عيسى ، وذلك طبقاً لما ذكرته المصادر التاريخية التي تقرر هذه الحقيقة بالقول " وكان طرف ، مولى عيسى ، وجد أبي المغيرة لأمه ، وابنه الحسن بن طرف خال أبي المغيرة ، حيث كان بنو طرف هؤلاء أهل مكانه وحسب معتبرين عند أسيادهم بني مخزوم حتى يكونوا موضع ثقتهم وخصوصاً جدهم طرف الذي يعتبر أول من تولى منهم حكم " مخلاف عثر " ، ولهذا المخلاف عدد من المدن التاريخية بعضها لا يزال قائماً وبعضها مندثر ، فمن المدن التاريخية العامرة بها حتى الآن : جازان ( العاصمة الإدارية للمنطقة ) ، وأبو عريش ، وضمد ، وصبيا ، وبيش ، من المدن المندثرة الشرجة ( الموسم حالياً ) ،وجازان العليا ، والمنارة وادي جازان حالياً ، والراحة ( راحة بني شريف في بيش ) وضنكان المشهورة بمنجم ذهب ، بالإضافة إلى مدينة عثر نفسها عاصمة الإقليم . فقد كانت مدينة عثر من أكثر المدن الساحلية التهامية ازدهاراً بوصفها محطة من محطات طريق الحج والتجارة الساحلي بين الحجاز واليمن ، وعاصمة لإقليم يمتاز بالخصب ، وبالكثافة السكانية والرعوية ، وميناء نشطاً في تجارته و موانئ اليمن الواقعة إلى الجنوب منه ومع موانئ الحجاز الواقعة إلى الشمال منه ، فضلاً عن الموانئ المقابلة له مما يلي البر الحبشي . كما كانت دار ضرب للسكة ينسب إليها أشهر الدنانير المضروبة في جزيرة العرب ، ذلك هو الدينار العثري الذي كانت تحسب به مقادير عشور اليمن ، وبعض أقاليم الجزيرة العربية الأخرى ،وتقدر الدراسة إلى استمرا حكم هؤلاء الموالي وراثياً في عقبهم على الرغم من انتهاء ولاية أسيادهم بني مخزوم لمكة المكرمة . ونتيجة لسك أسماء أمراء عثر على الدينار المنسوب إلى بلدهم ( دينار عثر أو الدينار العثري ) أمكن العثور على أسماء ستة منهم تقلبوا على حكم المخلاف حوالي ثمانية وأربعين عاماً من سنة 346-394هـ ، وأول هؤلاء الأمراء أبو علي محمد بن القاسم الذي وجد أسمه ممهوراً على أحد عشر ديناراً مؤرخة بين سنتي 346هـ و 359 هـ ، أي أن حكمه لمخلاف عثر امتد من خلال النقود حوالي أربعة عشر عاماً . والأمير محمد بن القاسم هذا يعتقد على رأي أحد الباحثين أنه ولد القاسم بن طرف صاحب عثر ، وله عقب إلى الآن توارثوا المشيخه ومشيخة الشمل والزعامة على أحد المدن المندثرة لمخلاف عثر ( مدينة المنارة ) إلى جوار موالي أسد بن خزيمة ، والمتأمل للتاريخ يجد أن أكثر موالي بني مخزوم وموالي بني أسد بن خزيمة الموجود عقبهم إلى الآن ، يعود موطنهم الأصل إلى بلاد ما وراء النهر ( خرسان – نيسابور – باكستان – أفغانستان - الهند .. ) ، وهذا ما يلاحظ من خلال الملامح والشكل ( علم الإنسان ) ، فمنهم من حافظ على تلك الملامح ومنهم من أثروا بذلك على معظم ملامح التركيبة السكانية هناك ، وقد يكون سبب دخولهم في الولاء لبني مخزوم وبني أسد بن خزيمة ، هو وقوعهم أسرى حرب أو دخولهم في الإسلام ، في زمن الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين وعهد بني أمية وبني العباس ، ففي عهد تلك الفتوحات كانت الجيوش تنتقل من الجزيرة العربية والشام للبلاد البعيدة للفتوحات منها بلاد ما وراء النهر ، و بسبب كثرة القلاقل التي انتشرت في تلك البلاد كان لعدد من القادة العرب القرشيين كبني مخزوم والعرب المضريين كبني أسد بن خزيمة وبعض القبائل ، تواجد قوي ، لأنه أصبح من الشائع توليه تلك المدن برجال من قريش لعموم احترامهم بين القبائل ، وقد تولي عدد من بني مخزوم بعض تلك الجهات ، منهم الجعد بين هبيرة المخزومي فقد ولي خراسان ( ما وراء النهر ) ، وهو يعد أول من ولي من المخزوميين على تلك الجهات وكذلك خالد بن عبد الله المخزومي . هذا بالإضافة إلى وجود بحث علمي منشورة في رسالة علمية في جامعة الملك سعود تحت عنوان " مخلاف عثر " ، تناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل ومن يريد طلب المزيد من الحقائق يجدها في ذلك الكتاب .

