احباب الاردن التعليمي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 15

الموضوع: كنوز جزء عم ( سورة النازعات )

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Mar 2010
    المشاركات
    976
    معدل تقييم المستوى
    58872

    كنوز جزء عم ( سورة النازعات )

    {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }




    (( وَالنَّـزِعَـتِ غَرْقاً * وَالنَّـشِطَـتِ نَشْطاً * وَالسَّـبِحَـتِ سَبْحاً * فَالسَّـبِقَـتِ سَبْقاً * فَالْمُدَبِّرَتِ أَمْراً * ))


    {والنازعات } يعني الملائكة الموكلة بقبض أرواح الكفار تنزعها


    {غرقا} أي نزعاً بشدة.


    {والناشطات نشطا} يعني الملائكة الموكلة بقبض أرواح المؤمنين، تنشطها نشطاً: أي تسلها برفق كالأنشوطة، والأنشوطة: الربط الذي يسمونه عندنا (التكة) أو ما أشبه ذلك من الكلمات، يعني يكون ربطاً بحيث إذا سللت أحد الطرفين انفكت العقدة وهذا ينحل بسرعة وبسهولة، فهؤلاء الملائكة الموكلة بقبض أرواح المؤمنين تنشطها نشطاً أي: تسلها برفق، وسبب ذلك أن الملائكة الموكلة بقبض أرواح الكفار إذا دعت الروح إلى الخروج تناديها بأقبح الأوصاف تقول الملائكة لروح الكافر: اخرجي أيتها النفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث، اخرجي إلى غضب الله، فتنفر الروح لا تريد أن تخرج إلى هذا، وتتفرق في الجسد حتى يقبضوها بشدة، وينزعوها نزعاً يكاد يتمزق الجسد منها من شدة النزع. أما أرواح المؤمنين ـ جعلني الله وإياكم منهم ـ فإن الملائكة إذا نزلت لقبضها تبشرها: أخرجي يا أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب أخرجي إلى رضوان الله ، فيهون عليها أن تفارق جسدها الذي ألفته فتخرج بسهولة، ولهذا لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه». قالت عائشة: يا رسول الله: إنَّا لنكره الموت، فقال: «ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بُشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه»، لأنه في تلك اللحظة يرى أنه سينتقل إلى دار أحسن من الدار التي فارقها فيفرح كما يفرح أحدنا إذا قيل له أخرج من بيت الطين إلى بيت المسلح القصر المشيد الطيب، فيفرح فيحب لقاء الله، والكافر ـ والعياذ بالله ـ بالعكس إذا بشر بالغضب والعذاب فإنه يكره أن يموت، يكره لقاء الله فيكره الله لقاءه.


    {والسابحات سبحا} هي الملائكة تسبح بأمر الله، أي تسرع فيه كما يسرع السابح في الماء، وكما قال تعالى عن الشمس والقمر والليل والنهار {كل في فلك يسبحون} [يس: 40]. فالمعنى أنها تسبح بأمر الله عز وجل على حسب ما أراد الله سبحانه وتعالى، وهم أي الملائكة أقوى من الجن، والجن أقوى من البشر، انظر إلى قوله تعالى عن سليمان: {يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين. قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} [النمل: 38 ـ 40]. يعني إذا مددت طرفك ثم رجعته فقبل أن يرجع إليك آتيك به {فلما رآه مستقرّاً عنده} في الحال رآه مستقراً عنده {قال هذا من فضل ربي ليبلوني ءَأَشكر أم أكفر} قال العلماء: إنه حملته الملائكة حتى جاءت به إلى سليمان من اليمن، وسليمان بالشام بلحظة فدل هذا على أن قوة الملائكة أشد بكثير من قوة الجن، وقوة الجن أشد من بني آدم ؛ لأنه لا يستطيع أحد من بني آدم أن يأتي بعرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام إلا مدة طويلة، فالحاصل أن الملائكة تسبح بأمر الله عز وجل بما يأمرها به.



    {فالسابقات سبقاً} أيضاً هي الملائكة تسبق إلى أمر الله عز وجل، ولهذا كانت الملائكة أسبق إلى أمر الله وأقوم بأمر الله من بني آدم، قال الله تعالى في وصف ملائكة النار: {عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}. [التحريم: 6]. وقال عز وجل: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون} [الأنبياء: 19، 20]. فهم سباقون إلى أمر الله عز وجل بما يأمرهم لا يعصونه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لقوتهم وقدرتهم على فعل أوامر الله عز وجل.




