"الحقيقة الدولية" ترصد لحظات ما قبل وبعد هبوط طائرة أميركية في نهر
هدوء طيار ينقذ حياة 105 ركاب من مرحلتي يأس في رحلة جوية
"الحقيقة الدولية" ترصد لحظات ما قبل وبعد هبوط طائرة أميركية في نهر
http://www.factjo.com/images/fact-im...es/plain/1.jpg
الحقيقة الدولية- وحدة الرصد
الطيور ظهرت فجأة وارتطمت بجسم الطائرة http://www.factjo.com/images/fact-im...s/plain/2s.jpg
بكل بساطة وهدوء يجري قائد الطائرة المعطوبة التي هبط بها للتو في النهر مكالمة هاتفية عادية مع زوجته ليقول لها "لقد وقع حادث".
الطيار تشيزلي سولينبيرغر تمكن ببراعة تفوق الخيال من إنقاذ حياة 105 ركاب عندما هبط بطائرته اضطراريا في نهر هدسون من على ارتفاع 2800 قدم بفعل سرب من الطيور ارتطم بالمحركات وتسبب في احتراقها وتعطلها فقط بعد دقيقة من إقلاعها من المدرج الرابع في مطار لاغارديا في نيويورك عندما كانت في طريقها إلى مقاطعة شارلوت في ولاية كارولانيا الشمالية.
الطيار "سولي" كما تفضل زوجته لوريس أن تسميه أصبح على الفور بطلا في نظر الأمريكيين، لكنه رفض أن يطلق عليه "سوبرمان" حقيقي كما وصفه احد رجال الشرطة.
لوريس لم تكن على علم أن طائرة زوجها وهي في رحلتها رقم 1549 قد ارتطمت بالمياه إلى أن تلقت المكالمة الهاتفية من زوجها البالغ من العمر 57 عاما.
وقالت "لم أكن أتابع الأخبار من منزلي في دانفيل، كاليفورنيا إلى أن هاتفني قائلا لقد وقع حادث (...) في بادئ الأمر ظننت أنها حادثة بسيطة ولكن عندما اخبرني بظروف الحادث ارتعد جسمي خوفا وأصبت بالذهول فخرجت مسرعة لأخذ بناتنا من المدرسة".
لوريس تصف زوجها بأنه رابط الجأش ومحترف جدا "انه طيار الطيار" وهو يحب فن الطيران.
سولي وهو طيار سابق مقاتل في القوات الجوية الأميركية، قرر الهبوط بطائرته الايرباص 320 في نهر هدسون بعد أن تيقن انه لن يستطيع الوصول بها إلى مطار تيتربورو على الجهة الأخرى البعيدة من النهر بعد أن فقدت الطائرة قدرتها على الطيران بعد اشتعال محركيها.
سلطات المراقبة الجوية في المطار وصفت هدوء الطيار وهو يبلغهم عن قراره بـ "الغريب العجيب".
وبعد أن نفذ الطيار تعليمات الهبوط الاضطراري بدأ بمساعدة المسافرين على الخروج من الطائرة، مستخدمين أجنحتها، وقد تفقد ردهات الطائرة مرتين وهو يسير بين المقاعد ليتأكد من انه لم يبق احد داخل الطائرة.
احد المسافرين بيلي كاميل، قال بأنه تقدم إلى سولي ليشكره وهم يجلسون معا على قارب للنجاة، وقلت له "أريد فقط أن أشكرك نيابة عنا جميعا واكتفى بالقول أهلا وسهلا بك".
مجموعة من الزوارق والقوارب السياحية كانت في موقع الارتطام خلال خمس دقائق لإنزال المسافرين من على متن الطائرة.
وبحسب تقديرات فرق الإنقاذ فان أي مسافر ينزل في المياه التي كانت برودتها أعلى بقليل من درجة التجمد يستطيع النجاة خلال ثلاث إلى خمس دقائق.
احد ضباط الشرطة من محطة العبارات يرتدي قبعة ويرتشف فنجانا من القهوة ويتصرف وكأن شيئا لم يحصل.
احد عمال الإنقاذ وصف سولي قائلا "كان بكامل أناقته وهو يرتدي زي الطيار اللامع النظيف وكأنه لم يمسسه شيء".
