عشرة أعوام لم يهدأ فيها المواطن الليبي أمراجع العبدلي بحثا عن حقيقة وفاة ابنه في أحد السجون المصرية، معربا عن شكوكه في وثائق مصرية بحوزته تشير تناقضاتها إلى أن الوفاة غير طبيعية.
ويروي العبدلي الذي يقيم حاليا بضواحي مدينة بنغازي شرقي ليبيا للجزيرة نت إلى أن الظروف السياسية وانقطاع العلاقات بين البلدين أدت إلى انفصاله عن أم أبنائه المصرية التي انتقلت إلى جوار ربها عام 1977، وبعد فتح الحدود مطلع التسعينيات سافر ابنه المولود عام 1975 إلى عائلة أمه، وتورط في قضية جنائية في 1992، وقضت محكمة استئناف القاهرة بسجنه 13 عاما.
ويقول إن ابنه حتى قبل وفاته عام 2000 بأيام لم تبد عليه أي علامات قد تكون السبب في وفاته، لكنه قال إنه كان يعاني من الجوع والعطش.
وقد تقدم الأسبوع الماضي ببلاغ للنائب العام المصري لاستخراج جثة ابنه وإعادة تشريحها لبيان سبب الوفاة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 1994، ناشد السجين الليبي مندوب سفارة بلاده في القاهرة لانتشاله من أوضاعه النفسية، ونشرت صحيفة الحوادث بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول أنه ليبي الجنسية ومسجون بسجن شبين الكوم العمومي، ولا يعلم أحد بمكانه رغم إرساله عدة رسائل إلى السفارة، مشيرا إلى أنه يعاني من ضائقة مادية ومعنوية ونفسية، وطالب بحضور مندوب لإبلاغ عائلته بمكان سجنه.
الجزيرة نت حصلت على كافة أوراق القضية (الجزيرة نت)
ولدى الأب حاليا ما يقارب مائة مستند وشكوى موجهة إلى الجهات الليبية والمصرية، أبرزها موجهة إلى مكتب معلومات الرئيس الليبي معمر القذافي ووزارة الخارجية والنائب العام.
إلا أنه لم يجد صدى لنداءاته إلا لدى جمعية حقوق الإنسان المحسوبة على سيف الإسلام معمر القذافي التي خاطبت منظمة العفو الدولية مؤخرا بالتحرك لفتح تحقيق في وقائع وفاة الليبي، قائلة في خطاب رسمي إن محمد العبدلي كان نزيلا في سجن الاستئناف بمدينة القاهرة.
وتؤكد عائلته أن وفاته غير طبيعية حيث إن تاريخ الوفاة الوارد في الشهادة مغاير لتاريخ الوفاة المدون في مستند التشريح.
وحصلت الجزيرة نت على كافة أوراق القضية، ومن بينها شهادة الوفاة التي تشير إلى أن تاريخ تشريح الجثة يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2000، وتاريخ الوفاة في نفس المستند يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2000.
كذلك قامت السلطات المصرية بتسليم الجثمان لمواطن مصري، ولم تقم بإبلاغ السفارة بذلك، وهو ما يخالف اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، وقد استهجن المكتب عدم إخطاره بالوفاة ودفنه دون إذن منه.
آثار تعذيب
ولدى الأب قناعة تامة بأن ابنه توفي تحت التعذيب، ويقول إن لديه أدلة وشهادات تؤيد أقواله.
واستمعت الجزيرة نت إلى شهادة خالة المتوفى المواطنة المصرية هيام السيد محمود السكران التي قالت إن الجثة عليها آثار ضرب، ونقلت هذا عن أشقائها "ممن شاهدوا الجثمان قبل دفنه بمقابر عرب البابور بالقرب من مصنع الغزل والنسيج حلوان، وليس كما جاء في الرد الوارد من سفارة ليبيا في القاهرة بأن المتوفى دفن في مقابر الصداقة التابعة للسجن"، لكنها أوضحت أن ابن أختها حاول الانتحار داخل السجن خمس مرات.
الأب: لدي كافة الأدلة التي تؤيد أقوالي (الجزيرة نت)
واعتبر أنه تم توثيق ابنه في المستندات على أنه مصري للتهرب من الاستحقاقات القانونية المترتبة على وفاته بحجة انعدام مستنداته الليبية، وهذا ما دعا إلى دفنه دون علم عائلته أو إخطار السفارة الليبية، وأن خاله ماهر السكران يعرف أن ابن أخته ليبي، ولديه عنوان العائلة في ليبيا، وتساءل "هل كان تهربا من الجريمة ولإخفاء الجثة؟".
وتؤكد الخارجية المصرية في رد حصلت الجزيرة نت على نسخة منه أن السجين وشهرته الليبي كان مودعا في سجن الاستئناف على ذمة القضية رقم 4659 لسنة 92 جنايات أحداث القاهرة، وقضيتين أخريين بتهمة السرقة بالإكراه، وحكم عليه بالسجن لمدة 13 سنة.
وبتاريخ 17/10/2000 أثناء إيداع المسجون تم ضبطه وبحوزته 396 قرصا مخدرا، وحرر عن الواقعة البلاغ رقم 1521 والمحضر رقم 9016 جنح الدرب الأحمر، ونتيجة لذلك فقد تم إيداعه السجن الانفرادي لمدة 7 أيام.
وبتاريخ 18/10/2000 توفي السجين، وبعد الكشف الطبي عليه بمعرفة طبيب السجن أفاد بأن الوفاة ناتجة عن هبوط في الدورة الدموية والنفسية، ولا توجد شبهة "جنائية"، على حد قوله.
المصدر: الجزيرة
المفضلات