أطلت برأسها بقوة.. والحكومة تدرس خياراتها
المقاطعة "سلاح" أم "ارتياح"!!
http://www.factjo.com/newsImages/18966_l.jpg
الحقيقية الدولية ـ عمان - محرر الشؤون السياسية
■ تنسيقية المعارضة لقاءات بدون نتائج وتفتت في المواقف
■ توسع قاعدة "التلويح بالمقاطعة" وارتفاع وتيرة الشروط المسبقة
ما ان أعلنت جماعة الأخوان المسلمين وشقها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي عن مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة والمقررة في التاسع من تشرين الثاني المقبل، حتى بدأت "مسبحة" المقاطعة يتوسع "فرطها" رويدا ورويدا.
فقد تبع موقف الحركة الإسلامية بشقيها (الأخوان والحزب) في قرارهم بالمقاطعة، حزب الوحدة الشعبية (يسار) كما أعلن التجمع العمالي عن مقاطعته للانتخابات وكذا فعلت هيئات اخرى أعلنت عن مقاطعتها للانتخابات المقبلة.
إذن هي "مسبحة" بدأت تفرط وتتسع رويدا رويدا، ولهذا فان الأحزاب المقاطعة بدأت فورا بإظهار ان مقاطعتها ستؤدي الى خفض نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة، وبالتالي تدني شعبية مجلس النواب المقبل مهما كانت قوة أعضائه.
الكاتبة الصحفية رنا الصباغ وضعت سؤالا برسم إجابة الحكومة يمكن ان يلمس منه تحفيز من قبلها للحكومة على فتح حوارت مع الجميع قالت فيه لمصلحة من يتم التقليل من حراك جبهة رفض سياسي مجتمعي تتسع يوما بعد يوم وتحل مكان المعارضة السياسية التقليدية؟ لمصلحة من تضرب وحدة اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين وتشق صفوف المعلمين؟ لماذا وصل التأزيم مع الإسلاميين إلى هذا الحد؟ لمصلحة من يطلب من أعيان الاستقالة من مجلس الملك لخوض الانتخابات النيابية؟ لماذا لا تفتح قناة خلفية مع التيار الإسلامي لثني الإخوان المسلمين وحزب يساري وآخر وسطي عن مقاطعة "العرس الديمقراطي" الذي يتحول تدريجيا إلى مأزق للأحزاب وللحكومة؟ لمصلحة من يتم تغليب الخاص على العام؟
الصباغ وهي تضع هذه التساؤلات برسم الجواب تريد ان تقول ان هدف الحكومة يجب ان يكون نزع فتيل أي أزمات داخلية ومحاربة أي نوع من أنواع التطرف اللفظي.
سلاح أم ارتياح
قرار الحركة الإسلامية بالمقاطعة، وجد صدى واسعا بين المحللين والمتابعين والمراقبين والمتحزبين، إذ أظهر وعلى الفور، فريقين: الأول مؤيد وداعم لقرار الجماعة، والآخر اعتبره متسرعا، وغير مدروس ويدفع الحركة الى الانكفاء على ذاتها، وسببت الحركة مقاطعتها للانتخابات، تحت ما سمته "غلق نافذة أي حوار مع الحكومة، والشكوك في سلامة الانتخابات ونزاهتها".
الحكومة رأت في قرار الإسلاميين بالمقاطعة "شأنا داخليا يخص الحركة" وأعادت التأكيد على نزاهة وشفافية الانتخابات، ورفض اتخاذ أي قرار أو تبني وجهة نظر تغاير ما تراه من دون تقديم دلالات، إذ أن الحكومة هنا، وعلى نحو غير مباشر، تسوق عشرات الأمثلة على نزاهة الانتخابات، ومنها أن عملية تسجيل وتثبيت الدائرة الانتخابية، انتهت من دون تسجيل أي خروقات خطيرة، تمس نزاهة الانتخابات.
المستشار السياسي لرئيس الوزراء الناطق الإعلامي باسم الانتخابات سميح المعايطة عبر عن الموقف الحكومي من المقاطعة بالقول إن "الحكومة من حيث المبدأ، تحرص على مشاركة كافة القوى السياسية والحزبية في الانتخابات المقبلة وفقا لأحكام القانون" معتبرا أن قرارها بالمقاطعة "شأن داخلي تنظيمي" وحقها الديمقراطي.
