يعطيكي الف عافيه

هل هذا غضب على الصين التي تنتهج سياسة الطفل الواحد ؟

احب ان انقل هذا التقرير


خلف الأسوار الرمادية العالية لقرية "ييتشنج" الواقعة في الريف الصيني، والتي يعتمد سكانها على الزراعة، يجري الأزواج الفلاحون تجربة قد تشير نتائجها بحسب مصمميها -إلى أن السياسة غير الشعبية والمُكلفة التي طبقتها الصين خلال ربع القرن الأخير والخاصة بالسماح لكل أسرة صينية بإنجاب طفل واحد فقط لم تكن ضرورية. وعلى مدى 21 عاماً حظي سكان هذه المقاطعة التابعة لمحافظة "شانزي" بالإعفاء من سياسة "الطفل الواحد"، التي تعتبر حجر الزاوية في الجهود التي تبذلها الحكومة الصينية للتحكم في الزيادة السكانية، حيث سُمح لكل عائلة من عائلاتها بإنجاب طفلين. وعلى رغم ذلك الإعفاء، فإن معدل المواليد في هذه المقاطعة لا يزال أقل من المتوسط القومي. تعليقاً على ذلك يقول "تان كيجيان"، الأستاذ بأكاديمية العلوم الاجتماعية بالمحافظة: "لو كانت الصين بأسرها قد اتبعت نفس السياسة المطبقة في ييتشنج لكانت قد تمكنت من المحافظة على عدد السكان عند حدود 1.2 مليار نسمة".

يذكر أن تجربة "ييتشنج" التي ترعاها الحكومة، والتي تكاد تكون غير معروفة خارج دوائر تخطيط الأسرة، تخضع للتمحيص وتحظى بالاهتمام من قبل العديد من الخبراء الصينيين مع اقتراب "سياسة إنجاب طفل واحد" من نهاية عمرها الذي يبلغ 27 عاماً الآن ويقول "تشن وي" رئيس قسم السكان والتنمية المستدامة بجامعة "زينمين" في بكين: "إن معظم العلماء يقترحون على الحكومة أن تعمل على تغير سياستها القائمة على السماح لكل عائلة بإنجاب طفل واحد فقط واستبدالها بسياسة أخرى تسمح بإنجاب طفلين... وليس شرطاً أن تبدأ هذه السياسة الآن، وإنما يمكنها أن تبدأ عام 2010 مع بداية الخطة الخمسية التالية للحكومة الصينية" ويصر المسؤولون في مجلس التخطيط العائلي والسكاني الذي كان منوطاً به تنفيذ سياسة إنجاب طفل واحد على أن "نجاح سياسة تنظيم الأسرة الصينية كان أمراً تعقد عليه الحكومة الصينية أهمية كبرى، وأنها اتخذت كافة التدابير التي تضمن ذلك النجاح" ويرى بعض المهتمين أن سياسة إنجاب طفل واحد فقط، لم تؤدِّ فقط إلى إثارة قلق عالمي بشأن عمليات الإجهاض والتعقيم القسرية، ولكنها كانت سبباً في إثارة مخاوف أجيال من النساء الصينيات كما ترتبت عليها تركة خطيرة تتمثل في أن سكان الصين أصبحوا يشيخون بسرعة كبيرة؛ حيث تشير التقديرات الحكومية الرسمية إلى أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك 234 مليون صيني (ما يعادل 16 في المئة من التعداد الإجمالي للسكان) قد تجاوزوا سن الستين، علماً بأن منْ هم فوق الستين من الجنسين يشكلون في الوقت الراهن 9 في المئة فقط من ذلك التعداد.

في الوقت نفسه، تشير تلك التقديرات إلى أن 30 مليون صيني لن يجدوا زوجات عام 2020. فالتفضيل الطبيعي لإنجاب الذكور وانتشار تقنية الفحص بالموجات فوق الصوتية، وسياسة إنجاب طفل واحد... عوامل تضافرت جميعها من أجل تشكيل توجه واسع النطاق لإجراء عمليات إجهاض انتقائية "أي بناءً على جنس الجنين" ونظراً لأن المواليد من الإناث يفوقون المواليد من الذكور بمعدل 118 إلى 100، فإن الصين في الحقيقة تراكم "خطراً مستتراً" يمكن أن يؤثر على استقرارها الاجتماعي كما جاء في تقرير حكومي صدر مؤخراً. بيد أن الإجهاض التمييزي، أي الإجهاض بناء على جنس الجنين لا يمثل مشكلة في الوقت الراهن في مقاطعة "يتشينج" التي طالما كان يتم اختيارها لتطبيق السياسات الأكثر ليبرالية المفروضة على البلاد وفي الحقيقة أن "سياسة الطفل الواحد"، لم تكن صارمة دائماً بل تميزت بالمرونة منذ بداية انطلاقها. فعلى رغم أن تلك السياسة قد طبقت بصرامة في بعض المدن، وهو ما أثر على ما نسبته 36 في المئة من السكان، فإن الآباء في معظم المناطق الريفية والذين تبلغ نسبتهم 53 في المئة من الصينيين قد سمح لهم بإنجاب طفل ثانٍ، إذا ما كان طفلهم الأول أنثى. وفي حالات محدودة كان يسمح للعائلات بأن يكون لديها ثلاثة أطفال كحد أقصى ويقول البروفيسور "تشن" أن ذلك يعني أن المعدل بالنسبة للصين إجمالاً كان يعادل (طفلاً و"نصف الطفل" للعائلة الواحدة).

بيد أن الوضع كان مختلفاً بالنسبة لمقاطعة "يتشينج" التي يبلغ تعدادها 310 ألف نسمة، حيث كان يسمح للعائلات هناك بإنجاب طفلين بصرف النظر عن جنس مولودها الأول ذكراً كان أم أنثى، وكان الشرط الوحيد للسماح لتلك العائلات بذلك هو الالتزام ببعض الشروط التي وضعتها الحكومة الصينية.

وكانت تلك الشروط تتضمن عدم السماح للرجل بالزواج قبل 25 عاماً والمرأة قبل 23 والتعرض لغرامة في حالة مخالفة ذلك. وكان يتعين على كل من الزوج والزوجة أيضاً بموجب تلك الشروط أن ينتظرا لمدة ست سنوات قبل أن ينجبا طفلهما الثاني، وفي حالة عدم الالتزام بذلك، كانا يتعرضان لغرامة تصل إلى 160 دولاراً بالعملة الصينية سنوياً، أي ما يعادل 20 في المئة من متوسط الدخل العائلي السنوي في تلك المنطقة ويشير الخبراء إلى أن النمو الاقتصادي المتسارع الذي تشهده الصين حالياً قد عزز سياسة إنجاب طفل واحد، خصوصاً في المناطق الريفية، حيث أصبحت أعداد متزايدة من السكان ترى أن إنجاب طفل ثانٍ، سيكون أمراً مكلفاً لأنه سيحتاج إلى الكثير من الأموال من أجل تعليمه، علاوة على أن العمل الزراعي لم يعد في حاجة إلى الأبناء بسبب انتشار الآلات، بالإضافة إلى الاتجاه المتزايد أيضاً للأبناء الصينيين لعدم رعاية الوالدين عندما يتقدم بهم العمر، وهو دافع من الدوافع الأساسية التي كانت تدفع الأسر إلى إنجاب الأطفال.

*كاتب أميركي متخصص في شؤون العلوم والتقنية

الان هنا نقول ان كله بيد الله

واللهم امن بلادنا بالخيرات وابعدها عن الكوارث

كل ودي لكِ