التنمية الاجتماعية" تنقذ المسن ابو الرب من "براثن" الفقر والعوز
الحقيقة الدولية" ترافق بطل قصتنا في رحلة "الحياة الجديدة"
"التنمية الاجتماعية" تنقذ المسن ابو الرب من "براثن" الفقر والعوز
[web]http://factjo.com/images/fact-image-3/1/14.4.2009/r/r2/z8.JPG[/web]
[web]http://factjo.com/images/fact-image-3/1/14.4.2009/r/r2/z11.JPG[/web]
[web]http://factjo.com/images/fact-image-3/1/14.4.2009/r/r2/z12.JPG[/web]
الحقيقة الدولية – عمان – باسمة العابد
بدأت القصة بلقاء "غير مقصود" مع المسن ياسين أبو الرب في منزله في محافظة الزرقاء وتحديدا في حي معصوم، حيث يرقد في منزل أشبه ما يكون بـ "كهف" بلا ماء أو كسوة أو "روح تبعث فيه الدفء والحنين إلى أسرة طالما افتقد الجلوس بين حناياها".
كانت تنهداته "صعبة المذاق" ومجرى الدمع يشق وجنتيه، صوته يكاد لا يسمع، لم يتمتع بمذاق الطعام منذ مدة، لا يعرف طريق "معدته" سوى كسرات من الخبز، يهبه إياها من يراه ويحن قلبه عليه.
بدأت القصة، بنشر خبر عن معاناة أبو الرب على صدر صفحة "الحقيقة الدولية" الأولى في العدد الماضي، خبر مرفق بصورة "تقشعر لها الأبدان"، صورة تنادي كل من يملك ذرة إنسانية بالتوقف عندها وقراءة ما تحتويه من معاني ضياع وألم، لكن القصة تأبى ان تكون نهايتها خبرا ينشر، حيث تفاعلت، وهذا هو الدور الذي كانت "الحقيقة الدولية" تهدف إليه من وراء نشر قصة أبو الرب.
أبو الرب، الرجل الطاعن في السن، وجيهان تلك الفتاة التي "امتطت جياد الانتحار"، وغيرهم من أبناء هذا الوطن من نعرفهم، ومن يرفضون البوح بمشاكلهم حفظا لماء الوجه، يقفون كصخرة تأبى الانكسار أمام أمواج الفقر والعوز الذي يحط ركابه في معظم أنحاء المملكة.
من حياة الألم الى رغد العيش
من منزل "بال" ولباس رث ،و"هوية شخصية بلا معالم" وأنين يمزق الأفئدة، إلى حياة يكسوها "أمل ناقص"... حط ركاب بطل قصتنا هذه، المسن ياسين أبو الرب اليوم في دار للمسنين.
مئات الهواتف تلقتها مجموعة "الحقيقة الدولية" للاستفسار عن بطل قصتنا، مئات الشخصيات أرادت احتضانه، وكان من بينها أستاذة جامعية كانت هي السباقة في الاتصال مع الصحيفة لتبني المسن أبو الرب عبر دفع نفقات إقامته كاملة في دار للمسنين.
ومن هنا تبدأ قصة جديدة، دار المسنين... غلاء في الأسعار لا يقوى عليه من تضطره الأيام إلى التفكير بالتوجه إليها.
"الحقيقة الدولية" تجولت من دار مسنين إلى أخرى، في محاولة للوقوف على متطلباتها المالية حتى يتم إيداع أبو الرب في إحداها بالتنسيق مع الأستاذة الجامعية، التي هالها ارتفاع أسعار دور المسنين التي كانت تطلب مئات الدنانير مقابل استضافة بطل قصتنا.
اتصال آخر من الأستاذة الجامعية، بنبرة حزن وألم، قالت فيه لـ "الحقيقة الدولية" ان "ما تطلبه دور المسنين من مبالغ مالية مقابل احتضان المسن ياسين أبو الرب يفوق قدرتي" مقترحة استئجار مسكن لأبي الرب في الزرقاء وإيجاد من يرعاه.
وزارة التنمية الاجتماعية تتكفل في النفقات
وزارة التنمية الاجتماعية، تلك المؤسسة الانسانية، أبت الا ان يكون لها دور في رفع المعاناة عن المسن ابو الرب، حيث وضعت يدها على جرح المسن الاردني لمداواته، وفتحت له ابواب الخير بتكفلها مشكورة بجميع تكاليف إقامته في دار للمسنين.
