السلام عليكم و رحمة الله
دخل العم محمود ذو القلب الطيب الى شقته المتهالكة مساءا بعد ان انهى يوما شاقا من العمل كحال اغلب الايام فوجد ابنته تبكي وزوجته تحاول تهدئتها واسكاتها .
وضع كيس الفاكهة الذي يحمله وهو الذي اراد اسعاد اسرته بها وجلس على كرسيه ونادى على نادية ذات الستة اعوام فاجلسها على رجله وكفكف دموعها .
- اخبريني يا نادية ماذا بكِ .
- البنات في المدرسة يا ابي ضحكوا علي وضربوني .
- وما السبب يا ابنتي .
- يشتموني ويقولون (يا بنت منظف الشوارع يا بنت الكناس ) ... سكت العم محمود قليلا ...
- لم يشتموك يا ابنتي فهذا عمل والدك حقا .
نظرت في عينيه ولم يستوعب عقلها الصغير . وفكرت ابي موظف محترم في بلدية المدينة فما الذي يقوله .
- يا ابنتي العمل شرف ومهما كان نوعه فالمهم ان الانسان لا يمد يده للحرام والله يبارك في رزق صاحب العمل الشريف .
اما بداية المشكلة فقد حصلت صباح اليوم عندما ارادت المعلمة ان تتعرف بوظائف اباء الطالبات وسألت كل واحدة عما يعمل ابوها حتى حان دور نادية فقالت ابي يعمل موظفا في البلدية ولكن زميلتها وجارتها في الشقة المقابلة انبرت لتقول ان نادية كاذبة فابوها يعمل منظفا ينظف الشوارع ويجمع الاوساخ .
واستمرت المشكلة .. فعند انتهاء زمن الدرس وخروج الفتيات للساحة تجمع البعض منهن حول الفتاة نادية واشبعنها شتيمة وضربا واستمر لقب ( بنت المنظف تسمعه اينما سارت في المدرسة ) وهي لا تعرف ما تفعل فلم تعتد على هذا الموقف وهي الطفلة الهادئة الخلوقة .
توجه العم محمود الطيب صباحا مع ابنته لمقابلة المديرة وشرح ما جرى .
- يا عم محمود لنكن صريحين استطيع ان احمي ابنتك في قاعة الدرس ولكن في الباحة الخارجية يجب ان تعتمد على نفسها .
اطرق طيب القلب ارضاً وغاص في حزنه الشديد وفكر ( ما ذنب البنت الصغيرة البريئة ) لتتحمل هذا العذاب .
قام فخرج ولم يرد بقول شيء اخر .
فلقد تعود على الدنيا الظالمة بحكم الزمن ولكن كيف به والفتاة البريئة وما الذي اقترفته من ذنب .
لقد تعود العم محمود ان يخرج صباح كل يوم ليخدم الناس والمجتمع..
يقوم بالتنظيف وازالة القمامة ولا يترجى من عمله اي كلمة شكر او ثناء ..
حتى انه لم يكن يجني فوق راتبه اليسير اي اكراميات او معونات من السكان .
لقد تعود منهم التجاهل والاستنكار ونظرة التكبر والاستعلاء .
تعود ان يشاهدهم بملابسم الفاخرة وسياراتهم الفارهة .
تعود ان يحمد الله الف مرة باليوم فلقد كان شريفا ونزيها .
حمد الله لانه لم يحن رأسه لاحد تذللا واستعطافا .
وحمد الله على حياته البسيطة وعائلته الحبيبة ...
منقوووولة
