السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مدخل:
نحن نحاور
نناقش
نتبادل الآراء
نختلف
نتفق
ويظهر ذلك من خلال نقاشنا وحوارنا ..
لغة التخاطب هي وسيلة للحوار وتبادل الآراء والثقافات فيما بيننا، نقدم حجة، نناقشها نرفضها لذاتها، أو لسبب فيها، غالباً ما تتفوه ألسنتنا بأحاديث أو تعابير نظن أنها صحيحة ولكن هي تجانب الخطأ، وتبرز هذه المغالطات في حوارتنا، ربما يظنها الأغلب من الناس أنها صحيحة ولا غبار عليها، ولكن من هو على دراية بمغالطات الاستدلال ربما يستطيع أن يدير الحوار كيف يشاء، وبالإضافة إلا أنه سيكتشف ضعف من يقابله في صياغة كلماته، ونحن هنا في صدد مناقشة هذه المغالطات وبمعرفتها نستطيع تفادي هذه المغالطات ..
ولكن قبل كل ذلك لابد أن أكون مفكراً ناقداً أي أن أن أفكر وأميز ما بين الحقيقة والرأي، ويأتي بعدها أصدار القرار في هذه الحجة .. لذا لابد أن تتوافر في المفكر الناقد مايلي ..
التواضع الفكري: الاعتراف بنقص المعرفة وعدم صحة بعضها.
الشجاعة الفكرية: القدرة على مواجهة أفكار نعتقد تقليديا بصحتها.
التعاطف الفكري: فهم الآخرين من خلال تقمص دور الأخر.
الأمانة الفكرية: الاتساق الذاتي، حيث يطبق على اراءه ومواقفه نفس المعايير التي يطبقها على الآخرين.
الإصرار الفكري: المضي قدما مهما واجهه من صعوبات (رفض الآخرين أو الفشل).
الثقة بالعقل: رغم أنه يقع في أخطاء.
الاستقلال الفكري: الدافع الداخلي للبحث والتقصي والتساؤل، ثم اختبار الآراء والمواقف التي يؤمن بها بعد تفكير عميق.
قف أمامك مغالطة؟!
لابد إلى أن نتظرق إلى مفهوم المغالطة كبدايةً ..
..
..
المغالطة..عيب أو نقص في الحجة مما يجعلها غير متطابقة مع شروط الإستدلال الجيد تستخدم لفرض رأي معين، أو للهروب من حجة قوية، أو هي حجة تبدو صحيحة على نحو مضلّل فهي تبدو صحيحة ولكن في الحقيقة هي غير صحيحة.
وفي هذا الصدد سنقوم بنقاش ست مغالطات ..
بداية ستكون لنا جولة في مغالطتين اثنتين يتم التناقش بها وبعدها نتطرق فيما بعد إلى المغالطات الأخرى ..
قف أمامك مغالطة؟!
1-ازدواجية المعايير
وهي عندما يتفق أحدهم على رأي معين وفي جانب الآخر هو أول من يخالف هذا الرأي أو الاعتقاد ..أي أن تكون مناصراً لفكرة معينة، وتكون في نفس الوقت من يحالف هذه الفكرة بقول أو فعل يظهر جلياً ..
والأمثلة كثيرة في هذا الصدد ..
مثال(1) :
ما يحدث الآن في الحديث عن الارهاب فمن يهاجم الارهاب هو أول من ناصر الارهاب وقتل ودنس ذريعة أفكار واهية .. والسياسة تزخر بهذه المغالطة.
مثال(2):
نرى من يستنكر من ينهش لحمه والغيبة والنميمة، وهو أول ما ينهش لحم أخيه ويغتاب غيره ..
قف أمامك مغالطة؟!
2- تغيير الموضــوع
هو يتجه المرء إلى أن تغيير جهة الموضوع إلى موضوع آخر أو محور آخر، عندما يكون في مكمن ضعف أو ضعف حجته فيتجه إلى هذه المغالطة دون أن يشعر الطرف الآخر عن هذه المغالطة ..
يستخدم بقصد وبغير قصد، يستخدم في كثير من الأحيان عندما يوجهه إليك سؤال وتشعر بأنك في موضع ضعف، لذلك تغافل من تتحاور معه، وتغير وجهة الموضوع كموضوع آخر، حتى لا تقع في مأزق، البعض يظنها نوع من الذكاء، ولكن هي مغالطة، تبين قلة حيلة وحجة صاحبها ..
تريد تغيير نفسك، والتخلص من هاتين المغالطتين، ابدأ بنفسك، تساءل لماذا تستخدم هذه المغالطة ماهو سبب، إن وضعت يدكَ على السبب أو الجرح ستنجح في الحصول على الدواء، كالطبيب بمعرفته لسبب مرضك يستطيع وصف العلاج لك، فهل تستخدمها لضعف بك أو لحجتك أو لإعتبارات أخرى؟!..
قف أمامك مغالطة؟!
