حب الاستحواذ.. أسلوب تربية
حب الاستحواذ.. أسلوب تربية
http://www.alrai.com/img/177500/177734.jpg
- لا ينكر أحد أن لدينا شعوراً دائماً بحب حيازة الأشياء إلى خاصتنا، سواءً أكانت تلك الأشياء مادية محسوسة أم ذات قيمة معنوية.. والصورة التي تعبر بعض الشيء عن مضمون هذا التحقيق تظهر معاناة هذا الطفل في حيازة كرتين مرة واحدة.
يقول مراد خضير ''إن حب الاستحواذ على أكثر من شيء في آن معاً مشكلة كبيرة وإذا لم تتغلب نفسياً على هذا النمط من أسلوبك في الحياة ستبقى تعاني من عدم تحقيقك للأهداف أو تأخير تحقيقها''.
ويضيف خضير ''شخصياً كنت أعاني من هذه المشكلة وكنت دائماً أفشل في تحقيق أهدافي بالوقت الذي أتوقع الوصول إليها وذات مرة فكرت في الأمر قليلاً وقررت أن الحصول على شيء أو النجاح في شيء خيرٌ من ألا أنجح في شيء على الإطلاق وبالفعل كان لي هدف واحد وسعيت لتحقيقه ونجحت''.
وترى علا جرادات أن حب حيازة الأشياء في وقت واحد ربما يكون موجودا عند المرأة أكثر من الرجل بحكم أنها أكثر التفاتاً إلى ما عند غيرها وقد يكون هذا الأمر ايجابياً وسلبياً معاً. وتوضح ''عندما ينظر الإنسان لشيء جيد ويعجب به فإنه يضع نصب عينيه الوصول إليه ويسعى إلى تحقيقه وهنا طبعاً الأمر في جانبه الايجابي، ولكن يتحول الأمر إلى السلبية عندما يترك الإنسان هدفاً كان يسعى إلى تحقيقه أو يترك الاهتمام به أو يمنح الاهتمام الكامل وجل جهده لهدف آخر يريد الحصول عليه لأنه رأى غيره وصل إليه، عند ذلك تتضارب الأهداف لديك وتشتت تفكيرك بين أكثر من هدف لذا فإن نجاحك سيكون بنسبة أقل إذا وجد لديك هدف واحد''.
من جهته اعتبر محمود نشوان - باحث في علم النفس - أن حب الاستحواذ على كل شيء أمر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمنهجية تربية وأساس يقوم عليه تعويد الطفل في أسرته منذ الصغر، فالطفل الذي يتلقى أسلوب تربية قائما على القناعة بما يحصل عليه والرضا بما يخصص له من أشياء وعدم تربيته على الالتفات إلى ما في حوزة الآخرين فإن هذا الأسلوب يخلق عند الطفل القناعة والرضا فتراه لا ينظر إلى ما في حوزة نظرائه نظرة الامتلاك والحيازة وإنما تكون نظرته نظرة طفل بريئة لا تتعدى حب اللعب بها والاستمتاع بها مع صاحبه''.
ويضيف ''أما أساس التربية الخاطئ الذي نراه فهو الأساس في تربية أبنائنا دون أن نراعي مخرجات هذا الأسلوب من التربية حيث يربى الطفل على عدم القناعة بما يقسم له فعندما يرى أبويه أنموذجا ماثلاً أمام عينيه وهو يتلقى كل لحظة دروساً في الجشع بالنظر إلى ما عند الآخرين فهو يستمع إلى أبيه وهو يتكلم عن ملك غيره من أخ أو صديق أو جار أو أي إنسان والأم كذلك، دونما أن يتنبه الآباء إلى أن شخصية الأطفال تتكون وتكتسب كل يوم منهم الشيء الكثير لأن الطفل عبارة عن شريط يطبع عليه كل يوم سلوك ونمط حياة أمه وأبيه حتى تتكون شخصية الطفل على هذه الأنماط لذا فإن الآباء مدعوون اليوم لأن يتنبهوا إلى تصرفاتهم وأحاديثهم لأن الطفل الذي ينشأ على عدم القناعة والرضا والنظر إلى ما عند الناس من أشياء ومكتسبات سيرافقه هذا في مراحل صنع مستقبله''.
ويضيف نشوان أن الفرد الذي يتربى على تربية صحيحة يتعلم كيف يصل إلى أهدافه التي يضعها دون أن تؤثر عليه أهداف غيره لأنه لا يلتفت كثيراً إلى ما عند غيره وأيضاً هو يتدرج في الوصول إلى أهدافه أما أن تتربى على عدم الرضا والقناعة والنظر الدائم إلى ما عند الناس فإن هذا أولاً سوف يشتت أفكارك ويجعلك دائماً غير واثق من أهدافك التي ترسمها لنفسك كما أنك عندما توزع اهتمامك بين أكثر من هدف فإن ذلك يرغمك على إضاعة جهدك وانك لو ركزت اهتمامك لهدف واحد ووصلت إليه عندها تسعى إلى غيره. ويؤكد نشوان أن القضية لا تتطلب منا ألا ننظر أو نلتفت إلى نجاحات الآخرين ومكتسباتهم وأشيائهم التي تعجبنا بل نتطلع لها ونبدي إعجابنا بها وقد نسعى للحصول أو الوصول إليها ولكن بالطريقة التي تضمن لك عدم تشتيت أفكارك وتضييع أهدافك هنا وهناك لأنك صرفت النظر عن تحقيق نجاحك الشخصي إلى محاولة تكرير نجاح الآخرين وبطريقتهم.
