ما بين الطلاق والخلع
ما بين الطلاق والخلع
- اذا كانت كل القوانين والشرائع، قد كفلت حق الانسان في الحياة، فانها ضمنا قد كفلت حقه في الخطأ .
ولان الرجل، احتكر هذا الحق، فقد طالب نصفه الانثى بان تبقى تحت عباءته ما دام حيا، وارتبط بتلك المرحلة مصطلح طّلقها والضمير يعود على الرجل واليه وليس للغائب..! وتغيرت الحال، وتبدلت الادوار قليلا، فبرز مصطلح اخلعيه ولطمنا..
تشريعيا واعلاميا، لصد رياح الخلع، لكن نصفنا انتزع منا حق الخطأ..فلماذا!
تجيب أم خالد وقد خلعت زوجها في عام 2005 كان يضربني ويشتمني، ولم يتوقف عن شرب الكحول ،وحوّل حياتنا الى جحيم، الصغار اصابهم رعبٌ من وجوده كان يركلهم بقدمه ويبحثون عن زوايا وهمية للاختباء في البيت.. طلبا للامان..
وتخاطبني وبعد كل ذلك تسألون عن التعسف، وهو استعمال الحق في غير موضعه .
اما المحامية الهام الشوا فتقول الزوجة تلجأ للخلع، لانها لا تستطيع ان تثبت دعواها في الشقاق والنزاع، لانه يحتاج الى بينة، وحتى في ابسط القضايا، لا تستطيع ان تثبت الايذاء الواقع عليها، فهو يحقرها بين ابنائها، الاقل من 18 عاما ولا يؤخذ باقوالهم، لان المحاكم لا تستمع لشهادة من هم دون سن الرشد.
وتفصل المحامية فريزة قموم في الاطار العام للخلع ووقوعه تحت مسميات العنف والضرب الشديد والمستمر والايذاء النفسي، وعلاقات الزوج المتعددة، وهجران الزوجة وعدم الانفاق عليها .
وحسب وصف فريزة فالخلع اسوأ الحلول، ان كان حلا..!
وصدمتني هيفاء حيدر-خبيرة دراسات المرأة -بقولها هل لك ان تتعاطف او تفكر او تحايد، فاذا طلبت زوجة الطلاق للغيبة والضرر لغياب الزوج سنتين، وهي لا تعرف اين هو ولا ينفق عليها ، وفجأة، اتصل الزوج هاتفيا، واثبت ذلك فان القاضي يستطيع ان يوقف القضية، فلم يعد هناك غيبة وضرر، بعد ان تكون الزوجة حفيت قدماها في المحاكم.. ولذلك تلجأ النساء للخلع .
ورغم كل المتاهات والمتناقضات في علاقة النصف بالنصف ،0الا ان المحامية فريزة قموم تعيدنا الى الينبوع الاول، .. عادة، لا اقبل، بقضايا الخلع في المرة الاولى، واطلب من الزوجة ان تراجع نفسها وتفكر، وحين تعود لمكتبي بعد شهر، اسألها فيما اذا كانت هناك امكانية للتروي والمراجعة ورأب الصدع، فالنفوس تتغير بالبعد ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا .
والملفت ان الفئة العمرية ما بعد الاربعين شكلت نسبة 2ر17% من اجمالي قضايا الخلع المفصولة في المملكة لعام 2004 حسب قسم الاحصاء والجداول في دائرة قاضي القضاة - وهي اعلى نسبة من بين الفئات العمرية الاخرى مقارنة ب3ر16 للفئة العمرية 24 - 62 سنة وب 8ر8% للفئة العمرية من 21 - 32 سنة.
وتروي ايناس 45 عاما معاناتها مع زوجها واسباب طلبها الخلع، فقد حاولت الاصلاح وفشلت ولجأت للنزاع والشقاق فتهت في دهاليز المحاكم لثلاثة اعوام وبلغ عدد القضايا بيننا 20 قضية ولجأت للخلع.. فلم استطع تحمل كرهه.. كان يشتمني ويحقرني امام الجميع وتنازلت عن حقوقي.
ف الاقتصاد مهم في موضوع الخلع، كما تقول المحامية الهام الشوا، وهو ذو حدين، فالاول افتداء الزوجة لنفسها، بعد عجزها عن اثبات دعوى الشقاق والنزاع والثاني خسارتها، فهي تؤدي للزوج ما دفعه من مهر وتنازل عن جميع حقوقها الشرعية والمالية من مؤخر صداق ونفقة المتعة ونفقة العدة.
والخلع يشيع لدى المقتدرات، اكثر من الفقيرات، وقانون الاحوال الشخصية لمصلحة الرجل، فهو يستطيع ان يطلّق غيابا او يوكل من يطلق له زوجته، كما ترى هيفاء حيدر.
المشترك بين فريزة قموم والهام الشوا وهيفاء حيدر ان المقة من الله - والمقة هي المحبة، وان قدسية الحياة الزوجية في المقام الاول، لانها ميثاق غليظ له تبعاته، وان عليك ان تحب لشريكك ما تحب لنفسك، وتتذكر حسناته عندما تنشب الخلافات.
اما اذا استحالت الحياة فالافضل والاكرم ان يتراضى الزوجان فيما بينهما حتى على الخلع، قبل ان تقيم الزوجة دعواها، كما تجمع على ذلك هيفاء وقموم والهام .
وتقول دائرة قاضي القضاة ان قضايا الخلع المدورة والواردة لمحافظة العاصمة بلغت 324 قضية في عام 2002 وفي عام 2003 وصلت الى 427 قضية وفي عام 2004 بلغت 677 قضية وفي العام 2005 بلغت 795 وان محافظة العاصمة شكلت اعلى نسبة في قضايا الخلع المسجلة لدى المحاكم الشرعية بنسبة 71% من اجمالي قضايا الخلع الواردة تلتها محافظة الزرقاء وجاءت محافظة اربد ثالثا.
واعتذر لكل من سألتهم عن التعسف في الخلع، فقد كان الاصوب ان اسألهم عن الاسباب ولكنه نصفي الذكوري ما زال يعيش سطوته ب حقه وحده في الخطأ .
وبما ان الطبيعة الخاصة لنظام الخلع تقتضي ان لا تورد الزوجة اسبابا لطلب الخلع، اكثر من اقرارها الصحيح بانها تكره زوجها، وتبغض الحياة معه، فان الحب قيمة لا ينبغي استبعادها من الحياة، ولا احد يحتاج الى سبب لكي يحب.. وقيل ان المحب لمن احب مطيع وليس خالع.
رد مع اقتباس
المفضلات