القصير: لبنان على أعتاب واقع جديد قائم على تحالفات قديمة
مدير قناة المنار الفضائية والقيادي في حزب الله اللبناني يرسم ملامح المشهد السياسي بعد الانتخابات
القصير: لبنان على أعتاب واقع جديد قائم على تحالفات قديمة
http://www.factjo.com/newsImages/9343_l.jpg
■ ابتزاز المال السياسي وقانون الانتخابات كانا سببا في فوز الموالاة في الانتخابات
■ لا استبعد قيام إسرائيل بعدوان جديد على لبنان وخطاب نتنياهو يفرض علينا مزيدا من التضامن
الحقيقة الدولية – القاهرة – مصطفى عمارة
أقر مدير قناة المنار الفضائية التابعة لحزب الله اللبناني عبد الله القصير، بوجود خلل كبير في الخطاب الإعلامي لتيار المعارضة أدى في انتخابات البرلمان إلى فوز الموالاة وتراجع المعارضة.
وأكد القصير في حوار خاص لـ "الحقيقة الدولية" أن الإعلام لعب دورا أساسيا وفاعلا في الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا في لبنان من خلال تسويق بعض الشعارات وبث الشائعات ومحاولة تحليل وتفسير شعارات بطريقة تخدم مصالح الموالاة، وعلى سبيل المثال طرح الجنرال عون الجمهورية الثالثة على أساس الانتقال من جمهورية الفساد الى جمهورية الإصلاح والتغيير، ولكنها فسرت على أنها جمهورية حزب الله أو الجمهورية الإسلامية وبدأت الموالاة بث هذا النوع من الخطاب الإعلامي لتفسير شعار رفعته المعارضة.
وأضاف القيادي في حزب الله اللبناني أنه بالإضافة إلى قصور الإعلام فقد لعب المال السياسي الذي انفق من خارج لبنان دورا محوريا في الخروج بالنتائج التي جاءت عليها الانتخابات، وهي بحسب كل المراقبين والخبراء الدوليين واللبنانيين أعلى انتخابات جرت في المنطقة او العالم من ناحية الإنفاق والذي وصل الى مليارات الدولارات وكان هذا سببا رئيسيا في ان المعارضة لم تحقق ما كانت تصبو إليه من تحقيق أكثرية نيابية ولكن باستعراض الأرقام المنجزة نجد ان المعارضة لم تحقق تراجعا إذا قيست بالانتخابات السابقة ففي الانتخابات السابقة حصلت المعارضة على 56 مقعدا والآن حصلت على 57 مقعدا، بينما حصلت الموالاة على 72 مقعدا في الانتخابات السابقة وحصلت الآن على 71 مقعدا، ورغم ذلك فنحن نعتقد ان اللعبة الديمقراطية يجب ان تحكم العلاقة بين مكونات الشعب اللبناني وبالتالي فعلى المعارضة ان تقبل بهذه النتيجة وتعمل من اجل الانتخابات التي سوف تجرى بعد أربع سنوات وان تغير من طريقة أدائها لكسب مزيد من الأصوات فضلا عن وجود مشكلة أخرى كبيرة متمثلة في قانون الانتخابات الذي يجعل الكتل الطائفية هي الكتل الأساسية في الانتخابات وهذا لا يجسد الصورة الحقيقية لواقع الشعب اللبناني حيث انه باحتساب الأصوات نجد ان 55 بالمائة من المقترعين صوتوا لصالح المعارضة و45 بالمائة لصالح الموالاة وبالنتيجة حصلت الموالاة على 71 مقعدا نيابيا وحصلت المعارضة على 57 مقعدا وهذا يدل على حجم الخلل في قانون الانتخاب والذي يحتاج الى معالجة جدية وحقيقية من اجل الوصول الى قانون على أساس القاعدة النسبية وليس على أساس قاعدة الأكثرية وان يتعاطي مع لبنان كقاعدة انتخابية واحدة.
