رئيس التحرير
يقر المعلمون ان رواتبهم تحسنت بالهيكلة ويقرون بانها تميزت عن رواتب نظرائهم الموظفين بالعلاوة التي حصلوا على 80% منها حتى الآن ولم يبق سوى 20% سيحصلون عليها خلال السنتين القادمتين.
المسألة ليست كلها حقوق مادية وتحسين مستوى معيشي، او لنقل هكذا بدأت لكنها تغيرت بعد دخول موجهين غير تربويين على خط احتجاجات المعلمين.
هؤلاء الموجهون وهم من اصحاب الخبرة في ركوب الموجات واقتناص الفرص لتصفية الحسابات الشخصية استطاعوا دفع المعلمين وقياداتهم الحالية الى خيار الاضراب ليضعوهم في مواجهة الدولة والشعب في آن، اما دوافع الموجهين فمكشوفة مثلما هم مكشوفون في تفاصيل افعالهم عبر المراحل كافة.
بعض هؤلاء شارك فاسدين يحاكمون الآن في المضي في الفساد وبعضهم نظّر للفاسدين وليس مهماً ان كان قد تقاضى بدل اتعاب ام لم يتقاض.
هؤلاء واولئك المعتاشين على الازمات سقطوا في فراغ الحجة ومبرر الاستمرار في تصدر المشهد وعندما جاءت هذه الحكومة بشخص رئيسها واشخاص اعضائها اشكل عليهم امر الاستدارة واعادة انتاج وتسويق الشعارات البالية القائمة على اغتيال الشخصية لاضعاف الآخر ولم تسعفهم نظرية الهجوم كوسيلة للدفاع عن النفس في مواجهة حكومة لا رئيسها ولا أي من وزرائه من المتورطين بقضايا فساد يمكن ان تشكل ثغرة يستطيعون النفاذ منها لتحقيق الاهداف المكتوبة في الأجندات الموزعة عليهم، ولا الرئيس ولا أي وزير اسهم في عملية النخر والافساد التي تعرض لها الوطن عبر مرحلة سابقة استباحها نفر من الطارئين على الادارة والسياسة والاقتصاد فساقوا البلاد والعباد الى مديونية عالية وفقر وبطالة بعد ان ملأوا الدنيا باوهام الازدهار والبحبوحة التي ستعم الوطن بفضل نظرياتهم وعبقرياتهم التي استطاعوا تسويقها من خلال أبواق اشتروها بالمال المسروق.
الآن يحلوا للذين لم يسمع احد صوتهم او صوت اغلبهم في الماضي ان يحملوا رئيس حكومة نظيف مسؤولية خراب كانوا شهوداً عليه وعلى من صنعه، ومسؤولية اصلاح هذا الخراب بيوم بلا ليلة بحجة الحرص على مقدرات الوطن وقوت ابنائه.
اسئلة كثيرة يطرحها رجل الشارع الذي يرقب ما يجري امامه على هؤلاء المتنطعين للدفاع عنه، اولها لماذا سكتم في الماضي على الفساد والافساد وظهرتم الآن مدافعين شرسين عن الوطن والشعب؟
أين كانت كل هذه الشجاعة والحكمة عندما كان توزيع السيارات والساعات والمسدسات واحياناً المال يتم بسهولة تفوق سهولة توزيع الحلوى الرخيصة في اعراس الفقراء؟
ألم تكن هذه الهدايا «المتواضعة» من مال الخزينة؟
اعرف ان شرفاء كُثر كانوا يرفضون تلقي الهدايا وأعرف ان معظم من اخذوا كانوا من اصحاب الافلام ولا علاقة لهم بالاقلام.
لكني الوم الآن من انزلقوا ودخلوا بارجلهم وانضموا باقلامهم الى حملات التجييش والاتهام والاستهداف الشخصي لرئيس وزراء لم يكن عاطلاً عن العمل قبل ان يكون رئيساً للوزراء، بل كان على وشك تولي منصب رئيس محكمة العدل الدولية وهو ارفع منصب في العالم.
الوم هؤلاء ولا اتهمهم بأي سوء في القصد او النوايا، لان اصحاب النوايا السوداء مفروزون معزولون وكل محاولاتهم للاختلاط بالشرفاء لا تنطلي على الشرفاء الذين يرفضونهم ويرفضون ان يحسبوا عليهم.
ان الرهان على تجيير قضية المعلمين سيخسر عاجلاً بفضل وعي المعلمين الذين لن يقبلوا ان يكونوا وقضيتهم مطية لأحد يريد تنفيذ اجندته الخاصة على حسابهم، فالمعلمون لا يحتاجون لمن يعلمهم حب الوطن والحرص على مصالحه لانهم ببساطة هم من يغرسون هذا النبل في عقول وضمائر الطلبة الذين يرسلهم أولياء الامور الى المدارس لهذه الغاية السامية.
لن يقبل المعلمون ان تسيس قضيتهم كما يريد المتداخلون بين صفوفهم والمتدخلون في قرارهم. ولن يقبل المعلمون ان يكونوا مكسر عصى او ادوات بيد اشخاص يريدون تصفية حسابات صغيرة مثلهم مع حكومة لم تعطهم ولن تعطهم مثلما أعطتهم حكومات سابقة.
الرهان على وعي المعلمين وايثارهم ووقوفهم الى جانب وطنهم في وقت الشدة هو ما سينتصر في النهاية وستنهزم كل محاولات الدس بينهم وبين ابناء الوطن الآخرين، وليس بعيداً ستفتح المدارس من جديد وسيظل المزاودون وتجار الازمات خارج الأسوار تقتلهم العزلة وازدراء الشعب.
رد مع اقتباس
المفضلات