كتب - عماد عبد الرحمن
رأى سياسيون ومحللون أن لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني أمس،رؤساء وأعضاء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، يعتبر»مدخلا حقيقيا يؤسس لإطلاق حوار وطني شامل حول مختلف القضايا المطروحة على الساحة المحلية»،وأكدوا أن «جوهر اللقاء تجديد الالتزام الملكي بالإصلاح بعيدا عن التشكيك في نوايا الإصلاح الشامل»، ولفتوا الى عبارة «مواكبة روح العصر» التي وردت في الحديث أكثر من مرة. ويقول عضو مجلس الأعيان عبد الإله الخطيب الى الرأي:»جلالة الملك أعاد تأكيد قدرة الأردن والأردنيين على تجاوز الصعاب والتحديات،كما أكد اعتزازه بالمواطن الأردني ووعيه وانتمائه وقدرته على التحمّل والمواجهة في ظل أجواء استثنائية من المصارحة والمكاشفة والشفافية».
ويؤكد الخطيب:» كلام الملك حدد أجندة المرحلة المقبلة بوضوح وثقة من خلال تقديم بند الإصلاح الشامل بما فيه (الإصلاح السياسي) الذي يعني المشاركة والتطوير ومواكبة روح العصر»، مشيرا الى ان جلالته شدد على «المحاربة الفعلية والحقيقية للفساد ووضع الأمور في نصابها الصحيح وبما يحمي الوطن من هذه الآفة وبما يحمي صورته من التشوه بسببها».
نقطة البداية للحوار
الأكثرية اتفقت على ان الخطاب الملكي إتسم بالواقعية والرغبة الحقيقية في التغيير،من خلال الاعتراف بحجم التحديات والمشاكل، التي اعتاد عليها المواطن الأردني بحكم «التاريخ والجغرافيا»،التي فرضت عليه التعايش معها،والقدرة على تجاوزها ،مهما بلغت شدتها.
يقول رئيس لجنة الشؤون العربية والدولية النيابية،الدكتور محمد الحلايقة:» التأكيد الملكي يقضي على كل الشكوك وبدون سقوف،حيث لم يضع جلالة الملك سقوفا،بل وضع الجميع أمام مسؤولياتهم ابتداء من السلطة التنفيذية،المطلوب منها إنجاز سريع وواضح،وكذلك السلطة التشريعية التي تتحمل مسؤوليات كبيرة في هذه المرحلة».
ويشير الى ان :» الخطاب لامس كل القضايا التي تهم المواطن،وهو على دراية وإطلاع بكل التفاصيل، ونحن مطالبون جميعا بإطلاق حوار بين كل السلطات والفعاليات الوطنية المختلفة،للاتفاق على عناوين المرحلة القادمة،خاصة ما يتعلق بالإصلاح السياسي، والإشارة الى توجيه جلالة الملك فيما يتعلق بقانون الانتخاب وغيره».
جلالة الملك تحدث مجددا أمام ممثلي السلطات الثلاث أمس،عن رؤيته للمرحلة المقبلة،وقال» الإصلاح هو إرادتنا الثابتة، لأنه مصلحة شعبنا، وهو ما يعني التطوير ومواكبة روح العصر»، مشددا على أنه «ينتظر من الحكومة توصياتها حول آلية الحوار الشامل، لـمناقشة كل الخطوات اللازمة لتحقيق التنمية السياسية، وعلى رأسها دراسة وتطوير كل القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني، خصوصا قانون الانتخاب».
ويؤشر العين الخطيب على مجموعة من المبادئ الأساسية التي وردت في الخطاب،مثل «سيادة القانون،الوحدة الوطنية،التسامح والاستقرار،كرامة الإنسان والانفتاح وغيرها... «، ويوضح:»هذه الإشارات القوية للخطاب تمثل روافع أساسية في مسيرة البناء الوطني وتواصل عملية الإصلاح ، والأردن متمسك بها وسيحافظ عليها لأنها تمثل شخصيته وهويته وكيانه».
ويضيف :»الملاحظ ان عبارة (مواكبة روح العصر) وردت في أكثر من موقع في النص،ما يعني صلابة الموقف والثقة بمخرجات مسيرة الإصلاح،وعدم الركون الى الإنجاز الذي تحقق، بل حمايته من خلال المحافظة عليه».
فرصة ثمينة للإصلاح
وإذا كانت غالبية الآراء تتفق على ضرورة المباشرة الفورية بإطلاق الحوار،ووضع أجندة واضحة ومحددة للأولويات،فإن البعض يدعو الى عدم «إضاعة الفرصة» لتحقيق الرؤية الملكية في هذا المجال،الوزير السابق الدكتور محمد الذنيبات واحد من هؤلاء،إذ يرى أن «الفرصة متاحة جدا خاصة وأننا نقول باستمرار أن الإصلاح يحتاج الى إرادة سياسية لتحقيقه وهي متوفرة بقوة حاليا،من خلال التوجيه الملكي الواضح،ودعوته للسلطات الثلاث ان يتحمل كل منها مسؤولياته وعدم إضاعة الفرصة مرة أخرى».