    ، هذا لا يعني أن جميع ذوي أصحاب البشرة البيضاء في حدود هذا المخلاف هم من موالي بني مخزوم وموالي بني أسد بن خزيمة أو من موالي مواليهم ، بل أن هناك البعض من الأشراف السليمانيون والبعض من قبيلة بني الحكم القحطانية المنتشرة منذ القدم والبعض من أبناء القبائل العربية العدنانية ، ولكن هناك من قام منهم بتشكيل كيانات ( تحالفات ) فيما بينهم ، أو أنهم أنظموا إلى البعض من الأشراف السليمانيون أو قبيلة بني الحكم. والجدير ذكره هنا هو غياب مسمى وصفة العبودية والاسترقاق في هذا الزمن عن أبناء وأحفاد أولائك الموالي ، سواء المنتشرين في المدينة المنورة أو جازان ، والسبب في ذلك يعود لأمرين رئيسيين ، أولهما هو فهمنا الخاطئ والقاصر لمعنى العبودية والاسترقاق ، وذلك نتيجة التربية الخاطئة والثقافة التي تلقيناها وتربينا عليها منذ الصغر ، سوءاً من محيط الأسرة أو من محيط المجتمع الذي غاب عنه الفهم الصحيح لهذا المعنى ، ولذلك سادة الثقافة العمياء التي تقضي علينا أن نلصق العبودية بذوي البشرة السوداء أو السمراء .

    وثاني هذه الأسباب أن الرق والعبودية كما أسلفنا هي أمر طارئ يطرأ على الإنسان ثم يزول بأمر اللاهي، نازعاً معه كل تعبير و لفظ وصفي أو مجازي لكلمة العبودية .

    ولو تأملنا مبادئ الشرع الإسلامي نحو ذلك ، لوجدنا أن هناك أحاديث نبوية شريفة قاطعة الدلالة في النهي عن الإساءة إلى العبيد في حال كانوا تحت أيدينا وإثبات " أخوتهم " لمالكيهم، وتحريم سبهم أو معايرتهم بالرق ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي" رواه البخاري وغيره . وهو أيضا التعبير الوارد في الكتاب العزيز-فتى أو فتاة- فهل هناك تكريم ورعاية لمشاعر النفس الإنسانية المبتلاة بالرق ، فما بالك عندما نطلق تعبير لفظي أو مجازي بكلمة " عبد أو جارية " على نفس حرة بريئة من العبودية كبراءة الذئب من دم يوسف ، بسبب لونها ، قد حفظ لها خالقها حريتها وصان كرامتها ، أو نفس استغلت عن طريق الخطأ بطريقة أو بأخرى ، وهي حرة في الأصل ، نتيجة لجهل البعض بتعاليم الدين الإسلامي المتعلقة بذلك الأمر، وبسبب ذلك الجهل ، لفت حكام البلد حفظهم الله إلى الانتباه إلى الصفات والضوابط الشرعية كان لا يسع الدولة إهمالها ، و تحركت له كوامنها حماها الله ، واستيقظت له ضمائر العلماء الثقات و رجال الدين ، ليصدعوا بكلمة الحق ، وليشهدوا بحرية تلك الأنفس التي استغلت ، وقد كان على رأس هؤلاء الأبرار الملك فيصل رحمة الله بذلك القرار التاريخي ، والذي نص على عدم توفر الشروط الشرعية اللازمة التي توجب الرق وأن من تم استغلالهم هم أحرار ، بل وأعلنت الدولة محاربة ذلك الاستغلال ، لمخالفته لمبادئ الشريعة الإسلامية ، فضلاً عن شهادة الباري سبحانه قبل هذا القرار بحرية تلك الأنفس، وذلك وفقاً لما جاء في الحديث القدسي الشريف ، ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ، وذكر منهم ورجلاً باع حرة وأكل ثمنه .. الحديث.

