وثائق: ولي العهد المخلوع حاول استعادة الحكم عبر انقلاب ابيض وبمساعدة من جماعات الضغط
محام بريطاني في قلب مؤامرة دولية لاقناع واشنطن بتحول امارة رأس الخيمة لقاعدة ايرانية ومركز لنقل المخدرات
وثائق: ولي العهد المخلوع حاول استعادة الحكم عبر انقلاب ابيض وبمساعدة من جماعات الضغط
كشفت وثائق عن محاولات لولي العهد في امارة رأس الخيمة الشيخ خالد بن صقر القاسمي للعودة من المنفى الى الامارة وذلك عبر تنظيم انقلاب ابيض.
وتظهر الوثائق ان الشيخ الذي يعيش في الخارج منذ سبعة اعوام قام مع محام بريطاني اسمه بيتر كاتشكارت (59 عاما) من منطقة فارنهام البريطانية للقيام بحملة ضد النظام الحالي في الامارة ورصد الشيخ ملايين من الجنيهات الاسترلينية التي تهدف ايضا لاقناع حكام الامارات العربية المتحدة خاصة في ابو ظبي ودبي وهما الامارتان المؤثرتان في بقية الامارات لاحداث 'تغيير' في الامارة.
وتقوم الحملة التي نشرت تفاصيلها صحيفة 'الغارديان' بشكل موسع في عددها يوم امس على تصوير الامارة التي تقع على مضيق هرمز ولا تبعد عن ايران سوى 50 ميلا، بانها تمثل خطرا امنيا على امن النفط والخليج خاصة ان اكثر من 17 مليون برميل نفط يتم نقلها عبر المضيق كل يوم اضافة لاتهامات بالعلاقة مع القاعدة.
وبناء على التصور المرسوم للانقلاب فتهديد الامارة للامن الاقليمي والدولي جاء من تحول النظام فيها الى نظام 'منبوذ' وبوابة للمصالح الايرانية، مما سمح بتدفق السلاح المهرب منها الى ايران بما في ذلك المواد النووية اللازمة للمشروع النووي الايراني، اضافة لتهريب المخدرات وما يعرف بالماس الملوث بالدماء، وكذلك عبور العسكريين واعضاء الجماعات الارهابية، القاعدة وشبكات الارهاب الاخرى.
ويوصف المحامي كاتشكارت بالهاوي لجمع النماذج المصغرة للقطارات البخارية ورئيس المجمع الكنسي في بلدته ويدير مكتب محاماة عائليا متواضعا في منطقة اوكسبريدج غرب لندن متخصص في قضايا الارث مما يجعله رجلا غير متوقع لقيادة حملة تغيير نظام حكم في امارة تعتبر جزءا من دولة الامارات العربية المتحدة الغنية بالنفط وذات التأثير الاقليمي. ولكن كاتشكارت اختير ليدير الحملة والتي تشمل شركة استشارات وعلاقات عامة امريكية، وشخص ضليع في مجال الضغط على اعضاء الكونغرس ومحلل ومخطط استراتيجي وعضو سابق في القوات الامريكية الخاصة، ورصد للانقلاب مبلغ 3.7 مليون دولار امريكي ( 2.6 مليون جنيه استرليني).
ويضاف الى هذه المجموعة شركة علاقات عامة ساعدت احمد الجلبي في محاولاته لحشد الدعم لاحتلال العراق والاطاحة بصدام حسين وهي 'بي اس كي اتش'.
وفي ضوء ما كشف عنه من وثائق فنشاطات المحامي البريطاني المغمور لا تقترح ضلوعه في عمل غير قانوني لان المتآمرين على النظام الحالي في الامارة يزعمون ان حكام الامارة متورطون في مؤامرة ارهابية لتفجير اكبر برج في العالم الذي افتتح العام الماضي وهو برج خليفة. كما زعم المتآمرون عن هجوم ايراني على مشاركين امريكيين في مسابقة اليخوت الامريكية والذي كان سيعقد في الامارة قبل ان يتم الغاؤه.