من جانبه أهدى رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبيرغ سولينبيرغ وطاقمه مفتاح المدينة تقديرا لشجاعتهم. وقال "هذه قصة أبطال وأفضل ما تكون نصا لفيلم سينمائي ولكن لو أن الذي حدث كان فيلما سينمائيا لما صدقه احد لأنه سيكون اقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة".
المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو، قالت بأن الرئيس الأميركي جورج بوش اتصل بسولينبيرغر بأمان واثنى على شجاعته وجهوده البطولية للحفاظ على سلامة الركاب والأهالي في المنطقة.
يشار إلى أن سولينبيرغر منع من التحدث لوسائل الإعلام خلال فترة التحقيق في الحادث لكن احد ضباط شرطة نيويورك قال للصحفيين "كل ما لديكم طائر وطائرة وسوبرمان لا يتوجب عليه أن يقول أي شيء".
ولكن ما الذي حصل بالضبط؟
بعد دقيقة من إقلاع الطائرة سمع صوت ضربة عنيفة أفاقت المسافرين من هدوئهم، احد المسافرين شاي تشيلدرز قال "اعتقدنا جميعا أن احد المحركات قد انفجر" لكن مسافرا آخر بجانبه قال "الأمور على ما يرام ويمكن أن نطير بمحرك واحد". وظن تشيلدرز أن الطائرة ستعود إلى المطار.
اندروغراي الذي كان برفقة خطيبته على متن الطائرة أدرك أن الوضع أكثر خطورة من ذلك وقال "شاهدت شرارات النار وسمعت خبطة ولم اسمع بعدها هدير احد المحركات".
رجل الأعمال تريب هاريس استذكر الصوت القوي لارتطام الطيور بالمحركات وفكر على الفور بزوجته وابنه البالغ من العمر سنتين لكنه شعر بالارتياح ثانية عندما بدا أن الطائرة استعادت توازنها "والكل تنفس الصعداء" كما قال.
ولكن الذي لم يعرفه المسافرون هو ما دار من حديث بين حجرة قيادة الطائرة ومسؤولي حركة المرور الجوية، فقد ابلغهم سولينبيرغ بأن طائرته تعرضت لارتطامين متتاليين مع سرب من الطيور وهو فوق منطقة برونكس على ارتفاع 2800 قدم وانه يستطيع رؤية مطار تيتربورو في نيوجيرسي ولكن من غير الممكن الوصول بالطائرة إلى ذلك المطار ولذلك قرر الهبوط اضطراريا في مياه نهر هدسون.
بعد ذلك كله أعلن الطيار هذا النبأ المخيف للمسافرين قائلا لهم "استعدوا للاصطدام".
مرة أخرى فكر هاريس بعائلته خلافا للمثل القائل بأنه في حالة الخطر أول ما يخطر على بال الفرد حياته هو.
"بدأت أفكر بزوجتي وكيف أنني لن أتمكن من رؤية ابني وهو يكبر وبقيت في انتظار ما تؤول إليه الأمور" قال هاريس وهو يحاول حبس الدموع في عينيه.
غراي الذي كان جالسا بجانب خطيبته قال "بدأت اقلب الأمور في ذهني، هل من الممكن أن ينتهي الأمر على هذا النحو؟".
"نظرت أنا وخطيبتي إلى بعضنا البعض وهي تصرخ وكل ما استطعت فعله إنني شددت على يدها قائلا: احبك".
أهالي نيويورك كانوا يتابعون هذا المشهد المروع من نوافذ العمارات ومن مكاتبهم ولمعت في أذهانهم فورا أحداث الحادي عشر من أيلول. في روايتهم للحادث غالبية المسافرين قالوا بأنهم توقعوا أن الثواني الأخيرة قبيل الاصطدام ستكون آخر لحظات حياتهم.
نيك غاماتشي المتخصص في بيع برامج الكمبيوتر، قال انه في تلك اللحظات المتسارعة فتح جهازه الخلوي وبعث برسالة عاجلة لزوجته تقول: "الطائرة اشتعلت بالنيران احبك أنت والأطفال".
