كتب- حاتم العبادي - يعول مراقبون على وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وجيه عويس في نقل تجربته الممتدة الى عدة سنوات في جامعة العلوم والتكنولوجيا الى باقي أجساد قطاع التعليم العالي، الذي يعاني من نفس «المشاكل» وتواجه ذات التحديات.
ويقر المراقبون، بأن نقل التجربة بأسلوب القطع واللزق(copy and paste) ليس هو الحل، إنما التعويل في الإطار العام في التعاطي مع قضايا القطاع، على رأسها مشكلة البعد المالي وتوفير مصادر دخل للجامعات.
وفي أول تصريح للدكتور عويس، كان خلال لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني الأحد الماضي مع أعضاء مجلس عمداء الجامعة الهاشمية، عندما أكد أن جميع ملفات قضايا القطاع تكون مفتوحة على طاولة حوار سيعقد مع رؤساء الجامعات الاردنية بشكل مستمر.
ما ذكره الوزير عويس خلال اللقاء «نعي جميع مشاكل التعليم العالي.. وقضايا الاردن»، يشير الى أن لديه رؤية في جعبته لتنفيذ استراتيجية التعليم العالي، والبناء على ما تراكم من إنجازات على مدار السنوات الماضية، وهو ما اعاد التشديد عليه بالقول ان هنالك نهجا جديدا في التعامل.
وتعتمد تلك الرؤية، بحسب الكلمات القليلة، التي ذكرها عويس، على ضرورة تحديد الأولوية.. والسعي نحو الربط الحقيقي بين التعليم ومخرجاته مع باقي القطاع الإنتاجية، خصوصا الصناعية منها.
الى جانب تأكيد اخر للدكتور عويس، أساسه ضرورة استقلالية الجامعات من اجل أن تتحمل الجامعات مسؤولية نوعية وجودة ومخرجاتها، وهذا يتطلب تعديل تشريعات وإلغاء أعراف درج على إتباعها من شأنها النيل من هذه الميزة.
لا أحد ينكر أن جامعة العلوم والتكنولوجيا، أضحت «إنموذجا» يحتذى به على مستوى الجامعات الاردنية، وحتى على مستوى الجامعات في المنطقة، من سوية مرتفعة من التعليم ومخرجاته، والتي عكستها كثير من المنجزات والمشاريع البحثية المتواصل لطلبتها وأعضاء هيئة التدريس.
كما أنها صاحبة الريادية في وضع خطة ابتعاث منذ عدة سنوات، حافظت من خلالها على «تعويض» النقص في هجرات الكفاءات الاردنية.. تلك الهجرة، التي باتت «الهاجس» الأكبر الذي تواجهه الجامعات، بسبب المغريات المالية التي تقدم لهم من جامعات خارجية.. في ظل ترنح غالبية الجامعات الاردنية من «أزمات مالية» تتمثل في مديونية ما تزال الحكومات تدفعها، ونقصان متدرج في حجم الدعم الحكومي.. وعجز في الموازنات السنوية لها.
ومن خلال تجربته في جامعة العلوم والتكنولوجيا، التي حرص من خلالها على أن تكون سفير الاردن التعليمي في العديد من الدول العربية والإسلامية والأجنبية من خلال احتضانها العديد من الطلبة الوافدين، الذين هم بمثابة سفراء وممثلين لها بعد التخرج، قد تكون هذه التجربة «الناجحة» محط اهتمام الوزير الجديد.
وكان لهذه التجربة في «التكنو» أثار ايجابية يتحدث عنها واقع الجامعة ومن خلال الأرقام، إذ أنها مع جامعات أردنية قليلة، لا تعاني من عجز في موازنتها، وكذلك لا يوجد عليها اية مديونية وإن كان فهي قليلة وبسيطة، من خلال ما مصادر الدخل التي يوفرها هؤلاء الطلبة الوافدين للجامعة، والذين يلتحقون من خلال برامج الموازية للبرنامج العادي، والذي يمتاز بان رسومه مرتفعة مقارنة مع «العادي».
ولا يقتصر هذا البعد ( الاقتصادي) على الجامعة وحدها، إنما على الاقتصاد الوطني، من خلال «العملة الصعبة» التي تدخل جراء وجود هؤلاء الطلبة في الاردن، والتي تمثل واقع معيشتهم في الاردن، هذا من جهة... وأحياء للمجتمعات المحلية اقتصاديا وثقافيا من جهة أخرى.
ولتعميم التجربة على باقي الجامعات، يتطلب من الوزير الجديد، إعادة النظر في الاشتراطات الأخيرة التي كان من شأنها الحد من قدوم هؤلاء الطلبة الى الجامعات الاردنية، خصوصا فيما يتعلق بمعدل القبول واشتراطات أخرى تتمثل في مهارات قد يكتسبها الطالب من خلال دورات تعقدها الجامعات ذاتها.. وتضاعف الفائدة وتوسيعها.
إعادة النظر في تلك الاشتراطات لجهة إلغائها او تخفيفها، ليس معناه أن يؤدي الى إضعاف او تدني مخرجات الجامعات الاردنية، في ظل التأكيد على ضرورة عدم منح الشهادة من أي جامعة إلا لمن يستحقها، وإلغاء فكرة من دخل الجامعة أمن التخرج منها بشهادة.. الى جانب التأكيد على أن دور الجامعات تأهيلي وتعليمي وتربوي، ولا يقتصر على الجانب التعليمي.
وهذا يقودنا الى جانب أخر من اولويات التعليم العالي، الذي يتمثل في الجانب التقني والتطبيقي، الذي تعتبر جامعة «التكنو» كما يحب ان يسميها طلبتها ومحبيها، الأولى في هذا المجال، والذي عززه طبيعة التخصصات التي تطرحها.
ومن المحاور الرئيسة، الضرورية، زيادة الدعم للطلبة، في ظل أن هنالك مشاريع تدرس حاليا، يرى مختصون انه من الصعوبة بمكان في الوقت الحالي جعلها حقيقة ماثلة على ارض الواقع، خصوصا في بعد توفير التمويل والنقد لها.. الأمر الذي يتطلب اللجوء على شراكة حقيقية من مؤسسات تمويلية لها مصلحة من دعم مخرجات الجامعات، حتى تستفيد من تلك الكفاءات بعد التخرج.
ومن المقترحات، التي يمكن للقائمين على التعليم العالي التعامل معها، بجدية، ضرورة إيجاد قوانين جديدة تراعي مقتضيات الواقع والتطلعات المستقبلية.. وهنا يطرح سؤال، هنالك اجتماعات دورية او شهرية ستعقد مع رؤساء الجامعات للتشاور والتباحث في قضايا التعليم.. لذا لماذا تم استبعاد رؤساء الجامعات بموجب قانون التعليم العالي من عضوية مجلس التعليم العالي؟ حيث كان يجب توسيع العضوية لتضم ما ادخله القانون المؤقت الأخير، وليس إحلالهم مكان رؤساء الجامعات، باعتبار ان «أهل مكة اعلم بشعابها».
ومن الملفات، التي ستكون مطروحة أمام الوزير، توفير بيئة تشريعية، تطوع من خلالها القوانين والأنظمة بما يخدم تجاوز التحديات.. وتحقيق الطموحات، والذي يجب ان يكون من خلال تغييرات أهدافها عميقة.. لا من خلال تعديلات سطحية او تبديل شخص بأخر
التعامل الواقعي القائم على ضرورة مراعاة المصلحة العامة.. هو الضرورة التي يجب ان ينطلق من خلالها الوزير ورئيس مجلس التعليم العالي الجديد... الدكتور عويس.. هذا يتطلب تغييرات ومداخلات عميقة تعظم المنجز وترتقي بتسارع الى الأفضل... ليبقى الرهان مطروحا.. حتى نرى الحقائق على الأرض.
رد مع اقتباس
المفضلات