مقدمة ديوان العواطف العارية للشاعرة عفاف المصلوحي الكاري
مقدمة
بسم الله الرحمان الرحيم ،الحمد لله رب العالمين، باعث الأنبياء والمرسلين، وصلى الله على خير الأنبياء والمتقين، محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.
أي شعور أعظم من إحساسك حينما تستيقظ على نسمة صباح تلامس وجنتيك، وتداعب شعيرات الفؤاد، فتتنفس أول هواء وتفتح عيونك على الوقت المبتدئ، فلا ترى كلمة تلعب في خاطرك سوى كلمة أحبك وأعشقك.
أي شعور ينافس ذاك الإحساس حينما يبتدئ الوقت في أول يوم فتتوه عنك الكلمات، وتهرب منك العبارات، فلا تتذكر سوى كلمة أحبك وأشتاق إليك .
أي شعور أعظم من شعورك حينما تشتاق لمحبوبك بكل الأوجه وترغب في لقياه في كل الأمكنة، فيكون عنك بعيدا، فلا تجد يدك تلامس أنامله٬ أو جفونك تتطلع إلى صفحات ملامحه.
ٵي شعور يضاهي تلك اللحظة التي تغمض فيها عينيك ساعات وتفتحها ساعات، فترى أن الحب بدأ يسري ويجري في دمك٬
يحوم حول وجدانك٬فيخط على حيطان زمانك أعذب الكلمات، فتبحث ثم تبحث،فتحاول أن تسرق من معجم الحياة أجمل ما وجد٬ لترسم إلى محبوبك أجمل الكلمات،فتلونها بكل ألوان الحياة، وتكتبها بجميع اللغات٬لتطلع الجميع أن مشاعرك صادقة.
أي شعور أعظم من ذاك الشعور حينما تغمض عينيك،وتتوقف عقارب الساعات مع تفكيرك،فتنتقل إلى عالم ثان،عالم لا يشبهه أي عالم
آخر،تحس فيه مع حبك بالقوة والانتصار، وتودع فيه كل شيء
يربطك بالانهزام،فتصبح تعيش مع اللحظات الجميلة،همسات وكلمات ونفحات تجرك إلى حقيقة المشاعر،وتدخلك لب الحياة
وتكشف لك عن سر الأحلام الجميلة.
۞۞۞۞
ما أعظم أن تحس أن في داخلك لفحة الحب، وﺑﻌﺿﺎ من الوقت تدرك أن الحب فيك يكبر ويكبر، لدرجة تحس فيها أن قدرك معه بات ينتصر وينتصر..
أي عالم أجمل من عالمك حينما تعشق؟! وأي جمال ينافس جمالك وأنت تداعب خيال من تحب، وتسافر معه وأنت تلامس يديه إلى أجمل اللحظات بسرعة البرق؟!
ما أروع شعورك حينما تحس أن الحب في داخلك يمنحك القوة واليقين،فيغير جزيئات ذاتك،وزفرات أنفاسك،فيحول إسمك إلى أروع الأسماء، ووجودك إلى أعظم وجود.
ما أروع أن تحس أن لك حبيبا ينزعك القدر من وحدتك لتشتمل ذاته الثانية، فتشاركه الأفراح والأحزان، وتشاطره الرؤى والأحلام، فتبوح له بالابتسام ٬وتنثر فوقه بذور الحب،وتنتظر منه الرضا والعشق.
شعور جميل حينما يغزوك الحب فتصبح تحته قتيلا، فتنتظر طوال الوقت٬ فتقول ٵن محبوبك سيأتي يوما ما٬ لينقذك من الغرق والتمزق،ويرتمي معك في بحر العشق،ويقفز معك في الأحلام اللامتناهية.
