بسم الله الرحمان الرحيم، الصلاة والسلام على سيدنا محمد صل الله عليه وسلم وعلى اله صحبه وسلم تسليما.
أما بعد،
- إذا نظرنا في ما يحدث الآن في عديد من دول العالم العربى والإسلامي، سنجد أن هذه الشعوب تعانى من الفقر و التهميش ، وضعف الخدمات في المستشفيات، وضعف البنية التحتية ،والمحسوبية، و الزّبونيّة ،والحكومات الدكتاتورية الجاثمة على صدور المواطنين، و القضاء الظالم المرتشي... إلى غير ذلك من المعاناة ،مع أن هذه الأخيرة ليست بجديدة على الشعوب العربية والإسلامية، بل الجديد هو التعاطف الغربي الملغوم. كما أن هذه الدول أو الشعوب تعانى أيضا من الإنحلال الأخلاقي والديني إن صحّ التعبير، بشكل بدأ معه الخوف على مستقبل المسلمين، ومع ذلك نجد المطالب التي تقدمت بها الشعوب الثائرة، لا تتحدّث إطلاقا عن الإنحلال الأخلاقي التدريجي الذي بدأت ترتفع وثيرته كأنهم ألفوه مع أن أخلاق المسلم هي الأساس في بناء مجتمع سليم، إذا أهملناها فستصبح هذه المطالب كلّها جوفاء، لا ترقى حتى إلى مستوى الحلول الترقيعية ،وهذا هو الخطأ الّذي وقع فيه المسلمون منذ انهيار الخلافة الإسلامية في نظري .
- أمّا فكيف وصلوا إلى هذه الأحوال المتدنية، فذلك بتقصيرهم من جهة ،ومكر الماكرين من جهة أخرى، والسبب في تقصير المسلمين هو مكر اليهود الصهاينة، ومن والاهم من النصارى الصليبيين لأنهم أذكياء ولذلك نهجوا نهج العلم بشتى أنواعه، بما في ذلك دراسة القران الكريم والأحاديث النبوية الشريفة دراسة متخصص. ادن بدراستهم لهاتين الركيزتين الأساسيتين في إصلاح المجتمع الإسلامي ،عرفوا ما يصلح حال المسلم وما يفسده ،وبما أنهم كذلك تأكدوا من أن الأساس في إفساد المسلم هو القلب وما تربّى عليه، بدليل الحديث الشريف الذي نقله علماؤنا الأخيار عن حفظته من أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والدي قال فيه" ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألآ و هي القلب".واستدلوا أيضا بالحديث الشريف الذي قال فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم" مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى". ومن هذا المنطلق تبين لهم أن المسلمين جسد واحد، فعملوا على إفساد أمرائهم وحكامهم لأنهم بمثابة القلب لهذا الجسد القوى. فإذا تمكنوا من إفسادهم فقد أفسدوا المجتمع ،لأنه" يفرض بالسلطان مالا يفرض بالقران "، فبدأوا بزرع الفتن بين حكام الدول العربية والإسلامية ،وجعلهم يتناحرون فيما بينهم لإضعافهم جميعا، واكتفوا ببناء الدول المسيحية المضللة للاستعانة بهم في أمر جلل،وهو استعمار أراضى المسلمين ،وسلب خيراتهم ،لإتمام بناء دولهم وزرع الثقافة المعادية للإسلام في مدة الاستعمار، لتكون بمثابة حقنة مسمومة في جسد الأمة الإسلامية والعربية ،وإعادة رسم حدود هذه الدول، حتى تبقى المشاكل قائمة بينها بعد حصولها على الاستقلال، لاستغلال هذه المشاكل اقتصاديا وأدبيا، وتصبح بذلك أرضا خصبة لزرع الفتن فيما بينها، حتى يغدو العالم الإسلامي كل دولة تابعة لأخرى أوروبية أو أمريكية لحماية حدودها ،و الاستقواء بها اقتصاديا وعسكريا لمواجهة أختها سواء جارة أو بعيدة، و الأخرى كذالك تفعل.و هذا الدعم لابد من أن يكون له ثمن...
هنا نتحدث عن بعض الأثمان الذي دفعته الأمة الإسلامية، نتيجة إهمال العمل ببعض الجزئيات في الشريعة الإسلامي،أو التنازل عنها حتى وإن كان هذا التنازل في أول الأمر لا يحسب كذلك بقدر ما هو غض للنظر من طرف الحاكم عن بعض السلوكات الدخيلة على مجتمعنا الإسلامي، التي يجرمها ليصبح الإستثناء قاعدة والقاعدة استثناء ،وتعتاد الناس على هذه النقط الدخيلة،وتصبح أمرا مألوفا مع التزايد في التنازل عنها عبر الأجيال، حتى أصبحنا على ما نحن عليه من الإنحلال الأخلاقي ،لأنه ببساطة من أمن العقوبة أساء التصرف ،وهذه التنازلات تفرض على حكامنا المحكومين بطريقة سلسة ومبسطة، دون علم الشعوب في جلسات مغلقة، منها الجلسات ألاقتصادية والعسكرية، التي تدور بينهم وبين من يدعمهم من حكام الغرب، وكشرط من شروط التنمية وتسهيل التعامل بين هذه الدول، منها مثلا السكوت عن من يجهر بالمعاصي، وتغيير المناهج التعليمية ،وخصوصا في مرحلة الإبتدائي والإعدادي، لأن هذه المرحلة هي من أهم مراحل التعليم، لتفويت الفرصة على الآباء في تربية أبنائهم بطريقة سليمة، الذين هم أنفسهم فا تتهم من طرف آبائهم ،وفاقد الشيء لا يعطيه، بدليل أن كل جيل أصبح يأسف على الذي يتلوه من قلة الحشمة والإستحياء ومن لم يستحيي شرعا فليفعل ما يشاء. إذن هذه الحقنة المسمومة التي حقنت في جسد الأمة الإسلامية ،بدأت بإعطاء المفعول عندما أصبح الأب المسلم لا يقوى على تربية نفسه ولا أبنائه بالطريقة الشرعية، فمن الطبيعي أنهم سيعيشون لتلبية رغباتهم، لا من أجل دينهم مهما وصلوا من العلم ما لم يكن هذا العلم مقرون بالشريعة الإسلامية، يعني العيش بعقل إنسان وقلب حيوان، وهذا هو إفساد القلب الذي عمل عليه شياطين الإنس ،الصهاينة والصليبيين ،مند انهيار الخلافة الإسلامية عبر مراحل ثلاث مرتبطة لتكمل بعضها البعض. أولا التخطيط ثم إعداد نفسية الأمة،والمرحلة التنفيذية التي نعيشها الآن. هنا نستنتج من النص أساليب الإنحلال الأخلاقي ومدى تأثيره السلبي ومدى خطورة السكوت عنه ،ولعل هذا الأخير هو السبب بتخلي حكام الغرب عن حلفائهم بعدما أدوا أدوارهم ،مخافة كشف اللعبة التضليلية بعدما وجدت تجاوب من القاعدة بينما كان من طرف واحد. إذن لا داعي للقلق بالنسبة للحكام الغرب بعدما أصبحت هذه الشعوب الثائرة متهيئة لتنازلات أكبر وأهم مما كانت تقدمه الأنظمة، وهذا هو سبب التعاطف أو بداية رضى اليهود والنصارى
