صحافة عربية وعالمية
لحظة الحقيقة
عاد فؤاد بن اليعيزر، الذي لم يفقد قط شعور الدعابة والتفاؤل، عاد في الاسبوع الماضي من زيارة قصيرة لاوروبا وما الذي تبين له هناك، تعتقدون؟ تبين له أن اسرائيل في أصعب وضع كانت فيه ذات مرة. يحتقرونها ولأول مرة يوجد اعتراض على مجرد حقها في الوجود. أوروبا تكرهنا، استكشف فؤاد أمريكا.
في الدولة التي عدت مدة 42 سنة من سني وجودها ال 62، قوة احتلال، ولتكن الأسباب التي أدتها الى هذا الوضع ما كانت – حان الوقت لتحقيق التزام رئيس الحكومة المعلن لدولتين للشعبين. المشكلة هي أن اسرائيل دولة ليس فيها رب بيت. حكومتها منقسمة على نحو غير فعال. والزوجان اللذان يبتان الأمور هما بيبي وباراك، والى جانبهما نادي السبعة والكثرة فيه يمينية، يزاد عليهم 23 وزيرا كل واحد منهم يفعل ما يحلو له.
يقول ايلي يشاي إنه لا يوجد ولم يكن ولن يكون أيضا تجميد للبناء في القدس «عاصمة وطن الشعب اليهودي الى أبد الابيد».
ويقول وزير الأمن الداخلي انه ستهدم في الأيام القريبة بيوت غير مرخصة في شرقي القدس. وأعلن نتنياهو نفسه أننا سنستمر على البناء ولن نقسم القدس أبدا. ويصرح أفيغدور ليبرمان عن أنه لا يوجد أي اتفاق على تجميد البناء في شرقي القدس. أما الشاعر بوغي يعلون فيعلن بأن الكلام على تقسيم القدس هو «مثل غبار طائر وكحلم سيطير».
ما يزال التزام اسرائيل تجميد البناء عشرة أشهر على حاله. قد لا يبنون حقا لكن ضرر الثرثرة هو أنه يحدث انطباع أننا لا نفي بالتزاماتنا او لا ننوي فعل ذلك.
الحكومة مقسومة الى ثلاثة: الجزء الصامت، والجزء المصعد والزوجين بيبي وباراك. ان ايلي يشاي، الذي يجعلنا نشتاق آرييه درعي، هو صاحب التقدير في المجال السياسي. وأفيغدور ليبرمان، الذي تفوق على كتاب جول فيرن المشهور «حول العالم في ثمانين يوما» وهو يفعل ذلك بأربعين يوما. يعارض بالكلام موقف حكومته الى غاية أنه حتى متحدث حكومة كوريا الشمالية يسميه «يمينيا متطرفا وأحمق دبلوماسي».
يدير الزوجان بيبي وباراك بيتا هادئا. من غير الخصومات والتوترات التي سادت ذات مرة بين رؤساء الحكومة ووزراء الدفاع. يمثل وزير الدفاع حزبا منقسما يريد أحد شطريه أن يعزل باراك ويريد الشطر الثاني ترك الحكومة، وأنشأ تعلقا ما ببيبي، لكن على خلفية التوتر القائم بين بيبي والرئيس اوباما، دخل باراك فراغ العداوة التي نشأت بينهما. أصبحت وزارة الدفاع بقدر ما أيضا وزارة الخارجية. يحب القادة في واشنطن الاصغاء الى تحليلات باراك. قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون علنا مبلغ تقديرها له. وفي رحلة باراك الاخيرة الى واشنطن خلا بالرئيس في حديث غير مخطط له امتد أربعين دقيقة.
إن باراك، الذي تقلقه العلاقات الموترة بالادارة، خلص الى استنتاج ان محادثات التقارب غير فعالة ويجب على الحكومة في رأيه ان تقدم خطة سياسية منها. في مراسم يوم ذكرى الكارثة، في كيبوتس ياد مردخاي، خرج باراك من صدفته الأمنية وقال إنه يجب على اسرائيل ان تقلب كل حجر في نضالها لاحراز السلام، في اطار تسوية اقليمية عامة، أو بحسب خريطة الطريق ورؤيا دولتين للشعبين. الحديث عن اتفاق يضمن كثرة يهودية كبيرة لأجيال في حدود واضحة وعن قرار انهاء النزاع والمطالب.
«يحتاج من أجل ذلك الى تعاون مع النظامين الاقليمي والعالمي، والى تعاون وثيق فوق كل شيء مع الولايات المتحدة. اذا كان هذا الامر يسوغ توحيد الصفوف، فعلينا أن نفحص عن طريقة فعل ذلك». ابتلعت هذه الفقرة في نهاية خطبته، لكن باراك في الايام الاخيرة هجر الأقوال الغامضة وخرج مع دعوتين لم يجرؤ بيبي على اخراجهما من فيه: فقد وبخ الوزراء الذين تصدر عنهم أقوال متحمسة تحرشية، واقترح أن يوزن توسيع الحكومة بضم كاديما. لن يكون باراك في حكومة كهذه وزير دفاع الا اذا حصل على «سهم ذهبي» من بيبي وكاديما. مهما تكن الحال، اذا كان باراك راغبا في أن يكون زعيم الأمة فلا يكفي أن يكون يد بيبي اليمنى، عليه أن يقنعه بأن مصير الأمة في ايديهما. إن ما لن يفعلاه يدا بيد، ستوقعه بنا أمريكا واوروبا وجميع الكارهين الذين نجحنا في جمعهم، بتسوية مفروضة.
يوئيل ماركوس
هآرتس الاسرائيلية
المفضلات