ويضيف الدكتور الذنيبات:»لا بد من الإقدام بشجاعة وثبات لإحداث الإصلاح المطلوب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا،وأن يتحمل كل فرد مسؤولياته بالمجتمع تجاه ما هو مطلوب منه».خصوصا وان جلالته حث الحكومة على تعزيز آليات مكافحة الفساد والواسطة والمحسوبية،والرقابة على هذه الملفات ليست مسؤولية جهة دون أخرى،إنما هي مسؤولية المجتمع ككل،فالسكوت عن الفساد والمحسوبية أمر غير مقبول».
والواقع،ان الظروف وتسارع الأحداث في المنطقة، ألقت بظلالها على دول المنطقة ومن بينها الأردن،وفرض تحديات لجهة «التسريع»في إجراءات الإصلاح،واستثمار الوقت ودفع القوى المجتمعية المناوئة للإصلاح بكافة أشكاله،الى الانخراط في مسيرة الإصلاح،بدلا من عرقلتها، خصوصا وان الفائدة المرجوة من أية خطوات إصلاحية، تعود بالإيجاب على كافة طبقات وقوى المجتمع بغض النظر عن التصنيفات أو المستوى الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور الحلايقة:»هي مقاربة ملكية واقعية واضحة وصريحة وشفافة،ونحن اليوم مطالبون بدلا من التظاهر والخروج الى الشوارع وتعطيل عجلة الإنتاج،ان نبدأ بحوار داخل البيت الأردني لتطوير الحياة السياسية،والمضي قدما بالإصلاحات،لنتجاوز هذه المرحلة بأردن قوي وحديث ومعاصر».
ويتابع قائلا:»إذا أردنا قانون انتخاب عصريا وحديثا يلبي الطموحات، على الحكومة ان تسحب القانون المؤقت الموجود لدى مجلس النواب،وتطلق حوارا وطنيا،والمجلس سيتحمل مسؤولياته في هذا الجانب».
ويستدرك الدكتور الحلايقة:»نحن في الأردن متفقون على النظام»، كما نحن متفقون على «وجود أخطاء يجب ان تعالج».
وإذا كانت السلطات الثلاث معنية أكثر من أي وقت مضى في رفع مستوى التعاون والتنسيق من أجل ترجمة تطلعات ورؤى جلالة الملك،ومن خلفه الشعب الأردني،فإن المرحلة المقبلة تستوجب إحداث «نقلة ملموسة»على صعيد التعاون من أجل تحقيق الإصلاح المنشود.
ويرى الدكتور الذنيبات «أن الدعوة الملكية كانت واضحة لا لبس فيها في حث السلطات على التعاون والتكامل بينها والاسراع في خطوات تحقيق الاصلاح السياسية والاعلامية والادارية،والمشاركة الفاعلة في بناء الأردن،والتوافق على قانون انتخاب عصري يشجع الناس على العمل السياسي والحزبي ويسهم في زيادة مشاركتهم في صنع القرار والتنافس الحر في الانتخابات على اسس برامجية».
وقد حمّل الخطاب الملكي ممثلي السلطات مسؤولياتهم في هذه المرحلة،بقوله:»مسؤولياتكم في هذه المرحلة كبيرة، وأملي أن يكون الجميع يدا واحدة، وفريقا واحدا لخدمة شعبنا، ولتلبية احتياجات الناس، والاستماع لهم والتواصل معهم، وتقديم مصلحة شعبنا على كل شيء آخر، شعبنا يستحق منا جميعا الوضوح والصراحة حول كل شي».
الإصلاح ليس جديداً
على ان البعض يرى ان مسيرة الإصلاح ليست جديدة في الأردن،وانطلقت منذ عام 1989 من خلال «الميثاق الوطني الأردني» الذي أعدته شخصيات سياسية أردنية مشهود لها،نقيب الأطباء السابق الدكتور زهير ابو فارس يشدد على «الحاجة الى إرادة تنفيذية حقيقية لتطبيق الإصلاح ورؤية جلالة الملك،خصوصا وان الأردن سبق العديد من الدول في المنطقة بوضع الخطوط العريضة للإصلاح من خلال الميثاق الوطني». ويضيف أبو فارس:» تنفيذ الإصلاح منذ ذلك الوقت مرت بنكسات في تطبيق بنود الميثاق عام 1989،كل ما نحتاجه تصويب هذه الأخطاء ومراجعة بنوده،خصوصا مع وجود تناغم واضح بين ما يريده الملك وتطلعات المواطن في هذا المجال».
وقال «التقصير كان واضحا من الحكومات وقد آن الأوان لكي تستجيب كل القوى الحية في مجتمعنا لدعوات الحوار الهادئ والبناء الذي يضع مصلحة البلاد أولا في المقدمة من خلال الاتفاق على أجندة وخريطة طريق واضحة في عناوينها ووسائل تنفيذ الإصلاح الذي هو مسؤولية جماعية».
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة @ العقيد @
المفضلات