''صحيح ان امي اكبر سيدة فلسطينية تنفذ عملية استشهادية ضد قوات الاحتلال ، لكن هذا يجب ان لايدعو للاستغراب والدهشة ، فامام عيونها اسر الابناء ونكل بهم ، استشهد الاحفاد والاقارب، فكيف لاتذهب للشهادة وكيف لاتقاوم ؟ كلنا في فلسطين رجال ونساء واطفال نريد ان نتفجر في هذا الاحتلال الذي دمر لنا كل شيء. كلنا مشاريع شهادة، لماذا لانستشهد في سبيل ارضنا، لقد مثلوا بنا وباولادنا..هدموا بيوتنا، قلعوا اشجارنا ، دمروا حياتنا ؟'' مقتطفات من حديث الابنة الكبرى ل ''فاطمة النجار '' و التي فجرت نفسها قرب دورية اسرائيلية في منطقة الجمول شرق مخيم جباليا في 23-11-2006، اما عزيمة واصرار وشجاعة 1500 امرأة فكانت السلاح في مواجهة طائرات ومدفعية الجيش الاسرائيلي ، لفك الحصار عن رجال المقاومة في بيت حانون عام2006 ، تجمعن في الصباح الباكر عند مدخل البلدة بلا عدة او عتاد ، لتسفر المواجهة العنيفة مع جنود الاحتلال عن سقوط شهيدات ، وجريحات ومنهن من بترت اطرافهن ، وتتمكن 500 من اجتياز الحاجز ، في حين اعتبراقتحام 40 سيدة لمعبر رفح الحدودي بداية مرحلة اكثر حسما في شراكة حقيقية ألغت فوارق تسعى لابقائها رهينة اجندة يضعها الرجل ولو كانت من اجل الوطن .
نماذح من حكايا ازدحمت بها اجندة نضال نساء غزة ، يستحضرها الذهن ، والقطاع بمدنه ومخيماته واحيائه يواجه أشرس حرب ابادة منذ احتلاله ، ليكون لصبرهن وثباتهن وارادتهن الدور الاكبر في صمود أسطوري .. نساء عظيمات ، صابرات .. ثكالى وارامل ، صبايا ومسنات ، امهات شهداء، شقيقات أبطال ، وزوجات مناضلين ..لم تزدهن المعاناة الا منعة وقوة ، ولم يجد البكاء والعويل طريقا الى نفوسهن ،.وهن ذلك الامتداد المشرّف لنساء اليرموك اللواتي حملن اعمدة الخيام يضربن بها الجنود والخيول بعد أن تقهقروا في مواجهة جيش الروم الكبير، لتستثير كلماتهن :'' لاتفضحونا..لاتفضحوا المسلمين في هذا اليوم '' ، الهمم فيعاودوا الكرة من جديد ويحققوا نصرا عظيما تجسد من خلاله دور المرأة العربية في الحروب منذ فجر التاريخ ، مهام تتمرد على تزويد الرجال بالمؤونة وتحمل مسؤولية الاسرة ، فتشارك في المعارك هجوما ودفاعا وأخذا للثأر، وفي الخنساء ،خولة بنت الازور، نسيبة بنت كعب المازنية ''ام عمارة''وغيرهن ، امثلة حية لمشاركة النساء في ساحات الوغى....
صنف آخر من النساء، وأنوثة تخلو من أبسط مفرداتها ، ويصبح العنف والقسوة والحصار منهجية حياة حرمتهن ابسط الحقوق في التعليم والصحة والحماية ، وجعلتهن ضحايا ممارسات الاحتلال الاسرائيلي فمنهن ..شهيدات ، أسيرات ، معتقلات ، محتجزات ، يتعرضن لاسوأ أنواع التنكيل والبطش ، ومحرومات من رؤية ابنائهن الاسرى في السجون ،وهناك من قضين بسبب رفض سلطات الاحتلال السماح لهن بالسفروتلقي العلاج بحجج أمنية،.
فيما ساعد تردي الاوضاع المعيشية وتفاقم حدة الفقر والبطالة ، على زيادة الاعباء الاسرية عليهن ، وليكون العام المنصرم 2008 والذي ودع اهل القطاع بمجزرة دموية ماتزال مستمرة حتى الان ضحاياها نصفهم من النساء والاطفال ، ابرزالعناوين في معاناة المرأة الفلسطينة في غزة بحسب ما ورد في تقرير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان .
من أين يأتي هذا الصمود العظيم لتقول أم على مرأى ومسمع العالم كله :'' فقدت خمسة من أبنائي ، مايزال لدي ثلاثة حتى لو استشهدوا هم أيضا ، لن أضعف، انهم شهداء ، وهل يجب لأم ان تحزن لان الله اختار لأبنائها الجنة؟ وأي أمرأة تحتمل ان ترى ابنتها بتلك الصورة المرعبة مدفونة تحت الانقاض فيما بقي الرأس شامخا شاهدا على امومة صلبة لن تكون الا لنساء غزة، أما تلك الام التي تعاني من جراح بليغة وتم نقلها الى احد مستشفيات المملكة لتلقي العلاج فلم تجد ماتشد به أزر أسرتها التي تعيش تحت القصف سوى ابتسامة وبعض الكلمات بضمن لقاء مع التلفزيون الاردني صباح الجمعة الفائت وقالت: أنا بخير، لدي ستة أطفال، تحدثت معهم ، انهم بانتظاري ''..!!
من اين لهن هذه القدرة الهائلة على تحمل آلام مخاض فاجأت نسوة تحت وابل القنابل وانقطاع التيار الكهربائي ليلدن في الطرقات وقبل ان يصلن الى المستشفى في ظروف تفتفر لابسط الشروط الانسانية والصحية ، ومن أين تأتي الشجاعة والاقدام لتعلن ''أخرى '' بثقة لاحد مراسلي الفضائيات وحولها حشد من النساء والاطفال عن سلاح جديد للمقاومة وتقول
ماحدا منا بيخاف، لاشيخ ولانسوان ولا اطفال، احنا اهل الرباط واذا متنا بنموت شهداء واقوياء ، نتوقع كل شيء ومستعدين لأي شيء ، ما نخاف اليهود ، عندهم طائرات ودبابات واحنا سلاحنا القرآن والايمان ، واذا جاؤوا احنا مستعدين بالصرامي والحجارة وبجرات الغاز الفارغة )!!...
نساء غزة قصص صمود وحكايات بطولة وسيرة ارض ووطن وشعب يستحق أن يعيش ..وهن الان يسطرن مرحلة جديدة في تاريخ النضال الفلسطيني بمشاركة كاملة ونوعية مع الرجل ، وما الانجاب وتعويض الشهداء سوى احد الردود المفزعة للكيان الصهيوني ، حيث بلغت نسبة الولاد ات 6ر4 هذا العام اي ما معدله 1000 طفل من كل شهر وفق بيانات رسمية لتكون الشراكة في الحياة والنضال.!!
منقول عن
كريمان الكيالي
المفضلات