خطأ من فهم أنّ يوسف عليه السلام أعطي شطر الحسن مطلقا ...

بسم الله الرحمان الرحيم

وبعد ، فالكثير من الناس يظن أنّ بيوسف عليه السلام قد أعطي شطر الحسن مطلقا وهذا خطأ :

قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية الجزء الأول :

" ...وقال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطى شطر الحسن قالوا معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام وهذا مناسب فإن الله خلق آدم وصوره بيده الكريمة ونفخ فيه من روحه فما كان ليخلق إلا أحسن الأشباه ..."

وقال في موضع آخر :

" ...قد جاء في حديث الإسراء فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطى شطر الحسن
قال السهيلي وغيره من الأئمة معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام لأن الله تعالى خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه فكان في غاية نهايات الحسن البشري ولهذا يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم وحسنه ويوسف كان على النصف من حسن آدم ولم يكن بينهما أحسن منهما كما أنه لم تكن أنثى بعد حواء أشبه بها من سارة امرأة الخليل عليه السلام "
والله أعلم .

وهذا الكلام بارك الله فيك مردود رده المحقق الإمام الجبل الهُمَام شيخ الإسلام ابن القيم بوجهين هما مع زيادة توضيح - ويأتي كلامه -:

الأول: أن القول بأنه شطر حسن الناس جميعاً هو ظاهر اللفظ - أي لعموم اللفظ ففيه ( الحسن ) وليس ( حسن آدم ) - لعدم وجود دليل أو قرينة تدل على أن المراد شطر حسن شخص معين كنبي الله آدم عليه السلام! فالمراد الحسن كله الذي في الناس وحسن آدم داخل في حسن الناس لأنه من الناس كما هو معلوم فهذا المعنى الظاهر من اللفظ ولا إشكال في هذا المعنى! فليس المراد شطر حسن آدم وحده!.

الثاني: أن اللام في ( الحسن ) - التي وردت في الأحاديث التي فيها وصف حسن يوسف عليه السلام - هي لام الجنس - فيدخل تحت الحسن كل جنس الحسن وهو حسن الناس جميعهم وحسن آدم داخل في حسن الناس لأنه منهم - لا لام العهد كي يُقال أُريد بها معين كآدم عليه السلام.

قلت وكلامه التحقيق لأنه كما قال لا يوجد ليل على هذا الفهم في السنة ولا في القرآن وظاهر اللفظ يأباه

ثم شرع يرد على ما استشكله البعض بشأن حسن رسولنا خاتم الرسل بكلام متين.

وأُضيفُ وجهاً ثالثاً: فقأقول أما ما ذكره من ذهب الى ان المراد شطر حسن آدم عليه السلام من أن الله خلقه بيديه فآدم أحسن الناس خلقة فهذا لا يلزم منه أن المراد من ( الحسن ) في الأحاديث الواردة في وصف حسن يوسف عليه السلام انه شطر حسن آدم! لما مر من ان ظاهر اللفظ اي عمومه يرده ولا ثمة قرينة على ان المراد شطر حسن آدم عليه السلام! ثم آدم مخصوص بأنه أحسن من خلق الله من الإنس لخلق الله له بيديه ثم لا إشكال في أن يكون المعنى على ظاهر اللفظ أن يوسف أُعطِيَ شطر الحسن اي شطر حسن جميع الناس وحسن آدم داخل في حسن الناس لأنه من الناس كما هو معلوم فآدم له الحسن الكامل اللائق بالإنسان ولا يناقض ذلك أن ليوسف شطر حسن جميع الناس وحسن آدم داخل في حسنهم لأنه منهم وبهذا الرد على من ذهب من أهل العلم كابن كثير وغيره إلى أن المراد شطر حسن آدم! فخصص الحسن في الحديث بدل ان يبقي اللفظ على عمومه لجميع الناس بما فيهم آدم - لعدم القرينة على تعيين آدم وعدم وجود التناقض في المعنى! بل لا إشكال البتة! -.

قال الإمام ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد 3 /206: [ فائدة:
قول النبي صلى الله عليه وسلم عن يوسف "أوتى شطر الحسن" قالت طائفة المراد منه أن يوسف أوتي شطر الحسن الذي أوتيه محمد فالنبي صلى الله عليه وسلم بلغ الغاية في الحسن ويوسف بلغ شطر تلك الغاية قالوا ويحقق ذلك ما رواه الترمذي من حديث قتادة عن أنس قال:
"ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت وكان نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا".
والظاهر أن معناه أن يوسف عليه السلام اختص على الناس بشطر الحسن واشترك الناس كلهم في شطره فانفرد عنهم بشطره وحده وهذا ظاهر اللفظ فلمإذا يعدل عنه واللام في الحسن للجنس لا للحسن المعين والمعهود المختص بالنبي صلى الله عليه وسلم (1) أدري ما الذي حملهم علي العدول عن هذا إلى ما ذكروه وحديث أنس لا ينافى هذا بل يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الأنبياء وجها وأحسنهم صوتا ولا يلزم من كونه أحسنهم وجها أن لا يكون يوسف اختص عن الناس بشطر الحسن واشتركوا هم في الشطر الآخر ويكون النبي صلى الله عليه وسلم شارك يوسف فيما اختص به من الشطر وزاد عليه بحسن آخر من الشطر الثاني والله أعلم.] إنتهى
__________
(1) الظاهر أنه قد سقط من الكلام ( لا ) هنا.

وقال بعض أخواننا في بعض المنتديات: [ ورد في صحيح مسلم .. ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم .. قوله .. (( أوتي يوسف شطر الحسن )) .. ومعنى شطر : نصف .. وقد اختلف في تأويل ذلك .. فقيل أوتي شطر حسن النبي .. وقيل : أوتي شطر الحسن ولا يدخل في القسمة النبي لأن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه على قول .. وقال ابن كثير .. أوتي شطر حسن آدم عليه السلام .. فالله خلق آدم عليه السلام على أحسن صورة ذكره .. وقيل : أوتي يوسف الصديق شطر الحسن مطلقاً .. وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد عن هذا الحديث .. " قالت طائفة المراد منه أن يوسف اوتي شطر الحسن الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم فالنبي بلغ الغاية في الحسن ويوسف بلغ شطر تلك الغاية .. ويحقق ذلك ما رواه الترمذي من حديث قتادة عن أنس رضي الله عنه ( المذكور سابقا ) .. وحديث أنس لا ينافى هذا بل يدل على أن النبي أحسن الأنبياء وجها وأحسنهم صوتا ولا يلزم من كونه أحسنهم وجها أن لا يكون يوسف اختص عن الناس بشطر الحسن واشتركوا هم في الشطر الآخر ويكون النبي شارك يوسف فيما اختص به من الشطر وزاد عليه بحسن آخر من الشطر الثاني والله أعلم " .. وهناك أحاديث رويت عن ابن مسعود رضي الله عنه تقول بلسانه .." أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن " .. وهذه الأحاديث كلها مذكور عند الطبري .. والأرجح أن يوسف له شطر الحسن .. ومما يزيد من هذا .. قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء " فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن " .. والبحث في هذا يطول .. والعلم عند الله

منقول