بيع السيارات القديمة في المزاد العلني .... أرباح للدولة وأضرار للبيئة
تقوم مؤسسة التجارة الخارجية سنوياً بإجراء مزادات علنية لبيع السيارات الحكومية التي تعود سنة صنعها لعام 1985 وماقبل، من أجل استرداد جزء من ثمن الآلية المراد بيعها، سعياً لتغطية عملية الشراء اللاحقة لسيارات جديدة
إلا أن بيئيون اعتبروا تلك السيارات القديمة مصدراً لتلويث البيئة نظراً لعدم اكتمال عملية احتراق البنزين بشكل كامل في محركات السيارات القديمة داعين إلى ضرورة تنسيقها.
بدورها، أكدت وزارة النقل على ضرورة الالتزام ببيع السيارات الصالحة فنياً وعدم بيع السيارات المحطمة وتنسيقها، الأمر الذي اعتبرته مصادر مطلعة لا يطبق بشكل تام، فكثير من السيارات المباعة في المزاد تكون بحالة غير جيدة.
قرار ملزم
وبينت المؤسسة العامة للتجارة الخارجية في ردها المكتوب إن "عملية البيع جاءت استناداً لقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 63 عام 2007 الذي ينص على استبدال السيارات الحكومية والتي سنة صنعها تعود إلى 1985 وماقبل عن طريق بيعها، وشراء سيارات حديثة عن طريق اللجنة المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2981 لعام 2007 وبمعدل نصف عدد السيارات المستبدلة، حيث تقوم الدولة باسترداد جزء من ثمن الآلية المراد بيعها في المزاد لتغطية عملية الشراء اللاحقة جراء الاستبدال".
وبلغ عدد المزادات التي أجرتها المؤسسة في عام 2010 حوالي13 مزاد بيع خلالها 3900 آلية منوعة وكانت السيارات السياحية من أكثر الفئات مبيعاً.
سعي لعدم بيع السيارات القديمة جداً
وعن كون السيارات المباعة تعتبر قديمة بعض الشئ ولا تتناسب مع مرسوم استبدال السيارات القديمة الذي يدعو إلى تحديث أسطول السيارات بينت المؤسسة أنه "من المفروض ألا يتم بيع السيارات القديمة وتنسيقها من الجهة صاحبة الآلية وعدم تسليمها للمؤسسة للبيع عندما تكون غير صالحة فنياً أو متعرضة لحادث جسيم، وتسعى المؤسسة في الوقت الحالي لتحقيق ذلك" دون أن تعلق على الموضوع بأكثر من ذلك.
وفيما يتعلق بالجهات التي تقوم بتنسيق السيارات القديمة بينت المؤسسة "هناك لجنة تنسيق مشتركة تشكل في كل محافظة يمكن من خلالها أن تقوم الجهة العامة المالكة للآلية أن تطلب تنسيقها، ولكن يبدو أن هذه الجهات عندما تنسق الآليات، فإن ذلك سيؤدي إلى النقص بمقدار المبلغ النهائي الذي سيتم من خلاله شراء الجديد".
صالحة وغير صالحة فنياً
وللوقوف على الإجراءات التي تخضع لها الآلية بعد بيعها في المزاد التقينا بمدير مديرية نقل دمشق عبد الغني عثمان الذي أوضح"بعد بيع السيارة في مزاد الدولة يتم إحضار السيارة بواسطة رافعة كونها من دون أرقام، وترفق بشهادة جمركية وضبط فحص جمركي من خلال لجنة فحص خاصة بالجمارك التي تقوم بتوصيف السيارة على واقعها (نوعها، سنة صنعها، طرازها ، قوة المحرك، وتجلب فاتورة من المؤسسة العامة للتجارة الخارجية) ومن ثم يتم إجراء فحص حسي للسيارة لمطابقة الأوراق بالواقع".
وعن هذا الفحص قال مدير الدائرة الفنية في مديرية النقل عساف خوري "يتم مطابقة أوراق السيارة بالواقع وتفحص السيارة، ومن الممكن أن يقوم صاحب السيارة بالتزوير إما بتغيير المحرك أو تغيير رقم الهيكل أو بالأوراق الثبوتية، ونستطيع أن نكشف التزوير في المحرك ورقم الهيكل أما التزوير في الأوراق الثبوتية فمن الصعب اكتشافه".
ولفت خوري إلى أن " أغلب السيارات التي تباع في المزاد قبل عام 2009 كانت تأتي للمديرية بحالة تعيسة أما الآن فبات معظمها مقبول من الناحية الفنية".
بدوره، قال مصدر في مديرية النقل بدرعا أن "هناك بعض السيارات تباع من قبل بعض فروع مؤسسة التجارة الخارجية بحالة سيئة" إلى أنه لفت إلى أنه "بإمكان المشتري سواء كان تاجر أم مواطن يقوم بإجراء تصليحات عليها.
وقال تاجر سيارات فضل عدم الكشف عن اسمه" أقوم بشراء سيارات تباع في المزاد العلني وتكون بحالة سيئة، ولكن نقوم بإجراء تصليحات عليها لتصبح أفضل حالاً".
ضرورة الالتزام بالقرارات
بدوره، أكد معاون مدير النقل الطرقي في وزارة النقل المهندس محمود أسعد أن "وزارة النقل لم تطالب بإلغاء عمليات بيع السيارات الحكومية في المزاد العلني" مشدداً بنفس الوقت على "بيع السيارات الصالحة فنياً وتنسيق المحطمة".
وقال أسعد"جاء في كتاب وزير شؤون رئاسة الجمهورية لوزارة النقل الصادر بتاريخ 26/5/2010 بعدم توصيف السيارات المحطمة والمهشمة بحادث والآليات الملحومة والتي حصل فيها تبديل في الشاسيه، والتي أرقام الشاسيه فيها غير واضحة، وتم تعميم الكتاب هذا على الجهات المعنية، للالتزام به وعلى ما يبدو قبل ذلك التاريخ كان هناك سيارات تباع بحالة غير جيدة".
أضرار بيئية
والتقت سيريانيوز رئيس الجمعية السورية للوقاية من حوادث الطرق والباحث في العلوم الطبية والمرورية ستالين كغدو الذي تحدث عن الأضرار البيئية للسيارات القديمة فقال"من الناحية الفنية السيارة التي تم استعمالها لفترة طويلة لا يكون محركها بحال جيدة، إذ أن البنزين فيه لا يحترق احتراقاً كاملاً، وهذا ما يزيد نسبة انبعاث الغازات الضارة بعكس المحركات الحديثة التي تعتبر صديقة للبيئة والاحتراق فيها كامل وتقل نسبة الغازات المنبعثة".
وتابع كغدو" كما أن السيارات الحديثة تحوي ما يسمى المحول الحفاز الذي يعمل كفلتر، ويقوم بتحويل غاز الـco إلى co2 ويحول أكاسيد الكبريت إلى غاز كبريت وأكسجين، ويحول أكاسيد الآزوت إلى آزوت والهايدروكربونات يحولها لماء وأكسجين، وهذا الحفاز غير موجود في السيارات القديمة، فالسيارات في التسعينات وما قبل لا تحوي محول حفاز كون البنزين المستخدم سابقاً يحتوي على رصاص، وبوجود الرصاص والمحول الحفاز معاً فإن ذلك يسبب ثقباً في المحرك، فكان يزال المحول الحفازعند استيراد السيارات فيما مضى".
ولفت كغدو إلى أن "السيارات المصنعة منذ عام 2002 وما بعد والتي تدخل إلى سورية تحوي محول حفاز حيث أصبح البنزين المباع خال من الرصاص ما يجعل السيارات الحديثة صديقة للبيئة".
تنسيق السيارات القديمة
وحول الطرق الأمثل الواجب اتباعها مع السيارات القديمة قال كغدو" الحل الأفضل هو تنسيقها ونقلها إلى معمل الحديد لصهرها" داعياً إلى تطبيق مرسوم استبدال السيارات القديمة بشكل إلزامي فقال"إن مرسوم الاستبدال خطوة جيدة ولكن يجب أن كون ملزماً، حتى لو تضررت بعض الفئات فالصالح العام فوق كل شئ، ومن الممكن لصاحب السيارات القديمة أن يقوم بتنسيقها، ويحصل على رخصة استيراد جديدة وتخفض له الرسوم الجمركية له كخطوة تشجيعية".
ولفت كغدو إلى أن "السيارات القديمة لا تصل نسبتها إلى 20% من السيارات المنتشرة في سورية، لذا يجب الحض على استبدالها والتوقف عن بيعها في مزادات علنية، فهي غير صالحة فنياً ولا تتوافر فيها مواصفات الأمان، كما أنها مكلفة من الناحية المادية لكثرة الأعطال فيها، لذا يجب الحد من انتشارها كون بيئتنا هي أهم ما نملك، ويجب المحافظة عليها لما في ذلك من انعكاسات على صحة الإنسان أيضاً إذ أن وفيات الأمراض القلبية والتنفسية تتصدر قائمة الوفيات في سورية".
وبين كغدو أن "وسائل النقل تعتبر الملوث الأول للهواء بنسبة 60 إلى 70%، تليها محطات توليد الطاقة الكهربائية بنسبة 13 % تليها الصناعة بنسبة 8% فالنفايات السكانية بنسبة 6%ثم حرق النفايات بنسبة 3%".
سيريانيوز