الوزارة وبالتنسيق مع "الحقيقة الدولية" اطلقت مسيرة رفع الظلم عن السمن ابو الرب عبر تحسين ظروفه المعيشية ووضعه الاجتماعي، حيث وجهتنا إلى مديرية الأسرة حيث تم لقاء رئيس قسم كبار المسنين هيفاء زلوم التي اتصلت بدورها بمديرية تنمية الزرقاء للوقوف على حالة أبو الرب، حيث خرجت المديرية بتقرير يفيد ان المسن أبو الرب بحاجة إلى مساعدة، خصوصا وأن أبو الرب يقبع في غرفة بلا أثاث سوى فرشة ممزقة تنبعث منها رائحة كريهة حرمتنا في "الحقيقة الدولية" من حرية الحركة خصوصا وان الغرفة التي تخطها جدران ممزقة، تعج بها نفايات حولت المكان إلى مكرهة صحية.
واثر تقرير مديرية تنمية الزرقاء قامت زلوم بالاتصال مع دار الضيافة للمسنين في منطقة الجويدة للتنسيق معهم لاستضافة المسن أبو الرب.
"التنمية الاجتماعية" نجحت، كعادته، في مسح الالم عن ابو الرب، وتوفير مأوا له بعدما ضاقت عليه الارض بما رحبت، حيث تحول حاله وابيض وجهه، وغدا ينظر الى ما تبقى من عمر بأمل وتفاؤل.
وحرصا من "الحقيقة الدولية" التي واكبت رحلة انتقال أبو الرب من غرفته "المتهرئة" إلى دار الضيافة، عمدت الصحيفة إلى نقله بنفسها إلى دار الضيافة إضافة إلى نقل الحدث عبر إذاعتها على الموقع الالكتروني بالصوت والصورة.
استقبال حافل
استقبال حافل، زف به أبو الرب و "الحقيقة الدولية" في دار الضيافة التي ساءها حال المسن الضيف، حتى تساءل نزلاء الدار عن الأسباب التي أدت إلى وصوله إلى هذه الحالة وقد آلمهم المنظر.
دقائق معدودة فصلتنا عن أبو الرب، الذي اصطحبه مشرف في الدار يدعى اشرف شحاتيت إلى مكان كنا حينها نجهله، حتى خرج المسن ياسين بحلة جديدة. لم نعرفه من الوهلة الأولى، فليس هو من كتبنا قصته، وليس هو من اصطحبناه إلى دار الضيافة، انه رجل آخر، وقد بدت على ملامحه السعادة والاستقرار. لم نعد نرى تلك اللحية التي كانت تلف وجهه، ولم نعد نلمس خصلات شعره الأبيض الطويل، وكأنه عاد إلى الوراء عشرات السنين، فها هو أنيق نظيف تنبعث منه رائحة زكية... انه الحمام.
فحوصات طبية
بعد ذلك، تم اصطحاب الضيف الجديد إلى غرفة أخرى، لم يغب عن نظرنا حينها سوى برهة من الوقت كانت كفيلة بإجراء فحوصات طبية له للاطمئنان على حالته الصحية، حيث تم إجراء فحص للضغط والسكري كانت نتائجها على عكس حياة المسن أبو الرب ايجابية.
لكن المسألة لم تنته هنا حيث، تم إيداع أبو الرب في غرفة مستقلة بعد منحه وجبة من الطعام لم يتذوقها مثلها منذ زمن، فيما سيتم عرضه على مستشفى حكومي لإجراء فحوصات للحواس الخمس وبطنه وأطرافه.
أبو الرب "عريس جديد" زف إلى منزل يشع حنانا وعطفا ورعاية، وقد غدت ابتسامته التي فارقته منذ زمن تبرق وجهه.
وقال الدكتور ثائر الذي يعمل في دار المسنين ان "وضع أبو الرب الصحي جيد وسيتم إجراء فحوصات لحواسه وبطنه وأطرافه عبر عرضه على اختصاصيين، حيث تم وضعه في غرفة خاصة لحين إكمال الإجراءات الطبية والتحقق من عدم إصابته بمرض معد، حماية للنزلاء في الدار.
المصدر : الحقيقة الدولية – عمان – باسمة العابد- 14.4.2009
