(حالة عدم الاستقرار).. سمة تلازم قرارات (التعليم العالي)
كتب - حاتم العبادي - تشير التوجهات الجديدة والتعديلات المتوقعة على أسس القبول الجامعي، التي مضى على إقرارها اقل من شهر، الى ان قرارات المجلس إما غير مدروسة، او ان المجلس لا يستطيع الدفاع عن وجهة نظره، ام أنها لا تنطلق من تفكير استراتيجي بعيد المدى او تفكير جماعي عند اتخاذها.
فمن التعديلات التي تضمنتها أسس القبول تخفيض الحد الأدنى لمعدل القبول لتخصص الطب البيطري من (80%) الى (75%)، ورغم ان صدور القرار كان مجردا دون تبرير عند إعلانه.. لكن سبب التخفيض ، بحسب مصادر علمية، يعود الى انخفاض عدد الطلبة في التخصص الذي تطرحه جامعة واحدة فقط ( العلوم والتكنولوجيا)، في وقت ان تدريسه مكلف جدا بالنسبة للجامعة، ورسومه غير مرتفعة.
إلا أن مجلس التعليم العالي، ممثلا برئيسه وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور وجيه عويس، الذي كان يشغل منصب رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا قبل الوزارة، سرعان ما وعد بمراجعة القرار، على خلفية اعتصام نقابة الأطباء البيطريين، الذين وجدوا في القرار فرصة لتذكير الحكومة بواقعهم ومطالبهم.
نقابة الأطباء البيطريين، التي احتجت على عدم مشاورتها عند اتخاذ القرار، لم تأخذ بتريرات الخسارة التي ساقتها الجامعة لتبرير تخفيض معدل القبول فيما أشارت الى هنالك نقص حاد للبيطريين في مناطق الجنوب الا أن تخفيض المعدل ليس هو الحل، وإنما تحسين واقع العاملين في هذا المجال لتحفيز الطلبة لدراسته.
فحجة النقابة، بدت أقوى من مبرر مجلس التعليم العالي لتخفيض المعدل، حيث لجأ «الأخير» الى إجراء ظاهري وسريع، بينما حاولت النقابة الوقوف على السبب الحقيقي لعدم الإقبال على هذا التخصص، المتمثل في سوء واقع خريجي هذا التخصص والعاملين في مجاله.
ووجدت النقابة في قرار مجلس التعليم العالي، بداية فرصة للتذكير بتحسين واقع الأطباء البيطريين، وتخوفها من دخول التخصص طلبة، قد تكون قدراتهم العلمية اقل من تلك التي يتطلبها التخصص، ورأت أن تحسين واقع الأطباء البيطريين، سيكون الحافز للإقبال على هذا التخصص بحده الأدنى للمعدل (80%).
وعد رئيس المجلس، وزير التعليم العالي، بمراجعة القرار، يدل ويؤشر على ان ما طرحته النقابة كان غائبا عن المجلس عند اتخاذ القرار، وإلا لكان دافع عنه، واقنع النقابة به.
التعديل الثاني المرتقب على أسس القبول، بحسب ما نشرته وسائل إعلام، أن هنالك توجه للسماح لاي جامعة القبول في تخصصات معينة، خارج نطاق قائمة القبول الموحد، دون الاعتماد بشكل كلي على معدل «التوجيهي»، بسبب ما تقتضيه تلك التخصصات من مهارات يجب توفرها في الطالب، ولها ارتباط بالإبداع، أي ان المهارة والإبداع، قد تقود الى تفوق الطالب في دراسة هذا التخصص، وليس معدله في الثانوية العامة.
وبعيدا عن موضوعية هذا التوجه ومدى محاكته للواقع في كثير من الأحيان، خصوصا وانه سيعقد امتحان قبول للطلبة، إلا التساؤل، الذي يفرض نفسه، لماذا جاء التفكير بهذا التوجه، بعد إقرار أسس القبول، وبفترة قليلة، لا تزيد على شهر؟
وقد يقود الإطار العام للإجابة على هذا التساؤل، الى ان القرارات تأخذ شكل التفرد ووليدة لحظة، لا دراسة مستفيضة، ولا مناقشة، وتحديدا مع وزارة التربية والتعليم، التي قد تساعد في تعزيز الهدف من خلال نتائج وقدرات الطالب طيلة فترة السنوات الـ(12) التي قضاها الطالب في مدارسها.
ما يجب ان يدركه مجلس التعليم العالي، أن احد معضلات قطاع التعليم العالي، يتمثل في حالة عدم استقرار التشريعات والأسس والأنظمة، وسرعان تعديلها وتغييرها، ما يؤشر الى غياب البعد الاستراتيجي، عند إقرار التشريعات والأنظمة والأسس.
وتسبب حالة «عدم الاستقرار» في إرباك للطلبة وكذلك مؤسسات التعليم العالي، التي ما أن تسكن وضعها في ضوء تشريع او نظام جديد، حتى تبدأ بتعديله وتغييره في ظل مستجدات جديدة، تفرضها تشريعات وأنظمة وأسس جديدة.
توجهات وزير التعليم العالي، رئيس مجلس التعليم العالي الدكتور وجيه عويس، تعكس خبرة طويلة وناجحة، تتجسد بالإنجازات التي تحققت في جامعة العلوم والتكنولوجيا أبان ترأسه لها لعدة سنوات، إلا أن حالة عدم الاستقرار والتعديل المتكرر والتغيير للأنظمة والتشريعات في فترات قليلة من شأنه أن يقيض ما يسعى مجلس التعليم العالي الى تحقيقه، ويخلق حالة ارتباك وعدم وضوح لدى الطلبة ومؤسسات التعليم العالي.