ما تسرب من معلومات في اليومين الماضيين، أفصح عن تحركات لوزراء مؤثرين، بغية فتح حوار مع الإسلاميين، ما ينبئ بتحرك لجس النبض ومعرفة حدود أي حوار مستقبلي إن فُتح، وحسب معلومات مستقاة من جهات متعددة، فإن مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى، ينوون خلال الأيام المقبلة التقاء قادة الأحزاب بكل أطيافها، بمن فيهم الإسلاميون، للحديث حول قضايا مختلفة، ستكون الانتخابات من بينها، تلك اللقاءات من شأنها فتح حوارات جانبية، قد تدفع الى تقريب وجهات النظر بين كل الأطراف، خصوصا أن الإسلاميين أخذوا على الحكومة عدم الالتقاء بهم ومحاورتهم.
حدّ مفاوضات الحكومة مع الإسلاميين أو أي جهة كانت لن يكون بعيدا، ولن تقدم للحركة أي وعود، أو تنازلات انتخابية ملموسة، لان الحكومة تعرف ان الحركة الإسلامية مأسورة لازمة داخلية طاحنة، وان قرار المقاطعة جاء هروبا من استحقاق يعتقد على نطاق واسع انه يمكن ان يفتت الحركة ويقوض بنيتها الداخلية، من خلال ارتفاع منسوب الخلافات الداخلية.
وفي هذا يقول النائب السابق بسام حدادين: "ان الصراع الداخلي المرير داخل الحركة، ينعكس بقوة على سلوكها السياسي وتذبذب مواقفها السياسية، وانتقالها من النقيض الى النقيض، ومن الإذعان لنتائج انتخابات مزورة إلى التحدي ومقاطعة الانتخابات، استنادا الى شكوك في النوايا".
وفي السياق عينه وردا على من يقول بان أسباب مقاطعة الاسلاميين أزمتهم الداخلية يرفض رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين الدكتور عبد اللطيف عربيات، اجتهادات السياسيين والرسميين بإسقاط تداعيات الأزمة الداخلية، التي أرقت صفوف الحركة الإسلامية خلال الأشهر القليلة الماضية بين جناحي "الصقور والحمائم"، على محصلة قرار الحركة القاضي "بمقاطعة" الانتخابات النيابية المقبلة.
وفي إطار رصد ردود الفعل فيما يتعلق بقرار مقاطعة قوى حزبية للانتخابات قال رئيس الوزراء سمير الرفاعي: إن المشاركة في الانتخابات المقررة في 9 تشرين الثاني المقبل هي "الوسيلة الوحيدة لإيصال الصوت" وقال: "شخصيا لا أفهم الأشخاص الذين يقاطعون الانتخابات، لأنه بكل بساطة المشاركة هي الوسيلة الوحيدة لإيصال صوتهم".
أكثر من تقرير صحفي صدر مؤخرا أشار لوجود تيارين في الحكومة يدعم الأول فتح حوار مع الاسلاميين، ويدعم الثاني تجاهل المقاطعة، بيد ان الحكومة تنفي وجود تيارات من هذا النوع في جسدها، وتؤكد أنها على قلب رجل واحد.
على هذا الكلام علق وزير الشؤون البرلمانية توفيق كريشان بالقول: "سامحهم الله.. مع تقديري الشديد لكل من تحدث في هذا الموضوع فهو لا يفقه بالسياسة شيئا".
ويؤكد المستشار السياسي لرئيس الوزراء الناطق الرسمي باسم الإنتخابات سميح المعايطة أن الحكومة لم تعقد أي إجتماعات رسمية لمناقشة قرار الحركة الإسلامية بمقاطعة الإنتخابات حتى ينتهي الأمر بوجود تيارات داخل الحكومة منقسمة في الرأي.