    {فالمدبرات أمراً} أيضاً وصف للملائكة تدبر الأمر، وهو واحد الأمور يعني أمور الله عز وجل لها ملائكة تدبرها، حسب أمره فجبرائيل موكل بالوحي يتلقاه من الله وينزل به على الرسل، وإسرافيل موكل بنفخ الصور الذي يكون عند يوم القيامة ينفخ في الصور فيفزع الناس ويموتون، ثم ينفخ فيه أخرى فيبعثون، وميكائيل موكل بالقطر وبالمطر والنبات، وملك الموت موكل بالأرواح، ومالك موكل بالنار، ورضوان موكل بالجنة، وعن اليمين وعن الشمال قعيد موكل بالأعمال ، وملائكة موكلون بحفظ أعمال بني آدم كلٌّ يدبر ما أمره الله عز وجل به. فهذه الأوصاف كلها أوصاف للملائكة على حسب أعمالهم، وأقسم الله سبحانه وتعالى بالملائكة لأنهم من خير المخلوقات، ولا يقسم الله سبحانه وتعالى بشيء إلا وله شأن عظيم إما في ذاته، وإما لكونه من آيات الله عز وجل


    ولتفسير السورة بقية



    العلامة محمد بن عثيمين يرحمه الله
    المرجع : تفسير جزء عم ( سورة النازعات )

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973
    جزاك الله كل خير
    وبارك الله فيك

    [IMG]http://dc03.***********/i/01751/u674s73prh3c.gif[/IMG]

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Mar 2010
    المشاركات
    976
    معدل تقييم المستوى
    58872
    شكرا لك وبارك الله فيك

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Mar 2010
    المشاركات
    976
    معدل تقييم المستوى
    58872
    يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَـرُهَا خَـشِعَةٌ * يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى الْحَـفِرَةِ * أَءِذَا كُنَّا عِظَـماً نَّخِرَةً * قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَـسِرَةٌ * فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ}.


    قال تعالى: {يوم ترجف الراجفة. تتبعها الرادفة} هذه {يوم ترجف} متعلقة بمحذوف والتقدير أذكر يا محمد وذكّر الناس بهذا اليوم العظيم: {يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة}، وهما النفختان في الصور، النفخة الأولى ترجف الناس ويفزعون ثم يموتون عن آخرهم إلا من شاءالله، والنفخة الثانية يبعثون من قبورهم فيقوم الناس من قبورهم مرة واحدة،
    قال الله تعالى: {فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة} [النازعات:: 13، 14]


    إذا رجفت الراجفة وتبعتها الرادفة انقسم الناس إلى قسمين:

    {قلوب يومئذ واجفة. أبصارها خاشعة. يقولون إنا لمردودون في الحافرة. أإذا كنا عظاماً نخرة قالوا تلك إذاً كرة خاسرة} وهذه قلوب الكفار {واجفة} أي: خائفة خوفاً شديداً. {أبصارها خاشعة} يعني ذليلة لا تكاد تحدق أو تنظر بقوة ولكنه قد غضت أبصارهم ـ والعياذ بالله ـ لذلهم قال الله تعالى: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي}[الشورى: 45].


    وأما القسم الثاني فقلوبهم على عكس قلوب هؤلاء ويدل لهذا التقسيم قوله : { قلوب يومئذ} بصيغة النكرة ، فيكون المعنى : وقلوب على عكس ذلك ،

    {فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة} زجرة من الله عز وجل يزجرون ويصاح بهم فيقومون من قبورهم قيام رجل واحد على ظهر الأرض بعد أن كانوا في بطنها قال الله تبارك وتعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون} [يس: 53]. كل الخلق في هذه الكلمة الواحدة يخرجون من قبورهم أحياء، ثم يحضرون إلى الله عز وجل ليجازيهم، ولهذا قال: {فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة} وهذا كقوله تعالى: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} [القمر: 50]. يعني أنَّ الله إذا أراد شيئاً إنما يقول له: (كن) مرة واحدة فقط فيكون ولا يتأخر هذا عن قول الله لحظة {كلمح بالبصر} والله عز وجل لا يعجزه شيء، فإذا كان الخلق كلهم يقومون من قبورهم لله عز وجل بكلمة واحدة فهذا أدل دليل على أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأن الله لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض كما قال تعالى: {وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً} {فاطر :44}.

