(أسطورة) .. قانون المالكين والمستأجرين
كتب - محرر الشؤون المحلية- ربما لا يذهب المرء الى مربع المغامرة اذا ما وصف الجدل الدائر حول قانون المالكين والمستأجرين بانه غير مسبوق في تاريخ الدولة الاردنية نظراً لما لحق به من حذف واضافة وترقيع وترقيع على الترقيع وتأجيل واستدراج فهل كلها ناتجة عن جماعات ضغط او لوبيات بالمصطلح الغربي او اصحاب مصالح بعضهم قادر على تحقيق مآربه وبعضهم الآخر عاجز حتى عن إسماع صوته..
نحن هنا لا ننحاز الى أي من طرفي العلاقة فهذه ليست مهمتنا التي تنحصر في الاضاءة على طبيعة المشكلة ونقل الصورة الى الجمهور الأردني في حياد وموضوعية وافساح المجال أمام اصحاب وجهات النظر المتقابلة كي يقولوا آراءهم وكيف يطرحوا مقارباتهم أما التسهيل او التواطؤ مع طرف معين فهذا خطأ جسيم لا يعقل بل لا يمكن ان ننخرط فيه او نسعى للوقوع في وهدته.
صحيح ان ثمة معادلة قانونية تربط طرفي العلاقة تنهض اساساً على التراضي الذي هو شريعة المتعاقدين وصحيح ايضا ان بدل الايجار الذي كان يدفع قبل نحو من اربعة عقود، لم يعد يساوي شيئاً يعتد به في وقتنا الراهن لاسباب معروفة بدءاً بعامل التضخم وليس انتهاء بالطبع بارتفاع الاسعار اسعار السلع والخدمات افقياً وعامودياً.. ما يعني ان ثمة حاجة تطرح نفسها بقوة كي يتم تعديل بدل الايجار هذا على نحو يتماشى أقله مع جدول غلاء المعيشة أو متوسط مؤشر التضخم وغيرهما من المعادلات التي يقيّم أهل المال والأعمال والمؤسسات ذات الصلة جداولهم وتوقعاتهم..
وإذا كان المستأجرون لمحال تجارية أو لبيوت سكنية يمتلكون القدرة والفضاء القانوني والنقابي وغيرها من أشكال التضامن في ما بينهم والظهور بمظهر الفريق الواحد القادر على ايصال صوته وممارسة ضغوطه على اصحاب الشأن كالمؤسسات التشريعية «البرلمان» أو التنفيذية «الحكومة» أو جهات اخرى ذات علاقة كي يؤخروا تنفيذ القانون او يدخلوا تعديلات عليه اضافة بالطبع الى رفع راية الاضراب واستدراج دعم من نقابات عمالية او مهنية وبعض مؤسسات المجتمع المدني في اطار ما يرونه دفاعاً عن مصالحهم وهذا حق من حقوقهم لا ننكره عليهم او نسعى لمصادرته فإن من العدل والانصاف النظر الى الطرف الآخر من المعادلة الذي قد لا يتوفر على مثل هذه الوسائل والمقاربات المشروعة لاسباب عديدة بعضها شخصي وآخر لغياب الخبرة والتجربة وعدم القدرة على توفير حشد مؤثر رغم ان بعضهم من كبار الملاك العقاريين والمستثمرين في هذا القطاع الذي يعود عليهم بالارباح المجزية ناهيك عن ارتفاع اسعار عقاراتهم بفضل الموقع اوالتوسع العمراني او الكثافة السكانية..
آن الأوان لوقف هذا الجدل المحمول على صخب واتهامات متبادلة حول قانون المالكين والمستأجرين والبدء بخطوات جادة وعملية تشارك فيها الاطراف كافة للبحث عن مقاربة جديدة تلحظ ادخال تعديلات جوهرية - ولكن عادلة ومنصفة وقانونية - على المواد الخلافية بحيث تنزع «صواعق» الخلاف وتنفس الاحتقانات وتزيل الاختلالات أو الشروع في اعداد مشروع قانون جديد يعهد الى لجان متخصصة بعيدة عن الأهواء والضغوطات يشارك فيها خبراء في مجال الاقتصاد والتشريع والقانون وعلم الاجتماع ومؤسسات المجتمع المدني اعداده بمشاركة من ممثلين عن طرفي المعادلة المالكين والمستأجرين ونحسب ان النقاش المفتوح والهادئ هو الكفيل بانضاج مشروع قانون كهذا يصار الى اقراره عبر القنوات التشريعية والدستورية ويضع حدا لكل هذا الاضطراب والقلق اللذين يسودان قطاعات عديدة يزعم بعضها انه متضرر فيما لا يكف طرف آخر عن التذمر والشكوى التي تصيب مصالح المواطنين بالضرر وتلحق الأذى بالمصالح الوطنية العليا..
