إغـتـيــال الذاكــــرة
عيناك السوداوان..
كانتا ليلـي..
ألتحفه كل ليلة ..
عندما أنثر شعري على تلك الوسادة..
و كلمات شِعرك..
نجـــوم..
تضيء سواد ذلك الليل..
بنار العشق!!
غضبــــك..
كان غيوم ..
تعكر صفو سمائي..
لكنها تعني لي الغيث..
الرحمة..
تحيي في نفسي أمل الحياة..
فكنت أصيح بك مستجدي..
الرحمة يا سيدتي من غضبك الرحمة!!
أما القمــــــر..
فكنت أنت و حبك القمر..
أسهر معه..
أتأمله..
أداعبه..
أتغزل بك..به
و أهمس له بحبي..
بأسراري!!
و أرسل له القبل..بخجل دون أن يدري من بعيد!!
كم فتنت بك حينها!!
كنت لي لعبة القدر..
و كم عشقت فيك..في ليلك الطويل السهر..
فجـــــأة..
بَرَق من بعيد!!
شهابٌ مر..
ليخطف البصر..
شهاب سرق قصة حبي..
و في ذنبه أهداني يتمي!!
اليـُتـــــم..
هو أنت تشعرين فجأة بالبرد..
و أنك وحيدة بلا ذنب..
بأن لا ليل يضمك..!!
و الفجر مازال عنك بعيد بعيد!!
أن تشعري بأنك عشت فترة..
خيالاً كانت أو حلماً!!
موهوماً..
في زمن اللازمن..
و أنك تنزفين جرحا..
لشدة ألمه لا تحسينه!!
لكنك تتلمسين الدم المتدفق بيدك..!!
بالبرد فجأة أحسست..
و يتيم على غفلة أصبحت..!!
رفعت رأسي..
بعد أن سرق الشهاب كل شيء و رحل..
ترك لي بصيص نور..
لأرى..
بأن القمر..
معشوقتي..
ليست سوى..
مرآة علقت في سقف غرفتي..
و هالة الحـب..
ذلك النور..
لم يكن سوى إنعكاس لفيض مشاعر في داخلي..!!
عينــــــاك..
ليست عينين..
فأنت لست بشراً..!!
و هي لا تعرف طعم البكاء..!!
هي مجرد عدسات لاصقة..
مهملة..
مرمية تحت سريري..
النجــــــوم..
كلمات الشِّعر تلك..
التي سهرت أعدها و أرددها..
لم تكن إلا إنعكاس ملون لبريق ثريا علقت في السقف..!!
أمـا الليــــل..
فلم يكن إلا ظلاماً مفتعلاً لستائر مسدلة في غرفة مظلمة..!!
فلا سمـاء..و لا فضـاء..
أنا مازلت في حجرتي..!!
و ليس هناك أنت..
و ليس هناك قمر..
و حبك..وهم..كذب..خيال..و حلم..!!
لعبة ضوء محكمة..!!
مجموعة إنعكاسات..إرتبطت بمشاعر..
و تعلقت بوريد و قلب!!
أمسكت القلم الذي كان في يدي..
كان جنديك المجهول يوماً!!
جعلته الآن رمحاً..
سددته نحوك..
نحو مرآتي..
فأصبـت...
قتلتـــك..!!
فتناثر الزجاج و دمك..
معلناً تمردي..
و أولى جرائمي..!!
نجوم الوهم المتساقطة من حولك..
صارت ضريحاً لك..
غسلتك بحبري..
و كفنتك..
بأوراق شعري..
في أول ليلة تكون أنت الضحية فيها..
بعد أن كنت أنا ضحيتك..لعام كامل..!!
سأدفنك هنا..
في بقعة من الأرض مقدسة..
روضة غناء..
سقيت من مدامعي..
و زُرِعَت بحبي لك..
أدفنك الآن فيها..
و أختار مكان سجودي بالتحديد..
حيث كنت أتنسك كل ليلة في معبد حبك..
في ذلك المكان الشتات ما بين غرفتي و مابين دواخل نفسي أدفنك..!!
سأدفنك الآن و أكتب على ضريحك..
هنا..ترقد من كانت حلم ليلي....
جثة هامدة..
مطرودة من ذاكرتي!!
بلا رجعة..
و أعلن أنا..
بأني أرتكب أولى الجرائم في حقها..
قصاصاً..
فكما قتلتني يوماً..
أقتلها الآن و على الملأ..جهراً!!
فلا صلاة يستحق مني..
و لا تشييع جنازة..
و بلا حسن خاتمة..
و لن يتسلل بعد اليوم إلى الذاكرة..!!
فالأموات لا يعودون..
و الغارقون في بحر النسيان..هم ميتون..!!
و آن لي الآن أن أتنفس هواء نظيف!!
لقد كان حمل ثقيل!!
وقـــفــــــــــــة في الظــــــــل:
من كتاب ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي:
قــُلتِ يومها بإبتسامة لم أدرك نسبة الصدق فيها من نسبة التحايل:
((كان لابد أن أضع شيئاً من الترتيب داخلي..
و أتخلص من بعض الأثاث القديم.
إن أعماقنا أيضاً في حاجة إلى نفض كأي بيت نسكنه
و لا يمكن أن أبقي نوافذي مغلقة هكذا على أكثر من جثة..
إننا نكتب الروايات لنقتل الأبطال لا غير,
و ننتهي من الأشخاص الذين أصبح وجودهم عبئاً على حياتنا .
فكلما كتبنا عنهم فرغنا منهم..و إمتلأنا بهواء نظيف))
و أضفت بعد شيء من الصمت :
((في الحقيقة كل رواية ناجحة , هي جريمة نرتكبها تجاه ذاكرة ما.
و ربما إتجاه شخص ما , نقتله على مرأى من الجميع بكاتم صوت.
ووحده يدري أن تلك الكلمة الرصاصة كانت موجهة إليه..))
م / ن