3- التجريح الشخصي ..هو أن يقوم الطرف المتحاور بمهاجمة الطرف الآخر المتحاور معه دون أن ينقد فكرة هذا الطرف أو يختبر حجته ..
فإن رأيت من يتحدث عن تدخين السجائر وما لها من آثار، ولكن ترى في الجانب الآخر لا يتقبل منه فماذا عساه أن يقول سوى: أن ترى تفسك أولاً قبل أن تنصح غيرك، فأنت تدخن أيضاً .. لذا بدلاً أن يفكر بالحجة صاحبه، ويقلبها في عقله يتجه إلى أن يغلق أبواب الحوار، بأن يهاجمه...
قف أمامك مغالطة؟!
4-تسميم البئر ..
مهاجمة فكرة أو رأي وبذلك بربطها بجهة أو جماعة مرفوضة وذلك نتيجة للحساسيات ..
مثال: مقولة لو قلنا بأن توماس أديسون يهودي ..
فنرى الجميع يضع يده على قلبه ويقول يهودي .. إذن سنبتعد عن كل مخترعاته وكل ما يتصل به..
التجريح الشخصي: يهاجم الشخص بعينه..
تسميم بئر: يربط بين جماعة مرفوضة وتقبل الفكرة ..
قف أمامك مغالطة؟!
وهنا مغالطة وددت أن أضعها ولكن لم أعلم بماذا أنعتها ..
لمن يعزى الجهد؟؟! ..
تكثر هذه المغالطة بين أبناء المدارس والجامعات، مع الحصول على شهادة نهاية العام، أو تقادير، ومع التساؤل عن ماذا جنت في النهاية،
فترى من يقول بضيق لصاحبه: لقد منحني أستاذ المادة تقديراً منخفضاً لا أعلم لماذا يترصدني ..
فيما يجيب صاحبه بفخر: أما أنا فقد منحني تقديراً مرتفعاً ..
في ضوء هذا الحوار، فقد ارتكبا هاذين الشخصين مغالطتان، وحذفوا جانب جهدهم فيما كان سبب حصوله على التقدير كان استاذ المادة، ولم تكن جهودهم، وكمفكر ناقد سينظر لعبارتهما بأنهما بأن سبب النجاح يرجع إلى أستاذ المادة ما تحدثه به نفسه وليس جهودهم التي بذلوها طول العام ..
قف أمامك مغالطة؟!
5-رجل من قش
هي إعادة صياغة عبارة أو مقولة أحدهم ولكن بطريقة تختلف عن ما تعبّر عنها المقولة الأصيلة ..
قف أمامك مغالطة؟!
والأمثلة كثيرة وليكن هذا المثال:
مثلاً ×: لا يوجد أفضل من أن تكون المرأة سيدة على بيتها تعتني بأطفالها وتقوم بواجبها على أكمل وجه ..
فيجيبه y: لماذا تريد حجب المرأة في هذا النطاق، فالمرأة الآن تشاطر الرجل ..
هنا .. أعتبر y أن x لا يناصر خروج المرأة إلى العمل، رغم أن x لم يشر إلى هذا الأمر بتاتاً ..
قف أمامك مغالطة؟!
6-البينة على من ؟؟
هي مغالطة تستخدم لتغيير وجهه الحديث من الطرف الأول إلى الطرف الآخر دون أن يجيب هو على سؤاله، أي يباغته بسؤال آخر؟؟
أو هي تحويل وجهة الاتيان بالدليل من طرف إلى طرف آخر ..
مثال: ربما هذا المثال مشهور لدى الطالب الجامعي بالتحديد خاصة أنه يتعلق بالثقافات العامة ..
× يقول: الثقافات العامة ذات فائدة تعود على الطالب..
××: على العكس لا أظن أن الثقافات لها أي فائدة أنها مواد ليس لها صلة بالتخصص ..
× تتساءل: لماذا أنت متحاملة على الثقافات لهذه الدرجة؟؟
××: ولماذا أنت تقفين بصف الثقافات العامة؟؟
في هذا المثال نرى مغالطة ×× فبدل أن تجيب على سؤال × بادرت بسؤال آخر، حتى تقوم برأيها أن تقلب الطاولة على × .
قف أمامك مغالطة؟!
ومثال آخر: ولدينا x من الناس من يجزم أن الموضة وقصات الشعر الدخيلة على المجتمع لها تأثير سلبي على الأفراد وبخاصة الأطفال منهم، وتنتشر بصورة خطرة .. في حين y له رأي مخالف ووسأل محاوراً x : وما هي دلائلك على التأثر السلبي للأطفال كما تقول بهذه الموضة ... وفيجيب x بثقة: هل لك بأن تأتي بأدلة تخالف ما أقول ..
فنرى هنا أن x وجه لـ y سؤالاً رداً على سؤال y ولكن باستطاعة y الخروج من هذا المأزق بأن يشير لـx بأنه قد وجه له سؤال، ولا يصح أن يغالطه أو يباغته بسؤال آخر، وبذلك يستطيع تفادي هذه المغالطة ..
منقول