ويعتقد ان تركيز الشيخ الذي خلعه والده من ولاية العهد على العلاقة بين رأس الخيمة وايران محسوب من ناحية التركيز الدولي على المشروع النووي الايراني ومحاولات حله واقناع ايران بالتخلي عن طموحاتها او مواجهتها العمل العسكري. فمن خلال ربط الامارة بايران تهدف الحملة لجذب انتباه الرأي العالمي وتحذيره من خطورة النظام الحاكم في الامارة وبالتالي الحصول على دعم واشنطن.
وكشف ان الشيخ خالد حاول الاتصال بعدد كبير من السياسيين الامريكيين بمن فيهم وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون اضافة لعدد اكبر من نواب الكونغرس. ففي شباط (فبراير) الماضي القى الشيخ خطابا في واشنطن جاء فيه 'اعبر عن قلقي من الوضع الذي آلت اليه الامارة حيث سمح النظام الحاكم فيها لتحويلها لدولة منبوذة ومعبر استراتيجي لايران. فالتقارير المنشورة في الخليج اشارت مرارا الى ان ايران استفادت من مناطق التجارة الحرة واستخدمتها كمعابر لتهريب الحاويات والاسلحة والمواد الكهربائية وحتى البشر من افريقيا واوروبا وآسيا'.
وبناء على فريق اتصالاته الامريكي فالمعلومات التي اوردها الشيخ موثفة وقائمة على مصادر يوثق بها. لكن سفارة دولة الامارات العربية في لندن رفضتها، كما كذبت الامارات مزاعم الشيخ من تحول رأس الخيمة الى معبر ايراني خاصة المواد المتعلقة بالمشروع النووي الايراني، ورفضت ما اقترحه الشيخ من تحول ميناء الامارة الى قاعدة ايرانية ساعدها على التحايل على العقوبات الدولية. ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم سفارة دولة الامارات في لندن ان المزاعم التي ينشرها الشيخ خالد هي شائعات قديمة وسفيهة' مضيفا ان لا اساس لمزاعمه ويجب ان يتم التعامل معها في سياق نزاعه الطويل مع عائلته. وعبر المسؤول الاماراتي عن دهشته من عودة هذه الشائعات.
وبحسب مصادر مطلعة وقريبة من المؤامرة فقد دخلت مرحلتها الاخيرة، فقد عاد الشيخ خالد من منفاه اللندني الى الامارات العربية المتحدة الشهر الماضي ويجري اتصالات مع المسؤولين من الحكومة الاتحادية في ابو ظبي. خاصة ان حاكم ابو ظبي ورئيس الدولة وهو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان يملك صلاحية المصادقة على تغيير النظام في الامارات الاخرى. ويعتقد ان المؤامرة كانت في طور الاعداد منذ عام 2008. وتشير الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة والتي تظهر ان المحامي البريطاني لعب دورا مركزيا في المؤامرة منذ ذلك العام واشرف على توزيع عدة ملايين من الجنيهات لدعم المؤامرة وعمل كوسيط بين شركات العلاقات العامة والمستشارين ورجال الضغط من جهة والشيخ خالد من جهة اخرى. وتظهر الوثائق ان المحامي البريطاني قام بلقاء عدد من نواب الكونغرس الامريكيين في العاصمة واشنطن نيابة عن الشيخ خالد نفسه. وقام كاتشكارت بالاشراف على عملية تعيين عدد من الموظفين في فريق المؤامرة. ففي احدى الوثائق طلب منه المصادقة على مبالغ مجزية وعلاوات لاي مستشار امريكي يستطيع تعيينه ويساعد الشيخ على العودة للسلطة وتبلغ قيمة الجوائز 250 الف دولار. ورفض المحامي البريطاني التعليق على ما نشر فيما نقل عن فريق اتصالاته رده على سؤال من الصحيفة حول شرعية 'تغيير النظام' وجاء فيه ان الامر يعتمد على ما اذا 'كنت تؤمن بالسلام والازدهار في المنطقة مع حماية المصالح القومية الامريكية اما اذا كنت مؤيدا لايران وتوافق على استمرار النشاطات الايرانية المثيرة للشك في رأس الخيمة فلن توافق على نشاطاتنا'.
