قال رجل لأبي بكر رضي الله عنه: (والله لأسبنك سبا يدخل القبر معك) فقال معك يدخل لا معي).
أوردت هذه العبرة لكل من جعل حياته إساءة للناس وجعل يومه سباً وشتماً فلا يمرّ يوم إلا ونرى في شوارعنا ما يندى
له الجبين من التلفظ لا أنزل الله بها من سلطان فالجميع يتسابق بالشتم والإساءة إلا من رحم ربي. هل حدوث حادث سير أو تلاسن بين إثنين يجعلنا نسمع ما لا يسرنا والطامة الكبرى إذا وصل الأمر إلى سب الذات الإلهية فهنا يصبح الإنسان مجردا من كل الإخلاق والمشاعر. ولنكن صادقين مع أنفسنا عندما نتعظ بعبرة الصديق رضي الله عنه بقوله(الموت أهون مما بعده وأشد مما قبله وكان يأخذ بطرف لسانه ويقول.. هذا الذي أوردني الموارد!!!إن السبب في إنتشار الشائم بين الناس وخصوصا جيل الشباب هوعدم التربيه السليمه من البيت.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على(الشباب) فقط فحتى الأطفال لهم نصيب كبير فيها فأفلام الرسوم المتحركة لا تخلو مفرداتها من بعض الكلمات البذيئة بين الأبطال أو الشخصيات وهذا مما يرسخ بعقل الطفل وكذلك وكما هو معروف فان الطفل يتلقى ويستقي معظم تصرفاته من الأهل أولا وأقرانه ثانيا، فأصبحت رؤية الطفل وهو ما يزال يتعلم المشي أو الكلام يردد بعض الشتائم لأهله أو ممن حوله ويكون هؤلاء فرحين بما يقوم بفعله دون الأخذ بعين الاعتبار إن الطفل سيعتاد على هذا النوع من الحديث والألفاظ.فاذا سمعت أحدهم ينعت الآخر بكلمة بذيئة فلا تعتقد أبداً بوجود عداوة بينهماولا تتوقع تطور هذا الأمر ليؤدي إلى شجارفقد أصبحت الشتائم المتبادلة بين الناس اليوم دليلاً على عمق الصداقة والمحبة ونوعا من خفة الدم ورفع الكلفة بينهم.ففي الماضي كانت هذه الألفاظ تخص (أولاد الشوارع إن صحت التسمية) فقط أما الآن فهي تتردد بين الطلاب في المدارس والجامعات كنوع من اللغة الحميمة وموضة مثلها مثل أي صرعة والتي يلقبونها»كوووول».
فمتى كان اللسان لا يعرف الحديث إلا بالسب والشتم فأن ذلك مرده إلى تربيه بيتية غير سليمة وتفتقد لأدنى درجات التمعن والإستشراف لمستقبل الشباب. فالمصيبة هي ليست فقط بوجود هكذا عادات سيئة بل وبوجود من هو راض عنها ومؤيد لها.فالشتائم أصبحت جزءا من حياة الشباب وأصبحت طبيعة الصداقة ترتبط بمدى فصاحة اللسان لا بالكلام الموزون بل بشيئ أخر إسمه (قدرتكم على الشتم والسب). ولعل نظره سريعه لما حولنا لنعرف ان كل من لا يلبي طلبه في مؤسسات الدولة الخدمية أو الخاصه يبدأ بالصراخ بصوت عالٍ ليتطور الأمر إلى مسبات وشتائم.السؤال هنا هل أصبح نيل مطالبنا او التعبير عن أرائنا لا يتم إلا بأن نحرف ألسنتنا عما خلقت له(عن معاذ–رضي الله عنه–قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال: « لقد سألت عن أمر عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان «، ثم قال: « ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل « ثم تلا: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) حتى بلغ (يعملون)، ثم قال: « ألا أدلك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ « قلت: بلى يا رسول الله، قال: « رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد «، ثم قال: « ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ « قلت: بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه فقال: « كف عليك هذا فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم–إلا حصائد ألسنتهم رواه أحمد.
عمـــــــاد مكاحلـــة .. عن الرأي