قرار نهائي أم فتح حوار؟
يقول مراقبون ومتابعون ان قرار الحركة الإسلامية بالمقاطعة ليس نهائيا، وان باب التفاوض ما زال مفتوحا، وفي هذا يقول متابعون للشأن الانتخابي ان الحركة الإسلامية تريد صفقة زاخرة بالمكتسبات وهي تفترض أن الطرف الحكومي سيعقدها معها تحت ضغط الحاجة إلى مشاركتهم لإضافة مزيد من الدسم للعملية الانتخابية.
ولهذا يرى البعض ان الحركة الإسلامية حشدت في بيانها ومؤتمرها الصحفي كل المبررات التي يمكن حشدها لتبرير قرارها بالمقاطعة، فبدأت بالأسباب العامة وولجت في ثناياها إلى الأسباب الخاصة، وجوهرها جمعية المركز الإسلامي، إذ قالت الحركة ان جمعية المركز الإسلامي، ما زالت مصادرة رغم محاولة تشويه بنية هيئتها العامة وتردي أوضاعها المالية والإدارية بسبب غياب المؤتمنين على إدارتها.
الأمر الواضح ان أغلب الأسباب العامة التي سيقت في البيان لتبرير المقاطعة، ليست وليدة اللحظة السياسية الراهنة فهي قضايا قديمة جديدة، إشكالاتها لا تنتهي ومرت عليها الحركة الإسلامية في كل الانتخابات النيابية السابقة.
تنسيقية المعارضة بدون تنسيق
ارتباك سيطر على "تنسيقية المعارضة" التي تشتكي هي الأخرى من حالة ارتباك شديدة إذ ان "تنسيقية المعارضة" فشلت تماما في الوصول الى موقف موحد من الانتخابات، وانقسمت على نفسها بين مشاركة ومقاطعة ومشاركة بالاقتراع دون مشاركة في الترشيح٬ فقد أحالت الأحزاب اليسارية والقومية قرار مشاركتها في الانتخابات النيابية المقبلة إلى المشاورات الداخلية لكل حزب، من دون الاتفاق على إعلان موقف "موحد" لوجود تباينات في المواقف من المشاركة.
فقد أكد حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني مقاطعته للانتخابات، فيما أعلن كل من أحزاب: الشعب الديمقراطي الأردني والحركة القومية الديمقراطية المباشرة والبعث العربي الاشتراكي، والشيوعي الاردني المشاركة في الانتخابات، فيما قرر حزب البعث العربي التقدمي عدم المشاركة بترشيح أي شخص في الانتخابات المقبلة٬ فيما يتعين على الأعضاء الانتخاب وعدم العزوف.
ويؤكد الحزب الشيوعي الاردني في بيان أصدره "ان المشاركة في الانتخابات لا يمكن أن تكون محكومة فقط بالوصول إلى المجلس النيابي، على أهمية ذلك ومشروعيته٬ بل تعني، وربما تستهدف في المقام الأول، إظهار التصميم على الاستفادة من الظروف والمناخات التي توفرها الانتخابات، والتي لا تتوفر في ظل ظروف أخرى لخوض غمار الصراع السياسي مع التحالف الطبقي الحاكم وبرنامجه وسياساته".
إذن فان الأحزاب المنضوية تحت إطار لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة وهي جبهة العمل الإسلامي والوحدة الشعبية و "حشد" والشيوعي والحركة القومية للديمقراطية المباشرة والبعثان التقدمي والاشتراكي لم تتمكن من التوافق على موقف مشترك من الانتخابات النيابية، رغم المحاولات التي بذلت خلال الأيام الماضية ورغم اجماعها على سلبيات قانون الصوت الواحد.
الحكومة مدعوة الى تأمين مشاركة كل أطياف المجتمع في العملية الانتخابية المقبلة، بمن فيهم الإسلاميون، وفتح حوارات لا تقوم على مبدأ الغالب والمغلوب٬ والتقاط كل ما من شأنه توسيع قاعدة المشاركة ورفع نسبة الاقتراع، والاتكاء والبناء على موقف وتصريحات المعايطة، عندما قال "الحكومة من حيث المبدأ تحرص على مشاركة كافة القوى السياسية والحزبية في الانتخابات المقبلة، وفقا لأحكام القانون".
المصدر : الحقيقية الدولية ـ عمان - محرر الشؤون السياسية
[IMG]http://dc03.***********/i/01751/u674s73prh3c.gif[/IMG]
