مخيم أشرف ينزف والعالم لا يحرك ساكنا
مخيم أشرف ينزف والعالم لا يحرك ساكنا
بقلم: أحمد عطاالله النعسان
في وقت يصمت به الجميع تقريبا وينشغلون بأحداث جسام أخرى وبدماء تنزف من أجساد أبرياء هنا وهناك... مع وجود بعض من يستمتع بمناظر القتل والدمار ويرتاح للخراب الذي يعم أكثر من دولة في عالمنا المضطرب، ومن باب الأخوة ليس إلا وبعيدا عن مصالح الدنيا الفانية والحسابات الضيقة ومن منطلق إنساني أوجه هذه الكلمات لكل أحرار العالم المتحضر وأرجو منهم عدم الإكتفاء بالشجب والتصريحات تجاه المعاناة والظلم والجور بحق سكان مخيم أشرف الذي يقع على بعد 60 كيلومترا شمالي عاصمة الرشيد بغداد، فسكان هذا المخيم ومنذ سقوط حكم الرئيس الراحل صدام حسين وهم يتعرضون لجرائم بشعة ومنظمة ولحصار جائر وظالم... فسكان المخيم يمنع عنهم الدواء ويحرمون من العلاج وتنتشر فرق الموت والقتلة من حولهم من المأجورين من عصابات المالكي ومليشيات نجاد والملالي في طهران ... ويقابل ذلك تخاذل العالم وتواطؤه وصمته أمام هذه المذبحة... فلماذا لا يعمل المجتمع الدولي على حماية سكان هذا المخيم الشجعان المضطهدين والهاربين من بطش وجور حكم يدعي أنه يحكم بإسم الدين ... والدين الإسلامي الحنيف منهم براء؟!، ومتى سيتوقف نزيف الدماء البريئة النازفة هناك؟!، أتساءل بحسرة كبيرة أين المؤسسات الإنسانية وأين جمعيات حقوق الإنسان العالمية وأين الأمم المتحدة وأين الجامعة العربية وأين الهلال الأحمر والصليب الأحمر ... أين الضمير النابض بالحق أيها العالم المتبجح بالديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان مما يحدث في مخيم أشرف؟!، أم أنه من وجهة نظركم لا فائدة مادية منه ولا ثروات نفطية تستدعي إهتمامكم به، فالعالم كله يسمع عن الجرائم ضد سكان المخيم وأهلهم وقد علم الجميع أيضا بخبر اقتحام المخيم من قبل القوات العراقية والتي قامت بارتكاب أبشع المجازر ضد أهل المخيم دون أدنى مراعاة لحقوق الإنسان ولا لكرامته وحقه بالحياة... لأن هؤلاء لا يؤمنون بحقوق الإنسان ولا يعرفون معنى الحرية واحترام وصون كرامة الآخرين، ولا يأخذون لأي معاهدة دولية قيمة أو إعتبار لا لمعاهدات جنيف ولا لغيرها من المعاهدات الدولية الأخرى، لهذا يجب على أمريكا وحلفائها اللذين يتحملون كامل المسؤولية عما يجري في مخيم أشرف؛ لأنهم قاموا بتجريد مجاهدي أشرف من أسلحتهم ومصادرة جميع أسلحتهم بما فيها الأسلحة التي كانوا بحاجة إليها لحماية أنفسهم، والجريمة الأخرى التي ساهمت بها قوات التحالف هي نقل مهمة حماية سكان أشرف إلى القوات العراقية مع علمها الأكيد ويقينها التام بالإجرام الداخي والعداء القديم من المالكي وأسياده في إيران لسكان مخيم أشرف، مع العلم أن سكان المخيم وبعض الهيئات والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان كانوا قد حذروا من خطورة تولي قوات المالكي حماية المخيم وأكدوا بأن هذه القوات سترتكب الجرائم والحماقات والإنتهاكات وللأسف هذا ما حصل بالفعل فيما بعد.
نتمنى ونرجو من الله أولا ومن ثم من أصحاب الضمائر النابضة بالخير والعطاء والمدافعة عن حقوق المضطهدين والمظلومين في كل أرجاء العالم أن يعملوا على وقف المعاناة القهر والظلم والإستبداد الذي يتعرض له سكان مخيم أشرف والذين يدفعون من دمائهم ودماء أبنائهم وأعراض نسائهم ومن صحتهم وصحة فلذات أكبادهم ثمنا لصمت مطبق إلا من بعض الأحرار هنا وهناك عن الجرائم التي ترتكب ضدهم لا لشيء إلا لأنهم أحرار رفضوا الذل والهوان والقهر والإستبداد، نرجو منهم جميعا أن يعملوا على وقف الذبح والقتل والإعدام الذي تقوم به العصابات المجرمة التي تتلذذ بعذاب الآخرين وتستمتع بإراقة دماء الأبرياء وتستلذ بسماع أصوات الأطفال المستغيثة لكل أصحاب القلوب الحية بأن ينقذوهم من بين مخالب هؤلاء الذئاب الذين لا يرحمون ولا يخجلون من أنفسهم، أرجو أن تنتهي معاناة سكان هذا المخيم وأهليهم بأقرب وقت وأتمنى أن تتولى الأمم المتحدة مهمة الإشراف على المخيم والعمل على وقف اليد الآثمة التي تريد نقلهم لمكان جديد أشبه بسجن لهم مع حرمانهم من نقل أثاثهم وسياراتهم إليه، يجب أن يتمتع سكان أشرف بحماية دولية وأن يتم العمل فورا على تأمين العلاج والمستشفيات الضرورية لأهل المخيم والمدارس لأطفالهم ويجب أن تتوقف آلة القتل والإعتقال والتعذيب بحق سكان هذا المخيم المظلوم.
أقول لكل أحرار العالم يكفي صمت وتخاذل وتؤاطؤ أمام هذه المأساة التي تحصل لسكان مخيم أشرف ... يجب على الجميع تحمل مسؤولياته والعمل كل حسب موقعه على الوقف الفوري للنزيف المستمر وللدماء المسكوبة بغير وجه حق وأرجو الله أن يكون النصر والفرج مصيرا لسكان مخيم أشرف ... مخيم الصمود والعزة والكرامة؛ لأنهم أصحاب قضية عادلة دفعوا الثمن من دمائهم ومن دماء وتضحيات فلذات أكبادهم لأجل حريتهم وانتصار ثورتهم الشريفة ضد الظلم والإستبداد والقهر، أسأل الله أن يفرج الهم ويرفع الظلم عن سكان أشرف وأن يغيثهم في محنتهم التي يواجهونها حاليا والمستمرة منذ سنوات خلت، وأن يحمي أهلنا في سوريا وفي العراق وفي كل مكان من الظلم والقتل والتهجير وإنتهاك الأعراض والحرمات إنه ولي ذلك والقادر عليه.
