هل ستكون الوثائق المسربة ذريعة لجولة جديدة
من الجرائم ضد أهل السنة في العراق؟!
أحمد الظرافي
قناة الجزيرة القطرية بعد طول مداهنتها لإيران ولحزب الله وللشيعة، وتبنيها لوجهة نظرهم بالكامل، وفتح مكاتبها لتكون منابرا لنشر أفكارهم وللترويج لمبادئهم.
وبعد فضيحتها الأخيرة بنشر فتوى مختلقة للمرشد الإيراني علي خامنئي والترويج لها بصورة مبالغ فيها ، دون أن يكون هناك أصل لتلك الفتوى..
وبعد تزايد الأصوات المنتقدة لها، والمشككة في مصداقيتها والطاعنة في نزاهتها والتزامها بميثاق الشرف الصحفي..وخاصة فيما يتعلق بالقضايا العادلة الخاصة بأهل السنة..
بعد كل ذلك، تبنت قناة الجزيرة الترويج لمضمون الوثائق التي نشرها موقع وكليلكس، حول فظائع الأمريكان والمليشيات الشيعية، وجرائم الحرب المروعة التي ارتكبوها في حق أهل السنة في العراق. أهل السنة في العراق الذين كانت قناة الجزيرة تداري عن مأساتهم، وتتكتم عليها، وتحاول تمييعها أي جعلها جزءا من قضايا المنطقة، وتتحاشى أن تسمي الأشياء بأسمائها، وتمارس سياسة الخداع والتضليل في عرض قضيتهم على العالم، خوفا من الحكومة الإيرانية واتقاء لشرها.
وقناة الجزيرة وهي تتبنى نشر مضمون هذه الوثائق تعلم جيدا أن نشرها لن تضر إيران ولن يضر المليشيات الشيعية ولن يضر الأمريكان، ولن يكشف عن تورط حزب الله اللبناني في تدريب جيش المهدي، ولن يترتب عليها تقديم أي مجرم للمحاكمة لينال جزاءه العادل، ولا تغير من واقع الأمر شيئا، فهي لن تزحزح قبضة المليشيات الشيعية الحديدية على مقاليد الأمور في العراق، ولن تؤدي إلى فك ارتباطها بإيران. وهي من جهة أخرى لن تعيد لأهل السنة الأرواح التي أزهقت والدماء التي سفكت، والأعراض التي انتهكت، والأسر التي هجرت والمدن التي هدمت على رءوس أهلها، ولن تعيد لهم أمنهم المفقود ومالهم المسلوب، وحقهم المغصوب وحماهم الذي استبيح..ولن تعيد البسمة التي انتزعت من شفاه أطفالهم ظلما وعدونا، ولن ولن الخ..
كما أن قناة الجزيرة تعلم أن هذه الخبطة الإعلامية ليست سوى سحابة صيف سرعان ما تنقشع، وبعبارة أخرى هي تعلم أنها ليست سوى سياسة مؤقتة، الهدف منها تحسين صورتها التي صارت قبيحة في أعين الكثيرين، واستعادة جزء من شعبيتها التي فقدتها خلال السنوات السابقة، وأن هذه الحملة سينتهي مفعولها بمجرد أن ينتهي العرض، وبعدها تعود حليمة إلى عادتها القديمة وتعود قناة الجزيرة إلى الأحضان الإيرانية الدافئة، وإلى ممارسة سياسة التضليل والخداع من جديد..
وأنا شخصيا لا استبعد أن يكون هناك تنسيق قد تم مسبقا، تنسيق بأسلوب أو آخر، بين إدارة الجزيرة والحكومة الإيرانية، بأن العملية ستكون كذا وكذا، ولهدف كذا وكذا، فاطانوا فلن يصيبكم أي أذى، وذلك قبل أن تتبنى قناة الجزيرة نشر هذه الوثائق. والدليل على ذلك أنه حتى الآن لم تصدر أية تصريحات عنترية أو بيانات تنديد شديدة اللهجة من طهران، كما هي العادة.
كما لا استبعد أن يكون الأمر قد رتب مع أناس معدومي الضمير وأدنياء النفوس من المحسوبين على سنة العراق، المتهافتين على الكراسي، ليطلعوا عبر القنوات الإعلامية – وفي مقدمتها قناة الجزيرة – يطعنوا في تلك الواثق، ويشككوا فيها وينتصبوا للدفاع عن إيران، وعن المالكي وعن المليشيات الشيعية. وأكيد أن الدفاع عن هؤلاء هو دفاع عن المحتل. وهكذا بدلا من أن يكون الهدف من نشر هذه الوثائق المسربة هو إدانة هؤلاء القتلة المجرمين، يتحول الهدف إلى تبرئتهم أو على الأقل التقليل من شأن ما اقترفوه..
ثم هناك الأمر الأخطر، أي نعم هناك الأمر الأخطر، وهو أن نشر هذه الوثائق بما قد يترتب عليه من ردود أفعال غاضبة لدى أهل السنة في العراق، ومن حراك في أوساطهم، قد يكون الهدف منه هو جس نبض أهل السنة في العراق واختبار إلى أين وصل الحال بهم، ومعرفة فيما لو كانوا لا زالوا قادرين على النهوض مجددا، أو لا زالوا يشكلون خطرا على السيطرة الشيعية، بعد كل الجرائم التي ارتكبت في حقهم في السنوات الماضية؟! أم أنهم لا زالوا بحاجة إلى جولة جديدة من حروب الإبادة الجماعية والتهجير، من قبل المليشيات الشيعية الحاقدة والمتعطشة للثأر والأنتقام، وذلك لضمان أن لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، ولينتهي الحال بهم إلى أقلية مضطهدة مسلمة بالأمر الواقع، تعيش في الأطراف وعلى الهامش، كما هو حال أهل السنة في إيران – لا سمح الله –
وأرجو أن لا يشكك أحد في هذه الفرضية، فنحن نتعامل مع أخطر شياطين الأنس، وكل شيء وارد من قبلهم، ولا يأ من مكرهم وشرهم، بعد كل ما صدر منهم، إلا من كان أجهل من حمار أهله.
وبالعودة لقناة الجزيرة فالعملية من قبلها ليست سوى عملية تجارية تسويقية مصلحيه انتهازية، وليست صحوة ضمير، أو إحساسا متأخرا بالتقصير عن الواجب إزاء فضح المؤامرة الصهيو صفوية على أهل السنة في العراق، الذين دفعوا الأثمان الباهظة، جراء الاحتلال الأمريكي، الصفوي لبلدهم، ولا زالوا يدفعون حتى اليوم ، والأنظمة العربية تتفرج – بل تتواطىء - عليهم وأعلامها يتستر ويسدر في غيه في التسبيح بحمد الحكام..
علما بأن ذلك الثمن المدفوع هو نيابة عن الأمة.لأن الأمة هي المستهدفة في نهاية المطاف. فهي مستهدفة في عقيدتها مستهدفة في قيمها مستهدفة في مقدساتها، مستهدفة في ثرواتها، وفي كل عزيز عليها.
رد مع اقتباس
المفضلات