ويبدو ان اختيار كاتشكارت على الرغم من كل مزاياه المتواضعة واهتماماته المحلية جاء لكونه غير مثير للجدل فهو باصوله المحلية وعمله لم يكن مؤهلا لكي يلعب دور المدير لمؤامرة لها علاقات بحسابات عائلية في الخليج وتعقيدات المنطقة الجيوسياسية. ومن هنا لعب كاتشكارت دور رجل الظل والوسيط بين داعمي الشيخ الكثر الذين استعدوا لخدمته في واشنطن ولندن وكاليفورنيا، فبعد ان خلع من حكم الامارة وتسلم اخوه غير الشقيق الشيخ سعود الحكم فيها عام 2003 بدأ حملة استعادة للحكم ووجد هناك الكثيرين المستعدين لمساعدته. وتظهر الوثائق ان الدافع الاساسي وراء دعم شركات المحاماة والعلاقات العامة وجماعات الضغط له هو البعد المالي خاصة ان دعم قضية مثل قضية الشيخ خالد تعني عائدا بعشرات الاف الدولارات في الشهر.
ومن هنا تم استخدام استراتيجيين في كاليفورنيا يعملون لصالح شركة علاقات عامة في الشاطئ الامريكي الغربي للعمل على استخدام المدونات والتويترز وحملة دعاية واعلان من ملايين الدولارات لتحقيق غاية الشيخ.
تقرير امني عن الامارة
ولم تتوقف جهود الفريق هنا فقد تم استئجار ضابط سابق في القوات الامريكية الخاصة وهو غلين انغنازيو كي يعد تقريرا امنيا عن امارة رأس الخيمة ويدور حول قضايا تثير اهتمام ومخاوف الرأي العام الدولي. وبحسب التقرير فالامارة تحولت الى ممر للمخدرات والسلاح والمتفجرات والافراد من ايران وافغانستان وعدد من الدول الافريقية'.
وصور التقرير من ان السماح بهذه النشاطات تؤثر على الامن في الامارات والمنطقة ككل. واضاف التقرير ان رأس الخيمة تحولت الى 'مركز جذب' ارهابي وتمويل للقاعدة وطالبان وحركة الشباب الاسلامي الصومالية.
ومعبرا للماس الملوث بدماء الابرياء من الكونغو، واصبحت منطقة التقاء للارهابيين كما تثبت الادلة الذين يخططون لتفجير برج دبي، واضاف التقرير ان رأس الخيمة صارت قاعدة ايرانية سمحت للقوات الايرانية العمل من داخل حدود الامارات العربية المتحدة. وكتب الضابط ان رأس الخيمة اصبحت ميناء مفتوحا وتسيطر عليه قوات الحرس الثوري الايراني للتحايل على العقوبات الدولية.
والتقرير مثير للخوف لكن معلوماته من الصعب اثباتها وفي الوقت الذي بالغ فيه بالحديث عن الدور الايراني الا ان نشاطات المتشددين والجهاديين في الامارة هي المثيرة للخوف.
فضيحة جنسية وحملة 'شكرا لك امريكا'
ولم يتوقف تفكير جماعات العلاقات العامة عند هذه الحدود بل فكروا بافتعال فضيحة جنسية تظهر تورط حاكم رأس الخيمة الشيخ سعود، وحاول الفريق تأمين لقاء مع كلينتون في زيارة للشيخ لواشنطن.
الشيخ وميوله
وكان الشيخ خالد حتى عام 2003 وليا للعهد في رأس الخيمة التي لا يتجاوز عدد سكانها المئة وخمسين الفا. وبعد دراسته في القاهرة وبريطانيا والولايات المتحدة اظهر ميولا للتغيير والاصلاح واصبح معارضا للتأثير الايراني في الامارة.
وتشير تقارير الى انه اصبح مؤيدا لحقوق المرأة ومدافعا عنها. ولكنه عزل بعد غزو العراق فيما تولى اخوه غير الشقيق امور الامارة. ونقل عن الشيخ قوله انه عزل بسبب مواقفه المعارضة للتأثير الايراني كما وانه قاد مظاهرة معادية للغزو الامريكي على العراق في شوارع الامارة، فيما تقترح تقارير اخرى ان دعمه لحقوق المرأة كانت الشعرة التي قصمت ظهره.
