إنهم في احلامي

http://www.alrai.com/img/210000/209838.jpg

قصة: نوران ملكاوي (7 أعوام)

قلت لأمي: أمي اشعر بالخوف. أخاف أن أنام وحدي. لقد أصبحت أرى أطفال غزة كل مرة في منامي. أرى أجسادهم المقطعة والمشوهة، وأجسامهم الصغيرة الملقاة على الأرض.
يا الله أعدادهم كبيرة جدا!.
قالت لي أمي: لا تخافي، فهم وجدوا حياة آمنه تخلو من الخوف والرعب والدمار. لقد وجدوا حياة كلها أمان، حياة انقى وأجمل.. لا تخافي عليهم يا حبيتي، ونامي لكي تحلمي بهم، وتصادقيهم في أحلامك، واستمعي إلى قصصهم الجميلة.
نمت وانا مطمئنة على حالهم، وكنت انتظر أن أراهم في أحلامي.
رأيتهم عصافير حب تزهو بألوانها، وتطير في سماء زرقاء جميلة. كانت أجسادهم التي رأيتها في السابق مقطعة قد عادت إلى حالها الطبيعية من جديد.. كنت أعلم أنهم ليسوا على الأرض، بل في حياة اخرى، ولكنها حياة أجمل من تلك التي عاشوها على الأرض. حياة عرفوا فيها الأمان والطمأنينة التي نسوها منذ زمن بعيد.
إيمان، أحمد، هدى، نور، يوسف، و..، و..، كلهم أخبروني عن أحلامهم وأمنياتهم الطفولية التي كانت يوما لهم على الأرض، ولكنها، كما أخبروني، كانت صعبة المنال.
أخبروني كم انتظروا تحقق تلك الأمنيات.. وكم بكوا واستنجدوا لينقذهم احدهم.
أخبروني كيف كانوا جائعين وبردانين في ليل العدوان على غزة.
سألتهم، كيف كانت الدقائق الاخيرة التي عاشوها قبل أن يطيروا إلى السماء؟ أجابوا بصوت واحد: نحن لن نموت. نحن ما زلنا على قيد الحياة، وأحلامنا ما زالت على قيد الحياه كذلك، ولكننا لم نعد خائفين.
نظرت إلى إحداهن طويلا، وقلت لها: آه، لقد تذكرتك، انتِ.. أجل لقد تذكرتكِ، أنتِ من كان رأسك فقط هو ما خرج من تحت الانقاض.
صورتك ما زالت عالقة في ذهني. أريد أن أسالك، ما الذي رأيته أيتها الصديقة حتى باتت عليك تلك النظرة الرائعه المتماسكة رغم ان جسمك تحت الانقاض؟.
أجابتني: كنت أعد أيامي التي عشتها على الأرض، ونشرتها في عين العالم الأعمى الذي لم أجد الأمان عنده.
آه.. وهذه اليد رأيت صورتها من دون أن أرى صاحبتها.. إذن أنت صاحبتها. ماذا أردت أن تقولي لهم وأنت تحت الانقاض؟.
قالت: ستبقى هذه اليد مرفوعة بالحق، فما يزال في غزة رمق حي وجذوع أخطاها القصف حتى لو كنا بقايا جسد.
وأنتَ وأنتِ وأنتم، ماذا تقولون؟.
صاحوا معا: قولي لهم نحن بخير، وأحرار بأرواح غزة التي تتعالى الآن قبة في السماء. نحن نحس بالأمان هنا، لا احد يرمينا بالبارود واللهب والصواريخ والقنابل.
صديقتنا نوران: قولي لهم إننا بألف خير، ولكن أرجوكم انقذوا ما تبقى من الأطفال في غزة.