حميد دبوان، نيوزيمن:
توقع سياسيون بأن تشهد اليمن خلال الفترة المقبلة مسارين مختلفين في التغير، احدهما كما يرى رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي العام (محمد عبد المجيد قباطي) يتمثل في أن يتحول إلى ساحة شبيهة بالصومال أو بلبنان، وأخرى كما يرها الأمين العام المساعد لحزب الإصلاح(محمد السعدي) في أن تجرى تسوية تاريخية لكل القضايا الشائكة بما فيها حل القضية الجنوبية.
(قباطي) رأى في ورقته المقدمة لندوة (مستقبل اليمن في ضوء الثورة الشعبية في تونس انفصال جنوب السودان) التي أقامها اليوم بصنعاء مركز أبعاد للدراسات والبحوث، بأن ما جرى في القطرين له انعكاسات حقيقة على اليمن، لكنه استبعد بأن ينطبق نفس التحول الذي جرى في تونس على اليمن.
ويقرأ قباطي الأزمة في تونس على أنها طفرة اقتصادية حققتها خلال الـ5 سنوات الماضية في وضع سياسي لا يتماشى معها، على اعتبار أن تلك الطفرة الاقتصادية حققت تحول في دول شرق أسيا مثل كوريا الجنوبية، ناهيك عن تحقيق الطفرة الاقتصادية لحقائق جديدة على ارض تونس نتيجة تأثرها بالأزمة المالية العالمية.
لكن ما سيحدث في اليمن كما يرى القباطي (مستشار لرئيس الوزراء) هو شبيه بالصومال أو لبنان على اعتبار أن ثمة أكثر من 300 ألف خريج يمني عاطلين عن العمل، رغم التحذيرات التي أطلقتها دراسة أجرتها مؤسسات دولية في 1995 حينما كان عدد الخريجين نحو 25 ألف فقط.
وأشار قباطي إلى أن التعليم في اليمن محبط لكل العالم وان الجامعات رغم توفر العقول العربية فيها لا تزال تخرج طلاب بالمستوى المقبول فقط.
وحذر قباطي من أن القاعدة والحراك والحوثين والناس جميعا مستعدين للتحالف مع الشيطان من أجل التغير، مشيرا إلى أن مسار التغير في اليمن سيتخذ مسار أخر غير تونس التي تخلوا من العصبيات المذهبية والقبلية وانتشار السلاح، ويتوقع الخيارات بان تكون في القاعدة أو الحراك المسلح والحراك المفرخ حسب قوله.
وانتقد قباطي القوى السياسية لرفضها قول التغير المتدرج ، مشيرا إلى أن إمكانية التغير السلمي كانت متاحة لكن الأحزاب لا تسعى سوى لتقاسم الكعكة.
واستشهد قباطي بكتاب صادر عن مركز أبحاث إسرائيلي يقول بأن الفساد سيدمر مثلث الإرهاب في البحر الأحمر والمتمثل في اليمن – الصومال والسودان، ناهيك عن تصريحات لوزير الدفاع البريطاني عقب مؤتمر لندن في إمكانية تدخل بلاده عسكريا لحماية مصالحها في اليمن، وبحث صادر عن مؤسسة كار نجي الدولية حول الحراك الجنوبي قال بأنه تضمن توصيات خطيرة حول اليمن.
وأشار قباطي إلى انه بدون حكم محلي كامل الصلاحية لا يمكن حل القضية الجنوبية، مطالبا السياسيين بالعودة إلى وثيقة الأحرار حول الحكم المحلي ووثيقة الأعيان والمشايخ في عام 1924م.
واستبعد قباطي في ختام حديثه أن يسمح لليمن بالتوجه نحو الصوملة أو اللبننة على اعتبار أن ثمة وعي وهم وطني، لكنه حث النظام على أن لا يعتبر مثل ذلك الحديث مبرر للبقاء، معتبرا في الوقت ذاته بقاء النظام بأنه اخطر من التغير الغير سلمي.
كما عبر عن خشيته في خروج الأمور عن السيطرة.
الأمين العام المساعد لحزب الإصلاح (محمد السعدي) اعتبر الوضع الراهن بأنه نتائج لسياسات تراكمية مارستها السلطة منذ مرحلة العقدين الآخرين مستشهدا بموازنة الدولة للأعوام 2004-2010 الذي قدرها بـ3تريلون صرف معظمها على حرب صعده.
