رساله الى الشهيد وصفي التل رحمه الله
أبعث إليك بهذه الرسالة في زمن عز به الرجال فما أكثرهم ذكرانا وما اقلهم رجالا جالسين فوق المناصب يمشون في كل ضل وحادب يعيشون علينا كالجراد والجنادب يتغلغلون بيننا كالعقارب لا يرعون بالوطن إلا ولا ذمة تكرشت بطونهم واحدودبت ظهورهم بطرا وكفرا شاب شعرهم ولم تشب ضمائرهم الميتة يقامرون بنا كالأسياد والعبيد .
عجبا يا وصفي فلم يحملوا يوما سلاحا ولم يحرثوا الأرض فِلاحا ولم يحصدوا يوما نجاحا ولكن حصدت أيديهم مستقبل أولادنا ضحكات صغارنا , سلبوا منّا أرضنا كرامتنا تضحيات أجدادنا , دنسوا بإقدامهم تراب وطننا فظلموا وتجبروا وكدسوا أموالا و أموالا من عرق أحفادنا من شقاء إبائنا من أنات أمهاتنا من أحلام أطفالنا , أطفئوا لهيب عطشهم من نبع دمائنا من سيل دموعنا من أهات أوجاعنا من هوان مستقبلنا وحاضرنا .
آه يا وصفي هاهم أصحاب المصائب قد تسابقوا على بناء القلاع من جماجم الضعفاء وعلى السهر تحت الشموع مقابل الركوع والخنوع , هاهم أصحاب الكروش القابضين على القروش الساجدين للعروش لا يعرفون من الوطن إلا أسماء ونقوش .الوطن عندهم أرقام وحسابات باعوا كل شيء بحجة الخصخصة ولكن من البائع ومن المشتري وأين الموطن من حصصه, فبقينا مواطنون لا نملك إلا " الرقم الوطني " الذي لم يعد يشفع لنا في زمن باتت الأرقام والحسابات هي القياس والمقياس ، وهي الميزان والمكيال الذي يوزن فيه قيمة الإنسان.
يا وصفي هل تذكر رفاق دربك حابس وهزاع الوطنيين الأحرار الذين لم يكونوا يوما عبيدا لدرهم والدينار فأنتم بعون الله من الشهداء الأبرار وأما حاضرنا فهو مليء بالخزي والعار فهو يغص بالسماسرة الأشرار فوضعوا بلادنا على كفة المزاد وحرمونا طعم الماء والزاد فشتان بين الغزلان والقرود . ولــسائلتهم: كيف قد بـلغوا الغنى وبـــلادنــــا تـــكتـــظ بــالـفــقــراء وبــأي أرض يــحكمــون وأرضنا لم يــتــركوا مــنــها ســوى الأسـماء .
يا دولة الرئيس في زمن علا به الخسيس وابتيع الوطن بثمن بخيس للعملاء والجواسيس هل تذكر حرب التحرير وكتابك " فلسطين..دور العقل والخلق في معركة التحرير" فأننا بأمس الحاجة إلى أصحاب العقل والخلق لا لأصحاب ربطات العنق وأصحاب الهوى والعشق الذين لا يميزون الغرب من الشرق فعقدت ربطاتهم ضمائرهم وأطلقت سراح أيديهم وفتحت أفواههم النجسة للنهب فاستبدلوا انتماءهم لبلادهم بتجارة ، وبوزارة ، وبمناصب باتت " خوازيق " تئن من مهماميزها ظهور الأردنيين الأباة النظيفين من كل شيء إلا من ديون وهموم وضائقات ليس لانفراجها أمل قريب.
يا وصفي إننا لم نراك لكننا أحببناك ولم يصلنا ذكراك بقصر شيدته لنفسك أو مال كدسته أو منصب ورثته ولكن أخبارك وطيب أفعالك ومحبتك لأوطانك ومليكك تناقلتها ألسن الأجداد للأحفاد فما اعضمك من رجل أردني حر أبي ذاد عن حما بلاده ودافع عن ثراها آمن برسالتها فسطر التاريخ اسمك في محافل الشهداء الأحرار والخزي والعار لعبدة الدرهم والدينار سود الله وجوهم واحرق الله أرصدتهم وأموالهم والى مزابل التاريخ جعل الله مثواهم .
