أختي اردنيه
دعيني اخالفك الرأي في هذا الموضوع وليتسع صدرك لما سأنقله ...
الموقف الاسلامي من الحظ والمنطق في الحياة الدنيوية
أولاً: إن الحديث عن الحظ كما لو كان قدراً يرسم مصير الإنسان ويحدد مساره بعيداً عن إرادة الله سبحانه وتعالى وتخطيطه أمر مرفوض في المنطق الإسلامي، بل إن الاعتقاد بذلك يحمل شائبة الشرك بالله، فليس ثمة شيء مؤثر في
هذا الكون خارج إرادة الله، وعلى فرض تجاوز هذه الإشكالية من خلال ربط "الحظ" بالتدبير الإلهي والإرادة الإلهية ليصبح ـ أي الحظ ـ مرادفاً لما قسمه الله للناس من حظوظ وقدّره من قضاء بعيداً عن الصدفة أو العشوائية لأنه ليس في منطق الإسلام شيء اسمه الصدفة أو العشوائية أو العبث في الخلق، بل كل شيء يجري وفق ميزان معلوم
{ والسماء رفعها ووضع الميزان}(الرحمن:7)،
وكل شيء قد وضع في مكانه المناسب
{إنا كل شيء خلقناه بقدر}(القمر:49)،
إنّه بناء على هذا التفسير لا يغدو مفهوم الحظ منكراً شرعاً، لكن يبقى أن يقال :
لا داعي للتسمية ولنسمّ الأشياء بأسمائها فليعبر عنه بالتقدير أو التدبير أو التوفيق، ومع صرف النظر عن هذه الملاحظة الشكلية ـ ولا سيما أنه قيل لا مشاحة في الاصطلاح ـ والتسليم بمشروعية المفهوم وفقاً للتفسير المذكور، فإنّ ثمة ملاحظة أخرى لا يمكن تجاوزها أو إغفالها وهي أن فكرة الاعتقاد "بالحظ السيئ" تحديداً، لا بدّ من استبعادها، لأن ما يريده الله ويقدره لعباده هو خيرٌ محض، فهو لا يفعل إلا ما فيه مصلحتهم وإن كانوا لا يدركون ذلك، نعم وصف "السيئ" قد يكون مقبولاً نسبياً وأمّا على نحو الإطلاق فلا، لأنه ليس هناك شيء مما خلقه الله سيّء أو شر بالمطلق، بل إن الأمور التي نخالها شروراً قد يكون الخير كامناً في ثناياها من حيث لا ندري
وثانياً: إنّ الاعتقاد بأنّ للحظ تأثيراً في رسم المستقبل وصناعة الأحداث بعيداً عن إرادة الإنسان نفسه لا يخلو من شائبة الجبر، لأن معنى ذلك: أن الحظ قدر لا مفر منه ولا مجال لتغييره وأنه يتحكم بمصير الإنسان ويحدد نجاحه وإخفاقه وسعادته وشقاءه دون أن يكون لهذا الإنسان دور في التغيير، وهل يعني ذلك سوى أمر واحد: وهو أن الإنسان ريشة في مهب الريح يتجاذبه الحظ ويتقاذفه النصيب؟! والحقيقة إن هذا النوع من الجبر هو أسوأ ـ بمراتب ـ من الجبر الكلامي الذي اعتقدته بعص الفرق الإسلامية، لأن ذاك ـ اعني الجبر الكلامي ـ يفترض سلب إرادة الإنسان وإلغاء دوره في الفعل لصالح إرادة الله وفاعليته، أي أنه يسلب اختيار الإنسان حفاظاً على عقيدة التوحيد كما يزعم أصحاب هذا الرأي، بينما
الجبر المشار إليه في المقام يسلب إرادة الإنسان وقدرته على الفعل لصالح قضية موهومة هي فكرة الحظ.
وخلاصة القول: إنه ليس في الإسلام شيء اسمه الحظ والنصيب خارج نطاق التدبير والتقدير الإلهي، كما أنه ليس في منطق العلم أيضاً شيء اسمه الصدفة ولا الحظ، وإنما هناك القوانين الكونية والسنن الإلهية التي من وفّق للأخذ بها
فقد فاز وكان النجاح حليفه ولو كان فاجراً أو كافراً، ومن تخلف عنها فقد هوى وإن كان مؤمناً تقياً... انتهى النقل .
اذاً .. اننا حين نقول ان فلان قد أمتلك الكثير من الخير لا يعني ان بشطارته وبحظه ونصيبه قد أمتلك ذاك .. بل هو
بأرادة سبحانه وتعالى وما كتبه له من رزق ... واذا قلنا ان من المنطق ان يحصل هذا الامر بعد هذا الجهد .. فإننا
بهذا نلغي من القاموس ان الله سبحانه وتعالى قدر هذه الامر وأراده لعبده وهو ما حصل .. ولكن وان شاء ان لا يقدره
له سبحانه وتعالى .. ولو قام بكل الجهد المتوفر وحتى المستحيل من الامر فانه لن يناله الا تعبه وشقاه .
ولكن .. وان نظرنا الى ما ورد من أمر في الموضوع الطيب معانيه واهدافه .. فأننا لا نقول الا ان هذا الموضوع
له فوائد ونصائح واهداف جميلة طيبة نقيس عليها ولا نأخذ بها حكماً .
كل شيء اختي هو من عند الله .. وكل امر حصل وسيحصل باذن الله هو من عنده سبحانه وتعالى ولا نملك لقلوبنا
الا ما هو مقدر ومكتوب ورِزقنا ورزقكم على الله .
بارك الله بكِ وجزاكِ خيراً ,, وأشكرك على تحملي بالرد والمشاركة والعذر منكِ
أحترامي وتقديري