وكذا الوحدة اليمنية التي قال بان البعض حولها إلى غنائم واتخاذ قرارات وصلت إلى عزل الناس عن وظائفهم وقرارات تراكمية أدت إلى احتقانات ودفعت بالوحدوين بالتحول إلى انفصاليين.
وأكد السعدي على ضرورة إجراء حوار جاد يضمن صورة أكثر أمان في المستقبل، مشيرا إلى معالجة الواقع تستدعي تسوية تاريخية لكل القضايا.
وحمل السلطة تداعيات ما قال بأنها تبعات لقضايا أساسية تهدد الوضع المستقبلي للبلد. واعتبر السعدي التراكمات بأنها دفعت الناس لنسيان حتى بأن اليمن جمهورية وأصبح الرئيس لمجموعة صغيرة يدافع عنها ويتصدر لقضاياها حتى لو كانت شخصية.
وقال السعدي بأنه بدون تسوية تاريخية للقضايا فأن البلد سيسير بنفس الطريقة التي سار بها السودان وتونس، وانه سيزيد من حده الصراع السياسي.
أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء (عادل الشرجبي) قال بإن الشارع سيأخذ زمام المبادرة نتيجة الانسداد السياسي وكذا وسائل التغير السلمي، مشيرا إلى أن ما حدث في تونس أحدث هلع لدى الأنظمة العربية التي سارعت لشراء الذمم في حين لم يبقى للنظام اليمني سوى أن يكون ديمقراطي على اعتبار أنه لم يعدد لديه المال الكافي لشراء ذمم الناس. واعتبر الشرجبي مؤشرات ممارسة النظام إفساد المجتمع ، اتساع الفجوة بين الحاكم والمحكومين، وضعف انجاز الدولة لوظائفها، ارتفاع نسبة الموظفين، ناهيك عن استبدال توزيع المال بتوزيع الأراضي للنافذين بأنها مؤشرات تتجه نحو سيطرة الشارع.
واستبعد الشرجبي بان تخلق الأسلحة المنتشرة في أوساط المواطنين حالة من الفوضى بقدر ما ستوفر فرصة لتكافؤ القوى بين الحاكم والمحكومين وخشية كل حزب من الأخر.
عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام (محمد أبو لحوم) انتقد ما اعتبرها بهجوم المعارضة على القبائل وقال بان الهجوم يحشد القبائل لصالح السلطة، نافيا في الوقت ذاته بأن يكون كل القبائل فاسدة بقدر ما يوجد فيها الصالح والفاسد شانها شان النخب السياسية، وأن القبائل مع تصحيح الأوضاع وبناء دولة المؤسسات.
وأشار أبو لحوم إلى أن الشعب مل خطاب الحاكم والمعارضة وان كلاهما لم يعد لديه شئ يقدمه للبلاد على اعتبار أن الناس لم يعودوا مهتمين بالانتخابات لأنها تعيد أنتاج ما سبق. وقلل أبو لحوم من حوار المشترك والسلطة في ضوء الحراك في الجنوب والحوثيين في الشمال، مطالبا القوى السياسية بوضع برنامج يلتف الناس حوله لمرحلة جديدة من حياة الشعب.
وأشار إلى وجود أزمة حقيقة تتمثل في الوضع الاقتصادي المتردي، والتنمية والتعددية والديمقراطية.
رئيس منتدى التنمية السياسية (علي سيف حسن) قال بان المستقبل يتجه نحو تجربة أخرى اسمها يمنية ، متوقعا بأن تشهد الفترة من خلال الـ5- 10 السنوات القادمة مرحلة خلوا اليمن من الأحزاب، مستشهدا بوثيقة سعودية تؤكد عدم قبول التعددية السياسية في اليمن، وكذا إطراف داخلية تعمل على إضعاف الأحزاب ممثل بالحراك الجنوبي، الحوثين، السلفيين، تجمع الشيخ حسين، لجنة الحوار الوطني، القاعدة، ناهيك عن حزب المؤتمر الذي سيجري انتخابات مقبلة بعيدة عن الحزب، معتبرا ذلك بأنه تدمير للأحزاب.
النائب (علي العمراني) توقع بان تشهد الفترة المقبلة مرحلة تغير في البلدان العربية بالسلاح أو بالحوار أو بالقوة، مستشهدا بالثورة التي وقعت في الخمسينات في مصر ولحقتها الثورة اليمنية.
في حين اعتبر المهندس (عبد الله الاكوع) ثورة تونس بأنه خلقت حراك نفسي لدى الناس كونها أوجدت المستحيل .
رد مع اقتباس.gif)
المفضلات