    ذكرت لنا أخي فالح نص البيان الوزاري الذي نشر في صحيفة أم القرى العدد 1944 الجمعة 12/جمادى الآخرة 1382هـ ، وأن الملك فيصل رحمة الله هو من حرر العبيد على حد فهمك ، وهنا تبرز مشكلة فهم النص لديك ولدى بعض العقول ذات النظرة القاصرة والغير مدركة بخطورة وعظم تلك المخالفة الشرعية في نظر الخالق سبحانه ثم في نظر حكومة المملكة، فضلاً عن عدم فهم و إدراك الجانب الفقهي والشرعي المتعلق بتلك المسألة ، ومن خلال ذلك القرار يظهر النص واضحاًً وصريحاً بأنه لا توجد ولا تتوفر الشروط الشرعية التي توجب الرق والعبودية ، فلماذا نسميهم عبيداً إذاً ؟!. ولماذا القول بأن الملك فيصل رحمه الله هو من حرر العبيد؟!. ولكن بسبب الفوضى الفكرية التي سيطرت على عقول البعض ممن نشئوا وتربوا ثقافياً على ممارسة استخدام ذلك المفهوم الخاطئ لتلك العبارة ، هذه الفوضى الفكرية جعلت بعض العقول تقفز إلى الاستنتاجات قفزا ، قائلتاً أن الملك فيصل هو من حرر العبيد ، دون تقصي الأسباب التي أوجبت ذلك القرار التاريخي .

    وبما أن الدولة حماها الله ممثله بشخص الملك الإنسان فيصل بن عبد العزيز رحمه الله الرجل العالم ، حملت على عاتقها وضع حداً لذلك الجهل ، ودفع الضرر عن أولائك الأبرياء ، لتعود الأمور إلى نصابها ، فقد عمدت إلى تعويض أهاليهم عنهم ، ولو كان عند أحدهم عشرة أو عشرون إذ دفعت الحكومة قيمهم حفاظاً على حقوق أصحابهم .

    وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه.. ما هكذا تكون العبودية يا ابن الجارية..
    هنا أذكرك وأذكر نفسي بحديث أبو هريرة الذي ذكر لنا نحن العرب العدنانيون أننا أحفاد الجارية ( الأمة ) هاجر..

    وهذه القصة تعود عندما قدم الخليل إبراهيم عليه السلام هو وزوجته سارة ذات يوم أرض ملك جبار وقيل: إنه ملك مصر في ذلك الوقت ، فقيل له ( الملك ): إن هنا رجل ( إبراهيم عليه السلام ) ومعه امرأة، دخلوا مملكتك، المرأة جميلة جداً في غاية الجمال، لا تصلح إلا لك . وكان قد تزوجها إبراهيم لما هاجر من بلاد قومه وقيل: كما ورد في الحديث أن ذلك الملك رأى إبراهيم ورأى معه سارة ، وكانت قد أوتيت من الحسن شيئاً عظيماً، وقيل أن أحد جنود الملك رئاها وهي تطحن . فسأله ( الملك ) عنها فقال: من هذه المرأة التي معك؟ قال: أختي، ظاهر الحديث أنه أتي بإبراهيم أولاً ، ثم رجع إبراهيم إلى زوجته، قال: يا سارة ليس على وجه الأرض مسلم غيري وغيركِ، ثم طلب منها، إذا سألها الملك عن قرابتها منه مَن تكون بالنسبة له أن تقول له: إنها أخته؛ حتى لا يتناقض كلامه مع كلامها؛ لأنه قال له أنها أخته ، وهي أخته في الإسلام . ولما أُخذت سارة من إبراهيم ، قام خليل الله يصلي، وعندما أدخلت على الملك لم يتمالك أن بسط يده إليها من شدة جمالها، لأنه لم يستطع أن يقاوم نفسه، فشلت وقبِضَت يده قبضة شديدة،. ولما شلت يد هذا الملك قال: ادعي الله لي ولا أضرك ، وفي رواية مسلم : ادعي الله أن يطلق ففعلت ، فدعت الله له فأرسلها، ثم لما تحرر الرجل ورجع إلى حاله الأول هل توقف؟ أبداً. تناولها للمرة الثانية، ثم قام إليها ، فدعت الله عز وجل ، فأخذ الله يده بقبضة ، أشد من القبضة الأولى. وكررها ثلاثاً ، وتكرر قبض الله ليده ، كل مرة أشد من الأولى، وبعد المرة الثالثة دعا الرجل الذي جاء له بـسارة وقال له: إنك لم تأتني بإنسان، إنما أتيتني بشيطان هذا من فعل الجن ، ما أرسلتم إلي إلا شيطانه أرجعوها.ثم أطلق سراح سارة وقال: أعيدوها إلى إبراهيم، وزيادة على ذلك: أعطاها خادمة وهي هاجر وهبها لها لتخدمها، لأنه سمع أنها كانت تعجن العجين أو تخدم نفسها، قال: هذه لا يليق أن تخدم نفسها، فأعطاها خادمة وهي: هاجر . فلما أطلق سراحها ومعها هاجر أتت سارة إلى إبراهيم وكان يصلي، فقال إبراهيم بعدما انصرف من صلاته: مَهْيَمْ أي: ما الخبر؟ فقالت سارة ملخصةً ما حصل: رد الله كيد الكافر وأخدم هاجر) وبعدها ساروا إلى أرض كنعان عندما اشتد أذا الكفار ومعهما هاجر فقامت سارة ووهبت إبراهيم الجارية ( الأمة ) هاجر ،فلما حملت منه غارت سارة حيث أنها لم تحمل بعد ، فخرج الخليل وإمام الحنفاء متجها إلى مكة ، وقيل أنها ولدت إسماعيل عليه السلام في أرض كنعان ، وهناك رواية أنه ولد في أرض مكة ،الشاهد بعدها جاء من نسل إسماعيل إبن الجارية ،أفضل مخلوق على وجه البرية و أفضل الأنبياء والمرسلين من هو يا ترى ؟ أنه محمد صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي ، ثم جئنا نحن العرب العدنانيون جميعاً بما فينا قبيلة يربوع بن غيط بن مره بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهي القبيلة التي تنتمي إليها ، وجميعنا مندحرون من عدنان ابن إسماعيل ابن إبراهيم الخليل . وانظر ماذا قال أبو هريرة - ماذا قال عن هاجر في آخر القصة؟ قال: تلك أمكم يا بني ماء السماء ، يخاطبنا أبو هريرة نحن العرب العدنانيون ، فيقول لنا : تلك أمكم.. هذه هاجر الجارية والأمة الـتي كانت خادمة وأُعْطِيَت خادمةًَ وجاريةً لـسارة ، ثم وهبتها لزوجها إبراهيم، قال: فتلك أمكم يا بني ماء السماء ، ومن المعلوم أنه يطلق على العرب العدنانيون بني ماء السماء ، لكثرة ملازمتهم للفلوات والصحاري ، لأن فيها مواقع القطر وهو الماء النازل من السماء ، أو سكنهم المنطقة الخضرة وإقامتهم فيها لغرض الزراعة أو المتجولين سعياً وراء الخضرة لأجل رعي أغنامهم ، ولذلك سُمُّوا ببني ماء السماء، لأن عيشهم على ماء السماء. هذا هو حال هاجر ، فيا ترى ما هو حال سارة وأبنائها وأحفادها ؟ ، فقد بشرها الله وإبراهيم بمولد إسحاق عليه السلام في قوله تعالى وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين ، وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين) وقال تعالى ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) ، ثم أن من نسلهم انحدر بني إسرائيل ، وظنوا في أنفسهم أنهم الجنس الأنقى والأفضل والأعظم شئناً لأنهم أبناء الحرة سارة ، واحتقرونا وازدرونا نحن العرب العدنانيون ، لأننا أبناء وأحفاد الجارية والأمة هاجر وعظم ذلك في نفوسهم وزين لهم الشيطان سوء أعمالهم ، ولعلك تلمس هذا واقعاً في هذا الزمن ، ويتبلور ذلك في تصرفاتهم وأفعالهم نحونا ، ولكن ماذا كانت النتيجة يا ترى ؟! فقد سلط الله عليهم كل فرعون زمانه وشتتهم ومزقهم كل ممزق من ذلك الزمن إلى يومنا هذا .

