المستشفيات الخاصة
بقلم : الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
واقع شديد الوطأة على النفس ، يتراوح بين الحقيقة والخيال ، ولا يكاد يصدق عن واقع المستشفيات الخاصة في الأردن ، والتي هي استثمار بحت...!!
فلا توجد حالة وسطى بين الطب الميري والطب الخاص ، الا الدهشة مما أسمع من الآخرين ، لإنني وأسرتي مؤمنون في الخدمات الطبية الملكية ، ونتعالج في المستشفيات العسكرية الراقية ، ولا يعنينا من الخاصة والحكومية الا ما نسمع من الآخرين ...!!!
أهم قسم في المستشفى الخاص هو المحاسب ..!!
وقبل أن ينظر أي واحد من الطواقم الطبية بوجهك ، عليك الحصول على صك غفران من المحاسب ، وأرقامه فلكية ، ولا تمر الرحمة والأنسانية قربه أبدا ...!!!
الحكاية هنا ليست على تكاليف العلاج الباهضة ، ولكن أسباب أخرى قد تكون وجاهئية ، وقد لا تكون ، وهي أسباب طبية قاهرة ...فأليكم الحكاية ، وهي متصلة بمدينة الثقافة لعام 2010 م ، مدينة الزرقاء ، التي كانت يوما مدينة الجيش ، ومنذ عهد قريب جدا احتفلت بعيد ميلادها المائة ...!!!
عمي أبو موسى ، رجل مسن ، وضعيف البنية ، وحزنه يتجدد على فقد رفيقة عمره التي فارقته منذ سنوات ، وهو مريض وقليل الحركة ، ولكنه يحافظ على صلاة الجماعة في المسجد ، وله كرسي خاص ، مكتوب اسمه عليه ، والنداء للصلاة يجذبه من كل أحواله ، فيتكئ على عكازه ويتوجه الى المسجد ، ان لم يكن أحد من أحفاده موجودا ، وان كان أحدهم موجودا فيحمله في سيارته الى المسجد ...!!!
قبل أيام ذهب قبل العصر بساعة ، ولكنه سقط على مدخل المسجد بعد أن خانته قواه الواهنة ، وتم اسعافه حيث حمله أحد رواد المسجد من اسكان طلال / الرصيفة ، الى مستشفى الأمير هاشم العسكري في الزرقاء ، فتبين أنه مصاب يكسر في ركبته ، فتم وضعه بالجبس ، وقد لحق به أحفاده ، وقاموا بواجبهم تجاهه ...!!!
ومن هنا ندخل صلب الموضوع ، اذ تعذر عليه ركوب السيارة ، وكان لا بد من سيارة اسعاف ، بعد رفض حفيده أحمد فكرة سيارة نقل الموتى لأحترام شعورجده الشيخ الجليل ، من حمله بها حيا ، وهي قضية نفسية بحت...!!!
فاتصلوا بالدفاع المدني فتعذر ذلك ، لأن واجب الدفاع المدني أخذ المصابين الى المستشفى ، وليس اعادتهم الى بيوتهم ، وكذلك سيارة اسعاف المستشفى ، ولم يكن هناك مجال سوى الأستعانه بالمستشفيات الخاصة في مدينة الزرقاء ، وهي أكثر من الهم على القلب ، فذهبوا الى مستشفى (.....) ، وشرحوا له الأمر ، ولكنه طلب مبلغ 150 دينارا ، مع ان المسافة لا تبلغ 10 كم ، يعني (كزدره قصيرة المدى) وممتعة ، خصوصا إن كانت لخطيبين جديدين ...!!!!
وذهبوا الى كل مستشفيات الزرقاء وكان الجواب يتراوح في نفس المكان ، ما بين الـ (100- 150 ) دينارا ، وبعد معركة طاحنة حصلوا على سيارة مقابل 60 دينارا ... لمجرد الركوب دون تقديم أي خدمة طبية ...!!!
السؤال : كم تتقاضى منهم ضريبة المبيعات ؟؟
ولماذ كل هذا التجبر ، وهذه التسعيرة الخيالية ؟؟
وألف لماذا تطرح نفسها دون جدوى..؟؟؟!!!!
ان المشوار في سيارة (ليموزين) لا يكلف (60) دينارا من الزرقاء الى اسكان الأمير طلال ، فلو كان يرافق المصاب طاقم طبي ، أو كانت هناك خدمة له ، لكان لذلك مبررا ..!!
وعلينا اذن أن نطرح فكرة التكسي الطبي ، ولو مكتب في كل محافظة ، لنزع رقاب الناس من بين مخالب حيتان الطب الخاص ، واعادتهم الى انسانيتهم ، بعد أن وحشهم المال ، وصارت البلد غابة ، لأبي ذراع ، والذي يمكنه أن يدفع ويشتري المخلب والناب ...!!!!
هذه حكاية غريبة ، ولا يجوز أن تكون في ديار المسلمين أبداً ، غيرها حكايات كثيرة ، وأغربها أن طفلا سقط ، فأحدث السقطة شقا تحت أنفه ، فحملوه الى مستشفى الأمير فيصل ، فقالوا لهم ، يوجد طبيب ، ولكن لا يوجد بنج للتخدير ، وتم تحويله الى مستشفى الحاوز ، وهناك قيل لهم يوجد طبيب ولكن لا يوجد بنج ...!!!!
معادلة صعبة وطريفة ، ولا يحرى بها أن توجد في بلدنا ، ولكنها للأسف موجودة ، وتفرض نفسها بقوة ...!!!
وهنا اضطر والد الطفل ان يأخذه الى احد مستشفيات الزرقاء الخاصة ، وكانت المساومة بينه وبين الطبيب ، فقال له : العملية بسيطة ، اذ تكلف دون تخدير 20 دينارا ، ويتم مسك وشد الطفل بقوة، ريثما يتم خياطة الجرح ، وهناك امكانية فتح غرفة عمليات ، واتمام العملية بطريقة انسانية وحضارية ، ولكن ذلك يكلف (60) دينارا ، وعليك ان تختار على رأي القباني نزار ، فلا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار (حلو السجع)..؟؟؟!!!
ولحسن حظ الطفل أن أباه كان يملك (60) دينارا ففتح له غرفة عمليات ...!!!!!
وقصص الطب الخاص في الأردن مثل (خرافية الغوله) لا ينتهي أبد ...!!!
أسماء الأشخاص والأماكن والأحداث موجودة لدينا ، ولكننا نهدف الأصلاح وتوجيه النظر ، ولا نهدف للتشهير ..!!
فانتبهي يا ضريبة المبيعات ، فمثل ان من حقهم جزر الناس وأكل لحومهم ، فـ للدولة حق بأخذ حقوقها منهم ، وبالصاع الوافي المليان ...!!!
http://www4.0zz0.com/2010/03/27/12/668939012.jpg
الداعي بالخير
صالح صلاح شبانة
رد مع اقتباس
المفضلات