  5. #5
    الاداره
    تاريخ التسجيل
    Tue May 2009
    الدولة
    الرايه الهاشميه حفظها الله
    المشاركات
    212,599
    معدل تقييم المستوى
    21475063

    جزاك الله كل الخير وبارك بجهودك الطيبه
    ليس من الصعب ان تصنع الف صديق فى سنة
    لكن من الصعب ان تصنع صديقا لألف سنة
    يكفيني فخرا انني ابن الرايه الهاشميه

  6. #6
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Tue Sep 2008
    الدولة
    في بستان الورد
    المشاركات
    24,164
    معدل تقييم المستوى
    21474876
    جزاك الله خير
    وباركـ اللـه فيكـ
    وجعله في ميزان حسناتك

  7. #7
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Apr 2010
    الدولة
    ~~ بلد الاحلام ~~
    العمر
    33
    المشاركات
    4,165
    معدل تقييم المستوى
    21
    جزاك الله كل خير

  8. #8
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669





    ربي يجزاك الخير كله
    بوركت جهودك
    وفقك الله وزادك نورا

    اختكم بالله



  9. #9
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Mar 2010
    المشاركات
    976
    معدل تقييم المستوى
    58872
    شكرا لكم وبارك الله في الجميع

  10. #10
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Mar 2010
    المشاركات
    976
    معدل تقييم المستوى
    58872
    {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى * فَأَرَاهُ الآية الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الاَْعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الاَْخِرَةِ وَالاُْوْلَى * إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى}.



    قال تعالى مبيناً ما جرى للأمم قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الله تعالى: {هل أتاك حديث موسى} والخطاب في قوله: {هل أتاك} للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل من يتأتى خطابه ويصح توجيه الخطاب إليه، ويكون على المعنى الأول (هل أتاك يا محمد)،

    وعلى المعنى الثاني: (هل أتاك أيها الإنسان) {حديث موسى} وهو ابن عمران عليه الصلاة والسلام أفضل أنبياء بني إسرائيل، وهو أحد أولي العزم الخمسة الذين هم: محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح عليهم الصلاة والسلام، وقد ذكر هؤلاء الخمسة في القرآن في موضعين، أحدهما في الأحزاب في قوله تعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم} [الأحزاب: 7]. والثاني في قوله تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصَّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى} [الشورى: 13]. وحديث موسى عليه الصلاة والسلام ذكر في القرآن أكثر من غيره؛ لأن موسى هو نبي اليهود وهم كثيرون في المدينة وحولها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت قصص موسى أكثر ما قص علينا من نبأ الأنبياء وأشملها وأوسعها


    وفي قوله: {هل أتاك حديث موسى} تشويق للسامع ليستمع إلى ما جرى في هذه القصة.


    {إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى} ناداه الله عز وجل نداءً سمعه بصوت الله عز وجل، قال تعالى: {وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيًّا}[مريم: 52].


    وقوله: {بالواد المقدس} هو الطور، والوادي هو مجرى الماء، وسماه الله مقدساً لأنه كان فيه الوحي إلى موسى عليه الصلاة والسلام.


    وقوله: {طوى} اسم للوادي.


    {اذهب إلى فرعون إنه طغى} فرعون كان ملك مصر، وكان يقول لقومه إنه ربهم الأعلى، وأنه لا إله غيره {وقال فرعون يا أيها الملا ما علمت لكم من إله غيري} فادعى ما ليس له، وأنكر حق غيره وهو الله عز وجل، وأمر الله نبيه موسى عليه الصلاة والسلام أن يذهب إلى فرعون وهذه هي الرسالة، وبين سبب ذلك وهو طغيان هذا الرجل ـ أعني فرعون ـ وفي سورة طه قال: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى} [طه: 43]. ولا منافاة بين الايتين وذلك أن الله تعالى أرسل موسى أولاً ثم طلب موسى صلى الله عليه وآله وسلم من ربه أن يشد أزره بأخيه هارون فأرسل هارون عليه الصلاة والسلام مع موسى فصار موسى وهارون كلاهما مرسل إلى فرعون. وقوله تعالى: {إنه طغى} أي: زاد على حده؛ لأن الطغيان هو الزيادة، ومنه قوله تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} [الحاقة: 11]. ومنه الطاغوت: لأن فيه مجاوزة الحد.



    {فقل هل لك إلى أن تزكى} الاستفهام هنا للتشويق، تشويق فرعون أن يتزكى مما هو عليه من الشر والفساد، وأصل الزكاة النمو والزيادة، وتطلق بمعنى الإسلام والتوحيد، ومنه قوله تعالى: {وويل للمشركين. الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون} [فصلت: 6، 7]. ومنه قوله تعالى: {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} [الشمس: 9 ـ 10].


    {وأهديك إلى ربك} أي أدلك إلى ربك أي إلى دين الله عز وجل الموصل إلى الله. {فتخشى} أي فتخاف الله عز وجل على علم منك؛ لأن الخشية هي الخوف المقرون بالعلم، فإن لم يكن علم فهو خوف مجرد، وهذا هو الفرق بين الخشية والخوف. الفرق بينهما أن الخشية عن علم قال الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر:: 28]. وأما الخوف فهو خوف مجرد ذعر يحصل للإنسان ولو بلا علم، ولهذا قد يخاف الإنسان من شيء يتوهمه لا حقيقة له، قد يرى في الليلة الظلماء شبحاً لا حقيقة له فيخاف منه، فهذا ذعر مبني على وهم، لكن الخشية تكون عن علم. فذهب موسى عليه الصلاة والسلام وقال لفرعون ما أمره الله به {هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى}


    ولما كان البشر لا يؤمنون ولا يقبلون دعوى شخص أنه رسول إلا بآية كما أنه لا يقبل من أحد دعوى إلا ببينة جعل الله سبحانه وتعالى مع كل رسول آية تدل على صدقه، وهنا قال:

    {فأراه الآية الكبرى} يعني أرى موسى فرعون الآية الكبرى، فما هي هذه الآية؟ الآية أن معه عصاً من خشب من فروع الشجر كما هو معروف، فكان إذا وضعها في الأرض صارت حية تسعى ثم يحملها فتعود عصا، وهذا من آيات الله أن شيئاً جماداً إذا وضع على الأرض صار حية تسعى، وإذا حمل من الأرض عاد في الحال فوراً إلى حاله الأولى عصا من جملة العصي، وإنما بعثه عليه الصلاة والسلام بهذه الآية، وبكونه يدخل يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء أي من غير عيب، أي: بيضاء بياضاً ليس بياض البرص ولكنه بياض جعله الله آية، إنما بعثه الله بالعصا واليد؛ لأنه كان في زمن موسى السحر منتشراً شائعاً فأرسله الله عز وجل بشيء يغلب السحرة الذين تصدوا لموسى عليه الصلاة والسلام. قال أهل العلم: وفي عهد عيسى صلى الله عليه وآله وسلم انتشر الطب انتشاراً عظيماً، فجاء عيسى بأمر يعجز الأطباء، وهو أنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برىء، إذا جيء إليه بشخص فيه عاهة أي عاهة تكون مسحه بيده ثم برىء بإذن الله {يبرىء الأكمه والأبرص} مع أن البرص لا دواء له لكن هو يبرىء الأبرص بإذن الله عز وجل، ويبرىء الأكمه الذي خلق بلا عيون، وأشد من هذا وأعظم أنه يحيي الموتى بإذن الله، يؤتى إليه بالميت فيتكلم معه ثم تعود إليه الحياة، وأشد من ذلك وأبلغ أنه يخرج الموتى بإذن الله من قبورهم، يقف على القبر وينادي صاحب القبر فيخرج من القبر حيًّا، وهذا شيء لا يمكن لأي طب أن يبلغه، ولهذا كانت آية عيسى في هذا الوقت مناسبة تماماً لما كان عليه الناس. قال أهل العلم: أما رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد أتى إلى العرب وهم يتفاخرون في الفصاحة، ويرون أن الفصاحة أعظم منقبة للإنسان فجاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بهذا القرآن العظيم الذي أعجز أمراء الفصاحة، وعجزوا عن أن يأتوا بمثله، قال الله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} [الإسراء: 88]. يعني لو كان بعضهم يعاون بعضاً فإنهم لن يأتوا بمثله. حينئذ نقول إن موسى عليه الصلاة والسلام أرى فرعون الآية الكبرى ولكن لم ينتفع بالآيات {وما تغني الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون} [يونس: 101]. {إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب} [يس: 11]فالذين ليس في قلوبهم استعداد للهداية لا يهتدون ولو جاءتهم كل آية ـ والعياذ بالله ـ ولهذا قال:



    {فكذب وعصى} كذب الخبر، وعصى الأمر، يعني قال لموسى إنك لست رسولاً بل قال {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} [الشعراء: 27]. وعصى الأمر فلم يمتثل أمر موسى ولم ينقد لشرعه.


    {ثم أدبر يسعى} أي تولى مدبراً يسعى حثيثاً.


    {فحشر فنادى} حشر الناس أي جمعهم ونادى فيهم بصوت مرتفع ليكون ذلك أبلغ في نهيهم عما يريد منهم موسى عليه الصلاة والسلام.



    {فقال أنا ربكم الأعلى} يعني لا أحد فوقي لأن {الأعلى} اسم تفضيل من العلو، فانظر كيف استكبر هذا الرجل وادعى لنفسه ما ليس له في قوله: {أنا ربكم الأعلى} وكان يفتخر بالأنهار والُملك الواسع يقول لقومه في ما قال لهم {يا قومِ أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين} [الزخرف:: 51، 52]. فما الذي حصل؟ أغرقه الله عز وجل بالماء الذي كان يفتخر به، وأورث الله ملك مصر بني إسرائيل الذين كان يستضعفهم.


    {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى} أخذه الله تعالى أخذ عزيز مقتدر، {نكال الآخرة والأولى} يعني أنه نكّل به في الآخرة وفي الأولى، فكان عبرة في زمنه، وعبرة فيما بعد زمنه إلى يوم القيامة، كل من قرأ كتاب الله وما صنع الله بفرعون فإنه يتخذ ذلك عبرة يعتبر به، وكيف أهلكه الله مع هذا الملك العظيم وهذا الجبروت وهذا الطغيان فصار أهون على الله تعالى من كل هين.


    {إن في ذلك لعبرة لمن يخشى} {إن في ذلك} أي فيما جرى من إرسال موسى إلى فرعون ومحاورته إياه واستهتار فرعون به واستكباره عن الانقياد له عبرة، {لمن يخشى} أي يخشى الله عز وجل، فمن كان عنده خشية من الله وتدبر ما حصل لموسى مع فرعون والنتيجة التي كانت لهذا ولهذا فإنه يعتبر ويأخذ من ذلك عبرة، والعبر في قصة موسى كثيرة ولو أن أحداً انتدب لجمع القصة من الايات في كل سورة ثم يستنتج ما حصل في هذه القصة من العبر لكان جيداً، وذلك بأن يأتي بالقصة كلها في كل الايات، لأن السور في بعضها شيء ليس في البعض الآخر، فإذا جمعها وقال مثلاً يؤخذ من هذه القصة العظيمة العبر التالية ثم يسردها، كيف أرسله الله عز وجل إلى فرعون؟ كيف قال لهما {فقولا له قولاً ليناً} [طه: 44]. مع أنه مستكبر خبيث؟ وكيف كانت النتيجة؟ وكيف كان موسى عليه الصلاة والسلام ، خرج من مصر خائفاً على نفسه يترقب كما خرج الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة يترقب، وصارت العاقبة للرسول عليه الصلاة والسلام ولموسى عليه الصلاة والسلام، لكن العاقبة للرسول صلى الله عليه وسلّم بفعله وأصحابه، عذب الله أعداءهم بأيديهم، وعاقبة موسى بفعل الله عز وجل، فهي عبر يعتبر بها الإنسان يصلح بها نفسه وقلبه حتى يتبين الأمر.

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ليبيا تحول 50 مليون دينار كمستحقات للمستشفيات والفنادق الاحد
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى جريدة الراي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-04-2012, 08:57 AM
  2. 'شباب 9 مارس' ينخرطون في مواكبة الإصلاحات الدستورية بمراكش
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى اخبار المغرب
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-05-2011, 08:01 AM
  3. اوباما يقرر إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان خلال 6 اشهر
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى منتدى الاخبار العربية والمحلية
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 04-12-2009, 12:38 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك