جرائم يجب ألاّ تتكرر!
لا توجد إساءة للإسلام ,هذا الدين السمح المتسامح الذي حتى في أحلك الظروف وأسوئها بقي يشكل أجمل ابتسامة إنسانية على شفتي التاريخ, أكثر من ذلك الذي جرى في غزة حيث ذُبح صحافي ايطالي ,جاء من بلاده للتضامن مع الشعب الفلسطيني والدفاع عنه, بطريقة بدائية وهمجية نقلت بشاعتها كل فضائيات العالم وأكثر من هذا الذي جرى في الزرقاء يوم الجمعة الماضي حيث باسم الدين الحنيف ,الذي هو بريء من كل هذا, هوجم رجال الأمن بغتة وعلى حين غرّة بالبلطات والسيوف فسقط منهم كل هذا العدد الذي يدل على أنهم جاءوا لحماية مواطنين من المفترض أنهم جاءوا للتظاهر سلمياً ففوجئوا بخناجر الغدر تُغرز في خواصرهم وفي ظهورهم.
«ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلاّ بالحق», فما هو ذنب ذلك المواطن الايطالي الذي جاء من بلاده مدفوعاً بحسًّ إنساني صادق وبموقف سياسي تجلى خلال السنوات الثلاث التي قضاها في قطاع غزة يعيش عيشة أهلها ويشارك أطفالها الصراخ والرعب كلما هاجمت المقاتلات الإسرائيلية ,التي تشبه الطيور الجارحة, أكواخ الفلسطينيين ومنازلهم وورش عملهم ومدارس أطفالهم وجامعات أبنائهم حتى تقتله «السلفية الجهادية» بطريقة وحشية تقشعر لها الأبدان.
فبأيَّ ذنبٍ قَتَلَ هؤلاء أنساناً بريئاً جاء من بلاده وترك أهله وأقرباءه ورغد العيش والأمن والأمان ليتضامن مع غزة وأهل غزة وأطفال غزة..؟ «ولا تزر وازرة وزر أخرى».. وما هو ذنب هذا الايطالي الذي جاء بدافع إنساني صادق ليؤازر الشعب الفلسطيني حتى يذبح بتهشيم رأسه بطريقة مرعبة لأن حركة «حماس» رفضت إطلاق سراح زعيم «السلفية الجهادية» المعتقل في سجون حكومة إسماعيل هنية لأسباب لا علاقة لها بهذا الصحافي الذي لا علاقة له بصراعات تنظيمات هذه المنطقة ومشاكل أحزابها..؟!
ثم وهل أن الدين الإسلامي يجيز أن تذهب هذه الفئة «السلفية الجهادية» ,التي افتعلت مواجهات أمس الأول في الزرقاء, بخناجرها وسيوفها وبلطاتها وأن تهاجم رجال الأمن ,الذين كانوا يقومون بواجبهم الوطني وبتأمين الحماية للذين من المفترض أنهم جاءوا ليتظاهروا وليعبروا عن وجهات نظرهم مثلهم مثل من دأبوا على التظاهر السلمي في عمان وفي مدن أردنية أخرى, وتوقع في صفوفهم كل هذه الإصابات..؟ أليس هؤلاء لهم آباء وأمهات ولهم زوجات وأبناء وأشقاء وشقيقات؟ أليس هؤلاء ينتمون لعائلات وعشائر أردنية عريقة ومحترمة.. وقبل هذا أليس هؤلاء أبناء هذا الجهاز الأمني الذي لولا يقظته وسهره على الأمن والنظام لما استطاع أيٌّ منا أن يأوي إلى فراشه وينام ليلهُ بدون كوابيس وأحلام مزعجة..؟
لقد كان بإمكان هؤلاء أن يتظاهروا بالطرق السلمية والحضارية المتبعة في هذا البلد والتي أظهرت الأردن ,حيث لم تطلق منذ أن بدأ موسم المظاهرات والاحتجاجات ولا رصاصة واحدة, على مدى مساحة الكرة الأرضية بلداً راقياً وشعباً متمدناً يختلف ويتفق ويتباعد ويتقارب بالحوار وبكل وسائل التعبير التي تتلاءم مع قيم هذا العصر والبعيدة كل البعد عن العنف والتذابح وسفك الدماء.
أما أن يأتي هؤلاء الذين يدعون الانتساب لما يسمى «السلفية الجهادية» بسيوفهم وبلطاتهم وخناجرهم وبالعصيَّ وقضبان الحديد وأن يهاجموا رجال الأمن بأساليب همجية ,إن هي تصلح لما قبل العصور الوسطى فإنها لا تصلح لهذا العصر, فإن هذا يجب ألاّ يتكرر مرة أخرى إذْ جاء في كتاب الله الكريم :»العين بالعين والسنُّ بالسنَّ والجروح قصاص» وإذْ أن القيام بكل هذه الأعمال الإجرامية باسم الدين الإسلامي هو أكبر إساءة لهذا الدين العظيم وأكبر إساءة للمسلمين في كل بقاع الأرض وأكبر إساءة للإنسانية في العالم بأسره.
صالح القلاب