    لعلك أدركت الآن الفهم الفقهي الصحيح لما جاء في ثنايا ذلك القرار والسبب الذي من أجله صدر ، وأدركت أن من استغلوا في تلك الفترة ، كانت ملكيتهم ليست صحيحة ، لعدم توفر الشروط الشرعية اللازمة ،التي تجيز وتوجب الرق والعبودية ، وأنهم بيعوا وهم أحرار ، وأن كلمة تحرير تعني تعويض أهاليهم عنهم لتحقيق المصلحة العامة للجميع.
    ولكن إذا حصل قتال مع الكفار، ثم حصل الاستيلاء على سبيهم ، ورأي الحاكم الشرعي أن المصلحة تقتضي الاسترقاق فإن الرق يعود، وهذا هو الأصل؛ لأن أصله الاستيلاء على سبي المشركين؛ أطفالهم ونسائهم ونحو ذلك . لأن الحرية تنزع بحكمة إللاهيه لا بجهل البشرية ، لذلك فإن من تم استغلالهم هم أحراراً من قبل ومن بعد ذلك القرار. وهذا ما دفعني إلى كتابة هذا المقال وهذا الرد لما لمسته من قلة وجود دراسة متخصصة قدمتها لنا في هذا الموضوع بالذات ، لأنه يجب أن يكون صاحب القلم ، عالماً بما يكتب على وفق ما أراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في أي جانب من جوانب الأقلام سياسة أو اقتصادا أو اجتماعا، أو حضارة أو غير ذلك، فالشريعة تسع الجميع وهي الرسالة العظمى والجميع مفتقر إليها ، لتعم بذلك الفائدة عليك وعلى الجميع. كما أنه ومن المعلوم والمقرر أن الكلام يُنسى والهم يُغفر، والمكتوب موثق باق ،قال صلى الله عليه وسلم: أن الله عفا لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به ، فكيف يا رعاك الله إذا كتبته ونشرته ، ومما لا شك فيه ،أن الأمر أشد والعلة أدهى وأمر ولا يضر المخطئ إلا نفسه ، ولذلك فنحن المسلمين وبشكل عام في حاجة ماسَّة إلى القلم الصادق إلى القلم الأمين إلى القلم الملهم الذي ينشر الحق ويحيي السنة ويدل الناس إلى ما فيه خير دينهم ودنياهم ( ولا يأبى كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب) ، لهذا جرى التوضيح وشكراً ، أخوك ابن البادية.
    منقول




المواضيع المتشابهه

  1. أفضل الأعمال في عشر ذي الحجة
    بواسطة A D M I N في المنتدى المنتدى الاسلامي العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-10-2013, 07:33 AM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-07-2012, 05:33 PM
  3. سنن هجرناها اللهم اغفر لنا
    بواسطة عادل الاسد في المنتدى المنتدى الاسلامي العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 18-04-2012, 07:10 AM
  4. السلطة مستعدة لنشر وثائق المفاوضات
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى منتدى الاخبار العربية والمحلية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 24-01-2011, 03:13 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك