الحكومة التونسية المؤقتة تعلن الحداد الوطنى على ضحايا الاحتجاجات.. وتقرر تعويض أسرهم
كتب عنتر فرحات ووكالات الأنباء ٢٢/ ١/ ٢٠١١
طوت تونس، أمس، الأسبوع الأول على هروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن على، وبدأت الحداد الوطنى لمدة ٣ أيام على ضحايا الانتفاضة الشعبية التى راح ضحيتها العشرات، وسط حالة من الهدوء النسبى فى العاصمة ومدن أخرى بعد القرارات التاريخية التى اتخذتها الحكومة فى أول اجتماعاتها، والتى يبدو أنها هدأت من ثورة غضب الشارع التونسى.
وعلى الرغم من حالة الهدوء التى سادت العاصمة مع إعلان حالة الحداد الوطنى، فإنه تثار المخاوف من عدم تمكن الحكومة المؤقتة من إدارة شؤون البلاد خلال الفترة الانتقالية حتى إجراء انتخابات رئاسية فى غضون شهرين حسب الدستور، وذلك بسبب إمكانية عودة المتظاهرين مجددا إلى المطالبة باستقالة الحكومة التى يشارك بها ٨ وزراء من حزب التجمع الدستورى الوطنى الحاكم السابق رغم استقالة هؤلاء الوزراء من الحزب وحل الهيئة المركزية له، وقرار الحكومة باسترجاع كل الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للحزب استجابة للمظاهرات التى طالبت بحل الحزب والقطيعة مع النظام البائد. ويأتى ذلك مع استمرار استقالة ٤ وزراء من المعارضة، إضافة إلى وزير بالتنمية الإدارية وائل المظفر.
وأكد الرئيس المؤقت فؤاد المبزع أن الوضع الأمنى يشهد تحسنا ملحوظا، وأن البلاد تتجه نحو الاستقرار، مطمئنا التونسيين بأنه تم الكشف عن المسؤولين عن بث الفوضى، بينما انتشرت قوات الأمن مجددا فى شارع الحبيب بورقيبة الرئيسى وسط العاصمة، تحسبا لتجدد التظاهرات المطالبة باستقالة الحكومة الانتقالية، فيما بدأت الحركة فى العودة تدريجيا إلى العاصمة فى أول أيام الحداد الوطنى الثلاثة التى أعلنتها الحكومة فى «ذكرى ضحايا الأحداث الأخيرة»، كما تراجعت فى الأيام الماضية أعمال إطلاق النار والنهب فى الشوارع، لكن بعض السكان قالوا إن الشرطة والجيش تدخلا أمس الأول عندما بدأ مسلحون فى إطلاق النار فى العاصمة.
كانت الحكومة اتخذت فى أول اجتماع لها عدة قرارات مصيرية تهدف إلى المصالحة الوطنية وتهدئة ثورة الغضب الشعبى، وأقرت باستئناف الدراسة فى المدارس والجامعات الأسبوع الجارى الذى يبدأ الاثنين المقبل والتى كانت الحكومة السابقة أوقفتها بعد احتدام الاحتجاجات الشعبية، مع الأخذ بعين الاعتبار ملاءمة التوقيت الدراسى مع التوقيت الإدارى، كما تقرر سحب الأمن الجامعى الذى كان يرابط فى الجامعات والكليات والمعاهد العليا فى تونس، مما أجهض الحراك الطلابى فيها، احتراما لحرمة الجامعات - وفق ما قاله الناطق باسم الحكومة الطيب البكوش - وأضاف أن الحكومة قررت تعويض عائلات الشهداء.
وقال وزراء من الحكومة المؤقتة إنه تم الاتفاق على مبدأ فصل الدولة عن الأحزاب السياسية، والذى على إثره قررت الحكومة استرداد جميع الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للحزب الحاكم السابق، رضوخا لمطالب الجماهير بحل الحزب، إضافة إلى السماح لمختلف الأحزاب والحركات السياسية والجمعيات التى قدمت طلب ترخيص بالنشاط، ورفع الحظر عن النشاط السياسى وإقرار قانون العفو العام عن جميع المعتقلين السياسيين بمن فيهم أعضاء حركة النهضة الإسلامية المحظورة.
وأمام سجن برج العامرى خارج العاصمة، ظهرت حافلة تقل سجناء أفرج عنهم بموجب قرار العفو العام، واستقبلت عائلات السجناء المفرج عنهم ذويهم بالأحضان والدموع، ومن بين المفرج عنهم سمير حجوبة الذى قال إنه كان يدرس فى جامعة الأزهر عندما جرى ترحيله، لاتهامات تتعلق بصلته بالإرهاب وسجن فى تونس، وتساءل: «هل يشبه هذا وجه إرهابى؟» واستطرد: «نطالب الآن بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين، وينتظر أهالى المعتقلين منذ نحو ٣ أيام أمام السجون أملاً فى تنفيذ قرار العفو». بدورها، أعلنت دور نشر الصحف الفرنسية عودة توزيع الصحف الفرنسية فى أكشاك البيع بتونس بعد حظر متقطع دام ٢٣ عاما خلال فترة حكم بن على.. وأعربت دور النشر الفرنسية عن سعادتها بقرار السماح بتوزيع الصحف الفرنسية فى تونس.
وفى غضون ذلك، قال شقيق محمد البوعزيزى الذى أشعل الانتفاضة التى أطاحت بـ«بن على»، إنه رفض عرضا من رجلى أعمال سعودى وخليجى للتخلى عن عربة شقيقه التى كان يبيع عليها الخضار مقابل ١٠ آلاف يورو، وأوضح سالم البوعزيزى (٣٠ عاما): «لقد اتصل بى رجلا أعمال أحدهما من السعودية والثانى من اليمن وعرضا علىّ ١٠ آلاف يورو للتخلى عن عربة بيع الفواكه التى كان يعمل عليها المرحوم أخى، لكنى أكدت لهما أننى لن أبيعها أبداً».
وأضاف: «أريد أن أحتفظ بها كذكرى من أخى. ما قد أقبل به فى يوم ما هو أن يتم وضعها معلما فى إحدى الساحات». ووضعت أسرة البوعزيزى العربة التى استردتها من الشرطة، فى مخزن تابع للعائلة، وعليها آثار حرق لاتزال باقية. وقالت منوبية بوعزيزى، والدة الشهيد، إنها فخورة بابنها وبدوره فى تغيير النظام، وقالت إنها تود أن تزور العاصمة وتشاهد ما يجرى نتيجة ما فعله ابنها، بينما تروى ليلى شقيقة البوعزيزى كيف أن البنك صادر أرضهم وهى مصدر رزقهم، واضطر محمد لبيع الخضار على عربة كارو حتى صادرتها البلدية لأنه لم يستخرج تصريحا.