وخلال محاولته العودة للسلطة وسبع سنوات من المنفى انفق الشيخ 3.7 مليون جنيه للعود للسلطة. وقام فريق كاليفورنيا بانشاء موقع خاص له على الانترنت وفتحوا له حسابا على تويتر ووضعوا اعلانات على حافلات البلدية في واشنطن تحمل عبارة 'شكرا لك امريكا، شعبنا سينعم قريبا بالامن والسلام والازدهار' على خلفية وجه للشيخ. وفي عام 2009 حضر حفل تنصيب الرئيس اوباما واشترى صفحات في صحف امريكية نشر فيها تهنئة للرئيس وبدأ رحلة 'صداقة حول امريكا'.
قاعدة للسلفيين المتطرفين وليس الايرانيين
وفي اطار تحقيقها الموسع في المؤامرة نشرت الصحيفة تقريرا لمراسلها في الشرق الاوسط، ايان بلاك تحدث فيه نقلا عن 'خبراء' من تحول الامارة الى قاعدة للمتشددين خاصة ان مساجدها تمنحهم الفرصة لنشر افكارهم المتشددة وهو وان قال ان الخبراء انفسهم قد يجدون صعوبة في تحديد موقع الامارة على خارطة العالم الا ان موقعها الاستراتيجي على مضيق هرمز جعل من السهل اتهامها بمساعدة جارتها القوية ايران.
وقال بلاك ان رجال الضغط الذين يدافعون عن قضية الشيخ خالد يأخذون بعين الاعتبار قرب الامارة من ايران ويعرفون حساسية الموضوع لادارة الرئيس الامريكي، باراك اوباما ولهذا فهم يقومون بالضغط على الازار الحساسة.
ومع اقتراب فرض عقوبات قاسية على ايران والمتوقعة هذا الشهر، فالخبراء الذين ينقل عنهم المراسل يتحدثون عن نشاطات خداع ايرانية في معظم منطقة الخليج من الكويت حتى جنوب عمان.
ويتحدث خبراء عن خلايا نائمة تابعة للحرس الثوري الايراني والتي ستقوم بعمليات تخريب في حالة قيام اي من امريكا او اسرائيل بتوجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية الايرانية.
ونقل عن الباحث في شؤون دولة الامارات بجامعة درام، كريستوفر دافيدسون قوله ان الامارات تشهد حملة تضليل للطعن بالشيخ سعود (الحاكم الفعلي) وشريكه اللبناني. واضاف انه لا توجد ادلة قوية تشير لتحول رأس الخيمة الى مركز ايراني تتحايل من خلاله على العقوبات مضيفا ان الامارة غنية وفي سياق جارتها دبي التي تعتبر مركزا تستخدمه ايران ومنذ عدة اعوام للتحايل على العقوبات الدولية.
ويشير تحليل ' الغارديان' الى ان الخبراء يرون ان الداعمين للشيخ خالد قد تكون لديهم ادلتهم القوية من ناحية انتشار التيار السلفي في الامارة وعبر سلسلة من المساجد غير الرسمية اضافة لكون خالد الشيحي احد منفذي هجمات ايلول (سبتمبر) ولد في الامارة.
ويقول دافيدسون ان رأس الخيمة هي بمثابة ' الغرب المتوحش' للامارات العربية المتحدة.
ويقول ان المشكلة بالنسبة للامارة ليست صلاتها مع ايران ولكن الجهادية المتطرفة. ومن هنا فمحاولة الشيخ خالد الوصول لواشنطن تمثل معضلة لرئيس دولة الامارات الشيخ خليفة الذي يدعم الشيخ سعود ويعتمد في الوقت نفسه على حماية امريكا ضد الاطماع الايرانية في الخليج خاصة ان الجيش الايراني احتل عام 1973 جزيرتي طمب الكبرى والصغرى وضمهما لايران.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 8.6.2010
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات