كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
بسم الله الرحمت الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.المقدمة
الحيالة قصة جميلة...والموت مؤلفها...
الحياة حرارة .. و احتراق .. الموت نسيجها .. و الهلاك صميمها .
أجسادنا تتساقط و هي تمشي .. في كل لحظة هناك شيء يتساقط منها ..
و كلما حياتنا كلما تآكلت في نفس الوقت ..
العدم كامن في الوجود .. كامن في أجسادنا .. كامن في إحساساتنا و مشاعرنا ..
الخوف .. الشك .. التردد .. القلق .. الكسل .. التراخي .. اليأس .. القنوط .. كل هذه علامات سكون في الشعور .. كلها إحساسات عدمية تفسيرها الوحيد أن هناك فجوة في تكويننا .. فجوة نراها بعين الشعور فنخاف و نجزع و نقلق ..
فجوه; نطل عليها من داخلنا و إن كنا لا نراها بعيننا الواعية .. و لا نتذكرها إلا حينما يقال لنا .. فلان مات .
مات .. ؟! مات ازاي ده كان لسه سهران معانا امبارح لنص الليل .. شيء عجيب ..
و نمصمص شفاهنا .. ثم ننسى كل شيء و نعود إلى حياتنا الآلية .. و لكن عيننا الداخلية تظل مطلة على هذه الفجوة .. و باطننا يظل يرتجف بهذا القلق المبهم ..
الموت بالنسبة لكل منا .. أزمة .. و سؤال .. يبعث على الدهشة و القلق .. والذعر .
و لكنه بالنسبة للكون شيء آخر .
(الأشخاص الموجدين فى المسرحية من الخيال)
(الفصل الأول)
المشهد الأول:جنازة تدخل إلى المسجد وخلفها جماعة من المشيعين,ومكبرات الصوت تنطلق بآيات القرآن الكريم داخل وخارجه.
ويوجد بخارج المسجد اصوات(صراخ وضجيج وعويل ونشيج )أنهم عائلته(المتوفى) واحبته واصدقائه.
الرجل الذى مات كان من اعيان البلدة ولديه من الاولاد (7)بنات (وولد واحد يبلغ من العمر سبعة شهور)
كان بالأمس القريب راكبا حصانه الأبيض الجامح, مختالا فخورا, ويرتدى من أحسن الثياب ويتطيب بأحلى الروائح الذكية,واليوم هو فقيد البلدة(انه الحاج عبد الودود العايق)كانوا يلقبونه فى البلدة بهذا الأسم.لقد مات الحاج عبد الودود دون(مرض,أو اعراض شيخوخة )مات فجأه.
أمام المسجد ينادى على الناس لصلاة على الميت والمشيعين يتأهبون لصلاة بعد أن انتهوا من الوضوء,
وقف المشيعين فى صفوف لصلاة على الميت, والأمام يقول فى صوت أجش:الصلاة على الميت أربع تكبيرات,الأولى يقرأ فيهال الفاتحة,والثانية يقرا فيها النصف الاول من التشهد,والثالثة يقرأ فيها النصف الثانى من التشهد الأخير,والرابع يكون فيه الدعاء للميت وللأموات المسلمين.
الأمام:الله اكبر
المشيعين :الله اكبر(بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين....غير المعضوب عليهم والضالين..آميين)
الامام:الله اكبر
المشيعين:الله اكبر(التحيات لله البركات الصلوات.........واللهم اصلى على محمد وعلى آل محمد).
الامام:الله اكبر
المشيعين:الله اكبر(اللهم صل على محمد..................فى العالمين انك حميد مجيد)
الامام:الله اكبر
المشيعين :الله اكبر(اللهم ماارحمه ..اللهم مااغفر له..اللهم ماتجاوز عن سيئاته..اللهم ..اللهم..............)
الامام:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشيعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يخرج اربعة من المشيعين ليحملوا الميت على اكتافهم إلى مكان الدفن.
خرج الميت ومن وراءه المشيعون,ارتفعت الآصوات بالبكاء والصراخ والعويل والنشيج..بناته يبكون على ابيهم ويقولون وهم يودعونه ..وابتاه ..واحبيباه ..واصديقاه..إلى رحمة الله إلى جنة الله.
المشهد الثاتى:تصل الجنازة غلى مكان الدفن ويجلش المشيعون ويقرأ المقرئون سورة (يس)
انتهى المقرئون من قراءةالقرآن وتأهب الامام ليلقى الخطبة.
وهو الشيج جمعة امام وخطيب مسجد البلدة معروف بين الناس بالفضيلة والصوت العذب فى التلاوة وإلقاء الخطب الرنانة.
السيخ جمعة قام من وسط المشيعين وقال بعد ان حمد الله وأثنى عليه:بسم الله الرحمن الرحيم(كلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران : 185].
(بَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الملك : 1]
({كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (26) سورة الرحمن
ياعباد الله سبحان من له الدوام أن كل شئ على الارض فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام.
الدنيا هى دار الباطل والآخرة هى دار الحق,الدنيا هى دار الظلم والعدوان واللهو واللعب({وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (64) سورة العنكبوت
إلى الموت إلا أن يكون لمن ثوى من الخلق طرا حيثما كان لاقيا
حسمت المنى ياموت حسما مبرحا وعلمت ياموت البكاء البواكيا
ومزقتا ياموت كل ممزق وعرفت ياموت منك الدواهيا
أفى كل يوم نلقى جنازة وفى كل يوم منك نسمع ناديا
وفى كل يوم منك نرثى لمعول وفى كل يوم نحن نسعد باكيا
سبحان من له الدوام سبحام من كتب على نفسه البقاء وكتب على عباده الفناء,ان الموت لايفرق بين عزيز ولاذليل ولاشيخ ولافطيم,كل فى هذا القبر سواء(اصحاب ملوك كانوا او اذلاء)
زرت القبور قبور أهل الملك فى الدنيا وأهل الرتع والشهوات
كانوا ملوك مآكل ومشارب وملابس وروائح عطرات
فإذا بأجساد عرين من الكسا وبأوجه فى التراب منعفرات
لم تبق منها الآرض غير جماجم بيض تلوح وأعظم نخرات
أنا المقابر ماعلمت لمنظر يفى الشجى ويهيج العبرات
المشيعون: يبكون
الشيخ جمعة كان يهذى بالكلام ,ولم يعرف أن يقول شئ ولكن الذى حسم الموقف هو حفطة ابيات من الشعر
والشيخ جمعة ينتهى من بيت شعرليدخل فى بيت آخر.
إنى سألت القبر مافعلت بعدى وجوه فيك منعفرة
فأجابنى:صيرت ريحهم تؤذيك بعد روائح عطرة
وأكلت اجساد منعمة كان النعيم يهزها نضرة
لم ابق غير جماحم عريت بيض تلوح وأعظم نخرة
اكمل الشيخ كلامه فقال:احبتى فى الله الكل يعمل لهذا اليوم يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم,ومهما طال عليكم العمر فلبد من دخول القبر ومهما طال الليل فلبد من طلوع الفجر,فتأهبوا واعملوا للآخرتكم ,لأن ما تفعلوه ساتسألون عليه .
سأسأل عن أمور كنت فيها فما عذرى هناك وما جوابى
بأية حجة احتج يوم الحساب حساب إذا دعيت إلى حساب
هما امران يوضح عنهما لى كتابى حين انظر فى كتابى
فإما اخلد فى نعيم وإما ان أخلد فى عذابى
وبعد ان انتهى الشيخ من الخطبة التى كانت كلها من ابيات الشعر اشار الى القبر وقال للمتوفى كأنه جالس معه قال:اعلم ياعبد الله وبن عبده انك الآن صرت فى برزخ من برازخ الآخرة وأنك تاركتنا على العهد والميثاق الذى ستقابل به ربك وهو( شهادة ان لااله الاالله وان محمد رسول الله)ثم كررها ثلاثة مرات.
واشار الشيخ غلى المشيعين يدعوهم إلى الانصراف,فقاموا وأنصرفوا ليذهب كل فرد منهم إلى حاله.
..................
الفصل الثانى يبدا انصرف المشيعون وذهب كل واحد منهم إلى حال سبيله
نقل للعبره