الآنسة سوفينا اعتقدت هي الأخرى أن هذه هي النهاية، وفي اللحظة التي قالت فيها "إنني ذاهبة إلى السماء" سمعت احد الركاب يقول "لقد ارتطمنا بالماء".
وهكذا حطت الطائرة سليمة على سطح مياه نهر هدسون واستطاع سولينبيرغر بكل ما لديه من خبره وحكنه في قيادة الطائرات ان يبقي مقدمة الطائرة فوق سطح المياه.
وهنا تبدأ مرحلة اليأس الثانية من الدراما كما يرويها مارتن سوسا الذي كان برفقة زوجته وأبنائه الصغار عندما قال "الآن نجوتم من الاصطدام لكنكم سوف تغرقون" وكان بذلك يردد صدى الرعب والفزع الذي يتملك العديد من المسافرين.
بدأت الطائرة بالغرق تدريجيا وببطء ولم يكن هناك أي حركة توحي بالخروج من الطائرة، ثم بدأت المياه بالانسياب بسرعة إلى داخل الطائرة وحاول بعض المسافرين عن جهل فتح مخارج الطوارئ الخلفية في الطائرة إلا أنهم وبحمد الله لم يستطيعوا ذلك حيث أن ذيل الطائرة كان مغمورا بالمياه ولو تم فتح هذه المخارج لكانت المياه غمرت الطائرة بسرعة كما روى احد الركاب ثم تحول الركاب إلى مقدمة الطائرة حيث تم فتح مخارج الطوارئ الأمامية فوق أجنحة الطائرة خلف كابينة القيادة مباشرة وبدأ المسافرون بالخروج وسط حالة من التدافع والفوضى والكثير من الذعر ولكن كان هناك تصميم على الخروج مع أن كل واحد كان يسد الطريق على الآخر.
توالت فصول الدراما المأساة عندما كان المسافرون يحاولون الحفاظ على توازنهم وهم يسيرون فوق أجنحة الطائرة بخطورة بالغة خوفا من السقوط بالمياه المتجمدة التي كانت تلامس إقدامهم، البعض كان ينزلق إلى الماء والبعض الآخر كان يستخدم المخدة، احد أدوات النجاة، كما تشير التعليمات الخاصة بذلك كوسيلة للطفو على سطح الماء.
أكثر ما أخاف المسافرين رائحة الوقود المنبعثة من الطائرة إذا كان هناك احتمال حدوث انفجار ربما يودي بحياة الكثيرين وهذا ما دفع الآنسة تشيلدرز إلى القفز بمخدتها إلى الماء ومحاولة السباحة إلى بر الأمان لكنها سرعان ما أصيبت بالإرهاب في المياه الباردة إلى أن تم إنقاذها بواسطة احد قوارب النجاة.
وتروي تشيلدز وضعها قائلة "تملكني الخوف ودفعتني غريزتي إلى محاولة الهروب من الطائرة ولكن اعتقد انه كان يجب أن لا أقوم بهذه المحاولة فقد أصبت ببرد شديد لدرجة إنني لم استطع تسلق قارب النجاة".
الطفلة صوفيا ابنة سوسا علقت على المشهد مخاطبة والدها بالقول "أبى الطائرة تحولت إلى قارب".
آخر المشاهد كان الطيار البارع سولينبيرغر الذي شوهد مرتين وهو يخوض وسط المياه التي كانت ترتفع شيئاً فشيئاً ليدخل إلى الطائرة ويتأكد بنفسه انه ما من احد لا يزال محاصر داخلها. فقط وبعد إنهاء مهمته هذه غادر سولينبيرغر ومساعد الطيار جيفري سكايلز الطائرة والتحقوا بآخر قارب للنجاة.
سكايلز خاطب الطيار قائلاً "هل تعلم يا سولي لم يتمكن احد من قبل من تحقيق هذا الهبوط الاضطراري بنجاح".
الخبرة والمهارة كانت وراء تفادي ارتطام الطائرة في جسر جورج واشنطن على نهر هدسون حيث كانت الطائرة على ارتفاع 900 قدم فقط من فوق الجسر.
المصدر : الحقيقة الدولية- وحدة الرصد - 21.1.2009