واقع سياسي جديد
وقال القصير ان نتائج الانتخابات في حد ذاتها لن تؤدي الى تغيير في التحالفات ولكنها سوف تفرز بالتأكيد واقعا سياسيا جديدا في لبنان وهذا الأمر بدأت بعض ملامحه قبل الانتخابات فجنبلاط يتجه حاليا الى موقع وسط بين 8 آذار و14 آذار، فضلا عن ذلك اعتقد ان لغة الحوار بعد المرونة التي أبدتها المعارضة في تقبلها للنتائج واستيعابها للواقع رغم انه ليس في صالحها سوف تفرض على الطرف الآخر ان يتعاطي بايجابية مقابلة، فإذا أراد ان يتمكن من الحكم فلابد من تهدئة الخطاب السياسي والوصول الى قواسم مشتركة مع المعارضة فالديمقراطية في لبنان ليست ديمقراطية الأقلية او الأكثرية إنما هي ديمقراطية توافقية والدستور ينص على ذلك.
وبين القصير أن المشهد اللبناني لم ينضج بصورة كاملة بعد، ولا تزال كافة الاحتمالات مفتوحة أمام كل شيء، فالقوى والأحزاب سواء في الموالاة او المعارضة تدرس الخريطة السياسية الجديدة في لبنان وتحضر لنوع من الاتصالات الثنائية والجماعية من اجل الوصول الى صيغة مشتركة. أما مشاركة المعارضة او عدم مشاركتها في الحكومة فهو أمر يخضع للدراسة ويخضع لمجموعة من الاعتبارات والعوامل التي لا تزال قيد المتابعة.
صياغة الواقع العربي
ولفت الإعلامي اللبناني إلى أن المطلوب اليوم استثمار إدارة اوباما واعتماده على لغة الدبلوماسية لإعادة صياغة الواقع العربي والإسلامي على قاعدة مزيد من الحوار والتقارب بين مختلف الآراء والتوجهات حتى لا نعطي المشروع الاستعماري الأمريكي الصهيوني أية إمكانية للنجاح على حساب شعوبنا ومنطقتنا. واعتقد ان خطاب نتنياهو الأخير والذي رفض أي نوع من التسوية للقضية الفلسطينية يجب ان يدفع الدول العربية والإسلامية لمزيد من التكاتف لمواجهة تلك الحكومة.
وقال ان أوباما مجبر اليوم على تغيير السياسة الأمريكية في المنطقة التي جلبها جورج بوش، خاصة بعد الفشل الذريع التي لاقته أمريكا في العراق وأفغانستان وفلسطين، ورغم هذا فإننا يجب ان نكون على حذر شديد ولا ننخدع بالكلام المعسول وإنما نطالب الولايات المتحدة بتغيير جذري في سياستها.
وأشار إلى أن العدو الإسرائيلي لا يؤمن وعلينا دائما ان نكون مستعدين لمواجهة إرهابه لان إستراتيجيته قائمة على الهيمنة في المنطقة وضرب أي محاولة للمقاومة او الممانعة او الصمود.
التصدي لمحاولات الإساءة للعرب إعلاميا
وأكد القصير أن مؤتمر وزراء الإعلام العرب الذي عقد مؤخرا في القاهرة، ناقش بشكل واضح أهمية تطوير الخطاب الإعلامي العربي بما يمكن من خلاله مواجهة الهجمة الغربية على العالم العربي والإسلامي، واقترح من اجل هذا الغرض تخصيص ميزانية لتوضيح الموقف العربي في الخارج من خلال إنشاء قناة عربية تبث باللغات العربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية، إلا ان هذا المشروع لم يشهد النور مع الأسف وتم استبداله بمجموعة من الأنشطة الإعلامية في الدول المختلفة عبر مكاتب جامعة الدول العربية في الخارج وفي حقيقة الأمر فان تلك القضايا تحتاج الى نوع من التوضيح والمواجهة والرد على الصورة النمطية للعرب التي يضعها اللوبي الصهيوني في أوروبا وأمريكا للشخصية العربية وإلصاق تهمة الإرهاب بها، واعتقد ان هذا الموضوع أصبح من الموضوعات المهمة التي يجب على الإعلام العربي ان يتعامل معها بجدية وتقنية عالية لتقديم الصورة الحقيقية للعالم العربي، لاسيما ان المواطن هو الضحية الكبرى للإرهاب الإسرائيلي الذي يمارس على الشعب الفلسطيني واللبناني والعراقي.
المصدر : الحقيقة الدولية – القاهرة – مصطفى عمارة- 27.6.2009