أي شعور أعظم من شعورك حينما تتطلع إلى حصى الأرض٬ فلا تجده كافيا ليعبر عما يختلج قلبك من حب، ومرات أخرى تتطلع إلى أوراق الشجر،فتراها قليلة بالنسبة إلى ذرات الحب التي تسكن ذاتك، وأحيانا تتطلع إلى حركات اللسان فتراها تقارب مقدار عشقك لمحبوبك.
۞۞۞۞
ما أصعب أن تجد الوقت يسحبك من الزمان، فيسرق منك أغلى إنسان ....فتظل رهين الذكريات .
ما أصعب أن ترى و تراقب عن كثب من أحببته ينجرف إلى حيث لا تدري، يروح عنك بعيدا، ينفصل عن حياتك،و أنت لا تملك القدرة لكي تقول أنا أريدك ٬أنا أحتاجك.
ما أصعب أن تودع من تحب وأنت مرغم على حمل يد الوداع،فتحاول ثم تحاول أن تقتل الحب بداخلك،وأن تقتل معه الوقت، كي تتناسى عذاب النفس،فترغم نفسك أن تقتنع بالفراق،وتحفزها لتبدأ مشوارها من جديد ،فترى في آخر الأمر أنك كاذب على نفسك، موهم أقدامك للركض خلف الأمل الواهي الذي يقودك إلى الهاوية.
ما أصعب أن تكون مرغما على حمل يد الوداع،فيجبرونك على الابتسام،ويلومونك لما ينهار من عينيك فيض عسير من الدمع!
فأي كلمة بمقدورها أن تصف شعورك حينما تحس أن البسمة تلعب جانب الفؤاد لكن لا تدخله ؟! وترى لفحات الأحزان تحوم حوله فتخترقه!
أي كلمة بمقدورها أن تصف شعورك حينما تفقد حبيبا، فيجتاح قلبك الأسى ويطرق نوافذه، فيغزو هواءه،ويصبح المسيطر الذي يحرك عروقه ويلعب بدمائه؟!
أي كلمة قادرة أن تصف شعور قلب تحطمت فيه الأحلام
وتوقفت بداخله اللحظات، فأصبحت تزوره على مر الثواني
عواصف اختلط فيها المطر والسهر،لتدرك أن شعلته أعظم من شعلة الجمر؟!
۞۞۞۞
فهل بمقدورنا أن نصف عاصفة هوجاء حينما تقذفها غضب السماء؟!
أم بمقدورنا أن نصف ذاك الغضب الذي قد يختلط فيه الحصى والمطر،وقد يدمر معه النبات والشجر،وقد يخيف ويرعب ملايين البشر؟!
أم بإمكاننا أن نصف عاصفة تلك النفوس التي عانت الفراق وتعذبت في الركض خلف اللقاء ؟!
أم بإمكاننا أن نصف تلك النفوس التي صدمها الغدر وذبحها النفاق؟!
۞۞۞۞
فحينما تكون النفس عاجزة عن النطق يتحرك القلم.
فما كتبه القلم في ديوان" العواطف العارية" هو كلمة أولئك الذين ذاقوا من الشعور مرارة ،فلم يجدوا لسانا يعبرون به عن الأسى والألم ولم يدركوا تلك الوسيلة التي تتكلم نيابة عن مشاعر عجز اللسان عن التعبير عنها .
إنه تلك الصرخة التي اختنقت في النفوس البريئة....
إنه كلمة اليد التي أرادت أن تعبر فتقيدت....
إنه حركة الأقدام التي سعت إلى الركض ففشلت...
إنه حروف اللسان الذي تمنى أن يتكلم فلجم ...
إنه الكلمة الصادقة التي أراد أن يقولها من عانى النفاق والشقاق والحب والفراق.
إنه كلمة المغترب الذي هجر بلده رغما عنه.
إنه كلمة الذات التي عذبها الحظ العاثر.
إنه كلمة الجفن الذي انسل منه النوم وظل ساهرا.
إنه كلمة كل من أراد أن ينطق فلم يستطع...فتكلمت قصائد ديوان ‴العواطف العارية ‴ نيابة عنه ...
